وَلَا قِصَاصَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَدِيَةٌ فِي مَالِهِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ

(وَمَا وَجَبَ بِخَطَأِ إمَامٍ فِي حَدٍّ وَحُكْمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ) مِثَالُ الْحَدِّ ضُرِبَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ فَمَاتَ، فَفِي مَحِلِّ ضَمَانِهِ الْقَوْلَانِ (وَلَوْ حَدَّهُ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا عَبْدَيْنِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ أَوْ مُرَاهِقَيْنِ) فَمَاتَ.

(فَإِنْ قَصَّرَ فِي اخْتِبَارِهِمَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلَانِ) وَفِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِمَامُ يَتَرَدَّدُ نَظَرُ الْفَقِيهِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجِبَ لِلِاسْتِنَادِ إلَى صُورَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ لِهُجُومِهِ، (فَإِنْ ضَمِنَا عَاقِلَةً أَوْ بَيْتَ مَالٍ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ وَالثَّانِي نَعَمْ لِأَنَّهُمْ غَرُّوا الْقَاضِي وَالثَّالِثُ لِلْعَاقِلَةِ الرُّجُوعُ دُونَ بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْعَبْدَيْنِ يَتَعَلَّقُ الْغُرْمُ بِذِمَّتِهِمَا وَقِيلَ بِرَقَبَتِهِمَا وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُرَاهِقَيْنِ، لِأَنَّ قَوْلَ الصَّبِيِّ لَا يَصْلُحُ لِلِالْتِزَامِ وَعَلَى الثَّانِي يَنْزِلُ مَا وُجِدَ مِنْهُمَا مَنْزِلَةَ الْإِتْلَافِ

(وَمَنْ حَجَّمَ أَوْ فَصَدَ بِإِذْنٍ) مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ فَأَفْضَى إلَى تَلَفٍ، (لَمْ يَضْمَنْ) وَإِلَّا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ

(وَقَتْلُ جَلَّادٍ وَضَرْبُهُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ كَمُبَاشَرَةِ الْإِمَامِ إنْ جَهِلَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ) فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ دُونَ الْجَلَّادِ.

(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ ظُلْمَهُ وَخَطَأَهُ (فَالْقِصَاصُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْجَلَّادِ إنْ لَمْ يَكُنْ إكْرَاهٌ) مِنْ الْإِمَامِ وَإِنْ أَكْرَهَهُ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا وَالْقِصَاصُ عَلَى الْإِمَامِ وَكَذَا الْجَلَّادُ فِي الْأَظْهَرِ

(وَيَجِبُ خِتَانُ الْمَرْأَةِ بِجُزْءٍ) أَيْ بِقَطْعِ جُزْءٍ (مِنْ اللَّحْمَةِ بِأَعْلَى الْفَرْجِ وَالرَّجُلِ بِقَطْعِ مَا يُغَطِّي حَشَفَتَهُ) حَتَّى يَنْكَشِفَ جَمِيعُهَا (بَعْدَ الْبُلُوغِ) الَّذِي هُوَ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ

ـــــــــــــــــــــــــــــSمَالِهِ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ بَعْضَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا قِصَاصَ) نَعَمْ لَوْ عَالَجَ بِقَطْعِ سِلْعَةٍ الْخَطَرُ فِي قَطْعِهَا فَقَطْ. أَوْ فِيهِ أَكْثَرُ وَجَبَ الْقِصَاصُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَخَالَفَهُ الْخَطِيبُ.

قَوْلُهُ: (وَمَا وَجَبَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْكَفَّارَةِ قَوْلُهُ: (بِخَطَأِ إمَامٍ فِي حَدٍّ وَحُكْمٍ) وَمِنْهُ التَّعْزِيرُ. قَوْلُهُ: (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْإِمَامِ قَوْلُهُ: (فَبَانَا) أَوْ أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ قَصَّرَ) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ بِأَنْ لَمْ يَبْحَثْ أَصْلًا قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذَا لَمْ يَبْحَثْ أَصْلًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَلَا رُجُوعَ عَلَى الذِّمِّيَّيْنِ) وَكَذَا لَا رُجُوعَ عَلَى الْمُرَاهِقَيْنِ وَكَذَا لَا رُجُوعَ عَلَى الْفَاسِقَيْنِ، إلَّا إنْ كَانَا مُتَجَاهَرَيْنِ بِفِسْقِهِمَا بِغَيْرِ الْكُفْرِ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ تَدْلِيسَهُمَا الظَّاهِرَ، أَلْغَى تَقْصِيرَ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ الْمَالُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَجَّمَ أَوْ فَصَّدَ) أَيْ مَثَلًا فَكُلُّ عِلَاجٍ كَذَلِكَ بِجِرَاحَةٍ أَوْ دَوَاءٍ. قَوْلُهُ: (بِإِذْنٍ) بِحَيْثُ يُنْسَبُ الْفِعْلُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ) وَمِنْهُ الْوَلِيُّ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ بِنَفْسِهِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَضْمَنْ) إنْ كَانَ عَالِمًا وَلَمْ يُخْطِئْ أَوْ قَالَ لَهُ الْمَرِيضُ: دَاوِنِي بِهَذَا الدَّوَاءِ مَثَلًا فَإِنْ أَخْطَأَ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالطِّبِّ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ: افْصِدْنِي مَثَلًا إنْ رَأَيْت مَصْلَحَةً وَكَانَ غَيْرَ حَاذِقٍ بِقَوْلِ أَهْلِ فَنِّهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ.

