قَتْلَ الرِّدَّةِ قِيلَ وَالْقَطْعَ وَالْقَتْلَ قِصَاصًا.

(وَالرَّجْمُ) حَتَّى يَمُوتَ (بِمَدَرٍ وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) لَا بِحَصَيَاتٍ خَفِيفَةٍ وَلَا بِصَخْرَةٍ مُذَفَّفَةٍ (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) إذَا ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ إنْ ثَبَتَ) زِنَاهَا (بِبَيِّنَةٍ) فَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ فَلَا يُسْتَحَبُّ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَالثَّانِي يُسْتَحَبُّ مُطْلَقًا إلَى صَدْرِهَا وَالثَّالِثُ لَا يُسْتَحَبُّ بَلْ هُوَ إلَى خِيَرَةِ الْإِمَامِ (وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ فِيهِ (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ) لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَخَّرْ رُبَّمَا رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الرَّمْيِ فَيُعَيَّنُ مَا وُجِدَ مِنْهُ عَلَى قَتْلِهِ

(وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ لِلْمَرَضِ) الْمَرْجُوِّ الْبُرْءُ مِنْهُ (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ) مِنْهُ (جُلِدَ لَا بِسَوْطٍ بَلْ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ فَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ (خَمْسُونَ) غُصْنًا (ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ وَتَمَسُّهُ الْأَغْصَانُ أَوْ يَنْكَبِسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ) فَإِنْ انْتَفَى الْمَسُّ وَالِانْكِبَاسُ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بَعْدَ الضَّرْبِ بِالْعُثْكَالِ (أَجْزَأَهُ) الضَّرْبُ بِهِ.

(وَلَا جَلْدَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَإِذَا جَلَدَ الْإِمَامُ فِي مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ) فَهَلَكَ الْمَجْلُودُ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّصِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ) وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ وَهُوَ لِجَمِيعِهِ أَوْ نِصْفِهِ وَجْهَانِ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ قَوْلَانِ وَعَلَى الضَّمَانِ يَجِبُ التَّأْخِيرُ أَوْ يَجُوزُ التَّعْجِيلُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ وَجْهَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا. .

ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنْبِيهٌ: يُشْتَرَطُ فِي الْحَدِّ بِالْجَلْدِ نِيَّتُهُ وَإِنْ أَخْطَأَ فِيهِ كَأَنْ جَلَدَهُ عَنْ زِنًى فَبَانَ عَنْ شُرْبٍ وَفِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْخَطَإِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ قَاعِدَةِ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَةً أَوْ تَفْصِيلًا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ، وَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَلَا نِيَّةُ غَيْرِ الْحَدِّ كَمُصَادَرَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلْقَتْلِ نِيَّةٌ وَلَا يَضُرُّ نِيَّةُ غَيْرِهِ، فَلَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الظُّلْمِ فَبَانَ أَنَّهُ قَاتِلُ أَبِيهِ اُعْتُدَّ بِهِ،

قَوْلُهُ: (وَالرَّجْمُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ بِالرَّمْيِ بِالْأَحْجَارِ وَلَوْ قُتِلَ بِسَيْفٍ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِنْ فَاتَ الْوَاجِبُ قَوْلُهُ: (بِمَدَرٍ) أَيْ طِينٍ مُسْتَحْجِرٍ.

قَوْلُهُ: (وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَالْمُخْتَارُ أَنْ تَكُونَ مِلْءَ الْكَفِّ قَوْلُهُ: (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) أَيْ لَا يُنْدَبُ فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فِيهِ وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُقَيَّدُ، قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ) أَيْ الْحَفْرِ لِلْمَرْأَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ قَوْلُهُ: (بِبَيِّنَةٍ) أَوْ لِعَانٍ قَوْلُهُ: (فَلَا يُسْتَحَبُّ) وَالْحَفْرُ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا مُقِرَّةٌ بَيَانٌ لِلْجَوَازِ.

تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَتْرُ عَوْرَةٍ وَأَمْرٌ بِصَلَاةٍ دَخَلَ وَقْتُهَا وَتَوَقِّي ضَرْبِ وَجْهٍ، وَيُنْدَبُ فِيهَا سَتْرُ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَعَرْضُ تَوْبَةٍ أَوْ إجَابَةٌ لِشُرْبٍ لَا أَكْلٍ وَلِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يَبْعُدُ الضَّارِبُ عَنْهُمَا، وَلَا يَدْنُو مِنْهُمَا قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَخَّرُ) أَيْ الرَّجْمُ أَيْ لَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ لِمَرَضٍ أَوْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ. نَعَمْ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ، وَيَجِبُ لِحَمْلٍ وَلَوْ مِنْ زِنًى وَفِطَامٍ وَغَيْرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقِصَاصِ وَكَذَا سَائِرُ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى،

