- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ بْن أَسِيد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، وَعَرَفُوا أَنَّهَا يَدُهُ بِخَاتَمِهِ، رَوَاهَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي الْأَنْسَابِ، وَذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا، وَوَقْعَةُ الْجَمَلِ فِي جُمَادَى سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُ صَاحِبِ الْعُضْوِ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ يُدْفَنُ كَالْأَوَّلِ.
(وَالسَّقْطُ) بِتَثْلِيثِ السِّينِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى) ثُمَّ مَاتَ (كَكَبِيرٍ) فَيُصَلَّى عَلَيْهِ لِتَيَقُّنِ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ بَعْدَهَا وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَمْ يَبْكِ. (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) وَقِيلَ قَطْعًا لِظُهُورِ حَيَاتِهِ بِالْأَمَارَةِ. وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا وَيُغَسَّلُ قَطْعًا، وَقِيلَ فِيهِ الْقَوْلَانِ (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ إمْكَانِ حَيَاتِهِ. (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) فَصَاعِدًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى إمْكَانِهَا وَلَا يُغَسَّلُ فِي الْأُولَى، وَيُغَسَّلُ فِي الثَّانِيَةِ قَطْعًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْغُسْلِ أَنَّ الْغُسْلَ أَوْسَعُ فَإِنَّ الذِّمِّيَّ يُغَسَّلُ بِلَا صَلَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ فِي الْغُسْلِ فِيهِمَا قَوْلَانِ، وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ
(وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَقِيلَ يَجُوزُ غُسْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَمُ الشَّهَادَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ غُسْلُهُ وَتُتْرَكُ لِلِاشْتِغَالِ بِالْحَرْبِ. رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ فِي قَتْلَى أُحُدٍ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِمْ، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: وَلَمْ يُغَسَّلُوا وَلَمْ يُصَلَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (عُضْوُ) وَلَوْ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا إلَّا الشَّعْرَةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمَشِيمَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْخَلَاصِ كَالْعُضْوِ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ الْوَلَدِ، فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ، أَمَّا الْمَشِيمَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَلَدُ فَلَيْسَتْ جُزْءًا مِنْ الْأُمِّ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (مُسْلِمٍ) وَلَوْ بِالدَّارِ يَقِينًا لَا بِدَارِهِمْ، وَلَا مَنْ شَكَّ فِي إسْلَامِهِ. قَوْلُهُ: (عُلِمَ مَوْتُهُ) أَوْ ظُنَّ قَبْلَ انْفِصَالِ الْعُضْوِ مِنْهُ يَقِينًا، فَإِنْ عَلِمَ انْفِصَالَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَلَوْ بَعْدَ جُرْحٍ مَثَلًا، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ بِهِ، أَوْ شَكَّ فِي وَقْتِ انْفِصَالِهِ نُدِبَ مُوَارَاتُهُ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا كَالدَّمِ وَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ مِنْ الْحَيِّ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ غُسْلِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَمُوَارَاتُهُ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَةِ الْمَيِّتِ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ بَقِيَّتُهُ غُسِّلَتْ، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهَا وَنَدْبًا إنْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهَا، فَإِنْ لَمْ تُغَسَّلْ الْبَقِيَّةُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْعُضْوِ بِنِيَّتِهِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَى الْجُمْلَةَ لَمْ تَصِحَّ، فَإِنْ شَكَّ فِي غُسْلِ الْبَقِيَّةِ لَمْ تَجُزْ نِيَّتُهَا إلَّا إذَا عَلَّقَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) تَعْبِيرُهُمْ بِالْغُسْلِ فِي الْعُضْوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ التَّيَمُّمُ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَيُدْفَنُ بَعْدَ لَفِّهِ بِخِرْقَةٍ بِلَا طَهَارَةٍ وَلَا صَلَاةٍ، وَإِلَّا وَجَبَ تَيَمُّمُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ.
وَتَعْبِيرُهُمْ بِسَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ اللَّفَائِفِ فِيهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ مَثَلًا. قَالَ شَيْخُنَا: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ سَمَّى رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَكَالْكَامِلِ، وَإِلَّا فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَنْقُضُ لَمْسُهُ الْوُضُوءَ وَعَدَمُهُ، وَيَقِفُ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ عِنْدَ رَأْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعَجُزِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَقَفَ حَيْثُ يَشَاءُ، وَيَجِبُ فِي دَفْنِ الْجُزْءِ مَا يَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ، وَيُنْدَبُ دَفْنُ جُزْءِ الْحَيِّ كَمَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (وَالسِّقْطُ) هُوَ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ السُّقُوطِ وَهُوَ النَّازِلُ قَبْلَ تَمَامِ أَشْهُرِهِ السِّتَّةِ. قَوْلُهُ: (صَاحَ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ فَهُوَ كَكَبِيرٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْكِ) صَوَابُهُ الْوَاوُ. قَوْلُهُ: (فَصَاعِدًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فَجَعَلَ مَنْ بَلَغَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَكَبِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ خَلْقُهُ، وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ) وَكَذَا حُكْمُ الدَّفْنِ أَيْضًا
. قَوْلُهُ: (وَلَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشَهَادَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْجَنَّةِ، أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالصَّلَاةُ عَلَى بَاقِيهِ، لَكِنْ لَوْ عُلِمَتْ الصَّلَاةُ وَعُلِمَ فَصْلُ هَذَا الْعُضْوِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَإِنْ وَجَبَ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ، وَلَوْ عَلِمْنَا عَدَمَ تَغْسِيلِ الْبَاقِي، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْأَوَّلِ) قَضِيَّتُهُ الْوُجُوبُ لَكِنْ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَجْزَاءِ الْمُنْفَصِلَةِ مِنْ الْحَيِّ اسْتِحْبَابُ الدَّفْنِ، وَقَدْ لَا يُشْكِلُ عَلَى هَذَا لِلْجَهْلِ بِحَالِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (وَالسِّقْطُ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ السُّقُوطِ. قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يَبْكِ) الْأَحْسَنُ وَلَمْ يَبْكِ. قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا) أَيْ وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ: «إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ وَرِثَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ» . وَكَانَ وَجْهُ كَوْنِ الْمُتَحَرِّكِ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ الْيَقِينُ احْتِمَالَ أَنْ تَكُونَ الْحَرَكَةُ غَيْرَ اخْتِيَارِيَّةٍ بَلْ لِانْضِغَاطٍ وَنَحْوِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْفَصْلِ الْآتِي بِأَنَّ دَفْنَهُ أَيْضًا غَيْرُ وَاجِبٍ، ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ. وَيُوضَعُ فِي اللَّحْدِ عَلَى يَمِينِهِ. قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ التَّكْفِينِ حُكْمُ الْغُسْلِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: لَكِنْ بَعْدَ