يُوجَدْ مُعْتِقٌ وَلَا عَصَبَتُهُ (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي ثُمَّ عَصَبَتُهُ) مِنْ النَّسَبِ (ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتُهُ) ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ بَدَّلَ الْوَاوَ (وَكَذَا أَبَدًا) أَيْ بَعْدَ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ مُعْتِقُ الْجَدِّ وَعَصَبَتُهُ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي، وَيُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ اسْتِثْنَاءُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ مِنْ عَصَبَةِ مُعْتِقِ الْأَبِ وَمُعْتِقِ الْجَدِّ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ (وَعَتِيقُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (يَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهَا) دُونَهَا (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ) فِيمَا عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِجَمِيعِهِمْ لَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) قَبْلَ مَوْتِهِ، وَلَا يُقَالُ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمْ تَوَزُّعَهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ، وَسَيَأْتِي أَنَّ عَلَى الْغَنِيِّ مِنْ الْعَاقِلَةِ كُلَّ سَنَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَالْمُتَوَسِّطُ رُبْعُ دِينَارٍ (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ فِي الْأَظْهَرِ) لِانْتِفَاءِ إرْثِهِ، وَالثَّانِي نُظِرَ إلَى أَنَّ الْعَقْلَ نُصْرَةٌ وَالْعَتِيقُ أَوْلَى بِنُصْرَةِ مُعْتِقِهِ
(فَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِلُ) مِمَّنْ ذُكِرَ (أَوْ لَمْ يَفِ) مَا عَلَيْهِ بِالْوَاجِبِ فِي الْجِنَايَةِ (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِ) الْكُلَّ أَوْ الْبَاقِيَ لِأَنَّهُ يَرِثُهُ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَمَالُهُ فَيْءٌ فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ (فَإِنْ فُقِدَ) بَيْتُ الْمَالِ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْوَاجِبُ بِالْجِنَايَةِ (عَلَى الْجَانِي فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ ثُمَّ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ دَيْنًا فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ وَحَيْثُ وَجَبَ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَوْ عَلَى الْجَانِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي) وَيَعْمَلُ مُعْتِقُ الْأُمَّهَاتِ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ فِي مُعْتِقِ الْآبَاءِ لَكِنْ يُقَدَّمُ مُعْتِقُ الذَّكَرِ عَلَى مُعْتِقِ الْأُنْثَى فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ تَسَاوَيَا فِيهَا، وَيُسْتَثْنَى فِيهِمْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْأُمَّهَاتِ كَعَصَبَةِ مُعْتِقِ الْآبَاءِ أَيْضًا، مَا دَامَ الْوَلَاءُ لَهُمْ فَإِنْ انْتَقَلَ عَنْهُمْ سَقَطَ الْعَقْلُ عَنْهُمْ بِمَعْنَى انْتِقَالِهِ إلَى عَصَبَةِ الْأَبِ إنْ اكْتَفَى بِهِمْ، فَلَوْ تَزَوَّجَ رَقِيقٌ بِعَتِيقَةٍ فَالْوَلَاءُ عَلَى أَوْلَادِهِ لِمُعْتِقِهَا وَعَصَبَتِهِ فَيَعْقِلُونَ عَنْ الْوَلَدِ فَإِنْ عَتَقَ الْأَبُ انْجَرَّ الْوَلَاءُ عَنْهُ، لِمُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتِهِ، فَيَسْقُطُ التَّحَمُّلُ عَنْهُمْ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْعِتْقِ. قَوْلُهُ: (وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ فِيمَا عَلَيْهِ) أَيْ فَعَلَيْهِمْ كُلُّهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، أَوْ رُبْعُهُ إنْ كَانُوا مُتَوَسِّطِينَ، وَيُوَزَّعُ ذَلِكَ النِّصْفُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ الْمِلْكِ لَا الرُّءُوسِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا غَنِيٌّ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى الْغَنِيِّ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ أَغْنِيَاءَ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ حِصَّتُهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ مُتَوَسِّطِينَ.
قَوْلُهُ: (وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ) لَكِنْ بِحَسَبِ حَالِ كُلٍّ مِنْهُمْ، فَلَوْ كَانَ الشَّخْصُ مِنْ الْعَصَبَةِ غَنِيًّا فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُعْتِقِ لَوْ كَانَ غَنِيًّا وَعَكْسُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُتَوَسِّطًا فِي الْأُولَى أَوْ غَنِيًّا فِي الثَّانِيَةِ.
تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مُعْتِقَانِ بِالسَّوِيَّةِ أَحَدُهُمَا غَنِيٌّ، وَالْآخَرُ مُتَوَسِّطٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ نِصْفُ النِّصْفِ مِنْ الدِّينَارِ، وَعَلَى الثَّانِي نِصْفُ الرُّبْعِ مِنْهُ، وَعَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَةِ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِلَّا فَنِصْفُ الرُّبْعِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ عَصَبَةِ الثَّانِي نِصْفُ الرُّبْعِ، إنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا مِثْلُهُ، وَإِلَّا فَنِصْفٌ فَرَاجِعْ ذَلِكَ وَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (وَسَيَأْتِي إلَخْ) .
