عَلَى الْكَذِبِ (وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ الْأَشْهَرُ وَهُوَ التَّحَمُّلُ بِمَا ذُكِرَ وَفِي ذِكْرِ الْعَمَلِ بِهِ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إشَارَةٌ إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ.
(وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ بِحَقٍّ فَطَلَبَ الْمُدَّعِي التَّسْجِيلَ سَجَّلَ الْقَاضِي بِالْحِلْيَةِ لَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يُثْبِتَا) ، وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَا إقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ، لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ حِسْبَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِنَسَبِهِ سَجَّلَ بِهِ.
(وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى نَسَبٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (مِنْ أَبٍ وَقَبِيلَةٍ وَكَذَا أُمٍّ فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَبِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ، (لَا عِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ مُشَاهَدَةَ أَسْبَابِهَا مُتَيَسِّرَةٌ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِيهَا رَجَّحَ الْمَنْعَ، (قُلْت الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ فَتَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَتَمَسُّ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ نَقَلَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ الْمَنْعَ عَنْ طَائِفَةٍ وَالْجَوَازَ عَنْ أُخْرَى، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ أَقْوَى وَأَصَحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَسَكَتَ فِيهَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْمِلْكِ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الْجَوَازَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَى آخِرِهِ، (وَشَرْطُ التَّسَامُعِ) فِي اسْتِنَادِ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ (سَمَاعُهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) ، لِكَثْرَتِهِمْ فَيَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ (وَقِيلَ يَكْفِي) سَمَاعُهُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSعَلَى شَهَادَتِهِمَا. قَوْلُهُ: (جَازَ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً) وَلَا تَجُوزُ رُؤْيَتُهَا. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ) وَلَوْ فِي الشَّهَادَةِ وَلَوْ مِنْ أَقَارِبِهَا. قَوْلُهُ: (وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ عَمَلُ الشُّهُودِ وَالنَّاسِ لَا عَمَلُ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. قَوْلُهُ: (إشَارَةً إلَى الْمِيلِ إلَيْهِ) وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَأَقَرَّ عَلَيْهِ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِهِ.
قَوْلُهُ: (سَجَّلَ الْقَاضِي) أَيْ جَوَازًا قَوْلُهُ: (لَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ الْحِلْيَةِ إلَيْهِمَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ) فَمَا يَفْعَلُهُ الْآنَ بَعْضُ الشُّهُودِ مِنْ جَهْلِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ حِسْبَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَكَذَا بِعِلْمِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (سَجَّلَ بِهِ) فَيَقُولُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَحِلْيَتُهُ كَذَا، وَكَذَا، وَهَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ التَّذَكُّرَ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْكِتَابَةَ بِهِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ) أَيْ مَا لَمْ يُعَارَضْ بِإِنْكَارِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مَثَلًا أَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ يُورِثُ خَبَرَهُ رِيبَةً بِأَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِهِ. قَوْلُهُ: (وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِيهَا رَجَّحَ بِالْمَنْعِ) فَلَيْسَ فِيهِ جَزْمٌ بِالْمَنْعِ كَمَا مَرَّ فِي الْمِنْهَاجِ فَالْجَزْمُ فِيهِ مُعْتَرَضٌ. قَوْلُهُ: (الْأَصَحُّ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ) وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْخَمْسُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الرِّقُّ وَالْوَلَاءُ وَالْوَقْفُ وَالنِّكَاحُ وَالْمِلْكُ كَمَا فِي النَّسَبِ وَالْمَوْتِ قَبْلَهَا، وَالْمُرَادُ بِالنَّسَبِ مِنْ الْأَبِ لَا مِنْ الْأُمِّ.
