«مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ» وَالْمُرَادُ بِالنَّائِمِ الْمُضْطَجِعُ وَالْيَمِينُ أَفْضَلُ مِنْ الْيَسَارِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَيَقْعُدُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَقِيلَ: يُومِئُ بِهِمَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ يَقُولُ لِمَنْ يَقِيسُ الِاضْطِجَاعَ عَلَى الْقُعُودِ: الِاضْطِجَاعُ يَمْحُو صُورَةَ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْقُعُودِ.
قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فَإِنْ اسْتَلْقَى مَعَ إمْكَانِ الِاضْطِجَاعِ لَمْ يَصِحَّ.
(الرَّابِعُ الْقِرَاءَةُ) أَيْ لِلْفَاتِحَةِ كَمَا سَيَأْتِي. (وَيُسَنُّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) لِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) نَحْوُ " وَجَّهْت وَجْهِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنْبِيهٌ) يُقَدَّمُ الْقِيَامُ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَيَجُوزُ تَرْكُهُ لَهَا فِي الْمَنْدُوبِ وَانْفِرَادُهُ فِيهِ أَفْضَلُ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ دُونَ السُّورَةِ جَازَ لَهُ فِعْلُهَا مِنْ قُعُودٍ وَتَرْكُهَا أَفْضَلُ.
(فَرْعٌ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ تَفْضِيلُ عَشْرِ رَكَعَاتٍ مِنْ قِيَامٍ عَلَى عِشْرِينَ رَكْعَةً مِنْ قُعُودٍ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ وَأَشَقُّ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ حَجَرٍ تَفْضِيلَ الْعِشْرِينَ مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ، وَتَفْضِيلَ الْعَشْرِ مِنْ حَيْثُ الْقِيَامُ، وَتَوَقَّفَ شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ فِي ذَلِكَ لِوُجُوهٍ، مِنْهَا أَنَّهُ لَا تَكَادُ أَنْ تَتَّفِقَ الصَّلَاةُ فِي الْخُشُوعِ وَالتَّدَبُّرِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَعَدَمِ حَدِيثِ النَّفْسِ وَالْقِرَاءَةِ وَالْأَذْكَارِ.
قَالَ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ التَّفْصِيلُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى خُصُوصِ الْقِيَامِ مُجَرَّدًا عَنْ غَيْرِ مُوَلًّى بِهِ أُسْوَةٌ، فَإِنَّهُ وَاضِحٌ جَلِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِالنَّائِمِ) أَيْ فِي الْحَدِيثِ الْمُضْطَجِعُ لَا حَقِيقَةُ النَّائِمِ لِلْعِلْمِ بِانْتِفَائِهِ بِنَقْضِ وُضُوئِهِ بِالنَّوْمِ، وَتَسْمِيَتُهُ نَائِمًا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ عَلَى صُورَتِهِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينُ) أَيْ الْجَنْبُ الْيَمِينُ أَفْضَلُ مِنْ الْجَنْبِ الْيَسَارِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْمَقْدُورُ مِنْهُمَا، وَإِذَا قَدَرَ عَلَيْهِمَا فَهَلْ يُكْرَهُ الْيَسَارُ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْعَاجِزِ فِي الْفَرْضِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُومِئُ بِهِمَا) أَيْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى جَنْبِهِ، وَالْإِيمَاءُ عَلَى هَذَا بِالْأَجْفَانِ أَوْ بِالْقَلْبِ، وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالثَّانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (الْقِرَاءَةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرُّكْنَ هُوَ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ، وَكَوْنُهَا لِلْفَاتِحَةِ شَرْطٌ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِتَعْيِينِهَا، وَلِذَلِكَ كَفَى بِغَيْرِهَا عِنْدَ مَنْ لَا يُعَيِّنُهَا، وَكَوْنُهَا فِي الْقِيَامِ مَعْلُومٌ مِنْ التَّرْتِيبِ الْآتِي، وَمِنْ ذِكْرِهَا عَقِبَهُ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ) أَيْ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْفَاتِحَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ مَأْمُومًا سَمِعَ قِرَاءَةَ إمَامِهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَعْدَ التَّحَرُّمِ) أَيْ لَا قَبْلَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ، وَشَمَلَ مَا بَعْدَ التَّحَرُّمِ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ مَا لَمْ يَشْرَعْ فِي التَّعَوُّذِ أَوْ الْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِذَلِكَ وَلَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، وَمُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِعَقِبِ الِافْتِتَاحِ كَالْمَنْهَجِ تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا حَقِيقَةُ الْعَقِبِيَّةِ، وَيَفُوتُ أَيْضًا بِالسُّجُودِ مَعَ الْإِمَامِ وَلَوْ لِتِلَاوَةٍ لَا بِتَأْمِينِهِ لِقِرَاءَةِ إمَامِهِ. قَوْلُهُ: (لِفَرْضٍ) أَيْ غَيْرِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ وَغَيْرِ مَا أَحْرَمَ بِهَا فِي وَقْتِ الْحُرْمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَفْلٍ) أَيْ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ لَا سَجْدَةُ تِلَاوَةٍ وَشُكْرٍ وَيَظْهَرُ عَدَمُ نَدْبِهِ فِي نَفْلٍ يَخْرُجُ بِهِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَنْ وَقْتِهِ لِأَنَّ وُقُوعَهُ كُلِّهِ فِي وَقْتِهِ أَوْلَى وَفِي ذِي سَبَبٍ يَخْرُجُ بِهِ سَبَبُهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ. قَوْلُهُ: (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ فِي مُفْتَتَحِ الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (نَحْوُ وَجَّهْت) فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذُكِرَ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ الْمَأْثُورِ، لَكِنَّ الْمَأْثُورَ أَفْضَلُ، وَمِنْهُ هَذَا الْمَذْكُورُ، وَمَعْنَى وَجَّهْت وَجْهِي أَقْبَلْت بِذَاتِي أَوْ بِعِبَادَتِي، وَفَطَرَ أَوْجَدَ الشَّيْءَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ، وَالسَّمَوَاتُ جَمْعُ سَمَاءٍ وَهِيَ لُغَةً اسْمٌ لِمَا عَلَا وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْأَجْرَامُ الْمَخْصُوصَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْأَفْلَاكِ الْعُلْوِيَّةِ الدَّائِمَةِ الْحَرَكَةِ لِنَفْعِ الْعَالَمِ، وَجَمَعَهَا لِانْتِفَاعِنَا بِجَمِيعِ الْأَجْرَامِ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْكَوَاكِبِ السَّيَّارَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ) لَوْ صَلَّى مُنْفَرِدًا لَصَلَّى قَائِمًا، وَلَوْ صَلَّى مَعَ جَمَاعَةٍ قَعَدَ فِي بَعْضِهَا الْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا، كَذَا قَالُوهُ، وَغَرَضُهُمْ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ قَائِمًا مَعَ الْجَمَاعَةِ، ثُمَّ إذَا عَرَضَ لَهُ الْعَجْزُ جَلَسَ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: هُوَ وَارِدٌ وَإِلَّا لَمْ يَنْقُصْ الْأَجْرُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ إلَخْ) عِبَارَةُ السُّبْكِيّ: وَصَاحِبُ هَذَا الْوَجْهِ يَحْمِلُ الْحَدِيثَ عَلَى الْفَرْضِ، وَيَقُولُ الْمُرَادُ بِهِ الْمَرِيضُ الَّذِي يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ أَوْ الْقُعُودُ مَعَ شِدَّةِ مَشَقَّةٍ فَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى الْقُعُودِ أَوْ الِاضْطِجَاعِ، وَالْأَجْرُ عَلَى النِّصْفِ، وَإِنْ تَحَمَّلَ الْمَشَقَّةَ وَأَتَى بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَمَّ أَجْرُهُ، وَذَكَرَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ مِنْ شَرْحِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (لِمَنْ يَقِيسُ الِاضْطِجَاعَ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ: هَذَا ثَابِتٌ بِالْحَدِيثِ السَّابِقِ، وَشَرْطُ الْمَقِيسِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَابِتًا بِالنَّصِّ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيُسَنُّ بَعْدَ التَّحَرُّمِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ فِي اسْتِحْبَابِهِ قَبْلَهُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (دُعَاءُ الِافْتِتَاحِ) لَوْ تَعَوَّذَ قَبْلَهُ وَلَوْ سَهْوًا لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ وَلَا يَفْعَلُهُ الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي التَّشَهُّدِ وَقَعَدَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ سَلَامِهِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (نَحْوُ وَجَّهْت) أَقْبَلْت بِوَجْهِي وَقِيلَ قَصَدْت بِعِبَادَتِي، وَفَطَرَ ابْتَدَأَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ، وَجَمَعَ السَّمَوَاتِ فَقَطْ دُونَ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: لِأَنَّهُ لَا