(وَوَارِثَانِ حَائِزَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَهُوَ ثُلُثٌ ثَبَتَتْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ (لِغَانِمٍ) دُونَ سَالِمٍ، وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بِذِكْرِ بَدَلٍ يُسَاوِيهِ، (فَإِنْ كَانَ الْوَارِثَانِ فَاسِقَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ الرُّجُوعُ فَيَعْتِقُ سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ، (وَمِنْ غَانِمٍ ثُلُثُ مَالِهِ) أَيْ الْمُوصِي أَيْ قَدْرُ ثُلُثِ مَالِهِ (بَعْدَ سَالِمٍ) بِإِقْرَارِ الْوَارِثِينَ الَّذِي تَضَمَّنَهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَهُوَ ثُلُثَاهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غَصَبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَوْ كَانَ الْوَارِثَانِ غَيْرَ حَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا. .
فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ (شَرْطُ الْقَائِفِ) لِيُعْمَلَ بِقَوْلِهِ فِيمَا ذَكَرَ (مُسْلِمٌ عَدْلٌ مُجَرِّبٌ) بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ أُخَرَ، كَذَلِكَ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ أُخَرَ كَذَلِكَ ثُمَّ صِنْفٍ رَابِعٍ فِيهِنَّ أُمُّهُ وَيُصِيبُ فِي الْكُلِّ وَالْأَصَحُّ إلْحَاقُ الْأَبِ بِالْأُمِّ فِي عَرْضِ الْوَلَدِ مَعَهُ فِي رِجَالٍ وَمِنْهُمْ مَنْ اكْتَفَى بِالْعَرْضِ مَرَّةً.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ (وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُرٍّ ذَكَرٍ) كَالْقَاضِي، وَالثَّانِي لَا كَالْمُفْتِي (لَا عَدَدٌ) كَالْقَاضِي وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ كَالْمُزَكِّي (وَلَا كَوْنُهُ مُدْلِجِيًّا) أَيْ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ فَيَجُوزُ كَوْنُهُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ وَمِنْ الْعَجَمِ وَالْمُشْتَرَطُ وَقْفُ مَعَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْرُورًا فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ» (فَإِذَا تَدَاعَيَا مَجْهُولًا) لَقِيطًا أَوْ غَيْرَهُ، (عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَائِفِ فَمَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ لَحِقَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ (وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي وَطْءٍ) لِامْرَأَةٍ (فَوَلَدَتْ مُمْكِنًا مِنْهُمَا وَتَنَازَعَاهُ بِأَنْ وَطِئَا بِشُبْهَةٍ) كَأَنْ وَجَدَهَا كُلٌّ بِفِرَاشِهِ فَظَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ، (أَوْ) وَطِئَا (مُشْتَرَكَةً لَهُمَا وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ وَطَلَّقَ فَوَطِئَهَا آخَرُ بِشُبْهَةٍ أَوْ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSيُسَاوِهْ لَمْ يُقْبَلَا فِي الزَّائِدِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا تَقَدَّمَ عَتَقَ كُلُّ غَانِمٍ وَنِصْفُ سَالِمٍ وَإِلَّا عَتَقَ الْأَوَّلُ كُلُّهُ وَقَدْرُ نَصِيبِ الْوَرَثَةِ مِنْ الثَّانِي. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ثُلُثَاهُ) أَيْ غَانِمٌ وَهُمَا ثُلُثُ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَعَتَقَ مِنْ غَانِمٍ) أَيْ مَعَ عِتْقِ سَالِمٍ كُلِّهِ.
فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ مِنْ الْقِيَافَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ مِنْ خَوَاصِّ الْعَرَبِ الْمُتَتَبِّعِ لِلْآثَارِ وَالشَّبَهِ وَشَرْعًا: مَا ذَكَرَهُ وَجَمْعُهُ قَافَةٌ كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ وَإِلْحَاقُهُ كَحُكْمٍ بَعْدَ دَعْوَى فَلِذَلِكَ ذُكِرَ هُنَا. قَوْلُهُ: (عَدْلٌ) أَيْ فِي الرِّوَايَةِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ إلْحَاقُ الْأَبِ بِالْأُمِّ) ، وَكَذَا سَائِرُ الْعَصَبَةِ وَالْأَقَارِبِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْإِمَامُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يُعْرَضُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَلَدٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَلِ.
قَوْلُهُ: (حُرٌّ ذَكَرٌ) ، وَكَذَا بَقِيَّةُ شُرُوطِ الشَّاهِدِ إلَّا السَّمْعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ تُهْمَةٍ وَعَدَاوَةٍ، فَلَوْ كَانَ ابْنًا لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ قَبْلَ إلْحَاقِهِ بِغَيْرِ أَبِيهِ أَوْ كَانَ عَدُوًّا لَهُ فَبِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (مَسْرُورًا) سَبَبُ سُرُورِهِ أَنَّ أُسَامَةَ وَزَيْدًا كَانَا مَحْبُوبَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى زَيْدًا أَبَاهُ وَكَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ طَوِيلًا أَقْنَى الْأَنْفِ وَزَيْدٌ أَبْيَضَ قَصِيرًا أَخْنَسَ الْأَنْفِ وَكَانَ الْكُفَّارُ يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِهِمَا إغَاظَةً لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا وَقَعَ مِنْ الْمُدْلِجِيِّ مَا ذَكَرَهُ أَقَرَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ وَفَرِحَ بِهِ وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ. قَوْلُهُ: (مَجْهُولًا) أَيْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَكْرَانَ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَنَائِمٍ وَلَمْ يُوَافِقُوهُ.
قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ كَمَالِهِ وَيُعْرَضُ بَعْدَ الْبُلُوغِ مَا لَمْ يَنْتَسِبْ وَبَعْدَ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُدْفَنْ وَلَا يُنْبَشُ لَوْ دُفِنَ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالْمُتَنَازِعِينَ مَعًا قَوْلُهُ: (فِي وَطْءٍ) وَكَذَا اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ. قَوْلُهُ (بِشُبْهَةٍ) .
قَالَ شَيْخُنَا وَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَائِدَةٌ: ذَكَرَ هَذَا التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَبَّرَ هُنَا عَنْ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ الطَّرِيقَةِ الْحَاكِيَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِذَلِكَ، وَحَمَلَ الشَّارِحَ عَلَى ذَلِكَ الْمُوَافَقَةُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ يَعْنِي أَنَّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا حَكَيَا الطَّرِيقَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِتَرْجِيحٍ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (حَائِزَانِ) قِيلَ هَذَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِلْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَلَا مَفْهُومَ لَهُ هُنَا، قَوْلُهُ: (وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ) أَيْ وَلَا يَقْدَحُ فِيهَا مَا بَطَنَ مِنْ طَلَبِ الْكَسْبِ وَنَحْوِهِ كَالْحِرْفَةِ فِي الْعَبْدِ وَنَظَرَ إلَى ذَلِكَ مَالِكٌ فَمَنَعَ، وَهَذَا قَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا لَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ وَصَّى لِزَيْدٍ بِدِرْهَمٍ وَشَهِدَ وَارِثَانِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَوَصَّى بِهِ لِبَكْرٍ فَإِنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ فِي الرُّجُوعِ جَزْمًا، قَوْلُهُ: (وَهُوَ ثُلُثَاهُ) أَيْ ثُلُثُ غَانِمٍ.
[فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ الْمُلْحِقِ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ]
فَصْلٌ شَرْطُ الْقَائِفِ ذُكِرَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى فِي الْأَنْسَابِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (الْقَائِفِ) هُوَ مُتَتَبِّعُ الْآثَارِ وَالنَّظَائِرِ مِنْ قَوْلِهِمْ قَفَيْتُهُ إذَا تَتَبَّعْتَ أَثَرَهُ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) لَوْ قَالَ إسْلَامٌ كَانَ أَبْيَنَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُجَرِّبٌ) كَمَا لَا يُوَلَّى الْقَضَاءَ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالْأَحْكَامِ، فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ حَتَّى يُجَرَّبَ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (حُرٌّ ذَكَرٌ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَ النِّسَاءِ لَا يُقْبَلُ فِي الْأَنْسَابِ ثُمَّ الْحُرِّيَّةُ مَفْهُومَةٌ مِنْ الْعَدَالَةِ، وَلَكِنْ صَرَّحَ بِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا، قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) أَيْ وَلَا يُنْقَضُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَوْ بَلَغَ وَانْتَسَبَ لَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَائِفَ يَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَيْضًا، وَيُعْرَضُ أَيْضًا عَلَى الْقَائِفِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنْ دُفِنَ فَلَا يُنْبَشُ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ يَدٌ قُدِّمَ كَذَا أَطْلَقَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْقَفَّالُ وَالْأَشْبَهُ إنْ كَانَتْ يَدُ الْتِقَاطٍ