(وَلَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا) وَصُرِفَ ذَلِكَ إلَى الدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ، (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ أُجْرَةِ حَمَّامٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ) فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَعْتَادُ دُخُولَهُ فَلَا تَجِبُ، وَالثَّانِي لَا تَجِبُ إلَّا إذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ، وَعَسِرَ الْغُسْلُ إلَّا فِي الْحَمَّامِ، وَعَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ وَحَيْثُ وَجَبَتْ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا تَجِبُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً (وَ) الْأَصَحُّ وُجُوبُ (ثَمَنِ مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ) إذَا احْتَاجَتْ إلَى شِرَائِهِ (لَا حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ فِي الْأَصَحِّ) ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِي وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَاءُ الْوُضُوءِ، فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَنْ لَمْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأَوَّلِ يَنْظُرُ إلَى وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَيْهَا، وَفِي الثَّانِي يَنْظُرُ إلَى حَاجَتِهَا عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الِاحْتِلَامِ قَالَ لَا يَلْزَمُ قَطْعًا أَخْذًا مِنْ سِيَاقِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ، كَمَا أَخَذَ هُنَا مِنْ الْمُحَرَّرِ الْخِلَافَ وَهُوَ صَحِيحٌ فَإِنَّ الْوُجُوبَ مَنْقُولٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ
(وَلَهَا) عَلَيْهِ (آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِهَا) كَمِغْرَفَةٍ (وَمَسْكَنٌ) أَيْ وَلَهَا عَلَيْهِ تَهْيِئَةُ مَسْكَنٍ (يَلِيقُ بِهَا) عَادَةً مِنْ دَارٍ أَوْ حُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ) بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ مُسْتَأْجَرًا وَمُسْتَعَارًا. (وَعَلَيْهِ لِمَنْ يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا إخْدَامُهَا) ، لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَالِهَا فِي بَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا دُونَ أَنْ تَرْتَفِعَ بِالِانْتِقَالِ إلَى بَيْتِ زَوْجِهَا (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَأُدْمُهَا) وَكِسْوَتُهَا وَآلَةُ تَنْظِيفِهَا وَدُهْنُهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ مَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً) وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِيهِ وَلَوْ بِإِخْلَائِهِ لَهَا.
تَنْبِيهٌ: دُخُولُ الْحَمَّامِ جَائِزٌ لَهُنَّ بِلَا كَرَاهَةٍ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ.
فَرْعٌ: لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ اغْتِسَالِهَا لِصَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلًا، وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا. قَوْلُهُ: (مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ) أَيْ لِزَوْجَتِهِ لَا مِنْ زِنًا وَشُبْهَةٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِثَمَنِ الْمَاءِ، لِأَنَّ الْمَاءَ هُوَ الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى قَبُولِهِ، وَلَهُ دَفْعُ ثَمَنِهِ بِرِضَاهُ وَكَذَا كُلُّ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا ذَكَرَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
قَوْلُهُ: (لَا حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ) فَلَا يَجِبُ مَاؤُهُمَا وَمِثْلُهَا إدْخَالُ ذَكَرِهِ فِي نَحْوِ نَوْمٍ. قَوْلُهُ: (مَاءُ الْوُضُوءِ) وَإِبْرِيقُهُ وَيَلْحَقُ بِهِ مَاءُ غُسْلِ نَجَاسَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَلَا يَجِبُ مَاءُ طَهَارَةٍ مَنْدُوبَةٍ. قَوْلُهُ: (بِلَمْسِهِ) وَلَوْ مَعَهَا بِأَنْ تَلَامَسَا. قَوْلُهُ: (لَا غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ لَمْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِلَمْسِهَا وَحْدَهَا أَوْ بِغَيْرِ لَمْسٍ
قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ آلَاتُ أَكْلٍ) وَيُعْتَبَرُ فِيهَا عِدَّةُ أَمْثَالِهَا كَخَزَفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ صِينِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَيَلْحَقُ بِهِ إجَّانَاتُ الْغَسِيلِ وَنَحْوُهَا. قَوْلُهُ: (وَشُرْبٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ زَادَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَسْرِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ، أَوْ لُبْسِهِ مَثَلًا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ خَالَفَتْ نَشَزَتْ. قَوْلُهُ: (وَقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهَا.
تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا مَرَّ إذَا دَفَعَهُ لَهَا يَجُوزُ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ فِي نَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِهِ، وَلَوْ بِالْحَاكِمِ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِهَا وَلَا يَسْقُطُ لَوْ تَبَرَّعَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ انْكَسَرَ شَيْءٌ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ إبْدَالُهُ إلَّا فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِبْدَالِهِ.
