النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ» الْحَدِيثَ (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) لِأَنَّ مَا يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ (وَلَفْظُهُمَا) أَيْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ (مُتَعَيِّنٌ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ فَيَكْفِي الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لِلِاتِّبَاعِ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فِي خُطْبَتِهِ» . (وَلَا يَتَعَيَّنُ لَفْظُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ غَرَضَهَا الْوَعْظُ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِغَيْرِ لَفْظِهَا فَيَكْفِي أَطِيعُوا اللَّهَ. وَالثَّانِي وَقْفٌ مَعَ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ (وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَرْكَانٌ فِي الْخُطْبَتَيْنِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَالرَّابِعُ قِرَاءَةُ آيَةٍ فِي إحْدَاهُمَا) لَا بِعَيْنِهَا (وَقِيلَ فِي الْأُولَى وَقِيلَ فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَقِيلَ لَا تَجِبُ) فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَلْ تُسْتَحَبُّ، وَسَكَتُوا عَنْ مَحَلِّهِ وَيُقَاسُ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، يُسْتَحَبُّ جَعْلُهَا فِي الْأُولَى.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] » وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْخُطْبَةِ، وَذَلِكَ مُحْتَمِلٌ لِلْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ وَصَادِقٌ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا، وَفِي إحْدَاهُمَا فَقَطْ، وَعَيَّنَ الثَّانِي الْأُولَى لِتَكُونَ الْقِرَاءَةُ نَسِيَهَا فِي مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَحَكَى الْوُجُوبَ وَالِاسْتِحْبَابَ قَوْلَيْنِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ فِي الْآيَةِ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ وَالْحِكَمُ وَالْقِصَّةُ.

قَالَ الْإِمَامُ: وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مُفْهِمَةً فَلَا يَكْفِي ثُمَّ نَظَرَ وَإِنْ عُدَّ آيَةً وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِشَطْرِ آيَةٍ طَوِيلَةٍ. (وَالْخَامِسُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ دُعَاءٍ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَةِ) كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ (وَقِيلَ: لَا يَجِبُ) بَلْ يُسْتَحَبُّ، وَحَكَى الْخِلَافَ قَوْلَيْنِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ وَبِهِمَا عَبَّرَ فِي الْوَسِيطِ وَفِي التَّنْزِيلِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSخِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَلَا نَحْوُ " الشُّكْرُ لِلَّهِ " وَلَا غَيْرُ لَفْظِ اللَّهِ كَالرَّحْمَنِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّلَاةُ) أَيْ مَصْدَرُهَا وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا يَضُرُّ فِيهَا قَصْدُ الْخَبَرِيَّةِ وَلَا صَرْفُهَا إلَى غَيْرِهَا، وَنُوزِعَ فِيهِ، وَخَرَجَ نَحْوُ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ وَتُنْدَبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالصَّحْبِ. قَوْلُهُ: (عَلَى رَسُولِ اللَّهِ) وَكَذَا بَقِيَّةُ أَسْمَائِهِ كَالْعَاقِبِ وَالْحَاشِرِ وَخَرَجَ بِأَسْمَائِهِ ضَمِيرُهُ كَصَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَكْفِي وَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ مَرْجِعٌ.

قَوْلُهُ: (يَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ رَسُولِهِ) أَيْ غَالِبًا فَلَا يُرَدُّ الذَّبْحُ لِوُجُودِ الْمَانِعِ فِيهِ بِإِيهَامِ التَّشْرِيكِ. قَوْلُهُ: (وَلَفْظُهُمَا مُتَعَيَّنٌ) أَيْ عَلَى مَا مَرَّ وَخَالَفَا غَيْرَهُمَا لِلتَّعَبُّدِ بِلَفْظِهِمَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. قَوْلُهُ: (وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) فَلَا يَكْفِي التَّحْذِيرُ مِنْ الدُّنْيَا وَغُرُورِهَا مِنْ غَيْرِ حَثٍّ عَلَى الطَّاعَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْوَصِيَّةِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ عَدَمَ تَعَيُّنِ لَفْظِ التَّقْوَى لَا خِلَافَ فِيهِ. كَذَا فِي الْإِسْنَوِيِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ خِلَافُهُ.

قَوْلُهُ: (آيَةٍ) أَيْ كَامِلَةٍ، وَكَذَا بَعْضُ آيَةٍ بِقَدْرِ آيَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيَجْرِي فِيهَا مَا فِي الْفَاتِحَةِ مِنْ اللَّحْنِ وَالْعَجْزِ عَنْهَا. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ فِيهِمَا) لِأَنَّهَا رُكْنٌ فَأَشْبَهَتْ مَا قَبْلَهَا. قَوْلُهُ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] أَيْ آيَةَ وَنَادَوْا إلَى آخِرِهَا لَا ذَلِكَ اللَّفْظَ فَقَطْ، وَلَوْ أَتَى بِآيَاتٍ تَتَضَمَّنُ جَمِيعَ الْأَرْكَانِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى خُطْبَةً عُرْفًا أَوْ بِآيَةٍ تَتَضَمَّنُ رُكْنًا مِنْهَا اُعْتُدَّ بِهِ إنْ قَصَدَ بِهَا ذَلِكَ الرُّكْنَ فَقَطْ، فَلَوْ قَصَدَ بِهَا رُكْنَيْنِ لَمْ تَكْفِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنْ كَانَ غَيْرَ الْآيَةِ كَالصَّلَاةِ وَالْوَصِيَّةِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْآيَةُ وَقَصَدَهُمَا فَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ أَنَّهَا تَحْسُبُ عَنْ الْقُرْآنِ كَمَا لَوْ قَصَدَهُ وَحْدَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْقِصَّةُ) وَكَذَا الْحِكْمَةُ وَمَنْسُوخُ الْحُكْمِ دُونَ التِّلَاوَةِ يُسَنُّ قِرَاءَةُ سُورَةٍ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاضِرُونَ لِوُرُودِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ تَعَدُّدٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ التَّحَرُّمُ. قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مُفْهِمَةً) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُ التَّفْهِيمِ مَنْدُوبًا وَلَا يَحْتَاجُ فِي دُخُولِ الْإِنَاثِ فِيهِ إلَى قَصْدِ تَغْلِيبٍ أَوْ مِنْ حَيْثُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ.

قَوْلُهُ: (الْحَدِيثَ) مِنْهُ عَقِبَ هَذَا ثُمَّ يَقُولُ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ إلَخْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الظَّاهِرُ اسْتِحْبَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُتَعَيَّنٌ) فَلَوْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ لَمْ يَكْفِ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ غَرَضَهُمَا الْوَعْظُ) لَمْ يَقُولُوا فِي الْحَمْدِ إنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الثَّنَاءُ فَمَا الْفَرْقُ؟ . قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي وَقَفَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ خُطْبَةٌ، وَلِلِاتِّبَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ: فِيهِمَا) عَلَّلَ بِأَنَّهُمَا بَدَلٌ مِنْ رَكْعَتَيْنِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْخَامِسُ مَا يَقَعُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَا أَعْلَمُ عَلَى رُكْنِيَّتِهِ دَلِيلًا وَلَا عَلَى تَخْصِيصِهِ بِالثَّانِيَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ لَا يَجِب) أَيْ لِأَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015