الْأَمَانِ وَدَفَعَ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ نَاقِضٌ

(وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بَلَغَ الْمَأْمَنَ) أَيْ مَا يَأْمَنُ فِيهِ لِيَكُونَ مَعَ النَّبْذِ الْجَائِزِ لَهُ خُرُوجُهُ بِأَمَانٍ كَدُخُولِهِ.

[باب الهدنة]

بَابُ الْهُدْنَةِ (هِيَ الصُّلْحُ مِنْ الْكُفَّارِ) عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ أَوْ مَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي (عَقَدَهَا لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالرُّومِ وَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ وَنَائِبِهِ فِيهَا) فَيَجُوزُ لَهُمَا (وَ) عَقَدَهَا (لِبَلْدَةٍ) أَيْ لِكُفَّارِهَا (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ) لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ (أَيْضًا) أَيْ مَعَهُمَا (وَإِنَّمَا تُعْقَدُ لِمَصْلَحَةٍ كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ وَأُهْبَةٍ أَوْ رَجَاءَ إسْلَامِهِمْ أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ) ، مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ ضَعْفٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (جَازَتْ) بِلَا عِوَضٍ.

(أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) لِآيَةِ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] (لَا سَنَةً وَكَذَا دُونَهَا) فَوْقَ الْأَرْبَعَةِ لَا تَجُوزُ (فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي تَجُوزُ لِنَقْصِهَا عَنْ مُدَّةِ الْجِزْيَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ إلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ (وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ فَقَطْ) ، رَوَى أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَادَنَ قُرَيْشًا فِي الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ» وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّ الْعَشْرَ وَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ) بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فِي عَقْدِ أَحَدِهِمَا يَبْطُلُ فِي الْمَزِيدِ وَغَيْرِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا فِي الْمَزِيدِ فَقَطْ

(وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ) عَنْ ذِكْرِ الْمُدَّةِ (يُفْسِدُهُ وَكَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ) يُفْسِدُهُ (عَلَى الصَّحِيحِ بِأَنْ شُرِطَ مَنْعُ فَكِّ أَسْرَانَا) مِنْهُمْ (أَوْ تَرْكُ مَالَنَا) أَيْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَيْدِيهِمْ (لَهُمْ أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِينَارٍ) لِكُلِّ وَاحِدٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــSيُجَابُونَ إلَّا إنْ طَلَبَهُمْ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ، قَوْلُهُ: (كَمَا تَبَعُوهُمْ) أَيْ مَنْ شَأْنُهُمْ التَّبَعِيَّةُ وَإِنْ احْتَاجُوا فِي التَّبَعِيَّةِ إلَى شَرْطٍ،.

قَوْلُهُ: (بَلَغَ الْمَأْمَنَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ نَاقِضٌ وَلَا خِيَانَةٌ وَمَأْمَنُهُ دَارُ الْحَرْبِ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ مَا يَأْمَنُ فِيهِ أَيْ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَغَيْرِهِمَا، وَمَنْ لَهُ مَأْمَنَانِ اُعْتُبِرَ مَسْكَنُهُ مِنْهُمَا فَإِنْ سَكَنَهُمَا تَخَيَّرَ الْإِمَامُ.

[بَابُ الْهُدْنَةِ]

ِ مِنْ الْهُدُونِ وَهُوَ السُّكُونُ بِسُكُونِ الْقِتَالِ بِسَبَبِهَا فَفِيهَا شَبَهٌ بِالْجِزْيَةِ وَالْأَمَانِ كَمَا مَرَّ، وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُسَالَمَةً وَمُعَاهَدَةً وَمُوَادَعَةً وَأَصْلُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ تَجِبُ، قَوْلُهُ: (هِيَ) أَيْ شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَمَا مَرَّ أَوْ مُطْلَقُ الْمُصَالَحَةِ، قَوْلُهُ: (إمَامٍ) أَيْ لِأَهْلِ الْعَدْلِ فَلَا يَعْقِدُهَا إمَامُ الْبُغَاةِ فَلَوْ عَقَدَهَا لِمَنْ ظَنُّوا صِحَّتَهَا مِنْهُ بَلَغُوا الْمَأْمَنَ كَمَا لَوْ عَقَدَهَا الْآحَادُ، قَوْلُهُ: (وَنَائِبِهِ فِيهَا) أَيْ فِي عَقْدِهَا وَلَوْ بِالْعُمُومِ قَوْلُهُ: (وَلِبَلْدَةٍ) أَيْ يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَنْ يَعْقِدَهَا لِأَهْلِ بَلَدٍ وَكَذَا الْإِقْلِيمُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، قَوْلُهُ: (فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ) وَكَذَا فِي إعَانَتِهِمْ لَنَا أَوْ عَدَمِ إعَانَتِهِمْ عَلَيْنَا أَوْ بُعْدِ دَارِهِمْ، قَوْلُهُ: (كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) دُفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ، قَوْلُهُ: (بِلَا عِوَضٍ) أَوْ مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَخْ) هَذَا فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَأَمَّا النِّسَاءُ وَنَحْوُهُنَّ وَالْأَمْوَالُ فَيَجُوزُ عَقْدُهَا لَهُمَا مُؤَبَّدًا، قَوْلُهُ: (فَقَطْ) فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ الْعُشْرِ وَلَوْ فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَإِنْ اُحْتِيجَ بَعْدَ فَرَاغِ عَقْدٍ جُدِّدَ عَقْدٌ آخَرُ، قَوْلُهُ: (وَفِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُهُ: (وَأَظْهَرُهُمَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا كَافِرٌ بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَمَعَ فِي مَجَالِسَ لَمْ يُمْهَلْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لِحُصُولِ غَرَضِهِ بِدُونِهَا،.

قَوْلُهُ: (وَإِطْلَاقُ الْعَقْدِ يُفْسِدُهُ) لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَيْسَ لَهُ مُدَّةٌ مُحَقَّقَةٌ يُحْمَلُ عَلَيْهَا لِاخْتِلَافِهَا بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْأَمَانَ، قَوْلُهُ: (بِأَنْ شَرَطَ إلَخْ) وَمِنْ الْمُفْسِدِ شَرْطُ إقَامَتِهِمْ بِالْحِجَازِ أَوْ دُخُولِهِمْ الْحَرَمَ، قَوْلُهُ: (مَالِ الْمُسْلِمِينَ) فَصْلُ اللَّامِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ الْمَالُ الْمُضَافُ لِلْمُسْلِمِينَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQبَابُ الْهُدْنَةِ قَوْلُهُ: (مَعَ الْكُفَّارِ) أَيْ سَوَاءٌ مِنْهُمْ مَنْ يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ وَمَنْ لَا يُقَرُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ الْمُصَالَحَةُ أَيْ وَأَصْلُهَا السُّكُونُ، قَوْلُهُ: (أَوْ مَعَهُ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْمَسْأَلَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي، أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ فَإِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى رَجَاءِ لَا عَلَى إسْلَامِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ ضَعْفٍ بِنَا فِي الرَّجَاءِ وَالْبَذْلِ اهـ وَإِلَّا لَقَالَ فِي الرَّجَاءِ وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ وَالْبَذْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَوْلُهُ: (لِتِلْكَ الْبَلْدَةِ) يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمَتْنِ الْإِقْلِيمِ، قَوْلُهُ: (أَيْ مَعَهُمَا) الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْإِمَامِ وَنَائِبِهِ، قَوْلُهُ: (كَضَعْفِنَا) هَذَا مِثَالُ حَاجَةٍ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، قَوْلُهُ: (أَوْ رَجَاءِ) عَطْفٌ عَلَى ضَعْفِنَا هَذَا مِثَالٌ لِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِثَالٌ لِعَشْرِ سِنِينَ، قَوْلُهُ: (أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ رَجَاءِ إسْلَامِهِمْ، قَوْلُهُ: (أَيْ ضَعْفٍ) خِلَافُ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مِنْ انْتِفَاءِ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ.

[مُدَّة الْهُدْنَة]

قَوْلُهُ: (لَا سَنَةً إلَخْ) قَضِيَّةُ الْعِبَارَةِ عَدَمُ الْخِلَافِ فِي السَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لَا خِلَافَ فِيمَا فَوْقَهَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَا يَجُوزُ فَوْقَ السَّنَةِ قَطْعًا وَلَا سَنَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ، قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ الْجَائِزِ

قَوْلُهُ: (عَلَى الصَّحِيحِ) مُقَابِلُهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ حَتَّى تَفْسُدَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ، قَوْلُهُ: (أَوْ لِتُعْقَدَ) أَيْ أَوْ صَالَحَ لِتُعْقَدَ إلَخْ.

قَوْلُهُ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015