أَوْ ذَهَبَ عَنِّي كَذَا (فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ كَذَا) مِنْ صَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ. (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ) قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. (وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَيْءٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ لَزِمَهُ) ذَلِكَ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ الْعِوَضِ. .
(وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ مَعْصِيَةٍ) ، كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ الزِّنَا لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ» (وَلَا وَاجِبٍ) كَالصُّبْحِ أَوْ صَوْمِ أَوَّلِ رَمَضَانَ إذْ لَا مَعْنَى لِإِيجَابِهِ بِالنَّذْرِ. .
(وَلَوْ نَذَرَ فِعْلَ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكَهُ) كَقِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ (لَمْ يَلْزَمْهُ الْفِعْلُ أَوْ التَّرْكُ) رَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ «لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ» (لَكِنْ إنْ خَالَفَ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ عَلَى الْمُرَجَّحِ) فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ لَا كَفَّارَةَ وَيُؤْخَذُ تَرْجِيحُهُ مِنْ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا حَيْثُ حَكَى الْخِلَافَ فِي نَذْرِ الْمَعْصِيَةِ إنْ خُولِفَ، وَرَجَّحَ فِيهِ عَدَمَ الْكَفَّارَةِ ثُمَّ أُحِيلَ عَلَيْهِ نَذْرُ الْوَاجِبِ وَنَذْرُ الْمُبَاحِ الْمَذْكُورِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي الثَّلَاثَةِ. .
(وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) مُسَارَعَةً إلَى بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (فَإِنْ قَيَّدَ بِتَفْرِيقٍ أَوْ مُوَالَاةٍ وَجَبَ) ذَلِكَ. (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ (جَازَا) أَيْ التَّفْرِيقُ وَالْوَلَاءُ (أَوْ سُنَّةٌ مُعَيَّنَةٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSنِعْمَةٌ إلَخْ) خَرَجَ بِالْحُدُوثِ النِّعْمَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ وَالنِّعْمَةُ هُنَا أَعَمُّ مِمَّا فِي سُجُودِ الشُّكْرِ وَكَذَا النِّقْمَةُ قَوْلُهُ: (كَأَنْ شُفِيَ إلَخْ) وَإِنْ كَرَّرَهُ وَلَوْ بَعْدَ طُولِ الْفَصْلِ، وَيُعْلَمُ الشِّفَاءُ بِقَوْلِ عَدْلٍ رِوَايَةً وَفِي التَّجْرِبَةِ مَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ وَلَا يَصِحُّ إنْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) كَعِتْقٍ وَصَلَاةٍ وَصَدَقَةِ مَالٍ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِمُعَيَّنٍ وَلَوْ جَنِينًا وَرَقِيقًا وَيُشْتَرَطُ عَدَمُ رَدِّهِ لَا لِمَيِّتٍ إلَّا فِي نَحْوِ مَشْهَدٍ صَالِحٍ يَنْتَفِعُ بِهِ بِسِرَاجٍ مَثَلًا وَلِلْمُعَيَّنِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي عَمَّرْت مَسْجِدَ كَذَا أَوْ دَارَ زَيْدٍ أَوْ فَعَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ فَلَغْوٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ فَعَلْته أَوْ لَا أَفْعَلُهُ أَوْ لَا فَعَلْته إذْ لَا تَعْلِيقَ وَلَا الْتِزَامَ وَالْعِتْقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ لَكِنْ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ إنْ نَوَى الِالْتِزَامَ تَخَيَّرَ كَنَذْرِ اللَّجَاجِ.
وَلَوْ قَالَ مَالِي صَدَقَةٌ فَلَغْوٌ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَمَالِي صَدَقَةٌ فَكَنَذْرِ اللَّجَاجِ أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَمَالِي صَدَقَةٌ فَتَبَرَّرَ فَيَلْزَمُهُ صَرْفُ جَمِيعِ مَالِهِ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ قَالَ مَالِي طَالِقٌ فَإِنْ نَوَى النَّذْرَ فَكَاللَّجَاجِ وَإِلَّا فَلَغْوٌ وَلَوْ قَالَ جَعَلْت هَذَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَحَّ وَصُرِفَ فِي مَصَالِحِ الْحُجْرَةِ الشَّرِيفَةِ، وَلَوْ قَالَ إنْ حَصَلَ لِي كَذَا جِئْت لَهُ بِكَذَا فَلَغْوٌ.
قَوْلُهُ: (فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ) لَا عَلَى الْفَوْرِ وَلَوْ بِقُرْبَةٍ مَالِيَّةٍ إلَّا لِمُعَيَّنٍ وَطَالِبٍ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا يُسَمَّى نَذْرَ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ غَيْرِهِ وَمَعْنَى لُزُومِهِ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّتِهِ، وَيَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ نَعَمْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ لَزِمَهُ فِيهِ كَفَّارَةٌ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَصِحُّ نَذَرَ مَعْصِيَةٍ) لِذَاتِهَا أَوْ لَازِمِهَا وَلَا مَكْرُوهٌ كَذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَلَا وَاجِبٍ) أَيْ عَيْنِي.
قَوْلُهُ: (مُبَاحٍ) أَيْ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ طَلَبَ نَدْبًا لِنَحْوِ تَقَوٍّ عَلَى عِبَادَةٍ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُرَجَّحِ) مَرْجُوحٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ يَحْتَمِلُ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَا إذَا خَلَا عَنْ حَثٍّ وَمَنْعِ تَحْقِيقِ خَبَرٍ، وَإِضَافَةٍ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِلَّا فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ انْتَهَى، غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ صُورَةٍ خَالِيَةٍ عَمَّا ذُكِرَ فَيَلْزَمُ إحَالَةُ مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ فَيَبْطُلُ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ مَعَ أَنَّ فِي صِحَّةِ النَّذْرِ مَعَ الْحَثِّ، وَنَحْوِهِ نَظَرًا لِأَنَّهُ خَالٍ عَنْ صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَيْضًا فِي جَعْلِ مَا ذُكِرَ مِنْ نَذَرَ الْمُبَاحِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ الْتِزَامُ قُرْبَةٍ عَلَى تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ فَهُوَ مِنْ نَذْرِ اللَّجَاجِ، وَإِنَّمَا نَذَرَ الْمُبَاحِ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقُومَ مَثَلًا، أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقُومَ وَهَذَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَعْصِيَةِ وَالْوَاجِبِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ فَإِنَّهُ مِمَّا لَا وَجْهَ لِلْعُدُولِ عَنْهُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ يَقَعُ كَثِيرًا مِمَّنْ اقْتَرَضَ مِنْ آخَرَ مَالًا أَنْ يُنْذِرَ لِمُقْرِضِهِ كُلَّ يَوْمٍ كَذَا مَا دَامَ الْقَرْضُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْمُرَجَّحُ صِحَّتُهُ، لِأَنَّ فِيهِ نِعْمَةَ رِبْحِ الْقَرْضِ وَدَفْعِ نِقْمَةِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَدْنَى مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَ مِنْهُ شَيْئًا بَطَلَ حُكْمُ النَّذْرِ لِانْقِطَاعِ دَيْمُومَةِ الْكُلِّ.
فَرْعٌ: لَوْ جَمَعَ فِي نَذْرَيْنِ مَا يَصِحُّ وَمَا لَا يَصِحُّ كَقَوْلِهِ إنْ سَلِمَ مَالِي وَهَلَكَ مَالُ زَيْدٍ أَعْتَقْت عَبْدِي أَوْ طَلَّقْت زَوْجَتِي فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَيَلْزَمُهُ فِي الْجَزَاءِ عِتْقُ الْعَبْدِ لِإِطْلَاقِ الزَّوْجَةِ.
قَوْلُهُ: (صَوْمَ أَيَّامٍ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ قَوْلُهُ: (نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) إلَّا لِعُذْرٍ أَوْ فَوْتِ مَا هُوَ أَهَمُّ. قَوْلُهُ: (وَجَبَ ذَلِكَ) أَيْ التَّفْرِيقُ أَوْ الْمُوَالَاةُ وَلَا يُجْزِئُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ فَلَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مُتَفَرِّقَةً فَصَامَ عَشَرَةً مُتَوَالِيَةً، حُسِبَ لَهُ مِنْهَا خَمْسَةٌ فَقَطْ، وَهِيَ الْإِفْرَادُ وَالْخَمْسَةُ بَاطِلَةٌ إنْ عُلِمَ وَإِلَّا فَنَفْلٌ مُطْلَقٌ، لَوْ نَذَرَ عَشَرَةً مُتَوَالِيَةً فَصَامَ عَشَرَةً مُتَفَرِّقَةً فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ مِنْهَا عَنْ النَّذْرِ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ تَصَوُّرِ الْقَضَاءِ وَفِي وُقُوعِهَا نَفْلًا مَا مَرَّ، نَعَمْ إنْ وَصَلَ الْيَوْمَ الْأَخِيرَ بِصَوْمِ تِسْعَةٍ بَعْدَهُ مُتَوَالِيَةٍ حُسِبَ مِنْ الْعَشَرَةِ.
قَوْلُهُ: (جَازَا) بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ سُقُوطُ الْأَلِفِ وَلَعَلَّهُ مِنْ النَّاسِخِ لِتَوَهُّمِهِ أَنَّهَا مُكَرَّرَةٌ مَعَ الْأَلِفِ بَعْدَهَا فَرَاجِعْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQكَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يُقَالُ الْهِبَةُ قُرْبَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَتْ قُرْبَةً هُنَا، بَلْ هُوَ مِنْ الْمُبَاحِ انْتَهَى وَالْفَرْعُ الْمَذْكُورُ مِنْ هَذَا الْوَادِي فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَلَمْ يُرِدْ الصَّدَقَةَ لَمْ يَلْزَمْ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (إنْ حَدَثَتْ نِعْمَةٌ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النِّعْمَةُ نَادِرَةَ الْحُصُولِ.
[نَذَرَ الْمَعْصِيَةِ]
قَوْلُهُ: (نُدِبَ تَعْجِيلُهَا) أَيْ مَا لَمْ يُعَارِضْ مُعَارِضٌ مِنْ جِهَادٍ أَوْ مَشَقَّةٍ فِي سَفَرٍ. قَوْلُهُ: (بِتَفْرِيقٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ مِقْدَارَ التَّفْرِيقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.