قَوْلُهُ: (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ) وُجُوبًا لِلْمَرِيضِ وَغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَلَا يُحْبَسُ وَإِنْ ثَبَتَ الزِّنَى بِالْبَيِّنَةِ وَخِيفَ هَرَبُهُ، قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الْعَيْنِ) أَيْ عَلَى الْأَشْهَرِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْعُرْجُونِ وَعَلَيْهِ الشَّمَارِيخُ الَّتِي بِهَا يَحْصُلُ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ الْمَذْكُورِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْتَفَى إلَخْ) وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ بِاعْتِبَارِ الزَّجْرِ هُنَا، قَوْلُهُ: (بَرَأَ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الضَّرْبِ) أَيْ بَعْدَ جَمِيعِهِ فَإِنْ بَرَأَ بَعْدَ بَعْضِهِ اُعْتُدَّ بِمَا مَضَى وَجُلِدَ الْبَاقِي كَالْأَصِحَّاءِ، قَوْلُهُ: (وَلَا حَدَّ) أَيْ جَائِزٌ لِأَنَّ الْأَصَحَّ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ، كَمَا يَأْتِي وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْآتِي، قَوْلُهُ: (يُؤَخَّرُ إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ) وَلَوْ لَيْلًا وَهَذَا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخَّرُ، وَلَا يُنْقَلُ إلَى بَلَدٍ مُعْتَدِلٍ وَلَا يُحْبَسُ لَوْ أُخِّرَ كَمَا مَرَّ، قَوْلُهُ: (فَيَقْتَضِي إلَخْ) هُوَ مَرْجُوحٌ كَمَا يَأْتِي، قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ النَّصِّ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ) أَيْ مِنْ التَّعْزِيرِ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ هُنَا مَرْجُوحٌ أَيْضًا وَالرَّاجِحُ بِنَاءً عَلَيْهِ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْأَوَّلُ فِي الْجَمِيعِ، قَوْلُهُ: (الْمَذْهَبُ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا ضَمَانَ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالضَّمَانِ أَوْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ وَالدَّمِيرِيُّ وَفَارَقَ وُجُوبَ الضَّمَانِ فِي التَّعْزِيرِ وَالْخَتْنِ بِأَنَّهُمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ قَدْ يُخْطِئُ، وَلَا كَذَلِكَ الْحُدُودُ لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالنَّصِّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ لَكِنْ مَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى التَّخْيِيرِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا لَوْ ثَبَتَ بِلِعَانٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُلَاعِنَ فَيَسْقُطُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ نَظَرًا، إلَى أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَى الْإِقْرَارِ مَطْلُوبٌ بِخِلَافِ هَذَا فَقَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مُحِقًّا وَبِهَذَا جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، قَوْلُهُ: (وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ إلَخْ) . نَعَمْ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ وَلَوْ مِنْ زِنًى حَتَّى تَفْطِمَ الْوَلَدَ وَيُوجَدُ مَنْ يَكْفُلُهُ، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ يُؤَخَّرُ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ جَرَيَانُ هَذَا الْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَحِكَايَةُ هَذَا الْوَجْهِ تَقْتَضِي وُجُوبَ التَّأْخِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَائِلُهُ يَجْعَلُ ذَلِكَ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي الْجَلْدِ الْآتِي. أَقُولُ قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ وُجُوبُ تَأْخِيرِهِ عَنْ الرَّجْمِ،.

قَوْلُهُ: (وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ) هَلْ يُحْبَسُ مُدَّةَ التَّأْخِيرِ هُوَ مُتَّجَهٌ فِي الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ، قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ جُلِدَ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَجُلًا اشْتَكَى حَتَّى أَضْنَى فَصَارَ جِلْدُهُ عَلَى عَظْمِهِ فَوَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لِبَعْضِهِمْ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ مِائَةَ شِمْرَاخٍ فَيَضْرِبُوهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً» ، قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَيْئَةُ الصَّلَاةِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمُصَلِّي فَهَذَا أَوْلَى، قَوْلُهُ: (فَلَا ضَمَانَ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَتَنَهُ الْإِمَامُ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِالدِّيَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْخَتْنَ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ، فَشُرِطَ فِيهِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ بِخِلَافِ الْحَدِّ ثُمَّ تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْمَرَضَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ يُفِيدُك أَنَّ نِضْوَ الْخَلْقِ أَيْ ضَعِيفَهُ لَوْ جُلِدَ بِغَيْرِ الْمَشْرُوعِ كَانَ مَضْمُونًا، قَوْلُهُ: (وُجُوبُ التَّأْخِيرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا بِالضَّمَانِ أَمْ بِعَدَمِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015