لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى يَدْعُو إلَى قَوْلٍ إلَيْهِ وَفِي الثَّانِيَةِ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ سَبَبُهَا الْعَمَلُ ظَاهِرًا وَلَا تَحْرُمُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (وَإِنْ كَانَ يُهْدِي) قَبْلَ وِلَايَتِهِ (وَلَا خُصُومَةَ) لَهُ (جَازَ) قَبُولُهَا إذَا كَانَتْ (بِقَدْرِ الْعَادَةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُثِيبَ عَلَيْهَا) فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعَادَةِ حَرُمَ قَبُولُهَا. .
(وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) أَيْ الْقَاضِي (لِنَفْسِهِ وَرَقِيقِهِ وَشَرِيكِهِ فِي الْمُشْتَرِكِ وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ) ، وَرَقِيقُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَشَرِيكُهُ فِي الْمُشْتَرِكِ (عَلَى الصَّحِيحِ) ، وَالثَّانِي يَنْفُذُ حُكْمُهُ لَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يَنْفُذُ بِعِلْمِهِ قَطْعًا، وَيَنْفُذُ حُكْمُهُ عَلَى الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ (وَيَحْكُمُ لَهُ وَلِهَؤُلَاءِ) إذَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ خُصُومَةٌ. (الْإِمَامُ أَوْ قَاضٍ آخَرُ وَكَذَا نَائِبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) وَالثَّانِي يُنْزِلُهُ مَنْزِلَتَهُ. .
(وَإِذَا أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَسَأَلَ الْقَاضِيَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَهُ، أَوْ يَمِينِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي بَعْدَ النُّكُولِ (أَوْ الْحُكْمِ بِمَا ثَبَتَ وَالْإِشْهَادُ بِهِ لَزِمَهُ) مَا ذَكَرَ (أَوْ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) فِي قِرْطَاسٍ أَحْضَرَهُ (مَحْضَرًا بِمَا جَرَى مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ أَوْ سِجِلًّا بِمَا حَكَمَ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ: الْإِهْدَاءُ لِلْمُفْتِي وَالْمُعَلِّمِ وَلَوْ لِقُرْآنٍ وَالْوَاعِظُ يُنْدَبُ قَبُولُهُ إنْ كَانَ لِمَحْضِ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى عَدَمُهُ بَلْ يَحْرُمُ إنْ لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَوْ إلَى بَيْتِهِ أَوْ مَحْجُورِهِ أَوْ نَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (خُصُومَةَ) وَلَوْ مَآلًا قَوْلُهُ: (حَرُمَ قَبُولُهَا) : وَلَا يَمْلِكُهَا وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ عَلَى فَاعِلِهِ إلَّا لِأَجْلِ الْحُكْمِ بِالْحَقِّ. قَوْلُهُ: (وَلَا تَحْرُمُ إلَخْ) مَا لَمْ تَكُنْ مُقَدَّمَةً لِخُصُومَةِ كَمَا عُلِمَ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُثِيبَ) أَوْ يَرُدَّهَا أَوْ يَجْعَلَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.
قَوْلُهُ: (حَرُمَ قَبُولُهَا) أَيْ جَمِيعِهَا إلَّا أَنْ يُمْكِنَ فَصْلُ الزَّائِدِ وَرَدُّهُ.
قَوْلُهُ: (لِنَفْسِهِ) أَمَّا عَلَى نَفْسِهِ فَإِقْرَارٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَيَصِحُّ حُكْمُهُ لِمَحْجُورِهِ وَإِنْ كَانَ وَصِيًّا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَضَمَّنَ اسْتِيلَاءَهُ عَلَى الْمَالِ وَكَذَا بِإِثْبَاتِ وَقْفِ شَرْطٍ نَظَرُهُ لِقَاضٍ وَجَدَ وَصْفَهُ فِيهِ، وَإِنْ تَضَمَّنَ وَضْعَ يَدِهِ عَلَيْهِ وَبِإِثْبَاتِ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ يَرْزُقُ مِنْهُ لَا بِمَا أَجَرَّهُ هُوَ أَوْ مَأْذُونُهُ مِنْ وَقْفٍ عَلَى مَدْرَسَةٍ هُوَ مُدَرِّسُهَا مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (وَسَأَلَ) فَلَوْ لَمْ يَسْأَلْ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ لَهُ قَبْلَ سُؤَالِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ يَمِينِهِ) أَوْ قَبُولِ بَيِّنَةٍ أَقَامَهَا. قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ مَا ذَكَرَ) وَكَذَا لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَسَأَلَ الْقَاضِيَ الْإِشْهَادَ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ فَلَا يُطَالِبُهُ مَرَّةً أُخْرَى.
تَنْبِيهٌ: صِيغَةُ الْحُكْمِ حَكَمْت لَهُ بِكَذَا، أَوْ قَضَيْت لَهُ بِهِ أَوْ أَلْزَمْته الْحَقَّ وَمَا صَحَّ عِنْدِي كَذَا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، فَلَهُوَ لَيْسَ يَحْكُمُ بِالْحَقِّ بَلْ تَعْدِيلٌ لِلْبَيِّنَةِ وَكَذَا ثَبَتَ عِنْدِي كَذَا لَيْسَ بِحُكْمٍ أَيْضًا إلَّا فِي نَحْوِ وَقْفٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ.
فَائِدَةٌ: الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ يَلْزَمُهُ الصِّحَّةُ وَيَتَنَاوَلُ الْآثَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالتَّابِعَةَ، وَالْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَةَ فَقَطْ، وَلَكِنَّهُ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ اسْتِلْزَامُهُ الْمِلْكَ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ فِي مُؤَلَّفٍ لَهُ. وَنَحْنُ نَذْكُرُ حَاصِلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ الْجَلِيلَةِ وَنَذْكُرُ مَا خُولِفَ فِيهِ فِي أَثْنَائِهِ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ فَنَقُولُ الْآثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ إنْ كَانَتْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا وَاضِحٌ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهَا فَشَرْطُ صِحَّةِ الْحُكْمِ بِهَا وَمَنْعُ الْمُخَالِفِ مِنْ نَقْضِهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ وَقْتُهَا كَمَا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجِبِ التَّدْبِيرِ وَمِنْ مُوجِبِهِ مَنْعُ بَيْعِهِ عِنْدَهُ فَلَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا حِينَ الْحُكْمِ فَهُوَ إفْتَاءٌ لَا حُكْمٌ مِنْهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ إنْسَانٌ طَلَاقَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى نِكَاحِهِ لَهَا وَحُكْمُ مَالِكِيٍّ بِمُوجِبِهِ، فَإِذَا عَقَدَ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ عَلَيْهَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِاسْتِمْرَارِ النِّكَاحِ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مُعَلَّقٌ عَلَى سَبَبٍ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الْحُكْمِ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ قَالَ حَكَمْت بِصِحَّةِ بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ إذَا بِيعَ أَوْ بِطَلَاقِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَهَذَا جَهْلٌ أَوْ سَفَهٌ وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا اعْتِمَادُ خِلَافِ هَذَا وَالرَّدُّ عَلَى الْوَلِيِّ الْعِرَاقِيِّ فِيهِ، وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا وَغَيْرُهُ وَلِي بِهِمْ أُسْوَةٌ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِمُوجَبِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ فَلِلْحَنَفِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسْخِهِ لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْفَسْخِ حَالَةَ حُكْمِهِ وَقَدْ يَسْتَوِي الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ كَمَا لَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ أَوْ بِالْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ، وَكَمَا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ بِإِجَارَةِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ مِنْ دَارٍ أَوْ عَبْدٍ وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ السَّابِقَةِ، فَلِلشَّافِعِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ بَيْعِهِ إنْ حَكَمَ الْحَنَفِيُّ بِالصِّحَّةِ لَا إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ، وَكَمَا لَوْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِبَيْعِ دَارٍ لَهَا جَارٌ فَلِلْحَنَفِيِّ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الشُّفْعَةِ لَلْجَارَانِ حُكْمُ الشَّافِعِيِّ بِالصِّحَّةِ لَا إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّ لِلِاسْتِمْرَارِ وَالدَّوَامِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ فِي الْقَرْضِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِالرُّجُوعِ فِي عَيْنِهِ إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ، لَا إنْ حَكَمَ بِالصِّحَّةِ وَمِنْهُ مَا لَوْ حَكَمَ شَافِعِيٌّ فِي الرَّهْنِ فَلِلْمَالِكِيِّ الْحُكْمُ بِفَسْخِهِ بِنَحْوِ عِتْقِ الرَّاهِنِ مَثَلًا إنْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالصِّحَّةِ لَا إنْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ لِأَنَّ مُوجَبَهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اسْتِمْرَارُهُ وَمَنْ أَرَادَ الْمَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُرَاجِعْ أَصْلَهُ وَغَيْرَهُ مِنْ مَحَلِّهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQ «الْمُسْتَشِيرُ مُعَانٌ وَالْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ» . .
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ) أَيْ حَتَّى فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ وَيَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ وَصَدِيقِهِ وَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ أَنْ يُحَلِّفَ ابْنَهُ عَلَى خُلُوِّ ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ حَكَمًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْفُذُ إلَخْ) . لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْقَضَاءِ بَيْنَ النَّاسِ وَلِأَنَّهُ أَسِيرُ الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لَهُمَا، وَلَوْ حَكَمَ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِهِ اُمْتُنِعَ أَيْضًا. وَقِيلَ يَجُوزُ كَالْبَيْعِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (نَصُّ الْكِتَابِ) الْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الظَّاهِرَ