[فصل إذا جن قاض أو أغمي عليه أو عمي أو ذهبت أهلية اجتهاده وضبطه بغفلة أو نسيان]

فَصْلٌ إذَا (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَمْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ) فِي حَالٍ مِمَّا ذُكِرَ وَيَنْعَزِلُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي. (وَكَذَا لَوْ فَسَقَ) لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَنْفُذُ كَالْإِمَامِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِحُدُوثِ الْفِتَنِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ دُونَ الْقَاضِي (فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ لَمْ تَعُدْ وِلَايَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي تَعُودُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافِ تَوْلِيَةٍ. .

(وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ وَهُنَاكَ) أَيْ فِي حَالِ عَدَمِ الظُّهُورِ. (أَفْضَلُ مِنْهُ أَوْ مِثْلُهُ وَفِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِينِ فِتْنَةٍ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي عَزْلِهِ بِهِ مَصْلَحَةٌ، فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ (لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الْأَصَحِّ) لِطَاعَةِ السُّلْطَانِ وَالثَّانِي لَا يَنْفُذُ لِانْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ وَقَوْلُهُ مِثْلُهُ كَذَا دُونَهُ وَقَوْلُهُ فِي عَزْلِهِ إلَخْ. قَيَّدَ فِي مِثْلِهِ وَدُونَهُ الصَّالِحِينَ لِلْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ عَزْلُهُ فَلَوْ عَزَلَهُ يَنْعَزِلُ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرُ عَزْلِهِ) ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي أَنَّهُ يَنْعَزِلُ كَأَرْجَحِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْوَكِيلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَوَّلِ عِظَمُ الضَّرَرِ فِي نَقْضِ الْأَقْضِيَةِ دُونَ تَصَرُّفَاتِ الْوَكِيلِ. .

(وَإِذَا كَتَبَ الْإِمَامُ إلَيْهِ إذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَأَنْت مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ وَكَذَا إنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى أَنَّ الْغَرَضَ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ، وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَى صُورَةِ اللَّفْظِ (وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ) أَيْ الْقَاضِي (وَانْعِزَالُهُ مِنْ إذْنٍ لَهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ مَيِّتٍ) أَوْ غَائِبٍ (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ الْمُطْلَقِ) بِمَا ذُكِرَ (إنْ لَمْ يُؤْذِنْ لَهُ فِي اسْتِخْلَافٍ أَوْ) إنْ (قِيلَ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِك أَوْ أَطْلَقَ) لَهُ الِاسْتِخْلَافَ (فَإِنْ قِيلَ) لَهُ (اسْتَخْلِفْ عَنِّي فَلَا) يَنْعَزِلُ الْخَلِيفَةُ بِمَا ذَكَرَ، وَالثَّانِي الِانْعِزَالُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ عَدَمُهُ مُطْلَقًا رِعَايَةً لِمَصْلَحَةِ النَّاسِ. .

(وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) وَوَالٍ (بِمَوْتِ الْإِمَامِ) وَانْعِزَالُهُ، لِشِدَّةِ الضَّرَرِ فِي تَعْطِيلِ الْحَوَادِثِ (وَلَا نَاظِرُ يَتِيمٍ وَوَقْفٍ بِمَوْتِ قَاضٍ وَانْعِزَالِهِ) لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ أَبْوَابُ الْمَصَالِحِ (وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ حَكَمْت بِكَذَا) وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُهُ بِالْبَيِّنَةِ (فَإِنْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ لَا يَشْهَدْ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَالثَّانِي يُقْبَلُ إذْ لَا يَجُرَّ بِشَهَادَتِهِ نَفْعًا إلَى نَفْسِهِ وَلَا يَدْفَعُ ضَرَرًا (أَوْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ جَائِزِ الْحُكْمِ قُبِلَتْ فِي الْأَصَحِّ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي انْعِزَالِ الْقَاضِي وَعَزْلِهِ وَغَيْرِهِمَا قَوْلُهُ: (جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) وَإِنْ قَصُرَ زَمَنُهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ فَسَقَ) أَوْ زَادَ فِسْقُهُ بِحَيْثُ لَوْ عَرَضَ عَلَى مُوَلِّيهِ لَا يَرْضَاهُ. قَوْلُهُ: (هَذِهِ الْأَحْوَالُ) وَمِنْهَا الْعَمَى وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا تَحَقَّقَ زَوَالُهُ وَإِلَّا عَادَتْ الْوِلَايَةُ بِعَوْدِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ زَوَالِهَا بِهِ، فَلَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَعُودُ الْوِلَايَةُ بِعَوْدِ الْأَهْلِيَّةِ بَعْدَ زَوَالِهَا إلَّا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْحَاضِنَةِ وَالنَّاظِرِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ.

