الْمُسْلِمِ بِالْإِجْمَاعِ. أَمَّا الْكَافِرُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي فَرْعِ الْأَوْلِيَاءِ. (وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) مَرَّةً (بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَسِ) عَنْهُ إنْ كَانَ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يَكْفِي لَهُمَا غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَيِّ أَنَّ الْغَسْلَةَ لَا تَكْفِيهِ عَنْ النَّجَسِ وَالْحَدَثِ، وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهَا تَكْفِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغُسْلِ، وَكَأَنَّهُ تَرَكَ الِاسْتِدْرَاكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ هُنَاكَ.
(وَلَا تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ) أَيْ لَا تُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْقَصْدَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ النَّظَافَةُ، وَهِيَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةٍ. وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّهُ غُسْلٌ وَاجِبٌ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ فَيَنْوِي عِنْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ الْقَرَاحِ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ أَوْ غُسْلَ الْمَيِّتِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ (فَيَكْفِي) عَلَى الْأَصَحِّ (غَرَقُهُ) عَنْ الْغُسْلِ (أَوْ غُسْلُ كَافِرٍ) لَهُ (قُلْت:) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَلَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنَّا إلَّا بِفِعْلِنَا.
(وَالْأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ) مِنْ النَّاسِ (مَسْتُورٍ) عَنْهُمْ لَا يَدْخُلُهُ إلَّا الْغَاسِلُ وَمَنْ يُعِينُهُ وَالْوَلِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَتِرُ عِنْدَ الِاغْتِسَالِ فَيَسْتَتِرُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ مَا يُكْرَهُ ظُهُورُهُ، وَقَدْ تَوَلَّى غُسْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ يُنَاوِلُ الْمَاءَ، وَالْعَبَّاسُ وَاقِفٌ، ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ. (عَلَى لَوْحٍ) أَوْ سَرِيرٍ هِيَ لِذَلِكَ وَلِيَكُنْ مَوْضِعُ رَأْسِهِ أَعْلَى لِيَنْحَدِرَ الْمَاءُ عَنْهُ وَلَا يَقِفُ تَحْتَهُ. (وَيُغَسَّلُ فِي قَمِيصٍ) يُلْبَسُ عِنْدَ غُسْلِهِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهُ، وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَلِيَكُنْ الْقَمِيصُ سَحِيقًا أَوْ بَالِيًا، وَيُدْخِلُ الْغَاسِلُ يَدَهُ فِي كُمِّهِ إنْ كَانَ وَاسِعًا يَغْسِلُهُ مِنْ تَحْتِهِ، وَإِنْ كَانَ ضَيِّقًا فَتَقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْقِ، فَلَوْ لَمْ يُوجَدْ قَمِيصٌ أَوْ لَمْ يَتَأَتَّ غُسْلُهُ فِيهِ سُتِرَ مِنْهُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ نَظَرِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَنْثُورَةِ. (بِمَاءٍ بَارِدٍ) لِأَنَّهُ يَشُدُّ الْبَدَنَ بِخِلَافِ الْمُسَخَّنِ فَإِنَّهُ يُرْخِيهِ إلَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ لِوَسَخٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSحَقِيقَةٍ، وَيَحْرُمُ تَرْكُهَا عَلَى مَنْ عَلِمَ بِهِ، وَغَيْرِ قَرِيبٍ، وَعَلَى جَارٍ قَصَّرَ فِي عِلْمِهِ بِعَدَمِ الْبَحْثِ عَنْهُ.
