لَهُ فَالْخِلَافُ هُنَا هُوَ الْخِلَافُ فِيمَا قَبْلَهُ
(وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ كُنَاسَاتٍ (وَقُشُورَ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (بِطَرِيقٍ) فَحَصَلَ بِهَا تَلَفٌ لِشَيْءٍ (فَمَضْمُونٌ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِالطَّرِيقِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالثَّانِي غَيْرُ مَضْمُونٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي طَرْحِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ طَرَحَ فِي مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ.
(وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ) الْحَوَالَةُ وَذَلِكَ (بِأَنْ حَفَرَ) وَاحِدٌ بِئْرًا (وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا عُدْوَانًا فَعُثِرَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (وَوَقَعَ) الْعَاثِرُ (بِهَا فَعَلَى الْوَاضِعِ) الضَّمَانُ لِأَنَّ الْعُثُورَ بِمَا وَضَعَهُ هُوَ الَّذِي أَلْجَأَهُ إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمُهْلِكِ، فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلٌ لِلْهَلَاكِ وَحَفْرُ الْبِئْرِ سَبَبٌ ثَانٍ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ) بِأَنْ وَضَعَ حَجَرًا فِي مِلْكِهِ وَحَفَرَ آخَرُ بِئْرًا عُدْوَانًا فَعَثَرَ ثَالِثٌ بِالْحَجَرِ وَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَهَلَكَ (فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ) لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانٌ كَمَا قَالُوا فِيمَا لَوْ كَانَ حُصُولُ الْحَجَرِ عَلَى طَرَفِ الْبِئْرِ بِالسَّيْلِ
(وَلَوْ وَضَعَ) وَاحِدٌ (حَجَرًا) فِي طَرِيقٍ (وَآخَرَانِ حَجَرًا) بِجَنْبِهِ (فَعَثَرَ بِهِمَا) آخَرُ فَمَاتَ (فَالضَّمَانُ) لَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنْبِيهٌ: مَتَى قِيلَ بِالضَّمَانِ فِيمَا مَرَّ الْجِدَارُ أَوْ الْمِيزَابُ، أَوْ الْجَنَاحُ لَمْ يَبْرَأْ بِبَيْعِهِ مَثَلًا إلَّا إنْ مَلَكَهُ مِنْ مَالٍ إلَى مِلْكِهِ وَرَضِيَ بِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ سَقَطَ مِنْ سَطْحِ شَيْءٍ أَوْ إنْسَانٌ فِي شَارِعٍ مَثَلًا فَأَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِانْهِيَارِ الْجِدَارِ تَحْتَهُ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ. قَوْلُهُ: (فَالْخِلَافُ إلَخْ) أَيْ فَتَعْلَمُ مَرْتَبَةَ الْخِلَافِ الْأَوَّلِ مِنْ الْخِلَافِ الثَّانِي لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ فِيهِمَا، وَلِذَلِكَ فَرَّعَهُ بِالْفَاءِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَرَحَ) خَرَجَ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِنَفْسِهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ قَصَّرَ فِي رَفْعِهَا، قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَنَّهُ كَالطَّرْحِ. قَوْلُهُ: (كَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ عَلَى الْأَفْصَحِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَيُقَالُ فِيهِ طَبِيخٌ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقٍ) خَرَجَ طَرْحُهَا فِي مِلْكِهِ أَوْ عَلَى بَابِهِ فَفِيهَا مَا مَرَّ فِي وَضْعِ السِّقَايَةِ مَثَلًا، وَخَرَجَ بِالْقُمَامَاتِ الرَّشُّ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ إنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ، وَلَمْ يُجَاوِزْ الْعَادَةَ، وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الرَّاشِّ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَهُوَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ بَاقِيَ نَحْوِ الْجَنَاحِ فِيمَا تَقَدَّمَ.
فَرْعٌ: مَا تَلِفَ بِوَضْعِ الطِّينِ وَالتُّرَابِ فِي الشَّارِعِ مَضْمُونٌ إنْ خَالَفَ الْعَادَةَ، وَإِلَّا فَلَا، وَتَكْسِيرُ الْحَطَبِ فَمَضْمُونٌ إنْ ضَاقَ الشَّارِعُ وَإِلَّا فَلَا وَوَضْعُ الْمَتَاعِ بِبَابِ الْحَانُوتِ مُضَمَّنٌ، وَكَذَا مَشْيُ أَعْمَى بِلَا قَائِدٍ. قَوْلُهُ: (فَمَضْمُونٌ) أَيْ عَلَى الرُّءُوسِ لَوْ تَعَدَّدَ الطَّارِحُ كَمَا فِي وَضْعِ الْحَجَرِ الْآتِي. قَوْلُهُ: (فِي مَوَاتٍ فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَ الْمَاشِي الْمَشْيَ عَلَى الْقُمَامَةِ أَوْ كَانَتْ فِي مُنْعَطَفٍ مِنْ الطَّرِيقِ وَتَقَدَّمَ مَا فِي مِلْكِهِ.
