يَكْفِيهِ أَنْ يُومِئَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَالرَّاكِبِ وَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهِمَا وَيَلْزَمُهُ فِي الْإِحْرَامِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يَلْزَمُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي السَّلَامِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا عَلَى دَابَّةٍ، وَاسْتَقْبَلَ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَهِيَ وَاقِفَةٌ جَازَ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً لِاسْتِقْرَارِهِ فِي نَفْسِهِ (أَوْ سَائِرَةٌ فَلَا) يَجُوزُ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا فِي نَفْسِهِ.
(وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا أَوْ بَابَهَا مَرْدُودًا أَوْ مَفْتُوحًا مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مُسْتَقْبِلًا مِنْ بِنَائِهَا مَا سَبَقَ) أَيْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ (جَازَ) أَيْ مَا صَلَّاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ، فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهِ لِأَنَّ الشَّاخِصَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا، وَقَدْ سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا فَقَالَ: " كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهِيَ ثُلُثَا ذِرَاعٍ إلَى ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجَوَازِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهَا رَكْعَتَيْنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSطُولِهِ، فَاعْتُبِرَ سُهُولَةُ الْمَشْيِ فِيهِ كَالِاعْتِدَالِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا) وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ بِحَسَبِ أَصْلِهِ أَوْ عَارِضًا فَشَمَلَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ، وَصَلَاةَ الصَّبِيِّ وَالْمُعَادَةَ وَلَوْ نَدْبًا وَالْمَنْدُورَةَ، وَخَرَجَ النَّفَلُ وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَهُ لِجَوَازِهِ قَاعِدًا وَعَدَمِ وُجُوبِ قَضَائِهِ لَوْ فَسَدَ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهُ كَالْفَرْضِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، كَقَوْلِهِ عَنْ وَالِدِهِ إنَّهُ لَوْ نَذَرَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الدَّابَّةِ صَحَّ فِعْلُهُمَا عَلَيْهَا، لِأَنَّ الْوَصْفَ يُنَافِي النَّذْرَ وَلَا حَاجَةَ، لِجَعْلِ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةً فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى دَابَّةٍ) وَمِنْهَا الْآدَمِيُّ وَمِثْلُهَا الْأُرْجُوحَةُ، وَالسَّفِينَةُ وَالسَّرِيرُ عَلَى الْأَعْنَاقِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ وَاقِفَةٌ جَازَ) وَكَالْوَاقِفَةِ مَا لَوْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ مُمَيِّزٍ، وَكَذَا حَامِلُ السَّرِيرِ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْ حَامِلِيهِ حَيْثُ ضُبِطَ بَاقِيهمْ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَسِيرُ السَّفِينَةِ غَيَّرَهُ لِعَدَمِ نِسْبَةِ سَيْرِ مَا ذُكِرَ إلَيْهِ، وَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَوَافُهُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَوْ سَائِرَةً) وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا وَمِنْهَا الْمَقْطُورَةُ فَلَا يَصِحُّ نَعَمْ إنْ خَافَ مِنْ نُزُولِهِ عَنْهَا نَحْوَ انْقِطَاعٍ عَنْ رُفْقَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ صَلَّى عَلَيْهَا وَأَعَادَ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِلَا إعَادَةٍ وَقَوْلُ الْمَنْهَجِ لِمَا مَرَّ قِيلَ أَرَادَ بِهِ الْعَجْزَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ، وَإِنْ كَانَ ذَاكَ حِسِّيًّا وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ مَا فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَإِنْ كَانَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ مَشَتْ الدَّابَّةُ الْوَاقِفَةُ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ، أَوْ وَثَبَتَ وَثْبَةً فَاحِشَةً، وَلَوْ سَهْوًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَذَا قَالُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ إنَّهُ مُحْتَمَلٌ، وَلَا يَضُرُّ تَحْرِيكُ ذَنَبِهَا وَرَأْسِهَا وَرِجْلِهَا.