تَدَارَكَهُمَا (عَلَى النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِئَلَّا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ مِنْ السُّورَةِ، ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا، وَقِيلَ: عَلَى الثَّانِي فَقَطْ.

(وَلَا سُورَةَ لِلْمَأْمُومِ) فِي الْجَهْرِيَّةِ لِلنَّهْيِ عَنْ قِرَاءَتِهَا، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ (بَلْ يَسْتَمِعُ) لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ، قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] (فَإِنْ بَعُدَ) فَلَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ (أَوْ كَانَتْ) الصَّلَاةُ (سِرِّيَّةً قَرَأَ) السُّورَةَ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا لِإِطْلَاقِ النَّهْيِ وَإِنْ وَرَدَ فِي الْفَجْرِ.

(وَيُسَنُّ لِلصُّبْحِ وَالظُّهْرِ طِوَالُ الْمُفَصَّلِ، وَلِلْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ أَوْسَاطُهُ وَلِلْمَغْرِبِ قِصَارُهُ) لِحَدِيثِ النَّسَائِيّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ، وَأَوَّلُ الْمُفَصَّلِ الْحُجُرَاتُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الدَّقَائِقِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَطِوَالُهُ إلَى عَمَّ، وَمِنْهَا إلَى الضُّحَى أَوْسَاطُهُ، وَمِنْهَا إلَى آخِرِ الْقُرْآنِ قِصَارُهُ (وَلِصُبْحِ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى الم تَنْزِيلُ، وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَى) بِكَمَالِهِمَا لِلِاتِّبَاعِ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَهَذَا تَفْصِيلٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــSكَثُرَ، وَلَيْسَ هُنَا طَلَبُ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِكُلِّ رَكْعَةٍ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى النَّصِّ) وَمُقَابِلُهُ قَاسَهُ عَلَى الْجَهْرِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: تَبَعًا لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَالْأَوَّلُ، قَالَ السُّنَّةُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَدَمُ الْجَهْرِ وَالسُّورَةُ لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ، وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُفَادَ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى وَاحِدٌ لِرَفْضِ الْإِبَاحَةِ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَبْلَغُ لِإِفَادَتِهَا الْكَرَاهَةَ نَصًّا فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُفَرَّعٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لِأَنَّهَا عَلَيْهِ مَطْلُوبَةٌ أَصَالَةً فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِدْرَاكٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى السَّبْقِ أَيْضًا، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا سُورَةَ لِلْمَأْمُومِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ لَهُ فِي الْجَهْرِيَّةِ لِفِعْلِ الْإِمَامِ وَلَوْ فِي السَّرِيَّةِ، وَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ تَأْخِيرُ فَاتِحَتِهِ عَنْ فَاتِحَةِ الْإِمَامِ فِي الْأُولَتَيْنِ وَلَوْ فِي السَّرِيَّةِ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ، وَيَشْتَغِلُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ بِغَيْرِهَا. قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُعْدِ عَدَمُ السَّمَاعِ فَيَشْمَلُ الْأَصَمَّ، وَكَذَا لَوْ سَمِعَهَا وَلَمْ يُمَيِّزْ أَلْفَاظَهَا، وَفَارَقَ مَا هُنَا إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ بِطَلَبِ الْبَدَلِ هُنَا. قَوْلُهُ: (قَرَأَ السُّورَةَ) .

قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَوْ سُورَةَ السَّجْدَةِ أَوْ آيَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، وَخَالَفَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمَأْمُومِ خُصُوصَ عَدَمِ قِرَاءَةِ آيَةٍ فِيهَا سَجْدَةٌ خَلْفَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ السُّجُودِ فَيُخَصَّصُ بِهِ الْعُمُومُ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ، وَأَفْتَى شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ بِقَصْدِ السُّجُودِ إلَّا فِي صُبْحِ الْجُمُعَةِ بِخُصُوصِ سَجْدَةِ سُورَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا فِي غَيْرِ السُّورَةِ قَالَ: لِأَنَّهُ مَحَلُّ السُّجُودِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَضُرُّ قَصْدُ السُّجُودِ فِي غَيْرِهَا، وَظَاهِرُ ذَلِكَ الْبُطْلَانُ بِمُجَرَّدِ الْقِرَاءَةِ، وَالْوَجْهُ عَدَمُهُ حَتَّى يَشْرَعَ فِي السُّجُودِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ لِمُنْفَرِدٍ وَإِمَامٍ مَحْصُورَيْنِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ هُنَا نَوْعُ الْقِرَاءَةِ لَا خُصُوصُ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ. نَعَمْ يُسَنُّ فِي صُبْحِ الْمُسَافِرِ سُورَتَا الْإِخْلَاصِ. قَوْلُهُ: (طِوَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ جَمْعُ طَوِيلَةٍ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ جَوَازُ ضَمِّهَا أَيْضًا وَهِيَ لُغَةٌ صَحِيحَةٌ، وَفِي ابْنِ حَجَرٍ جَوَازُ تَشْدِيدِ الْوَاوِ مُبَالَغَةً فِي الطُّولِ، وَلَا مَانِعَ مِنْهُ وَقَوْلُ التَّتَّائِيِّ الْمَالِكِيِّ طِوَالٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ لَا غَيْرُهُ جَمْعُ طَوِيلٍ وَبِضَمِّهَا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ وَبِفَتْحِهَا الْمُدَّةُ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَلَعَلَّهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ طُوَالَاتُ الْمُفَصَّلِ جَمْعُ طَوِيلَةٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّوَرِ مَرْدُودٌ لِعَدَمِ التَّأْنِيثِ الْحَقِيقِيِّ مَعَ أَنَّ نَقْلَ الثِّقَاتِ لَا مَطْعَنَ فِيهِ. قَوْلُهُ: (الْمُفَصَّلِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ فَوَاصِلِ سُوَرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الظُّهْرَ يُسَنُّ فِيهَا الْقَرِيبُ مِنْ الطِّوَالِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (وَطِوَالُهُ إلَخْ) الْغَايَةُ فِي ذَلِكَ دَاخِلَةٌ فِيمَا بَعْدَهَا عَلَى الْأَصْلِ فِيهَا، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَالزِّيَادِيُّ كَالْمَنْهَجِ إسْقَاطَ هَذَا التَّحْدِيدِ لِوُرُودِ نَحْوِ (لَمْ يَكُنْ) مَعَ (الطَّارِقِ) .

قَوْلُهُ: (الْحُجُرَاتُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُرَجَّحُ، وَقِيلَ: أَوَّلُهُ (الْقِتَالُ) ، وَقِيلَ: أَوَّلُهُ الْجَاثِيَةُ. قَوْلُهُ: (وَلِصُبْحِ الْجُمُعَةِ) عَطْفٌ عَلَى لِلصُّبْحِ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْمَأْمُومِ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ، وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ هُنَا مَا يَعُمُّ غَيْرَ الْمَحْصُورِينَ، وَيُسَنُّ دَوَامُ ذَلِكَ، وَلَا نَظَرَ لِتَوَهُّمِ اعْتِقَادِ الْعَوَامّ وُجُوبَهَا.

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْإِسْرَارُ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ، لَا نَقُولُ يُسَنُّ تَرْكُهَا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ، بَلْ نَقُولُ: لَا يُسَنُّ فِعْلُهَا، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ) أَمَّا تَفْرِيعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَوَجْهُ تَفْرِيعِ مُقَابِلِ النَّصِّ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُ هُنَا مِنْ تَطْوِيلِ الْأَخِيرَتَيْنِ عَلَى الْأَوِّلَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَسْمَعْ قِرَاءَتَهُ) .

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوْ سَمِعَ صَوْتًا لَا يُمَيِّزُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ كَانَتْ سِرِّيَّةً) مِثْلُ ذَلِكَ الْإِسْرَارُ بِالْجَهْرِيَّةِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ فَمَحَلُّ نَظَرٍ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ أَنَّ لِلْعَكْسِ الْمَذْكُورِ حُكْمَ الْجَهْرِيَّةِ، وَعَزَاهُ لِلرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الشِّقَّيْنِ، وَاقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى نَقْلِ الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَعَزَاهُ لِشَرْحِ الْمُهَذَّبِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (طِوَالُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ، جَمْعٌ مُفْرَدُهُ طَوِيلٌ وَطُوَالٌ بِضَمِّ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ، وَسُمِّيَ الْمُفَصَّلَ لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ فِيهِ بَيْنَ السُّوَرِ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا تَفْصِيلٌ) الْإِشَارَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015