لِأَنَّهُ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ، وَالثَّانِي يَجْعَلُ الِالْتِقَاطَ بَدَلَ الْقَطْعِ الْمُسْتَحَقِّ.

(وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ) أَيْ الْمَكْسُورَ مِنْ الْيَدِ (قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَفْصِلٌ إلَيْهِ، (وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ) لِلْقَطْعِ (مُكِّنَ) مِنْهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِعَجْزِهِ عَنْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ، وَمِسَاحَتِهِ، وَالثَّانِي لَا لِعُدُولِهِ عَمَّا هُوَ أَقْرَبُ إلَى مَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَطَعَ مِنْ الْكُوعِ عَلَى الْأَوَّلِ فَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ مَعَ حُكُومَةِ الْمَقْطُوعِ مِنْ الْعَضُدِ

(وَلَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ) ، فَظَاهِرٌ (وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ) أَوْ وَضْعِ كَافُورٍ فِيهَا، (وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْءَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ لَطَمَهُ مِثْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أَذْهَبَ) بِالْمُعَالَجَةِ كَمَا ذُكِرَ (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ) فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا مَضْبُوطًا (وَكَذَا الْبَطْشُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ) يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهَا بِالسِّرَايَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لَهَا مَحَلًّا مَضْبُوطَةً، وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا.

وَالثَّانِي يَقُولُ: لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهَا

(وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَآكَلَ غَيْرُهَا) كَأُصْبُعٍ أَوْ كَفٍّ (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَآكِلِ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مِنْ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مَعَ وُصُولِهِ بِهِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ فَلَا يُرَدُّ مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ: (مُكِّنَ مِنْهُ فِي الْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَخَرَجَ بِالْكُوعِ وَالْمِرْفَقِ مَا لَوْ طَلَبَ لَقْطَ الْأَصَابِعِ فَلَا يُمْكِنُ إلَّا مِنْ لَقْطِ أُصْبُعٍ فَقَطْ لِتَعَدُّدِ الْجِرَاحَةِ فَإِنْ لَقَطَ أَكْثَرَ مِنْهَا عُزِّرَ كَمَا مَرَّ وَفَارَقَ مَا ذَكَرَ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَقِّ بِتَعَذُّرِ مَفْصِلٍ أَقْرَبَ هُنَاكَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ حُكُومَةُ السَّاعِدِ) أَيْ مَعَ حُكُومَةِ الْبَاقِي مِنْ الْعَضُدِ السَّابِقَةِ، فَلَوْ طَلَبَ حِينَئِذٍ الْقَطْعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ لِتَعَدُّدِ الْقَطْعِ مَعَ عَدَمِ وُصُولِهِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ مُسَمًّى الْيَدِ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَإِنْ وَصَلَ بِالْقَيْدِ إلَى تَمَامِ حَقِّهِ مُكِّنَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا.

تَنْبِيهٌ: لَوْ جَنَى عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ مِنْ الْمِرْفَقِ فَطَلَبَ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ أَوْ لَقْطَ الْأَصَابِعِ وَلَوْ أُصْبُعًا وَاحِدَةً لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ تَمَامِ حَقِّهِ فَلَوْ قَطَعَ مِنْهُ أَوْ لَقَطَ الْأَصَابِعَ عُزِّرَ، وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ الْبَاقِي وَلَا حُكُومَةَ لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُسَمَّى يَدًا مَعَ تَقْصِيرِهِ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا فَانْظُرْهُ مَعَ مَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (ضَوْءُهُ) هُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ وَضَمِّهَا وَهَذَا شُرُوعٌ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي الْمَعَانِي وَمِنْهَا الْكَلَامُ وَسَيَأْتِي اللَّمْسُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لِدُخُولِهِ فِي الْبَطْشِ فَإِنْ أَمْكَنَ زَوَالُهُ وَحْدَهُ وَجَبَ فِيهِ الْقَوَدُ خِلَافًا لِلطَّاوُسِيِّ وَمِنْهَا الْعَقْلُ وَسَيَأْتِي وَلَا وُصُولَ إلَى الْقَوَدِ فِيهِ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ وَلَا وُصُولَ إلَى إزَالَتِهِ بِالسِّرَايَةِ. قَوْلُهُ: (أَوْضَحَهُ) قَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي اللَّطْمَةِ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (لَطَمَهُ مِثْلَهَا) أَيْ إنْ زَالَ الضَّوْءُ مِنْ عَيْنَيْهِ جَمِيعًا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا، وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ اللَّطْمَةَ تُذْهِبُ ضَوْءَهَا فَقَطْ وَإِلَّا امْتَنَعَ اللَّطْمُ، وَوَجَبَتْ الْمُعَالَجَةُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَيْضًا فَالدِّيَةُ، كَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إذْهَابُ الضَّوْءِ إلَّا بِإِذْهَابِ الْحَدَقَةِ، وَخَرَجَ بِاللَّطْمَةِ الْمُوضِحَةُ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ الْهَاشِمَةِ فَيَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَيَرْجِعُ لِلْمُعَالَجَةِ كَمَا مَرَّ.

فَائِدَةٌ: الْحَدَقَةُ اسْمٌ لِسَوَادِ الْعَيْنِ كُلِّهِ، وَالنَّاظِرُ اسْمٌ لِلسَّوَادِ الْأَصْغَرِ فِي وَسَطِهِ وَالْمُقْلَةُ اسْمٌ لِلسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ جَمِيعًا قَوْلُهُ: (وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ) صَرِيحُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ كَالْبَصَرِ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: إنَّ نَصَّ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلَ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَضَعَّفَهُ.

قَوْلُهُ: (فَتَآكَلَ) أَوْ شُلَّ قَوْلُهُ: (فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَآكِلِ) بَلْ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ فِي مَالِهِ، وَلَوْ اقْتَصَّ فِي الْأُصْبُعِ فَتَآكَلَ غَيْرُهَا مِنْ الْجَانِي، لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ فِي مُقَابَلَتِهِ بَلْ لَوْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْأُصْبُعِ لَزِمَ الْجَانِيَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْكَفِّ إنْ تَآكَلَتْ الْأَصَابِعُ الْأَرْبَعُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ الْكُوعِ أَخَذَ صُورَةَ يَدٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الزِّيَادَةِ بَلْ لَهُ الْحُكُومَةُ.

قَوْلُهُ: (مُكِّنَ) فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَطْعَ مِنْ الْمِرْفَقِ لَمْ يُمَكَّنْ قِيلَ وَيَشْكُلُ تَمْكِينُهُ مِنْ قَطْعِ الْكَفِّ بَعْدَ لَقْطِ الْأَصَابِعِ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِنْ الْحَاشِيَةِ الَّتِي عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْضَحَهُ) غَيْرَ الْمُوضِحَةِ مِثْلَهَا وَإِنَّمَا خَصَّهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ انْدِرَاجُهُ فِيهَا كَذَا فِي الزَّرْكَشِيّ وَمُرَادُهُ مِثْلُهَا فِي الضَّوْءِ الذَّاهِبِ بِهَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِلَّا فَلَوْ زَالَ بِالْهَشِمِ لَا يُهَشَّمُ، وَالثَّانِي لَا وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، قَوْلُهُ: (أَوْضَحَهُ) إنَّمَا شُرِعَ الْقِصَاصُ فِي الْمَعَانِي لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهَا فَكَانَتْ كَالرُّوحِ، قَوْلُهُ: (الْحَدَقَةُ) هِيَ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ وَالْأَصْغَرُ النَّاظِرُ وَالْمُقْلَةُ شَحْمُ الْعَيْنِ الَّذِي يَجْمَعُ السَّوَادَ وَالْبَيَاضَ ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَوْلُهُ: (لَطَمَهُ مِثْلَهَا) لَا يَشْكُلُ هَذَا بِمَا لَوْ هَشَّمَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ فَإِنَّهُ لَا يُهَشَّمُ بَلْ يُعَالَجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْفَرْقَ لَائِحٌ وَإِنْ كَانَ هَذَا وَجْهًا اسْتَحْسَنَهُ الشَّيْخَانِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْبَطْشُ) هُوَ يَزُولُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ وَالذَّوْقُ بِهَا عَلَى الْفَمِ وَالشَّمُّ بِهَا عَلَى الرَّأْسِ، قَوْلُهُ: (بِهَا) أَيْ بِالسِّرَايَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015