(تَنْبِيهٌ) مَشْرُوعِيَّةُ الْغُسْلِ وَالْحَنُوطِ وَالسِّدْرِ وَالْكَافُورِ، وَكَوْنِ الثِّيَابِ وِتْرًا وَالْحَفْرِ وَالصَّلَاةِ، بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّاتِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَلَا تَعَارُضَ، أَنَّ الْمَلَائِكَةَ غَسَّلَتْ آدَمَ، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ فِي الْقَبْرِ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ غَائِبًا النَّجَاشِيُّ. قَوْلُهُ: (بَدَنِهِ) وَمِنْهُ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ. قَوْلُهُ: (وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تُشْتَرَطُ) أَفَادَ أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ الْوُجُوبِ، الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْبُطْلَانُ. قَوْلُهُ: (نِيَّةُ الْغَاسِلِ) وَلَا مَنْ يَمَّمَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّا) مَعَاشِرَ الْآدَمِيِّينَ، وَلَوْ غَيْرَ الْمُكَلَّفِينَ، وَمِنْهُمْ الْمَيِّتُ لَوْ غَسَّلَ نَفْسَهُ كَرَامَةً، وَالْجِنُّ كَالْآدَمِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ الْمَلَائِكَةِ، وَالصَّلَاةُ كَالْغُسْلِ. نَعَمْ يَكْفِي تَكْفِينُ الْمَلَائِكَةِ، وَدَفْنُهُمْ لِوُجُودِ السِّتْرِ. قَوْلُهُ: (مَسْتُورٍ) وَتَحْتَ سَقْفٍ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَيُنْدَبُ كَمَا فِي وَقْتِ مَوْتِهِ، أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ فِي أَوَّلِ وَضْعِهِ كَمَا قَالَهُ الْمُزَنِيّ عَنْ الْإِمَامِ، وَيُنْدَبُ التَّبْخِيرُ عِنْدَهُ، مِنْ وَقْتِ مَوْتِهِ، وَبَعْدَهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا. قَوْلُهُ: (وَالْوَلِيُّ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ عَدَاوَةٌ، وَإِلَّا فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى. قَوْلُهُ: (وَأُسَامَةُ يُنَاوِلُ الْمَاءَ) وَكَذَا شُقْرَانُ مَوْلَاهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ خَمْسَةٌ عَلِيٌّ وَالْفَضْلُ، وَشُقْرَانُ وَأُسَامَةُ وَالْعَبَّاسُ، وَكَانَتْ أَعْيُنُهُمْ مَعْصُوبَةً، وَكَانَ مَوْتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَحْوَةَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَدُفِنَ لَيْلَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ، وَكَانَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَفْرُوضَةِ، وَصَلُّوا عَلَيْهِ فُرَادَى خِلَافًا لِمَا فِي الْمَجْمُوعِ، لِأَنَّهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً بَعْدُ يُجْعَلُ إمَامًا وَجُمْلَةُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ سِتُّونَ أَلْفًا، وَمِنْ غَيْرِهِمْ ثَلَاثُونَ أَلْفًا، وَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمُّهُ الْعَبَّاسُ، ثُمَّ بَنُو هَاشِمٍ ثُمَّ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ الْأَنْصَارُ ثُمَّ أَهْلُ الْقُرَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ، وَمَاتَ عَنْ مِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا، كُلُّهُمْ لَهُ صُحْبَةٌ، خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ، وَمَنْ قَالَ: إنَّهُمْ صَلُّوا عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ سَمَّى اللَّيْلَةَ يَوْمًا بِالتَّغْلِيبِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِلَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الَّتِي تَلِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
قَوْلُهُ: (سَرِيرٍ) وَيُنْدَبُ رَفْعُهُ إنْ خِيفَ الرَّشَّاشُ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ «غُسِّلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قَمِيصٍ» ) وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي تَجْرِيدِهِ، أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُمَيِّزِ، مَعَ وُجُودِ الرِّجَالِ، كَنَظِيرِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (عَلَى لَوْحٍ) رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُسِّلَ عَلَى سَرِيرٍ، وَأَنَّهُ اسْتَمَرَّ إلَى أَنْ غُسِّلَ عَلَيْهِ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِمَاءٍ بَارِدٍ) وَاسْتَحَبَّ