بِبِلَادِنَا احْتِرَازًا عَنْ بِلَادِ السُّودَانِ (وَيُسَنُّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ) ، لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَحْمُولِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا أَوْ رِيَاضَةً قِيلَ لَهُ الِاقْتِصَارُ فِي رَقِيقِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّحِيحُ لَا بَلْ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، (وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ) إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، (فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ) أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ (إعْتَاقِهِ) فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ أَجَرَهُ، وَهَلْ يَبِيعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَوْ يَسْتَدِينُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ شَيْءٌ صَالِحٌ يَبِيعُ مَا يَفِي بِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي
(وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ لَبَنَهَا وَمَنَافِعَهَا لَهُ، (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ عَنْهُ) لَبَنُهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) عَلَى (فَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِفِطَامٍ وَلَا إرْضَاعٍ
(وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ (فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ (وَلَهُمَا) ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَلِأَحَدِهِمَا) فَطْمُهُ (بَعْدَ حَوْلَيْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُمَا مُدَّةٌ لِلرَّضَاعِ التَّامِّ، (وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ) عَلَى الْحَوْلَيْنِ
(وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ (وَيَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا وَهِيَ خِرَاجٌ)
ـــــــــــــــــــــــــــــSمُهَيَّئًا وَفَارَقَ الزَّوْجَةَ بِاشْتِغَالِهِ بِخِدْمَةِ السَّيِّدِ وَلِلسَّيِّدِ إبْدَالُ طَعَامِهِ، وَلَوْ بَعْدَ دَفْعِهِ لَهُ إلَّا إنْ حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ بِتَأْخِيرِهِ عَنْ وَقْتِ حَاجَةِ الْأَكْلِ مَثَلًا أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ) لَا فِي الزَّهَادَةِ وَالْبُخْلِ وَالْإِسْرَافِ كَمَا يَأْتِي وَيُرَاعِي أَيْضًا أَمْثَالَ ذَلِكَ السَّيِّدِ وَإِنْ تَعَدَّدَ وَيُرَاعِي كُلَّ سَيِّدٍ بِحَسَبِ حَالِهِ، وَيُرَاعِي أَمْثَالَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ جَمَالًا وَغَيْرَهُ فَيَفْضُلُ الْجَمِيلَ وَنَحْوَ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ وَالنَّفِيسِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (بِبِلَادِنَا) أَفَادَ اعْتِبَارَ كُلِّ بَلَدٍ بِمَا يُنَاسِبُ أَهْلَهَا.
قَوْلُهُ: (بِلَادِ السُّودَانِ) أَيْ وَنَحْوِهِمْ فَيُكْتَفَى بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُمْ حَيْثُ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ مَا يَحْرُمُ نَظَرُهُ فَفِي الْأَمَةِ الْبَرْزَةِ جَمِيعُ الْبَدَنِ نَعَمْ يَجِبُ سَتْرُ عَوْرَةٍ لَا تَتَقَيَّدُ بِالنَّظَرِ مُطْلَقًا نَظَرًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (يُنَاوِلُهُ) أَيْ قَدْرًا يَسُدُّ مَسَدًا، وَيُسَنُّ أَنْ يُجْلِسَهُ لِيَأْكُلَ مَعَهُ خُصُوصًا فِي مُعَالَجِ الطَّعَامِ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى الِاسْتِحْبَابِ) أَوْ عَلَى قَوْمٍ أَقْوَاتُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ عَلَى جَوَابِ سَائِلٍ عَلِمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهُ بِمُقْتَضَاهُ. قَوْلُهُ: (دُونَ اللَّائِقِ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ وَيَلْبَسُ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ فَلَهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَهُ أَيْضًا إلَّا لِرِيبَةٍ وَلَهُ اعْتِبَارُ الْغَالِبِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا) أَوْ يُؤَجَّرُ مَالُهُ وَيُقَدِّمُ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَيْعِ، وَيَقْصُرُ عَلَى بَيْعِ قَدْرِ الْكِفَايَةِ أَوْ إجَارَتِهِ فَإِنْ عَسِرَ أَخَّرَهُ حَتَّى يَجْتَمِعَ قَدْرٌ يَسْهُلُ بِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ عَسِرَ بَاعَ الْكُلُّ قَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ الْوَجْهُ بَيْعُ كُلِّهِ ابْتِدَاءً لِئَلَّا يَأْكُلَ نَفْسَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (كَمَا فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ فَيُفِيدُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِاقْتِرَاضِ الْقَاضِي لِغَيْبَةِ السَّيِّدِ مَثَلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُ أَنْ يَقُولَ الْقَاضِي لِلرَّقِيقِ اسْتَدِنْ وَأَنْفِقْ عَلَى نَفْسِك. قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَ الرَّقِيقَ بِالِاكْتِسَابِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ مُقَدَّمًا عَلَى اقْتِرَاضِهِ فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فَقَدَ الْمَالَ) أَيْ مِنْ سَلْطَنَةِ الْحَاكِمِ. قَوْلُهُ: (أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ) فِي غَيْرِ أُمِّ الْوَلَدِ قَوْلُهُ: (أَوْ إجَارَتِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ) وَلَوْ فِي أُمِّ الْوَلَدِ، نَعَمْ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ فِيهَا عَلَى الْعِتْقِ وَلَا التَّزْوِيجِ بَلْ عَلَيْهِ تَخْلِيَتُهَا لِتَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا فَإِنْ تَعَذَّرَ كَسْبُهَا فَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ عَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (بَاعَهُ الْقَاضِي أَوْ آجَرَهُ) لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ إجَارَتَهُ عَلَى بَيْعِهِ كَمَا مَرَّ، وَيَفْعَلُ فِي مَحْجُورٍ الْأَحَظَّ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ قَالَ شَيْخُنَا أَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا وَإِلَّا فَقَرْضًا عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْتُ الْمَالِ فَعَلَى أَغْنِيَاءِ الْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
قَوْلُهُ: (وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ) أَيْ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ مِلْكُهُ، فَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَجَبَ إلَّا فِي وَقْتِ اسْتِمْتَاعِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) وَلَوْ حُرًّا أَوْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا غَيْرُهُ أَيْ غَيْرُ وَلَدِهَا) وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَوْ يَضُرَّهَا أَوْ يَضُرَّهُمَا، فَإِنْ تَعَارَضَ ضَرَرُهُمَا رُوعِيَتْ هِيَ قَالَهُ الشَّمْسُ الْخَطِيبُ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهَا) أَوْ يَضُرَّهُ أَوْ يَضُرَّهُمَا. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهَا إلَخْ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَبِإِذْنِ حَاكِمٍ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ مَعَ الْمَصْلَحَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلِلْحُرَّةِ) قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَوْ قَالَ وَلِلزَّوْجَةِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْأَمَةَ فَرَاجِعْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ إلَخْ) . مُقْتَضَاهُ الْحُرْمَةُ قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَبَوَيْنِ) وَكَذَا كُلُّ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ. قَوْلُهُ: (فَطَمَهُ) أَيْ مَنَعَهُ مَنْ بِالْأَبْيَضِ الْإِرْضَاعَ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ أَمَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ضَرَرٌ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ) فَإِنْ تَنَازَعَا عُمِلَ بِالْأَصَحِّ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) وَلَمْ يَضُرَّهَا قَوْلُهُ: (وَلِأَحَدِهِمَا فَطَمَهُ) أَيْ نَدْبًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ حَيْثُ لَا ضَرَرَ وَإِلَّا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ. قَوْلُهُ: (وَلَهُمَا) أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ إلَّا لِحَاجَةٍ
قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ) لَوْ قَالَ مَمْلُوكَهُ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ غَيْرَ الْآدَمِيِّ مِثْلُهُ. قَوْلُهُ: (إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ لَا يَحْتَمِلُ عَادَةً، وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَخْصِيصُهُ بِالْآدَمِيِّ، وَيَلْزَمُ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مِثْلِهِ فِي غَيْرِهِ فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَرَاجِعْهُ، أَمَّا مَا لَا يُطِيقُهُ فَيَحْرُمُ تَكْلِيفُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233] قَالَ الْإِمَامُ وَظَاهِرُ الْآيَةِ الشَّرِيفَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُرِيدَ الْأُمُّ