(إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ) بِخِلَافِ الرَّخْوَةِ، فَالشَّقُّ فِيهَا أَفْضَلُ، وَهُوَ أَنْ يُحْفَرَ فِي وَسَطِهَا كَالنَّهْرِ وَيُبْنَى الْجَانِبَانِ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ، وَيُوضَعُ الْمَيِّتُ بَيْنَهُمَا، وَيُسَقَّفُ عَلَيْهِ بِاللَّبِنِ أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَيُرْفَعُ السَّقْفُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتَ.

وَاللَّحْدُ أَنْ يُحْفَرَ فِي أَسْفَلِ حَائِطِ الْقَبْرِ الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ مِقْدَارُ مَا يَسَعُ الْمَيِّتَ، رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ: أَلْحِدُوا لِي لَحَدًّا وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُوضَعُ رَأْسُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرِهِ الَّذِي سَيَكُونُ عِنْدَ أَسْفَلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ. (وَيُسَلُّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ) رَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الْخِطْمِيَّ الصَّحَابِيَّ أَدْخَلَ الْحَارِثَ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلِ الْقَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُلَّ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ» . (وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ الرِّجَالُ) وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا (وَأَوْلَاهُمْ) بِذَلِكَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً مُزَوَّجَةً فَأَوْلَاهُمْ) بِهِ (الزَّوْجُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) وَلَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ، وَيَلِيهِ الْأَحَقُّ بِهَا مِنْ الْمَحَارِمِ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُ الِابْنِ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ ثُمَّ الْعَمُّ، وَفِي تَقْدِيمِ مَنْ يُدْلِي بِأَبَوَيْنِ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الصَّلَاةِ، ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَذَكَرَ فِيهِ بَعْدَ الْعَمِّ الْمَحْرَمَ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ كَأَبِي الْأُمِّ وَالْخَالِ وَالْعَمِّ لِلْأُمِّ.

وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ يَلِي أَبَا الْأُمِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ الْمَحَارِمِ فَعَبِيدُهَا، وَهُمْ أَحَقُّ مِنْ بَنِي الْعَمِّ لِأَنَّهُمْ كَالْمَحَارِمِ فِي جَوَازِ النَّظَرِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَبِيدٌ فَالْخُصْيَانُ الْأَجَانِبُ، لِضَعْفِ شَهْوَتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَذَوُو الْأَرْحَامِ الَّذِينَ لَا مَحْرَمِيَّةَ لَهُمْ كَبَنِي الْعَمِّ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَأَهْلُ الصَّلَاحِ مِنْ الْأَجَانِبِ، قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَوْ اسْتَوَى اثْنَانِ فِي دَرَجَةٍ قُدِّمَ أَفْقَهُهُمَا وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَسَنَّ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَالْمُرَادُ بِالْأَفْقَهِ الْأَعْلَمُ بِإِدْخَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ وَبِقَوْلِهِمْ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ الْأَوْلَى فِي الدَّرَجَاتِ لَا فِي الصِّفَاتِ أَيْضًا، أَيْ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَسَنِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَعْرُوفِ، أَوْ أَرْبَعٌ وَنِصْفٌ بِذِرَاعِ الْيَدِ. قَوْلُهُ: (احْفِرُوا) أَيْ وُجُوبًا وَهَمْزَتُهُ هَمْزَةُ وَصْلٍ، وَأَوْسَعُوا نَدْبًا، وَأَعْمِقُوا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَأَوْصَى عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) أَيْ وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَهُوَ إجْمَاعٌ، وَذَكَرَهُ بَعْدَ الْحَدِيثِ لِبَيَانِ قَدْرِ التَّعْمِيقِ.

قَوْلُهُ: (وَيَبْنِي) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ عَلَى أَنَّهَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّا لَمْ تَمَسُّهُ النَّارُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (وَيَرْفَعُ) أَيْ وُجُوبًا بِحَيْثُ لَا يَمَسُّ الْمَيِّتُ. قَوْلُهُ: (الرِّجَالُ) أَيْ هُمْ أَوْلَى مِنْ النِّسَاءِ «لِأَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ بِإِدْخَالِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ» عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ وُجُودِ مَحَارِمِهَا كَفَاطِمَةَ. نَعَمْ يَنْدُبُ أَنْ يَلِيَ النِّسَاءُ حَمْلَهَا مِنْ مَحَلِّ مَوْتِهَا إلَى الْمُغْتَسَلِ، وَمِنْهُ إلَى النَّعْشِ، وَمِنْهُ إلَى مَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلُّ الشِّدَادِ فِيهِ. قَوْلُهُ: (وَذَكَرَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ فَمَا شَمِلَهُ عُمُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَوْلَادِ الْعَمِّ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (مِنْ الْمَحَارِمِ) أَيْ وَيُقَدَّمُ مَحَارِمُ النَّسَبِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الرَّضَاعِ، ثُمَّ مَحَارِمُ الْمُصَاهَرَةِ. قَوْلُهُ: (فَالْخُصْيَانُ) وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ الْمَمْسُوحُ، ثُمَّ الْمَجْبُوبُ، ثُمَّ الْعِنِّينُ.

قَوْلُهُ: (فَأَهْلُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَبَعْدَهُمْ الْخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ، وَقِيلَ: بِاسْتِوَائِهِمَا. وَيُقَدَّمْنَ بِتَرْتِيبِ الْغُسْلِ، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ كَالزَّوْجِ، وَفِي غَيْرِهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْأَجَانِبِ كَعَبْدِهِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَالِي مَعَ الْقَرِيبِ جَزْمًا. وَجَمِيعُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ مُسْتَحَبٌّ. قَوْلُهُ: (الْأَفْقَهُ عَلَى الْأَسَنِّ) أَيًّ مَا اتِّحَادُ الدَّرَجَةِ لِأَنَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ الدَّرَجَاتِ لَا تُعْتَبَرُ الصِّفَاتُ، وَمَعَ اتِّحَادِهَا تُعْتَبَرُ فَهُوَ بِعَكْسِ صِفَاتِ الصَّلَاةِ كَمَا مَرَّ، وَعَلَى هَذَا تُنَزَّلُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ فَتَأَمَّلْ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ مِنْ تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ عَلَى الْأَقْرَبِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ،

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدَثُ وَفِي اللُّغَةِ: الْحَدَثُ وَأَصْلُهُ الْمَيْلُ. قَوْلُ الْمَتْنِ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَسَنِّ وَالْأَقْرَبِ. قَالَ: فَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَسَنِّ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأَقْرَبِ فَقَدْ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ النَّصِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ. قَالَ: وَرَأَيْته أَيْضًا فِي نَصِّ الْأُمِّ وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا حَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى تَقْدِيمِ الْبَعِيدِ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَقْرَبِ الَّذِي لَيْسَ بِفَقِيهٍ، وَنَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى أَنَّ الْوَالِيَ لَا يُقَدَّمُ هُنَا قَطْعًا، وَإِنْ قَدَّمْنَاهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى قَوْلٍ. قَوْلُهُ: (فَعَبِيدُهَا) بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَقْدِيمَ مَحَارِمِ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ عَلَى الْعَبِيدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْقِبْلَةِ) لَوْ جُعِلَ الْقَبْرُ مُبْتَدَأً مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015