كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَعَبَّرَ عَنْ الْقَتْلِ بِالدَّمِ لِلُزُومِهِ لَهُ غَالِبًا وَالدَّعْوَى بِهِ تَسْتَتْبِعُ الشَّهَادَةَ بِهِ الْآتِيَةَ فِي الْبَابِ (يُشْتَرَطُ أَنْ يُفَصِّلَ) مُدَّعِي الْقَتْلِ (مَا يَدَّعِيهِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَشِبْهِ عَمْدٍ (وَانْفِرَادٍ وَشَرِكَةٍ) فَإِنَّ الْأَحْكَامَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ.
(فَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي) بِمَا ذُكِرَ لِتَصِحَّ بِتَفْصِيلِهِ الدَّعْوَى (وَقِيلَ يُعْرِضُ عَنْهُ) لِئَلَّا يُنْسَبَ إلَى تَلْقِينٍ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ مَا يُشْعِرُ بِوُجُوبِ الِاسْتِفْصَالِ وَقَالَ الْمَاسَرْجِسِيُّ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يُصَحِّحَ دَعْوَاهُ وَهَذَا أَصَحُّ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِفْصَالُ، فَيَكُونُ أَوْلَى (وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ) فِي دَعْوَاهُ فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ (قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ) فَأَنْكَرُوا وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُمْ (لَمْ يُحَلِّفْهُمْ الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ) أَيْ لَا تَحْلِيفَ لِإِبْهَامِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَالثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ أَيْ يَأْمُرُ بِحَلِفِهِمْ لِلتَّوَسُّلِ إلَى إقْرَارِ أَحَدِهِمْ بِالْقَتْلِ وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِمْ فِي يَمِينٍ صَادِقَةٍ (وَيَجْرِيَانِ فِي دَعْوَى غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ) عَلَى أَحَدِ حَاضِرِينَ بِخِلَافِ دَعْوَى الْقَرْضِ وَالْبَيْعِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ لِأَنَّهَا تَنْشَأُ بِاخْتِيَارِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَشَأْنُهَا أَنْ يَضْبِطَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ.
(وَإِنَّمَا تُسْمَعُ) الدَّعْوَى (مِنْ مُكَلَّفٍ) أَيْ بَالِغٍ عَاقِلٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSجَزَاءَ الصَّيْدِ حَيْثُ وُزِّعَ جَزَاؤُهُ عَلَى قَاتِلِيهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي عَلَى الْجَمِيعِ كَفَّارَةٌ) قَالَ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ وَيَظْهَرُ لُزُومُ رَقَبَةٍ كَامِلَةٍ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يَتَجَزَّأُ إعْتَاقُهُمْ.
قَوْلُهُ: (لَا إطْعَامَ فِيهَا) أَيْ مِنْ الْمُكَفِّرِ فَلِوَلِيِّهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ لَكِنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ. قَوْلُهُ: (عَلَى ذَلِكَ) وَمِنْهُ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يَقَعُ فِي الْأُصُولِ وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْأَوْصَافِ كَالْأَيْمَانِ لِلرَّقَبَةِ.
كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ
أَيْ دَعْوَى الْقَتْلِ وَالْأَيْمَانِ عَلَيْهِ، وَعَبَّرَ بِالدَّمِ لِلُزُومِهِ الْقَتْلَ غَالِبًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَبِالْقَسَامَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً عَلَى الْخَمْسِينَ يَمِينًا مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي ابْتِدَاءً كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَقِيلَ لُغَةً اسْمٌ لِلْأَوْلِيَاءِ. قَوْلُهُ: (وَعَبَّرَ عَنْ الْقَتْلِ بِالدَّمِ) لِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَطْرَافِ وَالْجِرَاحَاتِ وَالْمَعَانِي. قَوْلُهُ: (تَسْتَتْبِعُ) فَسُكُوتُهُ عَنْهَا فِي التَّرْجَمَةِ غَيْرُ مَعِيبٍ.
قَوْلُهُ: (فِي الْبَابِ) قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ كَانَ أَنْسَبَ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْكِتَابِ الَّذِي سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) الْحَاصِلُ مِنْ الشُّرُوطِ سِتَّةٌ تُعْتَبَرُ فِي كُلِّ دَعْوَى، وَلَوْ بِغَيْرِ الْقَتْلِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي، وَهِيَ كَوْنُهَا مُفَصَّلَةً مُلْزَمَةً مَعْلُومَةً غَيْرَ مُتَنَاقِضَةٍ مِنْ مُعَيَّنٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ، وَمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى لَا يُرَدُّ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَنْ يَفْصِلَ) أَيْ فِي غَيْرِ الْقَتْلِ بِالسِّحْرِ لِعَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَيَعْمَلُ بِتَغْيِيرِ السَّاحِرِ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَمْدٍ إلَخْ) أَيْ مَعَ وَصْفِهِ إلَّا مِنْ فَقِيهٍ مُوَافِقٍ لِلْقَاضِي فِي مَذْهَبِهِ. قَوْلُهُ: (وَشَرِكَةٍ) أَيْ وَذَكَرَ عَدَدَ الشُّرَكَاءِ، وَلَوْ بِغَايَةٍ كَقَوْلِهِ لَا يَزِيدُونَ عَلَى عَشَرَةٍ وَيُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ كَالْعُشْرِ مِنْ الْعَشَرَةِ نَعَمْ إنْ أَوْجَبَ الْقَتْلُ قَوَدًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى عَدَدٍ لِوُجُوبِهِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ.
