(لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) أَيْ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ كَفَجْأَةِ قِتَالٍ) وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ بِحَالٍ، وَكَذَا الْكَلْبُ إلَّا لِأَغْرَاضٍ مَخْصُوصَةٍ فَبَعْدَ مَوْتِهِمَا أَوْلَى. (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ) لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. (فِي الْأَصَحِّ) كَجِلْدِ الْكَلْبِ وَالثَّانِي يَحِلُّ مُطْلَقًا بِخِلَافِ جِلْدِ الْكَلْبِ لِغِلَظِ نَجَاسَتِهِ.

(وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ عَلَى الْمَشْهُورِ) سَوَاءٌ عَرَضَتْ لَهُ النَّجَاسَةُ كَالزَّيْتِ أَمْ لَا كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ، وَالثَّانِي لَا لِمَا يُصِيبُ بَدَنَ الْإِنْسَانِ وَثِيَابَهُ مِنْ الدُّخَانِ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْ السِّرَاجِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ قَلِيلٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ. وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ فِي بَيَانِ الْمُشْكِلِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَالَ: إنْ كَانَ جَامِدًا فَخُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَأَلْقُوهُ، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ، أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ» وَقَالَ: إنَّ رِجَالَهُ ثِقَاتٌ. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيّ " اسْتَصْبِحُوا بِهِ وَلَا تَأْكُلُوهُ " وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ.

ـــــــــــــــــــــــــــــSالِافْتِرَاشُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ وَتَوَسُّدُهُ وَلَوْ فِي مَسْجِدٍ كَمَا يَأْتِي وَلِغَيْرِ آدَمِيٍّ، نَعَمْ يَحْرُمُ إنْ لَزِمَ تَنَجُّسٌ بِغَيْرِ عَرَقٍ. قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) هُوَ تَعْمِيمٌ لِيَشْمَلَ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِقَطْعِهِ إلَخْ، وَقِيلَ هُوَ تَعْمِيمٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا. قَوْلُهُ: (كَالطَّوَافِ) هُوَ مِثَالٌ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَا لِنَحْوِهَا كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَطْعُهُ وَلَوْ فَرْضًا وَمِثْلُهُ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ الصَّلَاةِ أَوْ نَحْوِهَا، وَلَوْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ صَوَابًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ إذْ اللُّبْسُ مِنْ حَيْثُ هُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَسْجِدِ وَحُرْمَتُهُ فِيهِمَا لِقَطْعِ الْفَرْضِ وَصَوْنِ الْمَسْجِدِ عَنْ النَّجَاسَةِ. وَالْمُرَادُ بِنَحْوِهَا نَفْلُ صَلَاةِ نَذْرِهِ لِحُرْمَةِ قَطْعِهِ حِينَئِذٍ، وَلَمْ يُمَثِّلْ لَهُ الشَّارِحُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ كَمَا عَلِمْت. قَوْلُهُ: (لِقَطْعِهِ الْفَرْضَ) مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا عُلِمَ وَبِخِلَافِ النَّفْلِ مُطْلَقًا إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ فِيهِ لِتَلَبُّسِهِ بِعِبَادَةٍ فَاسِدَةٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) أَيْ جِلْدِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ لِغَيْرِهِمَا وَلَوْ غَيْرَ آدَمِيٍّ، وَيَحِلُّ لَهُمَا وَخَرَجَ بِلُبْسِهِ افْتِرَاشُهُ وَالتَّدَثُّرُ بِهِ فَهُمَا حَلَالٌ مُطْلَقًا. وَكَالْجِلْدِ بَقِيَّةُ الْأَجْزَاءِ، فَيَحْرُمُ تَسْمِيدُ الْأَرْضِ وَدَبْغُ الْجِلْدِ بِدُهْنِهِمَا نَعَمْ يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ الشِّيتَةِ الْمَعْرُوفَةِ لِمُشْطِ الْكَتَّانِ مَا لَمْ تَكُنْ رُطُوبَةٌ. قَوْلُهُ: (إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَوْ حَاجَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَرِيرِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا جِلْدُ الْمَيْتَةِ لَا يَحِلُّ لُبْسُهُ) وَكَذَا لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ بَقِيَّةِ أَجْزَائِهَا نَعَمْ يَحِلُّ الِامْتِشَاطُ بِمُشْطٍ مِنْ نَحْوَ الْعَاجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَيْثُ لَا رُطُوبَةً، وَمَحَلُّ حُرْمَةُ لُبْسِهِ لِلْآدَمِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ فَوْقَ الثِّيَابِ كَفِرَاءِ الذِّئَابِ، وَيَحِلُّ لِغَيْرِ آدَمِيٍّ افْتِرَاشُهُ مُطْلَقًا وَالتَّدَثُّرُ بِهِ كَذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ) إلَّا فِي مَسْجِدٍ مُطْلَقًا وَفِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَمَوْقُوفٍ إنْ لَوَّثَ فِيهِمَا وَيَحِلُّ طِلَاءُ السُّفُنِ بِهِ وَإِطْعَامُهُ لِبَهِيمَةٍ وَجَعْلِهِ صَابُونًا مَثَلًا.

(تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ تَنْجِيسُ الْبَدَنِ لِغَرَضِ كَعَجْنِ سِرْجِينٍ وَوَطْءِ مُسْتَحَاضَةِ وَإِصْلَاحِ فَتِيلَةٍ فِي زَيْتٍ نَجِسٍ بِنَحْوِ أُصْبُعٍ وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ وَالتَّدَاوِي بِهِ وَيَحِلُّ تَنْجِيسُ مِلْكِهِ كَوَضْعِ زَيْتٍ نَجِسٍ فِي إنَاءٍ طَاهِرٍ مَا لَمْ يُضَيِّعْ بِهِ مَالًا وَتَنْجِيسُ مِلْكِ غَيْرِهِ وَمَوْقُوفٍ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَالْوُقُودِ بِالسِّرْجِينِ فِي الْبُيُوتِ، وَتَرْبِيَةُ نَحْوَ الدَّجَاجِ فِيهَا وَتَسْمِيدُ الْأَرْضِ وَدَبْغُ الْجِلْدِ بِغَيْرِ مُغَلَّظٍ كَمَا مَرَّ.

(فَرْعٌ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: يَحْرُمُ إلْقَاءُ الْقُمَّلَ وَنَحْوَهُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَوْ حَيًّا لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِمَوْتِهِ فِيهِ وَيَحْرُمُ إلْقَاءُ الْحَيِّ فِي غَيْرِهِ إنْ تَأَذَّى أَوْ آذَى، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَجَوَّزَ إلْقَاءَهُ حَيًّا بِلَا أَذًى وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُغَلَّظٍ كَمَا مَرَّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى الْفَقِيرِ وَفِي اللَّيْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا جِلْدُ كَلْبٍ وَخِنْزِيرٍ) لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015