فَرْعٌ: مَا تَوَلَّدَ مِنْ نَحْوِ سِدْرٍ أَوْ نُخَامَةٍ فِي حَمَّامٍ فَعَلَى الْفَاعِلِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَمَّامِيِّ فِيمَا بَعْدَهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَسْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ. نَعَمْ إنْ مَنَعَهُ الْفَاعِلُ مِنْ إزَالَتِهِ اسْتَمَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (سَبَبَا هَلَاكٍ) خَرَجَ سَبَبٌ اشْتَرَكَ فِيهِ جَمْعٌ فَكَمَا مَرَّ، فِيمَا لَوْ زَادَ فِي حَفْرِ غَيْرِهِ وَمَا زَادَ بِالسَّبَبِ هُنَا مَا لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْهَلَاكِ لِأَنَّ الْحَفْرَ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (بِأَنْ حَفَرَ وَاحِدٌ بِئْرًا) وَلَوْ عُدْوَانًا.
قَوْلُهُ: (وَوَضَعَ آخَرُ) أَيْ أَهْلٌ لِلضَّمَانِ وَإِلَّا كَحَرْبِيٍّ وَسَيْلٍ وَسَبُعٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (عُدْوَانًا) قَيْدٌ فِي وَضَعَ وَكَذَا فِي حَفَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ لَكِنَّهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي ضَمَانِ الْوَاضِعِ الْمُتَعَدِّي وَبِهِ فِي عَدَمِ تَعَدِّي الْوَاضِعِ هُنَا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَوَضْعُ الْحَجَرِ سَبَبٌ أَوَّلٌ لِلْهَلَاكِ) أَيْ لَا فِي الْوُجُودِ بَلْ هُوَ بِالْعَكْسِ وَفِيهِ إشَارَةٌ أَيْضًا إلَى أَنَّ التَّعَاقُبَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ قَيْدًا فِي الْوَضْعِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْمُتَعَدِّي) أَيْ مَعَ كَوْنِهِ كَالْمُبَاشِرِ وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ غَيْرُهُ سِكِّينًا فِي الْبِئْرِ تَعَدِّيًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْحَافِرِ، وَلَوْ لَمْ يَتَعَدَّ الْحَافِرُ هُنَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ هَوَى أَحَدُ اثْنَيْنِ فِي بِئْرٍ فَجَذَبَ الْآخَرَ فَهَوَيَا مَعًا فَمَاتَا، فَكُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنٌ مَضْمُونٌ كَمَا لَوْ تَجَاذَبَا حَبْلًا مَثَلًا، فَانْقَطَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي، نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْهَاوِي بِجَذْبِهِ لِلْآخَرِ خَلَاصَ نَفْسِهِ فَهُوَ مَضْمُونٌ لَا ضَامِنٌ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ أُلْقِيَ شَخْصٌ عَلَى سِكِّينٍ بِيَدِ غَيْرِهِ ضَمِنَهُ الْمُلْقِي إلَّا إنْ تَلَقَّاهُ الْآخَرُ بِهَا فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ السَّيْلَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ أَهْلِ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (بِجَنْبِهِ) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَمَامَ الْآخَرِ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الثَّانِي الَّذِي تَلِيهِ الْبِئْرُ لَا الْأَوَّلِ لِقَطْعِ أَثَرِهِ بِالثَّانِي قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ قِيَاسُ مَا مَرَّ تَضْمِينُ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَسْبَابٌ لِلْهَلَاكِ مُتَعَاقِبَةٌ فَرَاجِعْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَعَثَّرَ بِالسَّاقِطِ كَمَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِالسُّقُوطِ، قَوْلُهُ: (فَالْخِلَافُ هُنَا) يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ الْمُمْكِنِ
قَوْلُهُ: (فَحَصَلَ) لَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا فَزَلَقَ بِهَا فَلَا ضَمَانَ
قَوْلُهُ: (فَعَلَى الْأُولَى) لَوْ تَعَادَلَ السَّبَبَانِ كَأَنْ حَفَرَ وَاحِدٌ وَأَعْمَقَ آخَرُ فَعَلَيْهِمَا الضَّمَانُ، وَلَوْ رَفَعَ عَبْدًا مِنْ بِئْرٍ بِحَبْلٍ فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ وَمَاتَ ضَمِنَ قَالَهُ الْبَغَوِيّ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْعُثُورَ) أَيْ فَكَأَنَّ الْعُثُورَ بِهِ بِمَنْزِلَةِ الدَّفْعِ مِنْ وَاضِعِهِ.
قَوْلُهُ: (كَمَا قَالُوا) أَقْوَى مِنْ هَذَا فِي الْإِشْكَالِ عَلَيْهِ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكٍ وَنَصَبَ شَخْصٌ فِي الْبِئْرِ حَدِيدَةً وَمَاتَ الْمُتَرَدِّي بِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَمَّا الْحَافِرُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْوَاضِعُ فَلِأَنَّ التَّرَدِّي هُوَ الْمُفْضِي إلَى الْحَدِيدَةِ، وَلِهَذَا يُقَالُ كَيْفَ يَقُولُ الشَّيْخَانِ: الْمَنْقُولُ مَعَ وُجُودِ مَسْأَلَةِ الْمُتَوَلِّي هَذِهِ
قَوْلُهُ: (بِجَنْبِهِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْحَجَرَيْنِ أَمَامَ الْآخَرِ فَعَثَرَ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ بِالثَّانِي فَالْمَدَارُ عَلَى الثَّانِي، قَوْلُهُ: (ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ) لَوْ مَاتَ هَذَا الْمُدَحْرِجُ مِنْ تِلْكَ الْعَثْرَةِ فَلَا خَفَاءَ فِي ضَمَانِ الْوَاضِعِ لَهُ وَذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