يَكُونَ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ لِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَالَهُ عَلَى عَمْرٍو وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ، وَلَا جُحُودُ بَكْرٍ اسْتِحْقَاقَ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلُ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ الْأَوَّلِ.
(وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ) ذِكْرًا لِتَعَلُّقِ الدَّعْوَى بِهِمَا، وَالثَّانِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ لَوْ سَكَتَ خَلَّى وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلِّي وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ، فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ عَيْنٍ فِي يَدِهِ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ لَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَيُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَعَمْرٌو لَا يَتْرُكُ وَيُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا، غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ مِنْهُ قَوْلُهُ، (فَإِذَا أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ وَطْءٍ فَقَالَ) الزَّوْجُ: (أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ) أَسْلَمْنَا (مُرَتَّبًا) فَلَا نِكَاحَ، (فَهُوَ) عَلَى الْأَظْهَرِ (مُدَّعٍ) ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا، وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ.
(وَمَتَى ادَّعَى نَقْدًا اُشْتُرِطَ بَيَانُ جِنْسٍ وَنَوْعٍ وَقَدْرٍ وَصِحَّةٍ وَتَكَسُّرٍ إنْ اخْتَلَفَتْ بِهِمَا قِيمَةٌ) كَمِائَةِ دِرْهَمِ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ وَاشْتِرَاطُ ذَلِكَ الْمُفِيدِ لِعِلْمِهِ لِتَصِحَّ الدَّعْوَى بِهِ (أَوْ) ادَّعَى (عَيْنًا تَنْضَبِطُ) مِثْلِيَّةً أَوْ مُتَقَوِّمَةً (كَحَيَوَانٍ) وَحُبُوبٍ وَثِيَابٍ. (وَصَفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ وَقِيلَ يَجِبُ مَعَهَا ذِكْرُ الْقِيمَةِ) هَذَا إنْ بَقِيَتْ (فَإِنْ تَلِفَتْ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَوْ مِثْلِيَّةٌ فَلَا يَجِبُ وَيَكْفِي الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ (أَوْ) ادَّعَى (نِكَاحًا لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ بَلْ يَقُولُ: نَكَحْتهَا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرِضَاهَا إنْ كَانَ يُشْتَرَطُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ رَدِّهِ ضَرَرًا، فَلَهُ أَخْذُهُ الْآنَ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ بِوَجْهِ حِيلَةٍ، قَوْلُهُ: (رَدَّ عَمْرٌو) أَيْ مَنَعَ عَمْرٌو زَيْدًا عَنْ الْأَخْذِ مِنْ مَالِ بَكْرٍ، قَوْلُهُ: (وَإِقْرَارُ بَكْرٍ لَهُ) أَيْ لِعَمْرٍو بِدَيْنِهِ.
قَالَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِمَا فِي الْمَنْهَجِ وَلَا بُدَّ مِنْ جَحْدِ بَكْرٍ مَالَ عَمْرٍو، أَوْ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهِ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ امْتِنَاعَ عَمْرٍو مِنْ زَيْدٍ كَافٍ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ أَخْذًا مِنْ التَّنْزِيلِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عَجْزِ زَيْدٍ عَنْ مَالِ عَمْرٍو.
قَوْلُهُ: (وَيُؤْخَذُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْعَ عَمْرٍو زَيْدًا عَنْ الْأَخْذِ مِنْ بَكْرٍ فَرْعٌ عَنْ عِلْمِهِ بِإِرَادَةِ أَخْذِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شَيْخِنَا آخِرًا وَفِي كَلَامِهِ أَوَّلًا مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ، وَأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُعْلِمَ زَيْدٌ عَمْرًا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْهُ ثَانِيًا ظُلْمًا، قَوْلُهُ: (وَتَنْزِيلُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ لِزَيْدٍ كَسْرَ بَابِ بَكْرٍ وَنَقْبَ جِدَارِهِ، وَشَرْحُ شَيْخِنَا كَالشَّارِحِ وَفِي شَرْحِ الْخَطِيبِ الْمَنْعُ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ وَجَحَدَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ قَدْرَ دَيْنِهِ لِيَقَعَ التَّقَاصُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ النُّقُودِ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ لِلضَّرُورَةِ،.
قَوْلُهُ: (ذَكَرَا) بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبِدُونِهَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَتَقَدَّمَ شُرُوطُهُمَا فِي بَابِ الْقَسَامَةِ، قَوْلُهُ: (تَحْلِفُ الْمَرْأَةُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ هُوَ الزَّوْجُ عَلَى هَذَا أَيْضًا كَالثَّانِي كَمَا رَجَّحَاهُ فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ وَفِي عَكْسِ مَا ذُكِرَ يَصْدُقُ الزَّوْجُ أَيْضًا،.