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ الْفَاضِلُ بَعْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى الْأَقْرَبِ أَقَلَّ مِمَّا يَلْزَمُ الْأَبْعَدَ كَأَنْ فَضَلَ عَنْ الْإِخْوَةِ مَثَلًا ثُلُثُ دِينَارٍ أَوْ رُبْعُهُ، وَهُنَاكَ عَمٌّ غَنِيٌّ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ إلَّا بِهِ فَقَطْ، وَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ أَقَلَّ مِمَّا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ فَالْوَجْهُ أَنْ يُنْقَصَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ النِّسْبَةِ، فَلَوْ كَانَ الْوَاجِبُ دِينَارًا بِالْجِنَايَةِ، وَلَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ الْعَصَبَةِ أَغْنِيَاءُ فِي دَرَجَةٍ لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمْ رُبْعُ دِينَارٍ إذْ لَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ لَزَادَ عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ، وَلَوْ أَوْجَبْنَا عَلَى أَحَدِهِمْ مَثَلًا نِصْفًا وَعَلَى أَحَدِهِمْ رُبْعًا كَذَلِكَ لَكَانَ مِنْ التَّحَكُّمِ، وَهَكَذَا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَحَرِّرْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ) وَإِنْ سَفَلَ وَلَا عَصَبَتُهُ
قَوْلُهُ: (مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَصَبَةِ مِنْ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ، وَلَوْ سَكَتَ عَنْ هَذَا لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ بَعْدَ الْعَصَبَةِ الْمَذْكُورِينَ، وَيُقَدَّمُونَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ رُبْعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (عَقْلُ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ قَوْلُهُ: (عَنْ الْمُسْلِمِ) أَيْ غَيْرِ اللَّقِيطِ لِأَنَّ وَارِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ فَلَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ وَعَوْدِهَا إلَيْهِ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَرِثَهُ بَيْتُ الْمَالِ لِعَوْدِهَا الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَارِثٌ فَتَرْجِعُ الدِّيَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ) وَمِثْلُهُ الْمُؤْمِنُ وَكَذَا الْمُرْتَدُّ لِأَنَّ مَالَهُ فَيْءٌ، وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ فَالْوَاجِبُ بِقَتْلِهِ خَطَأً فِي مَالِهِ مُؤَجَّلًا فَإِنْ مَاتَ سَقَطَ الْأَجَلُ.
قَوْلُهُ: (فَكُلُّهُ) أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ بَعْدَ التَّوْزِيعِ عَلَى الْجَانِي مَا لَمْ يَكُنْ ذَوُو أَرْحَامٍ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ أَوْ غَيْرِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ مُقَدَّمُونَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ تَوْرِيثِهِمْ وَيُقَدَّمُونَ أَيْضًا، عَلَى بَيْتِ الْمَالِ إذَا لَمْ يَنْتَظِمْ كَمَا فِي الْإِرْثِ وَالْكَلَامُ فِي الذُّكُورِ مِنْهُمْ غَيْرُ الْأُصُولِ، وَالْفُرُوعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ ابْتِدَاءً عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَفِي الدَّمِيرِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهَانِ وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ إلَخْ) فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ نَعَمْ يُخَالِفُ الْجَانِي الْعَاقِلَةَ بِأَنَّهَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ عَنْهَا بِمَوْتِهَا بِخِلَافِهِ، وَبِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ كُلَّ سَنَةٍ ثُلُثُ الْوَاجِبِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ مِنْهَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) عَلَى هَذَا يُتَّجَهُ تَأَخُّرُهُ عَنْ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَاتِهِ وَأَمَّا عَصَبَاتُ الْعَتِيقِ فَلَا يَتَحَمَّلُونَ قَطْعًا، وَكَذَا عَتِيقُ الْعَتِيقِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي تَحَمَّلَ عَنْهُ وَيُمْكِنُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِ نَظَرًا لِذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: قَطَعَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْعَتِيقَ لَا يَرِثُ وَتَرَدَّدَ فِي تَحَمُّلِهِ الْعَقْلَ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ مَدَارُهُ عَلَى النِّعْمَةِ وَلَا نِعْمَةَ لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ، وَالْعَقْلُ عَلَى الْمُنَاصَرَةِ وَهِيَ لَائِقَةٌ بِهِ.
قَوْلُهُ: (عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَا وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَعْقِلُ عَنْهُ وَأَرِثُهُ» ، قَوْلُهُ: (فَكُلُّهُ) أَيْ وَالْفَاضِلُ عَنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ قِسْطِ الْعَامِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ، قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ وَجَبَ) دَفْعٌ لِمَا عَسَاهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي وَتُؤَجَّلُ