وَالثَّانِي إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.
(وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً وَنَاصِيَتُهُ أَصْغَرُ تَمَّمَ) عَلَيْهَا (مِنْ بَاقِي الرَّأْسِ) مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ (وَلَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ) عَمْدًا (لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ (بَعْدَ انْدِمَالِ) مُوضِحَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) الزَّائِدُ (خَطَأً أَوْ عُفِيَ عَلَى مَالٍ وَجَبَ) لَهُ (أَرْشٌ كَامِلٌ وَقِيلَ قَسَّطَهُ) مِنْهُ بِأَنْ يُوَزِّعَ عَلَيْهِمَا (وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ) بِأَنْ تَحَامَلُوا عَلَى الْآلَةِ وَجَرُّوهَا مَعًا (أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا) أَيْ مِثْلَ مُوضِحَتِهِ (وَقِيلَ قَسَّطَهُ) مِنْهَا لِإِمْكَانِ التَّجْزِئَةِ
(وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ) مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (بِشَلَّاءَ) بِالْمَدِّ (وَإِنْ رَضِيَ) بِهِ (الْجَانِي فَلَوْ فَعَلَ) مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ (لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا) وَلَهُ حُكُومَةٌ، (فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ) ، فَإِنْ كَانَ قَطَعَ بِإِذْنِ الْجَانِي، فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ وَيُجْعَلُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ، وَإِنْ قَالَ اقْطَعْهَا قِصَاصًا فَفَعَلَ فَقِيلَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَوْفٍ لِحَقِّهِ، وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَتُهَا، وَلَهُ حُكُومَةٌ، وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSإنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَجَمِيعُ رَأْسِهِ مَحَلٌّ لِجَوَازِ أَدَائِهِ فَلَهُ قَضَاؤُهُ مِنْ أَيِّ مَحَلٍّ أَرَادَ وَهَذَا فِي حَالَةِ الِاسْتِيعَابِ وَسَيَأْتِي الْبَعْضُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ قَدْرِ النَّاصِيَةِ مِنْ غَيْرِهَا. كَمُؤَخَّرِ الرَّأْسِ أَوْ أَحَدِ جَانِبَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ جَانِبِ يَسَارٍ عَنْ يَمِينٍ وَعَكْسُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ قَوْلُهُ: (مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) أَيْ مَعَ الِاتِّصَالِ، وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَوْ بِالرِّضَا قَوْلُهُ: (الْمُقْتَصُّ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ فَعَلَ قَهْرًا أَوْ بِرِضَا الْجَانِي فَلَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ وُجُوبِ التَّوْكِيلِ مِنْ الْإِمَامِ. قَوْلُهُ: (خَطَأً) أَيْ بِعُذْرٍ وَلَوْ بِاضْطِرَابٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ بِاضْطِرَابِهِمَا مَعًا هَدَرٌ وَنِصْفُهَا. إنْ وَجَبَ قِصَاصٌ فَيَقْتَصُّ بِقَدْرِ نِصْفِهَا بِالْمِسَاحَةِ، فَإِنْ وَجَبَ مَالٌ وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ لِأَنَّ نِصْفَهَا مُوضِحَةٌ كَامِلَةٌ لَوْ انْفَرَدَ. كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي بِذَلِكَ صَرَّحَ الْخَطِيبُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِإِسْقَاطِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ كَانَ الزَّائِدُ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي وَحْدَهُ فَهَدَرٌ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ بِغَيْرِ اضْطِرَابِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اضْطِرَابِهِ. قَوْلُهُ: (أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا) كَمَا مَرَّ فِي قَطْعِ عُضْوٍ مِنْهُ وَإِذَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْشُ مُوضِحَةٍ كَامِلٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوْ انْفَرَدَ بِهِ كَانَ مُوضِحَةً كَامِلَةً، وَلِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُوضِحَةٌ كَامِلَةٌ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ تَوْزِيعَ الدِّيَةِ نَعَمْ يَشْكُلُ عَلَى مَا هُنَا مَا مَرَّ فِي أَخْذِ الْقِسْطِ إذَا نَقَصَتْ رَأْسُ الشَّاجِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيمَا مَرَّ اسْتِيفَاءُ عُضْوٍ كَامِلٍ كَانَ فِي إيجَابِ الْأَرْشِ الْكَامِلِ يُشْبِهُ تَضَاعُفَ الْغُرْمِ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الشِّينِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْقِصَاصِ بِهَا ابْتِدَاءً، وَلَا عِبْرَةَ بِحُدُوثِ الْجِنَايَةِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَطَعَ نَاقِصُ الْأَصَابِعِ كَامِلَةً ثُمَّ نَقَصَتْ الْأُصْبُعُ الْمُمَاثِلَةُ لِلنَّاقِصِ حَيْثُ تُقْطَعُ الْآنَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ تَعَلَّقَ بِالْأَصَابِعِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا كَانَ عَدَمُ الْقَطْعِ لِمَانِعٍ وَهُوَ الْأُصْبُعُ الْخَامِسُ، وَقَدْ زَالَ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ) قَيَّدَ بِذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَغَيْرُهُمَا كَذَلِكَ إلَّا فِي أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَكَذَا لَوْ سَرَى الْقَطْعُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِالْقَطْعِ قَوْلُهُ: (بَلْ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ الَّتِي قَطَعَهَا مِنْ الْجَانِي، وَلَهُ عَلَى الْجَانِي حُكُومَةُ يَدِهِ الشَّلَّاءِ الَّتِي قَطَعَهَا الْجَانِي وَلَا قِصَاصَ هُنَا لِعَدَمِ وُجُودِ مُمَاثِلٍ.