قَوْلُهُ: (وَلِلْإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) وَلَوْ بِالظَّنِّ الْغَالِبِ وَهَذَا فِي الْخَلِيفَةِ الْعَامِّ عَنْ الْإِمَامِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ عَزْلُهُ بِلَا سَبَبٍ، وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقَاضِي فَلَهُ عَزْلُ نُوَّابِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا نَحْوُ مُدَرِّسٍ وَنَاظِرٍ وَقَيِّمِ يَتِيمٍ فَلَيْسَ لِمُوَلِّيهِ وَلَا لِغَيْرِهِ عَزْلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ لَوْ عَزَلَهُ إلَّا بِسَبَبٍ يَقْتَضِيهِ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَقَالَ شَيْخُنَا بِالِاكْتِفَاءِ وَنُوزِعَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَنْفُذُ) أَيْ مَعَ الْحُرْمَةِ وَلِلْقَاضِي عَزْلُ نَفْسِهِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ. قَوْلُهُ: (الصَّالِحِينَ) لَا حَاجَةَ لَهُ مَعَ الْمِثْلِ. قَوْلُهُ: (خَبَرُ عَزْلِهِ) الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ وِلَايَتُهُ وَنَائِبُهُ مِثْلُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ خَبَرُ الْعَزْلِ مِنْهُمَا بِبُلُوغِ الْآخَرِ، وَيَصِحُّ حُكْمُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَوْ لِمَنْ عَلِمَ بِعَزْلِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (عِظَمُ الضَّرَرِ) أَيْ غَالِبًا.

قَوْلُهُ: (الْغَرَضُ إعْلَامُهُ) أَيْ بِوَاسِطَةِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَكْفِي إخْبَارُهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَوْ مِنْ عَدْلَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، وَفِي مَحْوِ بَعْضِ الْكِتَابِ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ كَتَبَ عَزَلْتُك أَوْ أَنْت مَعْزُولٌ انْعَزِلْ بِبُلُوغِ الْكِتَابِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ انْعِزَالُ نَائِبِهِ) وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرَ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْعَزْلَ فِيمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَنِّي) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَوْ عَنَّا أَوْ عَنِّي وَعَنْك فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْعَزِلُ قَاضٍ) وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ بِمَوْتِ إمَامٍ لَكِنْ عَنْ غَيْرِ ذِي الشَّوْكَةِ كَمَا مَرَّ آنِفًا، وَلَا وَالٍ بِذَلِكَ وَلَوْ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا نَاظِرُ وَقْفٍ أَوْ قَيِّمٌ وَأَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُحْتَسِبٌ أَوْ نَاظِرُ جَيْشٍ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِحُكْمِهِ) وَخَرَجَ شَهَادَتُهُ بِإِقْرَارِ الْخَصْمِ عِنْدَهُ فَتُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (بِحُكْمِ حَاكِمٍ) وَلَوْ قَاضِيَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ إذَا جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ]

فَصْلٌ جُنَّ قَاضٍ إلَخْ قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَمْ يَنْفُذْ) عَبَّرَ بِهَذَا دُونَ الِانْعِزَالِ لِيُلَائِمَ حِكَايَةَ الْخِلَافِ فِي الْقَوْلِ الْآتِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ) «عَزَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إمَامَ قَوْمٍ بَصَقَ فِي الْقِبْلَةِ وَقَالَ لَا تُصَلِّ بِهِمْ بَعْدَ هَذَا أَبَدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. قَوْلُهُ: (لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ) أَيْ وَالْإِمَامُ آثِمٌ.

قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يَنْظُرُ إلَخْ) كَمَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى قِرَاءَةِ الْكِتَابِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ تَفَاصِيلَ الصِّفَاتِ مُرَاعًى فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَأَمْرُ الْعَزْلِ يُرَاعَى فِيهِ عُرْفًا الْإِعْلَامُ وَلَوْ رَاعَى الْإِمَامُ غَيْرَ الْإِعْلَامِ عُدَّ عَابِثًا وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقُ أَنَّهُ لَوْ أُعْلِمَ رَجُلَانِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ فِي هَذَا انْعَزَلَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَالُ فِي هَذَا لَا يَنْعَزِلُ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ كَالْعَامِّ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (وَوَالٍ) كَالْأَمِيرِ وَالْمُحْتَسِبِ وَنَاظِرِ الْجَيْشِ وَوَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015