وَتَعْدِيلِهِ وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا (فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ) فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا.
قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْحَقِّ وَأَخَّرَ تَصْدِيقَ الشَّاهِدِ لَا بَأْسَ وَذِكْرُ صِدْقِ الشَّاهِدِ لِيَحْصُلَ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ الْمُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ، (فَإِنْ تَرَكَ) الْمُدَّعِي (الْحَلِفَ) بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ وَبِيَمِينِ الْخَصْمِ تُسْقِطُ الدَّعْوَى، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى. .
(وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا) ، يَسْتَرِقُّهُمَا، (فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ) ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ (لَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتَهُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا لَهَا فَيُنْتَزَعُ الْوَلَدُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي، (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ (فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ انْتِزَاعُهُ وَمَصِيرُهُ حُرًّا) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ بِنَفْيِ ذَلِكَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا يَدَّعِي مِلْكًا وَحُجَّتُهُ تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِهِ، وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةٌ مَالًا لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ، (وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ وَهُوَ كَامِلٌ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ بِغَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ وَالْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا شَيْءٌ.
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ تَثْبُتُ بِهِمَا الْأَمْوَالُ وَأَنَّ مَحْضَ النِّسَاءِ لَا يَثْبُتُ بِهِنَّ مَالٌ، وَلَا مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ وَإِنَّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْ الْيَمِينَ لَا يَثْبُتُ بِهِمْ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، وَإِنَّ نَحْوَ الزِّنَا لَا يَثْبُتُ بِدُونِ أَرْبَعٍ مِنْ الرِّجَالِ.
فَرْعٌ: يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ شَاهِدٍ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَفِي عُيُوبِ النِّسَاءِ يَكُونُ عَالِمًا بِالطِّبِّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا بَأْسَ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ) فَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ فَلِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ لَهُ احْلِفْ أَوْ حَلِّفْنِي وَخَلِّصْنِي. قَوْلُهُ: (وَيَمِينُ الْخَصْمِ) أَيْ لَا يُطْلَبُ الْيَمِينُ قَبْلَ الْحَلِفِ فَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ وَلَا الدَّعْوَى خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ كَمَا قِيلَ وَلَعَلَّ الشَّيْخَيْنِ بَنَيَاهُ عَلَى مَرْجُوحٍ، إذْ لَوْ سَقَطَ ذَلِكَ بِالطَّلَبِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى نُكُولٍ بَعْدَهُ وَلَا إلَى رَدِّ يَمِينٍ فَتَأَمَّلْهُ.
قَوْلُهُ: (تَسْقُطُ الدَّعْوَى) أَيْ فَلَا مُطَالَبَةَ أَصْلًا، وَقَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (يَمِينُ الرَّدِّ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ سَقَطَ اعْتِبَارُهَا. قَوْلُهُ: (سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ) أَيْ فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَلَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى وَيَحْلِفُ وَظَاهِرُ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا كَابْنِ حَجَرٍ سُقُوطُ الدَّعْوَى مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (فِي مِلْكِي) أَيْ مِنِّي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ هُوَ الْمَالِيَّةُ فِيهَا وَالِاسْتِيلَادُ تَابِعٌ لَهُ بِإِقْرَارِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ وَكَذَا يُقَالُ فِي لَبْوَتِهِ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَالْحُكْمُ بِالتَّبَعِيَّةِ فِيهِ نَظَرًا لِإِقْرَارِهِ فَمَا سَلَكَهُ بَعْضُهُمْ هُنَا مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ فَلَوْ أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ تَبِعَ الْوَلَدُ أُمَّهُ وَلِلْمُدَّعِي الزَّوَائِدُ مِنْ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِمَّنْ اسْتَلْحَقَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَبِيرًا ثَبَتَ بِتَصْدِيقِهِ لَهُ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) وَلَعَلَّ عُذْرَهُ فِي عَدَمِ حَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ النَّصِّ الْمُوَافِقِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (مَالًا) عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً. قَوْلُهُ: (وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ) وَحَلِفُهُ عَلَى الْجَمِيعِ إنْ ادَّعَاهُ وَإِنْ ادَّعَى قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ حَلَفَ عَلَيْهَا فَقَطْ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ وَلَا يَكْفِي حَلِفُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَأْخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ: (وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) لِئَلَّا يَلْزَمَ ثُبُوتُ مِلْكٍ لِشَخْصٍ بِيَمِينِ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَبْطُلُ حَقٌّ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْيَمِينِ فَقَطْ وَلَا يَحْلِفُ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ. قَوْلُهُ: (بِنُكُولِهِ) خَرَجَ امْتِنَاعُهُ بِلَا نُكُولٍ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ) أَيْ وَعَلِمَ بِالْخُصُومَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالْغَائِبُ كَالْحَاضِرِ إذَا عَلِمَ وَنَكَلَ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (إنْ حَضَرَ) أَيْ وَعَلِمَ بِالْخُصُومَةِ وَشَرَعَ فِيهَا وَإِلَّا فَكَالْغَائِبِ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) أَيْ عَلَى الْجَمِيعِ عَلَى مَا مَرَّ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَرْعٌ: الَّذِي تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ لَوْ شَهِدْنَ فِيهِ عَلَى الْإِقْرَارِ لَمْ يُقْبَلْنَ فِيهِ قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ) سَكَتَ عَمَّا إذَا حَلَفَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ بَعْدَ ذَلِكَ،.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا نَسَبُ الْوَلَدِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْوَلَدِ وَيُنْزَعُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَوْلَانِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْهُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ. أَقُولُ عِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ أَحْسَنُ وَمِنْهَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْآتِيَ وَالثَّانِيَ يَثْبُتَانِ تَبَعًا، الْغَرَضُ مِنْهُ ثُبُوتُ الِانْتِزَاعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ الْآتِي فَيُنْزَعُ الْوَلَدُ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا عَسَاهُ يُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ يَثْبُتَانِ بِالْإِقْرَارِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (مَا ذُكِرَ فِي