(بِجُنُونِ الْمُكَاتَبِ يُؤَدِّي الْقَاضِي) عَنْهُ (وَإِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا) .
قَالَ الْغَزَالِيُّ زِيَادَةً عَلَى الْجُمْهُورِ وَرَأَى لَهُ مَصْلَحَةً فِي الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ يَضِيعُ إذَا أَفَاقَ لَمْ يُؤَدِّ وَهَذَا أَحْسَنُ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ مَالًا مُكِّنَ السَّيِّدُ مِنْ الْفَسْخِ فَإِذَا فَسَخَ عَادَ الْمُكَاتَبُ قِنًّا لَهُ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ، فَإِنْ أَفَاقَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ كَأَنْ حَصَّلَهُ قَبْلَ الْفَسْخِ دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ وَنُقِضَ التَّعْجِيزُ (وَلَا) تَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ (بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَيَدْفَعُ) وُجُوبًا الْمُكَاتَبُ الْمَالَ، (إلَى وَلِيِّهِ وَلَا يَعْتِقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ فَاسِدٌ وَلَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ لِتَقْصِيرِ الْمُكَاتَبِ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ آخَرُ يُؤَدِّيهِ فَلِلْوَلِيِّ تَعْجِيزُهُ وَلَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلَا بِإِغْمَاءٍ الْعَبْدِ.
(وَلَوْ قَتَلَ سَيِّدَهُ) عَمْدًا (فَلِوَارِثِهِ قِصَاصٌ فَإِنْ عَفَا عَلَى دِيَةٍ أَوْ قُتِلَ) الْمُكَاتَبُ، (خَطَأً أَخَذَهَا) أَيْ أَخَذَ الْوَارِثُ الدِّيَةَ، (مِمَّا مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَأَجْنَبِيٍّ وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَتْ الدِّيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَخَذَ الْقِيمَةَ، (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) مَعَهُ مَا يَفِي بِمَا ذُكِرَ (فَلَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ (تَعْجِيزُهُ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَّزَهُ سَقَطَ مَالُ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعْجِيزِ دُفِعَ بِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِهِ الرَّدَّ إلَى الرِّقِّ الْمَحْضِ، (أَوْ قَطَعَ) الْمُكَاتَبُ (طَرَفَهُ) أَيْ السَّيِّدِ، (فَاقْتِصَاصُهُ وَالدِّيَةُ) لِلطَّرَفِ (كَمَا سَبَقَ) فِي قَتْلِهِ (وَلَوْ قَتَلَ) الْمُكَاتَبُ (أَجْنَبِيًّا أَوْ قَطَعَهُ) عَمْدًا (فَعَفَا عَلَى مَالٍ أَوْ كَانَ) مَا فَعَلَهُ (خَطَأً أَخَذَ) الْمُسْتَحِقُّ (مِمَّا مَعَهُ وَمِمَّا سَيَكْسِبُهُ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) وَفِي قَوْلٍ إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَخَذَهُ، وَفِي إطْلَاقِهِ عَلَى دِيَةِ النَّفْسِ تَغْلِيبٌ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مَسْأَلَةَ السَّيِّدِ بَعْدَ هَذِهِ، وَقَالَ: فِيهَا الْقَوْلَانِ أَيْ فِي هَذِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا أَيْضًا.
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ، (شَيْءٌ وَسَأَلَ الْمُسْتَحِقَّ تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ الْقَاضِي) الْمَسْئُولُ (وَبِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ الْأَرْشِ) إنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَكُلُّهُ، (فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ بَقِيَتْ فِيهِ الْكِتَابَةُ) فَإِذَا أَدَّى حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ عَتَقَ، (وَلِلسَّيِّدِ فِدَاؤُهُ وَإِبْقَاؤُهُ مُكَاتَبًا) وَعَلَى الْمُسْتَحِقِّ، قَبُولُهُ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ.
(وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ أَبْرَأَهُ) مِنْ النُّجُومِ (عَتَقَ وَلَزِمَهُ الْفِدَاءُ) ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مُتَعَلِّقَ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ (وَلَوْ قُتِلَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَتْ) كِتَابَتُهُ (وَمَاتَ رَقِيقًا) لِفَوَاتِ مَحِلِّهَا، (وَلِسَيِّدِهِ قِصَاصٌ عَلَى قَاتِلِهِ) الْعَامِدِ، (الْمُكَافِئِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَوَزْنِ مَالٍ وَأَكْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ ضَرُورِيٍّ قَوْلُهُ: (أَمْهَلَهُ لُزُومًا) وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَا عَلَى ذَلِكَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (أَمْهَلَهُ إلَى الْإِحْضَارِ) أَيْ وُجُوبًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَالَ شَيْخُنَا إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ فِي الْكَسَادِ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَإِنْ زَادَتْ الْمُدَّةُ عَلَى الثَّلَاثِ وَفُرِّقَ بِمَا يُعْلَمُ عَدَمُ جَدْوَاهُ بِمُرَاجَعَتِهِ. قَوْلُهُ: (فَلَا يُمْهَلُ) أَيْ لَا يَجِبُ إمْهَالُهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ غَائِبٌ) وَلَوْ لِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ الْعَدْوَى. قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَمِثْلُ إذْنِهِ إنْظَارُهُ قَبْلَ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ لِلْقَاضِي إلَخْ) وَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا فِي غَيْبَتِهِ لِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ بِجُنُونٍ الْمُكَاتَبِ) وَلَا بِجُنُونِ السَّيِّدِ وَلَا بِمَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي الْقَاضِي عَنْهُ) أَيْ بَعْدَ مَا مَرَّ فِي جَوَازِ الْفَسْخِ عِنْدَهُ. قَوْلُهُ: (يَضِيعُ) أَيْ يَفْسُدُ حَالُهُ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُؤَدِّ) أَيْ وَلَا يُمْنَعُ سَيِّدُهُ مِنْ الْأَخْذِ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى ضَيَاعِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَفِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ. قَوْلُهُ: (وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ) وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْمَالِ وَأَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ أَوْ أَشْهَدَ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَعْدَ إفَاقَتِهِ، بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ أَدَّى النُّجُومَ لِلسَّيِّدِ قَبْلَ جُنُونِهِ حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهِ وَمَا ذُكِرَ هُنَا يَأْتِي بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) هُوَ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ صِحَّةِ الدَّفْعِ لِغَيْرِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا فَلَلْمَكَاتِب تَعْجِيزُ نَفْسِهِ وَفَسْخُ الْكِتَابَةِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَنْفَسِخُ أَيْضًا بِإِغْمَاءِ السَّيِّدِ) وَانْظُرْ عَلَى هَذَا هَلْ يَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ كَمَا فِي بَقِيَّةِ الْأَبْوَابِ أَوْ يَقْبِضُ عَنْهُ الْحَاكِمُ أَوْ غَيْرُهُ رَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) أَيْ السَّيِّدِ بِسَفَهٍ وَيَقُومُ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْجُنُونِ وَمِثْلُهُ حَجْرُ الْفَلَسِ لَكِنْ يَقْبِضُ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِإِغْمَاءِ الْعَبْدِ) وَحِينَئِذٍ هَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي جُنُونِهِ رَاجِعْهُ، وَسَكَتَ عَنْ حَجْرِ السَّفَهِ فِيهِ وَذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي جُنُونِهِ.
تَنْبِيهٌ: صِفَةُ الْفَسْخِ مِنْ السَّيِّدِ فَسَخْت الْكِتَابَةَ نَقَضْتهَا أَبْطَلْتهَا رَفَعْتهَا عَجَّزْتُهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَلَا تَعُودُ بِالتَّقْرِيرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ عَقْدٍ.
قَوْلُهُ: (مِمَّا مَعَهُ) وَمِمَّا يَكْسِبُهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ إلَخْ) وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَجْنَبِيَّ. قَوْلُهُ: (كَمَا سَبَقَ فِي قَتْلِهِ) فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشِ) نَعَمْ إنْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ أَخَذَ الْمُسْتَحَقَّ مِمَّا مَعَهُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ فَإِنْ لَمْ يَفِ مَا مَعَهُ بِهِ فَدَاهُ السَّيِّدُ عَلَى مَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَقْتَضِي إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ.
قَوْلُهُ: (عَجَزَهُ الْقَاضِي) أَيْ عَجَّزَ مِنَّة بِقَدْرِ الْأَرْشِ إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ وَلَا يَبِيعُ قَبْلَ التَّعْجِيزِ وَفَارَقَ الْمَرْهُونَ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ هُنَا كَذَا.
قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِجُنُونِ السَّيِّدِ) أَيْ وَلَا بِمَوْتِهِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَمَا سَبَقَ فِي قَتْلِهِ) فَيَكُونُ الْوَاجِبُ الْأَرْشُ بَالِغًا مَا بَلَغَ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ حَقَّ السَّيِّدِ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيَلْزَمُهُ وَفَاؤُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ أَجْنَبِيًّا فَإِنَّ حَقَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَادَ عَلَيْهَا، قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ إنَّهُ مَعَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَعَمْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا فِيمَا لَوْ أَدَّى النُّجُومَ فَعَتَقَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى السَّيِّدِ لَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ بَلْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ،
قَوْلُهُ: (كَالْبَيْعِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَلْ لَهُ التَّدْبِيرُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَصِحُّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إلَخْ) لَوْ تَبَرَّعَ عَلَى السَّيِّدِ صَحَّ وَإِنْ تَقَدَّمَ الْإِيجَابُ كَنَظِيرِهِ مِنْ بَيْعِ