قَوْلُهُ: (الْمَاسَرْجِسِيُّ) بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَةٌ فَسَاكِنَةُ فَجِيمٌ مَكْسُورَةٌ عِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ، أَوْ مَفْتُوحَةٌ عِنْدَ الْكَرْخِيِّ ثُمَّ سِينٌ مُهْمَلَةٌ. قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِفْصَالُ) فَهُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى نَعَمْ إنْ كَانَ الَّذِي أَغْفَلَهُ مِنْ الشُّرُوطِ امْتَنَعَ اسْتِفْصَالُهُ.
فَرْعٌ: كَتَبَ وَرَقَةً وَقَالَ أَدَّعِي بِمَا فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ كَفَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ إنْ قُرِئَتْ بِحَضْرَةِ خَصْمِهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تَحْلِيفَ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ يُحَلِّفُهُمْ إذَا كَانَ لَوْثٌ فَإِذَا امْتَنَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ مَثَلًا أَقْسَمَ الْوَلِيُّ عَلَيْهِ وَاسْتَحَقَّ الدِّيَةَ وَكَذَا لَوْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ، وَظَهَرَ لِلْوَلِيِّ تَعْيِينُ وَاحِدٍ وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِابْنِ حَجَرٍ. قَوْلُهُ: (أَيْ يَأْمُرُ بِتَحْلِيفِهِمْ) لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ بَلْ فِيهِ إيهَامٌ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُحَلِّفُهُمْ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لِلتَّوَسُّلِ إلَخْ) فَلَوْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ عَلَى هَذَا فَفِيهِ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ) خَرَجَ بِهَا الْوَصِيَّةُ وَالْإِقْرَارُ وَالْمُتْعَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالنَّفَقَةُ وَنَحْوُهَا،
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ]
كِتَابُ دَعْوَى الدَّمِ إلَخْ شَطْرُ بَيْتٍ مَوْزُونٍ قَوْلُهُ: (تَسْتَتْبِعُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُعْتَرَضُ بِعَدَمِ التَّرْجَمَةِ عَنْهَا، قَوْلُهُ: (مِنْ عَمْدٍ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِ حَقِيقَةِ الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ أَيْضًا، قَوْلُهُ: (فِي جَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا انْحَصَرُوا وَإِلَّا فَلَا يُبَالِي بِقَوْلِهِ، وَلَا يُشْكَلُ بِقِصَّةِ خَيْبَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الدَّعْوَى عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ مِنْهُمْ.
تَنْبِيهٌ: إنَّمَا قَدَّرَ الشَّارِحُ هَذَا لِيَعُودَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ الْآتِي وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِينَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ سَمَاعَهَا، قَوْلُهُ: (لَمْ يُحَلِّفْهُمْ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى، قَوْلُهُ: (أَيْ لَا تَحْلِيفَ) لَمْ يَقُلْ أَيْ لَمْ يَأْمُرْ بِحَلِفِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ لِئَلَّا يُوهِمُ أَنَّ لَهُمْ الْحَلِفَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ بَعْدَ طَلَبِ الْخَصْمِ، قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي يُحَلِّفُهُمْ) هَذَا يُؤَيَّدُ بِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ مُبْهَمَةٌ، قَوْلُهُ: (وَلَا ضَرَرَ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَعَلَيْهِ الضَّرَرُ بِعَدَمِ التَّحْلِيفِ فَلَوْ نَكَلُوا جَمِيعًا قَالَ فِي الْوَسِيطِ اُسْتُشْكِلَتْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ عَلَى الدَّعْوَى الْمُبْهَمَةِ.
قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ إلَخْ) وَلَوْ نَشَأَتْ تِلْكَ الْمُعَامَلَةُ عَنْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ، أَوْ عَبْدِهِ وَمَاتَ الْمُعَامِلُ فَهَلْ يَجْرِي الْخِلَافُ أَوْ لَا لِكَوْنِ أَصْلِهَا مَعْلُومًا مَحَلُّ نَظَرٍ،
قَوْلُهُ: