مِنْ الْحَضَانَةِ (فَلِلْجَدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) كَمَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ جَنَتْ وَالثَّانِي لَا بَلْ تَكُونُ لِلسُّلْطَانِ كَمَا لَوْ غَابَ الْوَلِيُّ لِلنِّكَاحِ أَوْ عَضَلَ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلسُّلْطَانِ لَا لِلْأَبْعَدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْقَرِيبَ أَشْفَقُ وَأَكْثَرُ فَرَاغًا مِنْ السُّلْطَانِ. (هَذَا) الَّذِي تَقَدَّمَ (كُلُّهُ فِي) طِفْلٍ (غَيْرِ مُمَيِّزٍ)

(وَالْمُمَيِّزُ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ) مِنْ النِّكَاحِ (كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٍّ أَوْ فِسْقٍ أَوْ نَكَحَتْ) أَجْنَبِيًّا (فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ) فَقَطْ وَلَا تَخْيِيرَ (وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ (وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ) مَعَ الْأُمِّ (أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يُقَدَّمُ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ الْأُمُّ وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ الْأَبُ (وَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ أَوْ مَنْ لَحِقَ بِهِمَا كَمَا ذَكَرَ (ثُمَّ الْآخَرُ حُوِّلَ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ أَوَّلًا، وَلَوْ رَجَعَ عَنْ اخْتِيَارِ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ أُعِيدَ إلَيْهِ كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ، (فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرَ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ) وَلَا يُكَلِّفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ.

(وَيَمْنَعُ أُنْثَى) مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا التَّأَلُّفُ وَالصِّيَانَةُ وَعَدَمُ الْبُرُوزِ وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا، (وَلَا يَمْنَعُهَا) أَيْ الْأُمَّ (دُخُولًا عَلَيْهِمَا زَائِرَةً وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ) عَلَى الْعَادَةِ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَإِذَا زَارَتْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ (فَإِنْ مَرَضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا) لِأَنَّهَا أَهْدَى إلَيْهِ مِنْ الْأَبِ وَنَحْوِهِ، (فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ) ، فَذَاكَ (وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا) وَيَعُودُهُمَا وَيَحْتَرِزُ فِي الشِّقَّيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا.

(وَإِنْ اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ (ذَكَرَ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَ الْأَبِ نَهَارًا يُؤَدِّبُهُ) بِالْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ (وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ أَوْ) ذِي (حِرْفَةٍ) يَتَعَلَّمُ مِنْهَا الْكِتَابَةَ وَالْحِرْفَةَ (أَوْ أُنْثَى فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا يُزَوَّرُهَا الْأَبُ عَلَى

ـــــــــــــــــــــــــــــSفَرْعٌ: لَوْ قَامَ بِهِمْ كُلِّهِمْ مَانِعٌ عَيَّنَ الْحَاكِمُ وُجُوبًا مَنْ تَصْلُحُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُمَيِّزٍ) وَمِثْلُهُ مَنْ بَلَغَ سَفِيهًا

قَوْلُهُ: (وَالْمُمَيِّزُ) وَهُوَ مَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَبْعِ سِنِينَ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ) وَإِنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ كَفَالَتِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَإِنْ اخْتَارَهُ إلَّا إذَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ، وَلَوْ امْتَنَعَا مَعًا مِنْهَا انْتَقَلَ الِاخْتِيَارُ لِمَنْ بَعْدَهُمَا إنْ كَانَ وَإِلَّا أَجْبَرَ الْحَاكِمُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَادَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا عَادَ لَهُ التَّخْيِيرُ، قَوْلُهُ: (مَعَ الْأُمِّ) وَكَذَا يُخَيَّرُ بَيْنَ مُسْتَوِيَيْنِ كَأَخَوَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ: (أَوْ أَبٌ) وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْعَصَبَةِ وَمِثْلُهُ الْعَمَّةُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (مَعَ أُخْتٍ) أَيْ لِغَيْرِ أَبٍ فَقَطْ.

تَنْبِيهٌ: دَخَلَ فِي الْعَصَبَةِ ابْنُ الْعَمِّ لَكِنْ لَا تُسَلَّمُ لَهُ كَمَا مَرَّ. بَلْ تُوضَعُ فِي مَوْضِعٍ يُرَاقِبُهَا فِيهِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ ثِقَةٌ. قَوْلُهُ: (حُوِّلَ إلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ قَوْلُهُ: (أُعِيدَ إلَيْهِ) . نَعَمْ لَوْ ظَهَرَ أَنَّ تَكَرُّرَهُ لِقِلَّةِ عَقْلِهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَيُوضَعُ عِنْدَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ قَبْلَهُ.

تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ مَنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَلَوْ أُنْثَى لَا يُمْنَعُ مِنْ اعْتِزَالِ أَبَوَيْهِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ فِي نَوْمٍ وَغَيْرِهِ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ، وَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهَا مِمَّنْ ذَكَرَ بِيَمِينِهِ فِيهَا. قَوْلُهُ: (كَمَا تَصْدُقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ) بِأَنْ يُقَالَ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ ثَانِيًا وَأَكْثَرَ وَحِينَئِذٍ فَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ لَيْسَ مُرَادًا. قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْنَعْهُ) أَيْ يَحْرُمُ مَنْعُهُ. قَوْلُهُ: (أُنْثَى) وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى هُنَا وَفِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا) خَرَجَ بِهِ التَّمْرِيضُ فَيَجِبُ تَمْكِينُ أُنْثَى مِنْ تَمْرِيضِ أُمِّهَا حَيْثُ أَحْسَنَتْهُ، وَلَا يَجِبُ تَمْكِينُ ذَكَرٍ وَإِنْ أَحْسَنَهُ، وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ عِيَادَتِهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُهَا إلَخْ) قِيلَ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَنْعُ الزَّوْجِ أُمَّ زَوْجَتِهِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي هَذَا مَظِنَّةَ الْإِفْسَادِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ) أَيْ أَنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ وَإِلَّا جَازَ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَرِضَا) فَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْأُمِّ مِنْ حُضُورِ تَجْهِيزٍ فِي بَيْتِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا زِيَارَةِ قَبْرٍ فِي مِلْكِهِ، وَلَوْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ دَفْنِهِ أُجِيبَ الْأَبُ. قَوْلُهُ: (فِي الشِّقَّيْنِ) وَهُمَا زِيَارَةُ الْأُمِّ فِي الصِّحَّةِ، وَعِيَادَةُ الْأَبِ لَهُمَا فِي الْمَرَضِ، أَوَّلُهُمَا التَّمْرِيضُ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي بَيْتِهَا، وَهَذَا أَقْرَبُ لِكَلَامِهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُ الْأَوَّلِ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَعِنْدَ الْأَبِ) وَإِنْ عَلَا وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ وَالْمُرَادُ بِاللَّيْلِ عَدَمُ وَقْتِ الْحِرْفَةِ وَلَوْ نَهَارًا وَعَكْسُهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُسَلِّمُهُ) وُجُوبًا قَوْلُهُ: (لِمَكْتَبٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ، وَتَخْفِيفِ الْفَوْقِيَّةِ، وَأَنَّهُ اسْمٌ لِلْمُعَلِّمِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الشَّارِحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَوْقِيَّةِ اسْمٌ لِلْمُعَلِّمِ أَيْضًا، هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ اسْمٌ لِمَحَلِّ التَّعْلِيمِ، وَقَدْ يُقَالُ هُوَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ بِدَلِيلِ عَطْفِ حِرْفَةٍ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْوَجْهُ لِيُسَاوِيَ الْآخَرَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَالُ لَهُ كُتَّابٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مُثَقَّلًا. قَوْلُهُ: (حِرْفَةٍ) أَيْ غَيْرِ دَنِيئَةٍ إنْ لَمْ تَكُنْ حِرْفَةَ أَبِيهِ. وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ تُرَاعَى مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ فَلَوْ كَانَ أَبُوهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ أُمِّهِ، وَلَزِمَ عَلَى إقَامَتِهِ مَعَهَا ضَيَاعُهُ فَالْحَضَانَةُ لِأَبِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQغَيْرِهِ فَتَلِدُ مِنْهُ وَيَمُوتُ أَبُو الطِّفْلِ وَأُمُّهُ فَتَحْضِنُهُ زَوْجَةُ جَدِّهِ

، قَوْلُهُ: (أَوْ امْتَنَعَتْ) مِنْهُ تَعْلَمُ عَدَمَ الْإِجْبَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ. نَعَمْ لَوْ وَجَبَتْ الْمُؤَنُ عَلَيْهَا لِفَقْدِ الْأَبِ فَلَا إشْكَالَ فِي التَّعَيُّنِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ، قَوْلُهُ: (بِأَنَّ الْقَرِيبَ) أُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُمْتَنِعَةَ صَالِحَةٌ لِلْحَضَانَةِ فِي حَالِ الِامْتِنَاعِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْغَائِبِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ

قَوْلُهُ: (أَوْ عَمٌّ) مِثْلُهُ ابْنُ الْعَمِّ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمُمَيِّزُ أُنْثَى فَالْأُمُّ أَحَقُّ قَطْعًا.

قَوْلُهُ: (حُوِّلَ) أَيْ بِخِلَافِ اخْتِيَارِ مَجْهُولِ النَّسَبِ لَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ، قَوْلُهُ: (فَالْأَبُ أَوْلَى) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ إلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015