أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ وَالدِّينَارُ وَزْنُ مِثْقَالٍ. رَوَى مُسْلِمٌ حَدِيثَ «لَا تُقْطَعُ يَدُ سَارِقٍ إلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَالْبُخَارِيُّ حَدِيثَ «تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا أَوْ فِيمَا قِيمَتُهُ رُبْعُ دِينَارٍ فَصَاعِدًا» وَاحْتُرِزَ بِالْخَالِصِ عَنْ الْمَغْشُوشِ فَإِنْ بَلَغَ خَالِصُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ قُطِعَ بِهِ وَكَذَا خَالِصُ التِّبْرِ وَيُقْطَعُ بِرُبْعِ دِينَارٍ قِرَاضَةً، وَالتَّقْوِيمُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا يُسَاوِي رُبْعَ مِثْقَالٍ مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ كَالسَّبِيكَةِ وَالْحُلِيِّ وَلَا يَبْلُغُ رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ بِهِ (وَلَوْ سَرَقَ رُبْعًا سَبِيكَةً) أَوْ حُلِيًّا (لَا يُسَاوِي رُبْعًا مَضْرُوبًا فَلَا قَطْعَ) بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) نَظَرًا إلَى الْقِيمَةِ فِيمَا هُوَ كَالسِّلْعَةِ وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا وَزْنُهُ دُونَ رُبْعٍ وَقِيمَتُهُ بِالصَّنْعَةِ رُبْعٌ فَلَا قَطْعَ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْقِيمَةِ (وَلَوْ سَرَقَ دَنَانِيرَ ظَنَّهَا فُلُوسًا لَا تُسَاوِي رُبْعًا قُطِعَ) وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ (وَكَذَا ثَوْبٌ رَثٌّ) بِالْمُثَلَّثَةِ فِيهِمَا (فِي جَيْبِهِ تَمَامُ رُبْعٍ جَهِلَهُ) السَّارِقُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَلَا نَظَرَ إلَى جَهْلِهِ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَيْهِ.
(وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ) بِأَنْ تَمَّ بِالثَّانِيَةِ (فَإِنْ تَخَلَّلَ) بَيْنَهُمَا (عِلْمُ الْمَالِكِ وَإِعَادَةُ الْحِرْزِ) بِإِصْلَاحِ النَّقْبِ أَوْ إغْلَاقِ الْبَابِ مَثَلًا (فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى) فَلَا قَطْعَ فِي ذَلِكَ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِعَادَتِهِ الْحِرْزَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْخَمْسِ، وَلِذَلِكَ ذُكِرَتْ آخِرَهَا، وَكَانَ الْحَدُّ فِيهَا بِقَطْعِ آلَتِهَا لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَلِعَدَمِ تَعْطِيلِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهَا، قَوْلُهُ: (بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ) وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَيَجُوزُ إسْكَانُ الرَّاءِ مَعَ فَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِهَا وَهِيَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً وَشَرْعًا أَخْذُ الشَّيْءِ أَوْ الْمَالِ خُفْيَةً مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ بِلَا شُبْهَةٍ وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِثْمِ كَوْنُهُ عَمْدًا ظُلْمًا وَفِي الضَّمَانِ كَوْنُهُ مَالًا مُتَمَوَّلًا. وَفِي الْقَطْعِ كَوْنُ الْمَالِ نِصَابًا كَمَا يَأْتِي وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ أَرْكَانَهَا ثَلَاثَةٌ سَرِقَةٌ وَسَارِقٌ وَمَسْرُوقٌ وَقَدْ يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ فَيَكُونُ رَابِعًا.
قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ يَقِينًا فَلَوْ شَكَّ فِيهِ وَلَوْ بِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ أَوْ الْمُقَوِّمِينَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ فَلَا قَطْعَ مُطْلَقًا وَلِصَاحِبِهِ الْحَلِفُ عَلَى الْأَكْثَرِ لِلتَّغْرِيمِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْآخِذُ عَلَى الْأَقَلِّ، قَوْلُهُ: (عَنْ الْمَغْشُوشِ) أَيْ بِمَا لَيْسَ مُتَقَوِّمًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ وَتُضَمُّ إلَيْهِ فِي النِّصَابِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلَغَ خَالِصُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ) أَيْ وَزْنًا وَقِيمَةً وَكَذَا التِّبْرُ وَالْقِرَاضَةُ وَالسَّبِيكَةُ وَالْحُلِيُّ الْمَذْكُورَاتُ، قَوْلُهُ: (وَالتَّقْوِيمُ) أَيْ لِغَيْرِ الذَّهَبِ مُطْلَقًا وَلِلذَّهَبِ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِالْمَضْرُوبِ، قَوْلُهُ: (شَيْئًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ قَوْلُهُ: (يُسَاوِي) أَيْ فِي الْوَزْنِ أَوْ الْقِيمَةِ أَوْ هُمَا، قَوْلُهُ: (وَلَا يَبْلُغُ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ رُبْعًا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَزْنًا قَوْلُهُ: (وَلَا يُسَاوِي رُبْعًا) أَيْ فِي الْقِيمَةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا عُلِّلَ بِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَرَقَ خَاتَمًا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ، قَوْلُهُ: (نَظَرًا إلَى الْوَزْنِ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ وَزْنُهُ رُبْعًا قُطِعَ بِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ قِيمَةِ الصَّنْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الذَّهَبِ بُلُوغُهُ رُبْعًا وَزْنًا وَقِيمَةً مَعًا، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ نَقْصُ الْقِيمَةِ فِي الْمَضْرُوبِ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي غَيْرِ الذَّهَبِ وَلَوْ مِنْ الْفِضَّةِ الْمَضْرُوبَةِ أَوْ مِنْ كُتُبِ حَدِيثٍ أَوْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ مَاءٍ أَوْ تُرَابٍ أَوْ فَاكِهَةٍ، أَوْ بُقُولٍ أَوْ حَشِيشٍ، أَوْ طَعَامٍ وَلَوْ مِمَّا يَسْرُعُ فَسَادُهُ، أَوْ مَعْدِنٍ بُلُوغُهُ قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ مِنْ الذَّهَبِ، وَقَوْلُهُمْ الْعِبْرَةُ فِي التَّقْوِيمِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ الْغَالِبِ إلَى آخِرِهِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا إنْ كَانَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ قِيمَتِهِ بِالذَّهَبِ الْمَضْرُوبِ فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا أَثَرَ لِظَنِّهِ) أَيْ لَا عِبْرَةَ بِهِ مَعَ وُجُودِ قَصْدِ السَّرِقَةِ وَلِذَلِكَ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَهُ فَبَانَ لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْطَعْ،
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ) أَيْ بِنَقْبِ الْحِرْزِ أَوْ نَحْوِهِ لَا بِهَدْمِ جِدَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ هَذَا مِنْ إزَالَةِ الْحِرْزِ لَا مِنْ هَتْكِهِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ إعَادَةَ الْحِرْزِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ كَالْعَدَمِ وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ إلَخْ) هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ تَخَلُّلَ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ الْقَطْعَ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ وَإِنْ اشْتَهَرَ خَرَابُ الْحِرْزِ عِنْدَ الطَّارِقِينَ أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَدٌ بِخَمْسٍ مِئِينَ عَسْجَدٌ وُدِيَتْ ... مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبْعِ دِينَارِ
أَجَابَهُ السُّنِّيُّ
عِزُّ الْأَمَانَةِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصُهَا ... ذُلُّ الْخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي
قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ، قَوْلُهُ: (أَيْ مُقَوَّمًا بِهِ) أَيْ حَالَ السَّرِقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْبُخَارِيُّ حَدِيثَ) وَفِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطَعَ سَارِقًا فِي مِجَنٍّ أَيْ تُرْسٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَإِنَّ الدِّينَارَ كَانَ إذْ ذَاكَ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَلِذَا قُوِّمَتْ الدِّيَةُ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ الْوَرِقِ أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ، وَلِهَذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ عِنْدَنَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَمَانِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ الْمَضْرُوبِ) ، مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ، قَوْلُهُ: (لَا يُسَاوِي) هُوَ أَفْصَحُ مِنْ يُسَوِّي، قَوْلُهُ: (قُطِعَ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْخَبَرِ لَفْظُ الدِّينَارِ وَهُوَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْمَضْرُوبِ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى الْوَزْنِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ لِبُلُوغِ الْعَيْنِ فِي ذَلِكَ النِّصَابِ كَمَا فِي نِصَابِ الزَّكَاةِ،
قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَخَلَّلَ) أَيْ وَأَمْكَنَ الذَّهَابُ إلَيْهِ قَبْلَ السَّرِقَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