فَرْعٌ: لَوْ مُكِّنَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ فَلَهَا مِمَّا يُنَاسِبُهُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْهُ إنْ أَمْكَنَ التَّقْسِيطُ، وَإِلَّا سَلَّمَهُ لَهَا وَيُحَاسِبُهَا بِمَا زَادَ عَمَّا يَلْزَمُهُ فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَهَذَا قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الْعَلَّامَةِ ابْنِ قَاسِمٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مِنْ قِيمَةِ مَا كَانَ يَلْزَمُهُ فِيهِ، وَهُوَ أَوْضَحُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَأَوْلَى إلَّا أَنْ تَرَاضَيَا بِالْأَوَّلِ وَمَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا الْمُقْتَضَى لِلِاعْتِرَاضِ وَالْإِشْكَالِ لَا يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَلَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ، وَلَوْ نَشَزَتْ فِي بَعْضِ فَصْلٍ سَقَطَ وَاجِبُهُ، وَإِنْ عَادَتْ فِيهِ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ كَمَا مَرَّ فِي النَّفَقَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَسْكَنٌ) حَضَرِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَدْوِيَّةً.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِمَا) كَشَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَا يُعْتَادُونَ السُّكْنَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (يَلِيقُ بِهَا) وَفَارَقَ اعْتِبَارُ غَيْرِهِ بِالزَّوْجِ لِأَنَّهُ إمْتَاعٌ وَغَيْرُهُ تَمْلِيكٌ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهَا إبْدَالُهُ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ لَهُ نَقْلَهَا مِنْ بَلَدٍ لِبَادِيَةٍ حَيْثُ لَاقَتْ بِهَا، وَإِنْ خَشِنَ عَيْشُهَا وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَحْوِ غَزْلٍ إلَّا فِي وَقْتِ اسْتِمْتَاعِهِ، وَلَا سَدُّ طَاقَاتِ الْمَسْكَنِ إلَّا لِرِيبَةٍ أَوْ نَظَرِ أَجْنَبِيٍّ فَيَجِبُ سَدُّهَا، وَلَهُ مَنْعُ نَحْوِ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ دُخُولِهِ لَا خَادِمِهَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ لِمَرَضِ أَبَوَيْهَا أَوْ وَلَدِهَا أَوْ لِمَوْتِهِمْ. قَوْلُهُ: (وَمُسْتَعَارًا) وَمِنْهُ مَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مِلْكُهَا أَوْ مِلْكِ نَحْوِ أَبِيهَا نَعَمْ إنْ سَكَنَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا مَنْعٍ مِنْ خُرُوجِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (لِمَنْ) أَيْ لِحُرَّةٍ كَمَا سَيَأْتِي.
قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِهَا مِمَّنْ يَلِيقُ بِهَا أَوْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا. قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ أَبِيهَا) أَيْ كَوْنُ مِثْلِهَا يَخْدُمُ عَادَةً فِي بَيْتِ أَبِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْدُمُ بِالْفِعْلِ لِبُخْلٍ مِنْ أَبِيهَا مَثَلًا قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ، وَكَذَا لَوْ اعْتَادَتْ أَنْ تَخْدُمَ فِي بَيْتِ زَوْجٍ قَبْلَهُ، وَمِنْهُ بِالْأَوْلَى يُعْلَمُ أَنَّ بَيْتَ أُمِّهَا كَذَلِكَ. قَوْلُهُ: (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ) كَذَا ذَكَرَ يَحِلُّ نَظَرُهُ كَصَغِيرٍ لَا يُمَيِّزُ، وَمَمْسُوحٍ وَمَحْرَمٍ وَشَمِلَ مَا ذَكَرَ الْمُسْلِمَ الذِّمِّيَّ فِي مُسْلِمَةٍ أَوْ ذِمِّيَّةٍ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَجِبُ عِمَارَةُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَأَمَّا آلَةُ التَّنْظِيفِ فَإِنَّهَا نَظِيرُ غَسْلِ الدَّارِ وَكَنْسِهَا، قَوْلُهُ: (وَلَهَا طَعَامٌ) مِثْلُهُ آلَةُ التَّنْظِيفِ وَالْكِسْوَةُ قَوْلُهُ: (بِحَسَبِ الْعَادَةِ) ، قَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ الْعَادَةُ فِي أَصْلِ الدُّخُولِ، وَأَمَّا قَدْرُهُ فَسَيَأْتِي عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا تَجِبُ) أَيْ إلْحَاقًا لَهُ بِالطَّبِيبِ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ مَا تُزِيلُ بِهِ الْوَسَخَ مِنْ الْمَاءِ
، قَوْلُهُ: (وَشُرْبٍ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ وَالْقَصْعَةُ بِالْفَتْحِ، قَالَ وَقَدْ قِيلَ الشَّرْبُ بِالْفَتْحِ فِي حَدِيثِ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ» ، قَوْلُهُ: (وَالْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِحَالِهَا) لَوْ اعْتَادَتْ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ دُونَ الزَّوْجِ دُونَ أَبَوَيْهَا ثُمَّ