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ) وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَأَفْضَلُهَا جِهَةُ الْبَابِ، وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْهَا خَارِجَهَا، إلَّا لِنَحْوِ جَمَاعَةٍ خَارِجَهَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ. نَعَمْ نَفْلٌ السَّبَبُ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِيهَا. قَوْلُهُ: (وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا إلَخْ) وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَلَا يَكْفِي اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا لَهُ، بِخِلَافِهِ مِنْ خَارِجِهَا فَيَكْفِيهِ هَوَاؤُهَا، وَلَوْ أَعْلَى مِنْهَا أَوْ مَحَلُّ هَدْمِهَا، أَوْ مَحَلُّ جُزْءٍ هُدِمَ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ جُزْءٌ مِنْ بَدَنِهِ عَنْهُ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ جِدَارُ الْحِجْرِ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَهَوَاؤُهُ فَلَا يَكْتَفِي بِهِمَا، قَالُوا: لِأَنَّ ثُبُوتَهُ مِنْ الْبَيْتِ ظَنِّيٌّ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ) تَقْرِيبًا وَمِثْلُهَا تُرَابُهَا غَيْرُ الْمُخْتَلِطِ بِغَيْرِهِ، وَمِثْلُهَا شَجَرَةٌ نَابِتَةٌ فِيهَا، وَخَشَبَةٌ مُسَمَّرَةٌ فِيهَا، أَوْ مَبْنِيَّةٌ أَوْ مَدْقُوقَةٌ، كَالْوَتَدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَرْضٌ لَا مَغْرُوزَةٌ وَلَا مَرْبُوطَةٌ، وَلَا حَشِيشٌ نَابِتٌ فِيهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ إنَّهُ يَكْفِي هُنَا مَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، لَا يَسْتَقِيمُ مَنْطُوقًا وَلَا مَفْهُومًا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَلَوْ أُزِيلَ الشَّاخِصُ فِي الْأَثْنَاءِ لَمْ يَضُرَّ كَالرَّابِطَةِ، قَالَهُ شَيْخُنَا وَالْخَطِيبُ، وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَفَرَّقَ بِأَنَّ أَمْرَ الِاسْتِقْبَالِ أَشَدُّ، وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مُحَاذَاتِهِ فِي الْأَثْنَاءِ كَخَشَبَةٍ مُعَرَّضَةٍ فِي هَوَاءِ الْبَابِ، أَوْ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ بَطَلَتْ عِنْدَ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ، لَا إنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ لِدَوَامِ الْمُحَاذَاةِ فِيهَا.
(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ يُسَمِّرُ الشَّاخِصَ إذَا صَلَّى وَيُزِيلُهُ إذَا فَرَغَ كَفَى عِنْدَ غَيْرِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ) بِمِيمٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ) لَوْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ بِسَبَبِ الِاسْتِقْبَالِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ فَهَلْ يُغْتَفَرُ ذَلِكَ وَيُومِئُ؟ هُوَ مُحْتَمَلٌ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَيَلْزَمُهُ فِي الْإِحْرَامِ فِي الْأَصَحِّ) تَفْرِيعٌ عَلَى الثَّانِي وَقَضِيَّتُهُ اللُّزُومُ وَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ.
قَوْلُ الشَّارِحِ: (بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ) أَيْ بِخِلَافِ السَّفِينَةِ فَإِنَّهَا كَالدَّارِ، وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِأَنَّهُ لَوْ عَمَّ السَّيْلُ حَوْلَ الْكَعْبَةِ فَطَافَ فِي زَوْرَقٍ، فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ. قُلْت: بَلْ الظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَأَيْضًا الْعُدُولُ إلَى السَّيْرِ فِي السَّفِينَةِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فِي حَالِ السَّيْرِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ.
صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ وَاسْتَقْبَلَ جِدَارَهَا أَوْ بَابَهَا مَرْدُودًا أَوْ مَفْتُوحًا مَعَ ارْتِفَاعِ عَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ أَوْ عَلَى سَطْحِهَا مُسْتَقْبِلًا مِنْ بِنَائِهَا مَا سَبَقَ قَوْلُ الشَّارِحِ: (فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) رَوَى الشَّيْخَانِ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الدُّخُولَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ فِي الْأُولَى وَصَلَّى فِي