تَنْبِيهٌ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُتَأَلِّمِ قَتْلُ نَفْسِهِ، وَإِنْ زَادَ أَلَمُهُ وَلَمْ يُطِقْهُ لِأَنَّ بُرْأَهُ مَرْجُوٌّ. نَعَمْ لَهُ مُرَاعَاةُ أَهْوَنِ مُهْلِكَيْنِ كَأَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ مِنْ نَارٍ فِي مَاءٍ أَوْ يَعْدِلَ إلَى السَّيْفِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عُلِمَ ظُلْمُهُ وَخَطَؤُهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَمِنْهُ مُخَالَفَةُ الِاعْتِقَادِ كَأَنْ أَمَرَ إمَامٌ حَنَفِيٌّ جَلَّادًا شَافِعِيًّا بِقَتْلِ مُسْلِمٍ فِي ذِمِّيٍّ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ الْإِمَامُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِلَّا فَعَلَى الْجَلَّادِ وَحْدَهُ وَفِي عَكْسِ ذَلِكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْجَلَّادِ وَإِنْ لَمْ يُكْرِهْهُ الْإِمَامُ.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ خِتَانٌ) الْأَوْلَى خَتْنٌ لِأَنَّ الْخِتَانَ مَحِلُّ الْقَطْعِ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَيُنْدَبُ إظْهَارُ خَتْنِ الذُّكُورِ وَإِخْفَاءُ خَتْنِ الْإِنَاثِ وَأَوَّلُ مَنْ اُخْتُتِنَ مِنْ الرِّجَالِ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ، بِالْقَدُومِ وَمِنْ النِّسَاءِ حَلِيلَتُهُ هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِهِ إسْمَاعِيلَ وَالْقَدُومُ مُخَفَّفًا اسْمُ آلَةِ النَّجَّارِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَقِيلَ اسْمُ مَكَان وَكَانَ عُمْرُهُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَقِيلَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى مَا بَعْدَ النُّبُوَّةِ وَالثَّانِي عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (اللَّحْمَةِ) الْمُسَمَّاةُ بِالْبَظْرِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الظَّاءِ الْمُشَالَةِ وَهِيَ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ الَّذِي هُوَ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ، وَخَرَجَ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فَيَحْرُمُ خَتْنُهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ مَعَ الْإِشْكَالِ مَمْنُوعٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ لَهُ ذَكَرَانِ مَثَلًا لَا يَجُوزُ خَتْنُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا اشْتَبَهَا فَإِنْ عُلِمَ الْأَصْلِيُّ خُتِنَ وَحْدَهُ أَوْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ خُتِنَا مَعًا، وَلَوْ خُلِقَ مَخْتُونًا سَقَطَ الْوُجُوبُ وَقَدْ وُلِدَ مَخْتُونًا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَقَالَ السُّيُوطِيّ سَبْعَةَ عَشَرَ وَهُمْ آدَم وَشِيثٌ وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَسَامٌ وَهُودٌ وَصَالِحٌ وَلُوطٌ وَشُعَيْبٌ وَيُوسُفُ وَمُوسَى وَسُلَيْمَانُ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَحَنْظَلَةُ وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَقَدْ نَظَّمَهُمْ الْجَلَالُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ:

وَسَبْعَةٌ قَدْ رُوُوا مَعَ عَشَرَةٍ خُلِقُوا ... وَهُمْ خِتَانُ فَخْذٍ لَا زِلْت مَأْنُوسًا

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِصَاصِ

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْوَقَائِعَ تَكْثُرُ وَالْعِصْمَةُ لَا تَطَّرِدُ فَإِيجَابُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إجْحَافٌ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ) أَيْ وَلِأَنَّهُ أَيْضًا مَأْمُورٌ بِالْبَحْثِ، قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ بِذِمَّتِهَا.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) . هَذَا يُشْبِهُ قَوْلَ الْأَصْحَابِ لَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْوَدِيعَةَ فَإِنْ قُلْنَا الصَّبِيُّ يَضْمَنُهَا لَوْ أَتْلَفَهَا تَعَلَّقَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَضْمَنُ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ،

قَوْلُهُ: (مِمَّنْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ) شَمِلَ إذْنَ الْوَلِيِّ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ خِتَانٌ) قِيلَ: الصَّوَابُ الْخَتْنُ مَصْدَرًا لِأَنَّ الْخِتَانَ مَوْضِعُ الْخَتْنِ وَمِنْهُ «إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ» قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْبُلُوغِ) أَيْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015