بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ أَيْ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ الْأَصْغَرُ وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (هِيَ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا: خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ قُبُلِهِ) أَيْ الْمُتَوَضِّئِ (أَوْ دُبُرِهِ) قَالَ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} [النساء: 43] :.
ـــــــــــــــــــــــــــــS (تَنْبِيهٌ) قَدْ أَوْصَلَ بَعْضُهُمْ مَسَائِلَ الضَّبَّةِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ مَسْأَلَةٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً خَارِجًا عَنْ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ فَرَاجِعْهُ.
بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ هِيَ جَمْعُ سَبَبٍ، وَهُوَ لُغَةً مَا يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى غَيْرِهِ، وَعُرْفًا مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ، وَإِضَافَتُهَا إلَى الْحَدَثِ بَيَانِيَّةٌ، وَلَامُهُ لِلْجِنْسِ، كَذَا قَالُوا، وَالْوَجْهُ بَقَاءُ الْإِضَافَةِ عَلَى حَقِيقَتِهَا لِأَنَّهَا أَظْهَرُ فِي الْمُرَادِ، وَلَيْسَ الْفَائِتُ فِيهَا إلَّا تَسْمِيَةُ الْأَسْبَابِ حَدَثًا، وَلَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ أَمْرٍ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ، وَفِي اسْمِهَا وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى الْوُضُوءِ، وَلِمُوَافَقَةِ الْوُجُودِ وَالطَّبْعِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَدَثِ فِي عِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ الْأَصْغَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَكَذَا عِنْدَ غَيْرِهِمْ إلَّا لِقَرِينَةٍ كَنِيَّةِ الْجُنُبِ رَفْعَ الْحَدَثِ، فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَكْبَرِ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَيُطْلَقُ حَقِيقَةً عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا الْأَسْبَابُ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ يَنْتَهِيَ بِهَا الطُّهْرُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَثَانِيهَا أَمْرٌ اعْتِبَارِيٌّ يَقُومُ بِالْأَعْضَاءِ مَعَ وُجُودِ تِلْكَ الْأَسْبَابِ، وَثَالِثُهَا الْمَنْعُ مِنْ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الْمُرَتَّبُ عَلَى الْأَسْبَابِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْأَمْرِ الِاعْتِبَارِيِّ اعْتِبَارًا لِأَنَّهُ نَتِيجَةٌ لَهُ وَإِلَّا فَهُمَا مُتَقَارِنَانِ، بَلْ الثَّلَاثَةُ مُتَقَارِنَةٌ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
وَالْمُرَادُ بِالْأَعْضَاءِ مَا يُغْسَلُ وُجُوبًا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَهُوَ فِي الرَّأْسِ جُزْءٌ مُبْهَمٌ يَتَعَيَّنُ بِوُقُوعِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ وَدُخُولِ الْمَنْدُوبِ فِيهِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُ اسْمِ الْوُضُوءِ لَهُ، وَقِيلَ: يَقُومُ بِجَمِيعِهَا فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَنْدُوبُ مِنْهَا، وَقِيلَ: بِجَمِيعِ الْبَدَنِ، وَيَرْتَفِعُ بِغَسْلِ الْوَاجِبِ مِنْهَا وَمَنْعِ مَسِّ نَحْوِ الْمُصْحَفِ بِغَيْرِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا وَلَوْ بَعْدَ غَسْلِهِ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ الَّذِي هُوَ غَسْلُ كُلِّهَا، وَقَوْلُهُمْ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الطُّهْرُ، أَيْ لَوْ كَانَ وَإِلَّا فَهِيَ أَسْبَابٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ، وَلِذَلِكَ صَحَّتْ النِّيَّةُ الْمُضَافَةُ إلَى غَيْرِ الْأَوَّلِ مِنْهَا مَثَلًا. قَوْلُهُ: (بِنَوَاقِضِ الْوُضُوءِ) ذَكَرَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَقْضٌ فِيمَا يَأْتِي، إذْ أَصْلُ النَّاقِضِ مَا يُزِيلُ الشَّيْءَ مِنْ أَصْلِهِ اللَّازِمِ عَلَيْهِ بُطْلَانُ مَا مَضَى بِمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَالْعِبَادَةِ هُنَا، وَلَيْسَ مُرَادًا.
قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ الْأَسْبَابُ الَّتِي تَرَتَّبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا قِيَامُ الْحَدَثِ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ فِيمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةٌ) الْحَصْرُ فِيهَا تَعَبُّدِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا خَامِسٌ، وَشِفَاءُ دَائِمِ الْحَدَثِ غَيْرُ نَاقِضٍ، لِأَنَّ حَدَثَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ، كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ، فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا بَعْدَهُ لَمْ تَبْطُلْ طَهَارَتُهُ بِشِفَائِهِ، وَحِينَئِذٍ فَبُطْلَانُهَا بِشِفَائِهِ بَعْدَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ فِي ذَلِكَ مَنْسُوبٌ إلَى ذَلِكَ الْخَارِجِ الَّذِي عُفِيَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ فَتَأَمَّلْ، وَبُطْلَانُ مَسْحِ الْخُفِّ لِلْمُتَطَهِّرِ يُوجِبُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ عَلَى أَنَّهُ بِسَبَبِ الْحَدَثِ السَّابِقِ فَتَأَمَّلْ، وَأَمَّا أَفْرَادُهَا فَغَيْرُ الْخَارِجِ مِنْهَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى مُقَاسٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا، وَإِلْحَاقُ النَّادِرِ فِيهِ بِالْمُعْتَادِ مِنْ حَيْثُ عُمُومُ الْخَارِجِ بِشُمُولِهِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (خُرُوجُ شَيْءٍ) فَهُوَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْنَوِيُّ هَذَا بِاتِّفَاقِ الشَّيْخَيْنِ عَلَى تَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ السِّكِّينِ وَالْمُقَلِّمَةِ وَنَحْوِهِمَا مُطْلَقًا وَاتِّخَاذِ سِنِّ الْخَاتَمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي تَضْبِيبِ الْأَوَانِي لِكَثْرَةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَمْوِيهُ السَّيْفِ وَالْخَاتَمِ وَنَحْوِهِمَا بِالذَّهَبِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ التَّمْوِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُلْبَسُ بِخِلَافِ هَذَا، أَوْ يُحْمَلُ ذَاكَ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ، وَهَذَا عَلَى الِاسْتِعْمَالِ، قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: الِاسْتِعْمَالُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْفِعْلِ بِدَلِيلِ جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الِاتِّخَاذِ دُونَ الِاسْتِعْمَالِ.
[بَابُ أَسْبَابِ الْحَدَثِ]
ِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (هِيَ أَرْبَعَةٌ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: عِلَّةُ النَّقْضِ بِهَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ غَيْرُهَا، وَلَك أَنْ تَقُولَ: التَّعَالِيلُ الْآتِيَةُ فِي مَسَائِلِ اللَّمْسِ تَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ قُبُلِهِ) قِيلَ: هَذَا التَّعْبِيرُ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ مَا يَخْرُجُ مِنْ