قَوْلُهُ: (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ أَيْ نَفْسِ الْجَانِي وَتَسْقُطُ بِهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ لِدُخُولِهَا فِي النَّفْسِ، فَيُقْتَلُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْجَانِي فَإِنْ عَفَا وَجَبَ دِيَةً كَامِلَةً عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْجَانِي أَوْ فِي تَرِكَتِهِ حُكُومَةُ الشَّلَّاءِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إنْ قَتَلَ وَلَا تَسْقُطُ لِتَقَدُّمِ الْمُثْبِتِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قِصَاصُ النَّفْسِ، فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) اقْتَصَرَ عَلَى نَفْيِهِ لِأَنَّهُ الْمُثْبَتُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَلَا دِيَةَ فِيهَا أَيْضًا. كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ جَعْلُهُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ قَوْلُهُ: (وَلَا دِيَةَ فِي الطَّرَفِ) وَمَعْلُومٌ عَدَمُ الْقِصَاصِ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (إنْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ) رَاجِعٌ لِلْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ قَالَ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلٌ لِلْإِطْلَاقِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَيْهِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَةُ الصَّحِيحَةِ لِلْجَانِي، وَلَهُ عَلَى الْجَانِي حُكُومَةُ الشَّلَّاءِ، وَلَوْ سَرَى إلَى نَفْسِ الْجَانِي هُدِرَتْ لِلْإِذْنِ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الْإِذْنِ يُسْقِطُ دِيَةَ الصَّحِيحَةِ أَيْضًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْإِذْنُ أَسْقَطَ الْقِصَاصَ فَقَطْ وَلَعَلَّ الْمَعْنَى عَلَى هَذَا وُجُوبُ نِصْفِ دِيَةٍ عَلَى دِيَةِ الصَّحِيحَةِ أَوْ وُجُوبُ دِيَةٍ وَتَسْقُطُ دِيَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQعَلَى جَمِيعِهَا أَيْ الْمُوضِحَةِ. قَوْلُهُ: (وَالصَّحِيحُ إلَخْ) عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ جَمِيعَ رَأْسِهِ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَنَعَهُ الزَّرْكَشِيُّ نَقْلًا وَتَوْجِيهًا، قَالَ: لِأَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ مِنْ حَيْثُ شَاءَ كَالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ أَقُولُ هَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِيَرَةَ لِلْجَانِي لِأَنَّهُ نَظِيرُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ثُمَّ صَوَّبَ أَنَّ الْخِيرَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِذَلِكَ، وَنَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ قَالَ فَكَيْفَ يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ وَيُعَبِّرُ بِالصَّحِيحِ.
قَوْلُهُ: (لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ قَدْرَهَا لَوْ انْفَرَدَ كَانَ مُوضِحَةً وَلَا يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِيفَاءُ حَقٍّ وَهَذَا فِعْلٌ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَ) لِاتِّحَادِ الْجِرَاحَةِ وَالْجَارِحِ ثَمَّ هَذَا يُنْسَبُ لِلْقَفَّالِ وَقِيلَ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ، قَوْلُهُ: (مِثْلُ مُوضِحَتِهِ) أَيْ كَمَا يُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ قَوْلُهُ: (وَقِيلَ قَسَّطَهُ) كَإِتْلَافِ الْمَالِ