قَوْلُهُ: (نَقْدًا) أَوْ دَيْنًا مِثْلِيًّا أَوْ مُتَقَوِّمًا. نَعَمْ يَجِبُ فِي السَّلَمِ ذِكْرُ صِفَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهَا قِيمَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (ظَاهِرِيَّةٌ) نِسْبَةٌ إلَى السُّلْطَانِ الظَّاهِرِ، قَوْلُهُ: (عَيْنًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَفِيهِمَا يَذْكُرُ قِيمَةَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ ذِكْرُ الْقِيمَةِ) أَيْ مَعَ الْجِنْسِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَيُسَنُّ ذِكْرُ الْوَصْفِ، قَوْلُهُ: (وَيَكْفِي) أَيْ يَجِبُ الضَّبْطُ بِالصِّفَاتِ مَعَ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَيُنْدَبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الدَّعْوَى لَا تُسْمَعُ بِالْمَجْهُولِ. نَعَمْ قَدْ اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ تُسْمَعُ فِيهَا الدَّعْوَى بِالْمَجْهُولِ لِلضَّرُورَةِ كَوَصِيَّةٍ وَإِقْرَارٍ وَدِيَةٍ وَغُرَّةٍ وَفَرْضِ مَهْرٍ، وَمُتْعَةٍ وَحُكُومَةٍ وَرَضْخٍ وَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَحَقِّ إجْرَاءِ الْمَاءِ فِي أَرْضٍ جُدِّدَتْ، قَوْلُهُ: (ادَّعَى نِكَاحًا) خَرَجَ مَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَفْصِيلٍ قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ، وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَ وَحَلَفَتْ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهَا وَوَجَبَتْ مُؤْنَتُهَا وَحَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا ظَاهِرًا، وَكَذَا بَاطِنًا إنْ كَانَ كَاذِبًا فِي إنْكَارِهِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ الْإِطْلَاقُ) كَأَنْ يَقُولَ هَذِهِ زَوْجَتِي، وَلَوْ مِنْ فَقِيهٍ عَارِفٍ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. نَعَمْ يَكْفِي فِي أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يَذْكُرُوا اسْتِمْرَارَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، قَوْلُهُ: (مُرْشِدٌ) أَيْ عَدْلٌ فَإِنْ كَانَ يَصِحُّ عَقْدُهُ مَعَ فِسْقِهِ قَالَ بِوَلِيٍّ يَصِحُّ عَقْدُهُ، قَوْلُهُ: (وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُمَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَضُعِّفَ كُلٌّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ يَجُرُّ إلَى تَكْلِيفِ الْبَيِّنَةِ، وَالثَّانِي كَذِبٌ فَلِذَا رُجِّحَ الِاسْتِقْلَالُ قَوْلُهُ: (وَإِذْنُ الشَّرْعِ إلَخْ) إيضَاحٌ لِجَعْلِهِ كَالْمُسْتَامِ وَكَالْمَرْهُونِ فَإِنَّ فِيهِمَا إذْنًا مِنْ الْمَالِكِ بِخِلَافِ هَذَا وَلَكِنْ إذْنُ الشَّرْعِ كَإِذْنِهِمَا، قَوْلُهُ: (بِالْأَخْذِ) فَلَا يَحِلُّ الْأَخْذُ عِنْدَ الْجَهْلِ؛ لِأَنَّ بَكْرًا يَتَضَرَّرُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ ثَانِيًا وَأَمَّا قَوْلُهُ وَتَنْزِيلُ إلَخْ. فَالظَّاهِرُ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ جَوَازُ الْأَخْذِ تَعْوِيلًا عَلَى امْتِنَاعِ عَمْرٍو وَلَا نَظَرَ إلَى إقْدَارِ بَكْرٍ؛ لِأَنَّا نَجْعَلُ مَالَهُ هُوَ مَالَ عَمْرٍو لَكِنْ اعْتَمَدَ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافَ ذَلِكَ،.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ) نُوزِعَ فِي هَذَا بِأَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي دَوَامَ التَّمْكِينِ بِمُقْتَضَى اسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ فَلَا تُخَلَّى لَوْ سَكَتَ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ ابْتَدَأَتْ بِدَعْوَى رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا بِحُكْمِ التَّعَاقُبِ، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ لَوْ ابْتَدَأَ لَكَانَ يُتْرَكُ وَسُكُوتُهُ لَوْ سَكَتَ فَفِيهِ الْمَعْنَيَانِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ،
قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَعَهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَبَرَ الْقِيمَةَ اكْتَفَى بِهَا