وَفِي الْحَجِّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ التَّحَلُّلَيْنِ وَقِيلَ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ لِغَرَضِ تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا، فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ. .
(وَمَنْ نَذَرَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَزِمَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ صَحِيحًا (فَإِنْ كَانَ مَعْضُوبًا اسْتَنَابَ) كَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ. .
(وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهُ فِي أَوَّلِ) زَمَنِ (الْإِمْكَانِ) مُبَادَرَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. (فَإِنْ تَمَكَّنَ فَأَخَّرَ فَمَاتَ حُجَّ مِنْ مَالِهِ) ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ. .
(وَإِنْ نَذَرَ الْحَجَّ عَامَهُ وَأَمْكَنَهُ لَزِمَهُ) فِيهِ (فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ) بَعْدَ الْإِحْرَامِ (وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ عَدُوٌّ) أَوْ سُلْطَانٌ أَوْ رَبُّ دَيْنٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ. (فَلَا) قَضَاءَ (فِي الْأَظْهَرِ) أَوْ صَدَّهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ بَعْدَمَا أَحْرَمَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ فَلَا قَضَاءَ عَلَى النَّصِّ وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا بِوُجُوبِهِ وَحَكَى الْإِمَامُ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِي الْعَامِ.
قَالَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ أَوْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً وَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَتَأَتَّى لِلْآحَادِ سُلُوكُهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ حَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ كَمَا لَا تَسْتَقِرُّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ. .
(أَوْ) نَذَرَ (صَلَاةً أَوْ صَوْمًا، فِي وَقْتٍ فَمَنَعَهُ مَرَضٌ أَوْ عَدُوٌّ وَجَبَ الْقَضَاءُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ: هَلْ مِنْ الرُّكُوبِ السَّفِينَةُ تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا وَمَالَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رُكُوبًا عُرْفًا إذْ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ، وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ هُنَا الْمَشْيُ، وَهَذَا لَا يُسَمَّى مَشْيًا اتِّفَاقًا وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكُوبِ هُنَا مَا يُقَابِلُ الْمَشْيَ وَهَذَا مِمَّا يُقَابِلُهُ قَطْعًا مَعَ أَنَّ كَوْنَ رُكُوبِ السَّفِينَةِ لَا يُسَمَّى رُكُوبًا عُرْفًا فِيهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ، فَإِنْ قِيلَ لَا يَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ. قُلْنَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ رُكُوبُ نَحْوِ غَزَالٍ وَقِرْدٍ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ) بِحَسَبِ مَا الْتَزَمَ مُفْرَدًا أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: (اسْتَنَابَ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ أَيْضًا وَفَاتَ عَامُ النَّذْرِ قَبْلَ صِحَّتِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ) نَعَمْ إنْ خَشِيَ الْعَضَبَ وَجَبَ التَّعْجِيلُ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَمَكَّنَ) بِتَوَفُّرِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ وَإِذَا شُفِيَ الْمَعْضُوبُ بَعْدَ حَجِّ غَيْرِهِ عَنْهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ بَلْ لِلْأَجِيرِ وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجِيرِ بِمَا أَخَذَهُ كَمَا قَالُوهُ فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنْ تِلْكَ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ فِيهِ) وَيَقَعُ عَنْ النَّذْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا وَقَعَ عَنْهَا، وَكَأَنَّهُ نَذَرَ تَعْجِيلُهَا فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فِيهِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ عَامًا لَمْ يَقَعْ حَجُّهُ عَنْهُمَا بَلْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ نَوَى بِهِ النَّذْرَ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ غَيْرُهَا مَعَ بَقَائِهَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَنَعَهُ مَرَضٌ وَجَبَ الْقَضَاءُ) ، وَمِنْهُ نَحْوُ الْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَمِثْلُهُ خَطَأُ الطَّرِيقِ أَوْ الْوَقْتِ أَوْ النِّسْيَانِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِلنُّسُكِ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْإِحْرَامِ) قَيْدٌ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ عَدُوٌّ) عَطْفٌ عَلَى مَرَضٍ أَيْ أَوْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ فَلَا قَضَاءَ إلَخْ. فَهُوَ مِنْ الْمَنْعِ الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ. قَوْلُهُ: (أَوْ صَدَّهُ) هُوَ عَطْفٌ عَلَى مَنَعَهُ وَهَذَا مِنْ الْمَنْعِ الْعَامِّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ.
قَوْلُهُ: (لِلْعَدُوِّ) وَمِثْلُهُ السُّلْطَانُ وَهَذَا يَشْمَلُ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ. قَوْلُهُ: (عَلَى النَّصِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ) أَيْ مِنْ النَّصِّ فِي قَضَاءِ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَرَضِ) أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَيَكُونُ فِيهِ طَرِيقَانِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا طَرِيقُ الْقَطْعِ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا) هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الْمُتَقَدِّمِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ.
قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْمَرَضِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَكَذَا لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِيهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ أَوْ فِيهِ طَرِيقَانِ، وَأَنَّ غَيْرَ الْمَرَضِ إنْ كَانَ خَاصًّا وَبَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ، وَإِلَّا فَفِيهِ النَّصُّ وَالتَّخْرِيجُ وَمِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ إلَّا فِي الْمَرَضِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَلُّلُ فِيهِ إلَّا بِشَرْطٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَتَقَدُّمِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فِي النِّسْيَانِ وَغَيْرِهِ، مِمَّا أُلْحِقَ بِهِ وَقَدْ كُنْت ذَكَرْت عَنْ شَيْخِنَا مَا يُخَالِفُ هَذَا فَلْيُحْذَرْ، وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ ذِكْرِ مُقَابِلِ الْأَظْهَرِ إمَّا لِعَدَمِ ذِكْرِ الرَّوْضَةِ، لَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْإِشَارَةِ السَّابِقَةِ أَوْ لِعِلْمِهِ مِنْ مُقَابِلِ النَّصِّ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ نَذَرَ صَلَاةً) أَيْ مُعَيَّنَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ جَمِيعِ النَّوَافِلِ دَائِمًا أَوْ أَنْ يَقُومَ فِيهَا كَذَلِكَ، أَوْ سَجَدَ نَحْوَ تِلَاوَةٍ عِنْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقَضَاءُ) كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّوْمَ سَنَةً مُعَيَّنَةً فَأَفْطَرَ فِيهَا بِعُذْرِ الْمَرَضِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ، وَحَكَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا، قَالَ أَعْنِي الزَّرْكَشِيَّ وَأَمَّا فِي الْعَدُوِّ فَكَمَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إذَا صَدَّ عَنْهَا فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ، وَيُفَارِقُ الْمَرَضَ لِاخْتِصَاصِهِ بِجَوَازِ التَّحَلُّلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ الْمَرَضِ، هَذَا هُوَ النَّصُّ وَخَرَجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّ بَابَ النَّذْرِ أَوْسَعُ مِنْ وَاجِبِ الشَّرْعِ، قَالَ وَمَسْأَلَةُ الْمَرَضِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَدُوِّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ عَدُوٍّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ أَوْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ وَحْدَهُ اهـ. وَبِهِ تَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَنْعِ وَالصَّدِّ أَيْ الْمُرَادُ بِالْمَنْعِ أَنْ يُمْنَعَ الشَّخْصُ وَحْدَهُ، وَبِالصَّدِّ الْمَنْعُ الْعَامُّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا) أَيْ وَلَمْ يُحْرِمْ قَوْلُهُ: (هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الشَّرْحِ وَالْمَتْنِ. نَعَمْ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرَضِ بِالْمَذْهَبِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
قَالَ وَحَكَى الْإِمَامُ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعَدُوِّ اهـ. وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمَتْنِ حَيْثُ لَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا.
قَوْله: