يُسْتَرُ رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ الْمُحْرِمَةِ) إبْقَاءً لِأَثَرِ الْإِحْرَامِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقْرَبُ طِيبًا

(وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ فِي الْأَصَحِّ) كَحَمْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ «وَحَمْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ» ، رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، الْأَوَّلُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَالثَّانِي بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَالثَّانِي التَّرْبِيعُ أَفْضَلُ، وَالثَّالِثُ هُمَا سَوَاءٌ. (وَهُوَ) أَيْ الْحَمْلُ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ (أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَتَيْنِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ) وَهُمَا الْعَمُودَانِ (عَلَى عَاتِقِيهِ وَرَأْسُهُ بَيْنَهُمَا وَيَحْمِلُ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ رَجُلَانِ) أَحَدُهُمَا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَالْآخَرُ مِنْ الْأَيْسَرِ، وَلَوْ تَوَسَّطَ الْمُؤَخَّرَتَيْنِ وَاحِدٌ كَالْمُقَدَّمَتَيْنِ لَمْ يَرَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّمَتَيْنِ (وَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَجُلَانِ وَيَتَأَخَّرَ آخَرَانِ) فِي حَمْلِهَا يَضَعُ أَحَدُ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْعَمُودَ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَالْآخِرُ الْعَمُودَ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَالْمُتَأَخِّرَانِ كَذَلِكَ

(وَالْمَشْيُ أَمَامُهَا بِقُرْبِهَا) بِحَيْثُ لَوْ الْتَفَتَ رَآهَا (أَفْضَلُ) مِنْهُ بِبَعْدِهَا فَلَا يَرَاهَا لِكَثْرَةِ الْمَاشِينَ مَعَهَا، وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا لِلرَّاكِبِ وَالْمَاشِي، وَفِي الرَّوْضَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرْكَبَ فِي ذَهَابِهِ مَعَهَا إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ ضَعْفٍ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فَلَا بَأْسَ، بِهِ وَهُوَ لِغَيْرِ عُذْرٍ يُكْرَهُ، رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةُ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ» ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَى الْحَاكِمُ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الرَّاكِبُ يَسِيرُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ وَالْمَاشِي عَنْ يَمِينِهَا وَشِمَالِهَا قَرِيبًا مِنْهَا، وَالسِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ» وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ

(وَيُسْرَعُ بِهَا) نَدْبًا لِحَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» (إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ فَيَأْتِي بِهِ حِينَئِذٍ، وَالْإِسْرَاعُ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الضُّعَفَاءُ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ أَوْ انْفِجَارِهِ أَوْ انْتِفَاخِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSالْقَبْرِ شَيْءٌ مَعْقُودٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُلْبَسُ وَلَا يُسْتَرُ أَيْ فَهُمَا حَرَامٌ) .

(فَرْعٌ) يُكْرَهُ إعْدَادُ الْكَفَنِ إلَّا مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ أَوْ أَثَرٍ صَالِحٍ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِمَّا ذَكَرَ مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْمَيِّتِ، وَبِهَذَا فَارَقَ إبْدَالَ ثِيَابِ الشَّهِيدِ.

قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْ التَّرْبِيعِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْفِيَّتَيْنِ تَارَةً وَتَارَةً أَفْضَلُ، وَمَنْ حَمَلَهَا تَبَرُّكًا قُدِّمَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ، وَالْأَيْمَنُ مِنْ الْحَامِلِ عَلَى الْأَيْسَرِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَشْيُ أَمَامَهَا بِقُرْبِهَا) لَوْ قَالَ: وَبِأَمَامِهَا وَبِقُرْبِهَا لَكَانَ أَوْلَى، لِإِفَادَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ كَمَا صَنَعَ الشَّارِحُ، وَالْحَاصِلُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ وَلَوْ خَلْفَهَا، أَوْ بَعِيدًا مِنْ الرُّكُوبِ وَلَوْ أَمَامَهَا، أَوْ قَرِيبًا وَأَنَّهُ أَمَامَهَا أَفْضَلُ مِنْهُ خَلْفَهَا، وَلَوْ مَشَى بِالْقُرْبِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ وُقُوعِ التَّعَارُضِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّاكِبُ إلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى نَاسًا رُكْبَانًا فِي جِنَازَةٍ فَقَالَ: أَلَا تَسْتَحْيُونَ إنَّ مَلَائِكَةَ اللَّهِ يَمْشُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَأَنْتُمْ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ»

. قَوْلُهُ: (وَدُونَ الْخَبَبِ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُوَحَّدَتَيْنِ: هُوَ الْمَشْيُ عَلَى الْهَيِّنَةِ وَالتَّأَنِّي. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ) هُوَ مَفْهُومُ تَقْيِيدِهِ الْخَوْفَ قَبْلَهُ بِالْإِسْرَاعِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ مَعَ الْإِسْرَاعِ مِنْ غَيْرِهِ كَشِدَّةِ حَرٍّ طُلِبَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْإِسْرَاعِ، وَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ وَلَمْ يَقُلْ: أَسْرَعَ، وَيَلْزَمُ مِنْ خَوْفِ التَّغَيُّرِ بِمَا ذَكَرَ مَعَ الْإِسْرَاعِ أَنْ يَكُونَ الْخَوْفُ مَعَ التَّأَنِّي أَوْلَى، وَلِذَلِكَ سَكَتَ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (فِي الْإِسْرَاعِ) أَيْ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ.

(فَائِدَةٌ) يَنْدُبُ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَأَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لَهُ، وَأَنْ يَقُولَ: سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، أَوْ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، أَوْ {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [الأحزاب: 22] ، اللَّهُمَّ زِدْنَا إيمَانًا وَتَصْدِيقًا وَتَسْلِيمًا، أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [يس: 52] لِأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّ مَنْ قَالَ ذَلِكَ كُتِبَ لَهُ عِشْرُونَ حَسَنَةً وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQشِدَادِ الْأَلْيَيْنِ السَّابِقِ وَنَحْوِهِ

. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِقُرْبِهَا) لَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ فَانْظُرْ مَاذَا يُرَاعَى

. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَاعِ) يَعْنِي لَوْ أَتَى بِالسُّنَّةِ، وَهِيَ الْإِسْرَاعُ وَلَكِنْ خِيفَ التَّغَيُّرُ لَا مِنْ الْإِسْرَاعِ، بَلْ مِنْ أَمْرِ غَيْرِهِ كَشِدَّةِ الْحَرِّ. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ: فِيمَا يَأْتِي زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ، وَلَمْ يَقُلْ أَسْرَعَ بِهَا. قَوْلُهُ: (زِيدَ فِي الْإِسْرَاعِ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015