وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، (وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ لَغَا) هَذَا الْعَفْوُ (وَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَلَيْهَا) لِأَنَّ اللَّاغِيَ كَالْمَعْدُومِ.

(وَلَوْ عَفَا) عَنْ الْقَوَدِ (عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ ثَبَتَ) الْغَيْرُ الْمَعْفُوُّ عَلَيْهِ (إنْ قَبِلَ الْجَانِي) ذَلِكَ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ (وَإِلَّا فَلَا) يَثْبُتُ (وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ الْعِوَضَ لَمْ يَحْصُلْ، وَالثَّانِي يَسْقُطُ لِرِضَاهُ بِالصُّلْحِ عَنْهُ وَعَلَى هَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ كَمَا لَوْ عَفَا مُطْلَقًا أَيْ فَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ (وَلَيْسَ لِمَحْجُورٍ فَلَيْسَ عَفْوٌ عَنْ مَالٍ إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) لِلتَّفْوِيتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ بِعَيْنِهِ (فَإِنْ عَفَا) عَنْهُ (عَلَى الدِّيَةِ ثَبَتَتْ وَإِنْ أَطْلَقَ) الْعَفْوَ (فَكَمَا سَبَقَ) أَيْ أَنَّ الْمَذْهَبَ لَا دِيَةَ

(وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ) وَقِيلَ تَجِبُ الدِّيَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْعَفْوِ يُوجِبُهَا فَلَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُهَا وَدَفَعَ بِأَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يُكَلَّفُ الِاكْتِسَابُ (وَالْمُنْذَرُ) بِالْمُعْجَمَةِ (فِي الدِّيَةِ كَمُفْلِسٍ) فَلَا تَجِبُ فِي صُورَتَيْ الْعَفْوِ (وَقِيلَ كَصَبِيٍّ) فَتَجِبُ.

(وَلَوْ تَصَالَحَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مِائَتَيْ بَعِيرٍ لَغَا إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا) لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى الْوَاجِبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَوْجَبْنَا الْقَوَدَ بِعَيْنِهِ (فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ) لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْوَاجِبِ بِالِاخْتِيَارِ، وَالثَّانِي يَقُولُ الدِّيَةُ خَلْفُهُ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، وَلَوْ قَالَ رَشِيدٌ لِآخَرَ (اقْطَعْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ) أَيْ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ (فَإِنْ سَرَى) الْقَطْعُ (أَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي) فَقَتَلَهُ (فَهَدَرٌ) لِلْإِذْنِ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً

(وَلَوْ قُطِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ عُضْوُهُ (فَعَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ فَإِنْ لَمْ يَسِرْ) الْقَطْعُ (فَلَا شَيْءَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي الْبَيْعِ وَإِلَّا وَجَبَتْ. قَوْلُهُ: (يَمْنَعُ الْبَدَلِيَّةَ) لَعَلَّ الْمُرَادَ يَمْنَعُ إيجَابَهَا قَوْلُهُ: (بَعْدَهُ) وَلَوْ عَلَى التَّرَاخِي

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا) عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ: (الْمَحْجُورُ فَلَّسَ) وَمِثْلُهُ الْمَرِيضُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ قَوْلُهُ: (فَكَمَا سَبَقَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ لَا يُكَلَّفُ الْكَسْبَ، وَالْعَفْوُ إسْقَاطٌ لِلْقَوَدِ الثَّابِتِ، وَالدِّيَةُ تَابِعَةٌ لَهُ فِيهِ لَا إثْبَاتٌ لِلدِّيَةِ الْمَعْدُومَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِنَاءً إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ إلَخْ) قَالَ: بَعْضُهُمْ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ، فَلَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِالْمَذْهَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى الطُّرُقِ بِالْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ فَعَلَى أَنَّ الْعَفْوَ يُوجِبُهَا يَجْرِي وَجْهَانِ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَقْطَعُ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، فَالْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ إمَّا طَرِيقُ الْقَطْعِ الْمُوَافِقُ لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْحِكَايَةِ أَوْ عَكْسُهُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (لَا يُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّهُ يَصِحُّ عَفْوُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَصَى بِسَبَبِهِ وَإِنْ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاكْتِسَابُ لَهُ قَوْلُهُ: (فِي الدِّيَةِ) أَيْ فِي إيجَابِهَا بِالْعَفْوِ الْمَذْكُورِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ) أَيْ مُتَعَيِّنَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ قَوْلُهُ: (رَشِيدٌ) الْمُرَادُ بِهِ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الْحُرُّ وَلَوْ سَكْرَانَ أَوْ سَفِيهًا فَإِذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَالْعَدَمِ، وَإِذْنُ الرَّقِيقِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ لَا الْمَالَ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الدِّيَةُ) أَيْ كَامِلَةً فِي الْقَتْلِ وَنِصْفُهَا فِي الْقَطْعِ وَإِنْ سَرَى وَقِيلَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِيهِمَا

قَوْلُهُ: (عَنْ قَوَدِهِ) وَالْعَفْوُ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ كَمَا فِي الْأُمِّ لَا لِلْأَرْشِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لِكَوْنِهِ قَبْلَ السِّرَايَةِ فَإِنْ أَطْلَقَ فِي الْعَفْوِ بَعْدَهَا انْصَرَفَ لِلْقَوَدِ أَيْضًا وَتَبِعَهُ الْأَرْشُ فَكَأَنَّهُ عَفَا عَنْ الْقَوَدِ وَالْأَرْشِ مَعًا كَمَا مَرَّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْعَفْوَ صَادِرٌ مِنْ الْمَقْطُوعِ، وَلِذَلِكَ كَانَ تَارَةً بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَتَارَةً بِلَفْظِ غَيْرِهَا. كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُ شَيْخِنَا صُورَةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ عَلَى الدِّيَةِ أَوْ عَلَى الْأَرْشِ ثُمَّ يَقُولَ عَفَوْت عَلَى أَرْشِهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَيْخِهِ الطَّنْدَتَائِيِّ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَرَاجِعْهُ، وَحَرِّرْهُ وَخَرَجَ بِالْقَوَدِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ، وَإِنْ عَفَا عَنْ أَرْشِهَا صَحَّ الْعَفْوُ، وَإِنْ عَفَا عَنْ قَوَدِهَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهَا، وَإِنْ عَفَا عَنْ قَوَدِهَا لَوْ سَرَتْ فَسَرَتْ إلَى النَّفْسِ فَلِلْوَلِيِّ الْقَوَدُ لِأَنَّهُ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ أَيْضًا.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ صِيغَةَ عَفْوِهِ لَهَا أَنْوَاعٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ أَوْ يَقُولَ: عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِهِ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَوْصَيْت لَهُ بِأَرْشِهِ وَأَرْشِ مَا يَحْدُثُ عَنْهُ أَوْ عَفَوْت عَنْ قَوَدِهِ وَأَبْرَأْتُهُ مَثَلًا مِنْ أَرْشِهِ أَوْ مِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالدِّيَةُ، قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا بَدَلُهُ) أَيْ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] الْآيَةَ وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ، قَوْلُهُ: (لَغَا) لَوْ فَرَّعْنَا عَلَى الثَّانِي تَعَيَّنَ الْقِصَاصُ ثُمَّ لَوْ فَرَضَ بَعْدَ ذَلِكَ مَوْتَ الْجَانِي وَجَبَتْ أَوْ عَفْوَهُ عَلَيْهَا فَلَا قَوَدَ وَلَوْ تَرَاخَى الزَّمَنُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَفَا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ خِلَافُ مَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ أَقُولُ: لَكِنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ الْعِبَارَةَ عَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ ذَكَرَ آخِرًا مِثْلَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (لِرِضَاهُ بِالصُّلْحِ) فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ صَالَحَ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ. عَلَى مَالٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ التَّنْظِيرِ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ مَعَ الْعِلْمِ بِفَسَادِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ قَطْعًا، قَالَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ

قَوْلُهُ: (فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ إنْ قُلْنَا: مُطْلَقُ عَفْوِهِ لَا يُوجِبُ الْمَالَ فَالْمُقَيَّدُ بِالنَّفْيِ أَوْلَى وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِهِ بِهِ فَهُنَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَجِبُ إذْ لَوْ كَلَّفَهُ الْمُفْلِسُ أَنْ يُطَلِّقَ لِيُثْبِتَ الْمَالَ، لَكَانَ تَكْلِيفًا لِلِاكْتِسَابِ اهـ. فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالْمَذْهَبِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ تَجِبُ) لِأَنَّهُ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ لَوَجَبَتْ نَظَرًا لِلْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ النَّفْيُ كَالْإِسْقَاطِ بِمَا لَهُ حُكْمُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: (فِي الدِّيَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الْقَوَدِ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ كَصَبِيٍّ) أَيْ لِأَنَّ حَجْرَهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ فَتَلْغُو عِبَارَتُهُ كَالصَّبِيِّ، قَالَ الْإِمَامُ وَلَا وَجْهَ لِغَيْرِ هَذَا لِأَنَّهُ لَوْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ رَدُّهُ قَالَ غَيْرُهُ كَمَا لَا يَصِحُّ إعْرَاضُهُ عَنْ الْغَنِيمَةِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ فِي كُلِّ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مِائَتَيْ بَعِيرٍ) أَيْ بِالصِّفَةِ الْوَاجِبَةِ، قَوْلُهُ (لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ كَالصُّلْحِ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى مِائَتَيْنِ عَنْ الْوَاجِبِ وَهُوَ الْقَوَدُ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ) أَيْ كَامِلَةٌ فِي الثَّانِيَةِ وَنِصْفُهَا فِي الْأَوَّلِ أَمَّا الْقَوَدُ فَلَا يَجِبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015