قَالَهُ الْخَطِيبُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَقْفِ ثُبُوتُ أَصْلِهِ، وَأَمَّا تَفَاصِيلُهُ وَشُرُوطُهُ فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ. نَعَمْ إنْ ذَكَرَهَا الشَّاهِدُ فِي شَهَادَتِهِ تَثْبُتُ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ. وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ فَقَالَ النَّوَوِيُّ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جَمَاعَةٍ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، أَوْ عَلَى جِهَاتٍ فَكَذَلِكَ وَالْأَرْجَحُ إلَى رَأْيِ النَّاظِرِ وَالْمُرَادُ بِالْمِلْكِ أَصْلُهُ، وَأَمَّا حُدُودُ نَحْوِ الْعَقَارِ فَلَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا وَأُلْحِقَ بِمَا ذُكِرَ وِلَايَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَتَضَرُّرُ الزَّوْجَةِ وَاسْتِحْقَاقُ الزَّكَاةِ وَالتَّصَدُّقُ وَالرَّضَاعُ وَالْوِلَادَةُ وَالْحَمْلُ وَاللَّوْثُ وَقِدَمُ الْعَيْبِ وَالسَّفَهُ وَالرُّشْدُ وَالْعِدَّةُ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَالْكُفْرُ وَالْإِسْلَامُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْإِرْثُ، وَالْقَسَامَةُ وَالْغَصْبُ وَالصَّدَاقُ، وَالْأَشْرِبَةُ وَالْعُسْرُ وَالْإِفْلَاسُ، فَجُمْلَةُ ذَلِكَ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً وَبَعْضُهُمْ نَظَمَ غَالِبَهَا. قَوْلُهُ: (وَسَكَتَ فِيهَا إلَخْ) هُوَ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِمُخَالَفَةِ كَلَامِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) وَهُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: صُورَةُ الشَّهَادَةِ بِالتَّسَامُعِ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ هَذَا وَلَدُ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّهُ مِلْكُهُ، أَوْ أَنَّهُ وَقْفُهُ، أَوْ أَنَّهُ عَتِيقُهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَا يَشْهَدُ بِالْأَسْبَابِ إلَّا فِي الْإِرْثِ وَلَا بِالْأَفْعَالِ كَأَنْ يَقُولَ إنَّ فُلَانَةَ وَلَدَتْ فُلَانًا وَإِنَّ فُلَانًا وَقَفَ كَذَا، أَوْ اشْتَرَاهُ أَوْ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ، وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْبُلْقِينِيُّ يُرِيدُ عَمَلَ بَعْضِ الْبُلْدَانِ لَا عَمَلَ الْأَصْحَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَجَّلَ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذَكَرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَذَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهَا التَّذْكِيرَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ الْكِتَابَةَ بِالصِّفَةِ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُقَابِلَ حِلْيَتَهُ مَا فِي الْكِتَابِ وَيُعْمَلَ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ فَهُوَ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَرَضُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْحِلْيَةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الثُّبُوتِ، وَالْحُكْمُ ثَانِيًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُهُ قَالَ وَتَنْزِيلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يَأْبَاهُ جَعْلُهُمْ الْحِلْيَةَ فِي الْمَجْهُولِ كَالِاسْمِ وَالنَّسَبِ فِي الْمَعْرُوفِ، أَقُولُ قَدْ سَلَفَ لَك عَنْهُ قَرِيبًا عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَإِنَّ جَهْلَهُمَا إلَخْ أَنَّ الْحِلْيَةَ لَا تُسَوِّغُ الشَّهَادَةُ فِي الْغَيْبَةِ بِلَا خِلَافٍ فَكَيْفَ يَكُونُ فِي مَرْتَبَةِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِالْحِلْيَةِ) اُنْظُرْ لِقَوْلِهِ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يَهْدِيكَ إلَى دَفْعِ مَا نَقَلْنَا عَنْ ابْنِ أَبِي الدَّمِ فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ،.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَلْحَقَ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ بِالتَّسَامُعِ فِيهِ أَنْ يَمُرَّ بِبَابِ الْقَتِيلِ فَيَسْمَعُ النَّوْحَ فِي دَارِهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ لِلتَّعْزِيَةِ فَيُخْبِرُهُ وَاحِدٌ بِمَوْتِهِ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمِلْكٍ) لَوْ انْضَمَّ إلَى الْمِلْكِ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ جَازَ بِالتَّسَامُحِ قَطْعًا، قَوْلُ الْمَتْنِ: (سَمَاعُهُ إلَخْ) هَلْ يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ وَطُولُ الْمُدَّةِ خِلَافٌ، قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَكْفِي إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَعْتَمِدُهُمَا فَكَذَا الشَّاهِدُ.
فَرْعٌ: لَوْ جَزَمَ الشَّاهِدُ بِالشَّهَادَةِ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنَدِي السَّمَاعُ قَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَضُرُّ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ ذَكَرَ السَّمَاعَ فِي الشَّهَادَةِ لَا عَلَى وَجْهِ