فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) لَهُ (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) مِنْ الصَّغِيرَةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ الْكَبِيرَةِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ، (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا) الْمُسَمَّى إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا، (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ) لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ الْبُضْعَ وَهُوَ مُتَقَوَّمٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْأَوَّلُ اُعْتُبِرَ مَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ
(وَلَوْ رَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا
، (وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ) لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا وَذَلِكَ يَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَ الدُّخُولِ
، (وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ) زَوْجَتَانِ (كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَتْ الصَّغِيرَةُ وَكَذَا الْكَبِيرَةُ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُمَا صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ أُخْتَيْنِ وَالثَّانِي يَخْتَصُّ الِانْفِسَاخُ بِالصَّغِيرَةِ لِأَنَّ الْجَمْعَ حَصَلَ بِإِرْضَاعِهَا، (وَلَهُ) عَلَى الْأَظْهَرِ، (نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا) لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ عَلَيْهِ جَمْعُهُمَا، (وَحُكْمُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ) عَلَى الزَّوْجِ (وَتَغْرِيمُهُ الْمُرْضِعَةِ مَا سَبَقَ) فَعَلَيْهِ لِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ، (وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً) لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَلَهُ عَلَى أُمِّهَا الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ.
(فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِبِنْتِهَا الْمُسَمَّى الصَّحِيحُ بِكَمَالِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَصْلٌ فِي طُرُوِّ الرَّضَاعِ عَلَى النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (أُمُّهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا بِنْتُهَا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى، فَيَشْمَلُ زَوْجَةَ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلَبَنِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: تَقَدَّمَ فِي الْعَدَدِ أَنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ كَالْوَطْءِ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَمَا مَرَّ بِمَنْ بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ وَلَمْ يُوَافِقْهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا) عَلَى الزَّوْجِ الْحُرِّ فِي مَالِهِ وَالرَّقِيقِ فِي كَسْبِهِ، وَلَهُ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُرْضِعَةُ مَمْلُوكَةً لَهُ، وَالْمَغْرُومُ لِلْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ، قَوْلُهُ: (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرٍ) وَلَوْ مُكْرَهَةً أَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ أَوْ مَمْلُوكَةً لِغَيْرِهِ، وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُبَعَّضَةً وَالْغُرْمُ عَلَى الْمَمْلُوكَةِ فِي رَقَبَتِهَا، وَفِي الْمُبَعَّضَةِ بِالْقِسْطِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ فِي الْمُكْرَهَةِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهَا، وَلَوْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا وَأَمَرَتْ غَيْرَهَا بِإِيجَارِهِ، فَإِنْ اعْتَقَدَ وُجُوبُ الطَّاعَةِ فَعَلَيْهَا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ) كَمَا لَوْ رَجَعَ شُهُودُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَفَرَّقَ بِتَحَقُّقِ الْفُرْقَةِ هُنَا. قَوْلُهُ: (اعْتَبَرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجُزْئِيَّةُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمِقْدَارُ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْكَبِيرَةِ بِمَهْرِهَا، لِئَلَّا يَخْلُوَ النِّكَاحُ عَنْ مَهْرٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قَوْلُهُ: (مِنْ نَائِمَةٍ) وَكَذَا مُسْتَيْقِظَةٌ سَاكِتَةٌ وَقَوْلُهُمْ التَّمْكِينُ مِنْ الرَّضَاعِ كَفِعْلِهِ هُوَ مِنْ حَيْثُ التَّحْرِيمُ بِهِ، وَفَارَقَ ضَمَانُ الْمُحْرِمِ شَعْرَهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ حَالِقِهِ بِأَنَّهُ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ
قَوْلُهُ: (وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ) بَلْ عَلَيْهَا فِي مَهْرِهَا مِثْلُ الْكَبِيرَةِ أَوْ نِصْفُهُ وَلَوْ حَمَلَتْ الرِّيحُ اللَّبَنَ فَلَا غُرْمَ عَلَى أَحَدٍ.
تَنْبِيهٌ: الْعِبْرَةُ فِي الْغُرْمِ بِالرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ فَلَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فِي غَيْرِ الْخَامِسَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا، أَوْ تَعَدَّدَتْ الْمُرْضِعَاتُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَيْرِ الْأَخِيرَةِ إذَا حَصَلَتْ الْحُرْمَةُ بِمَجْمُوعِهِنَّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ رَدُّ مَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِيمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَتَانِ فَأَرْضَعَتْهَا إحْدَاهُمَا رَضْعَتَيْنِ وَالْأُخْرَى ثَلَاثًا أَنَّ الْغُرْمَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةٌ كَإِتْلَافِ الْعِتْقِ وَقِيلَ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَرَاجِعْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا وَرُدَّ بِأَنَّ نِكَاحَ الثَّانِيَةِ بَاطِلٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَ الْأُولَى بِخِلَافِهِ هُنَا قَوْلُهُ: (أُمَّ زَوْجَتِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ. قَوْلُهُ: (بِنْتَ زَوْجَتِهِ) أَيْ بِوَاسِطَةٍ فَهِيَ رَبِيبَةٌ بِوَاسِطَةٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ، قَوْلُهُ: (بِلَبَنِهِ) خَرَجَ لَبَنُ غَيْرِهِ فَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [فَصْلٌ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ]
فَصْلٌ تَحْتَهُ اعْلَمْ أَنَّ الرَّضَاعَ الطَّارِئَ يَقْطَعُ النِّكَاحَ سَوَاءٌ أَقْتَضَى حُرْمَةً مُؤَبَّدَةً أَوْ تَحْرِيمَ جَمْعٍ وَسَيَأْتِي أَمْثِلَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ فَأَرْضَعَتْهُمَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ لَوْ قَالَ فَأَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ بِنْتِهَا أَوْ زَوْجَةُ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ ابْنَتِهِ لَكَانَ أَعَمَّ لِشُمُولِهِ الْجَدَّةِ وَالْبِنْتِ وَنَحْوِهِمَا وَلِيَشْمَلَ أَيْضًا زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ إذَا ارْتَضَعَتْ بِلِبَانِهِمْ، قَوْلُهُ: (أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى) هَذِهِ الزَّوْجَةُ تَحْرُمُ أَبَدًا سَوَاءٌ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ أَوْ بِلَبَنِ مَوْطُوءَةٍ غَيْرِهِ، لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةً حُرِّمَتْ أَيْضًا أَبَدًا لِأَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ سَوَاءٌ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً فَالتَّحْرِيمُ تَحْرِيمُ جَمْعٍ فَقَطْ لِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمَتْنِ ثُمَّ الْكَبِيرَةُ إذَا كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ وَإِلَّا فَلَا، قَوْلُهُ: (وَمِنْ الْكَبِيرَةِ) هَذِهِ الْكَبِيرَةُ إذَا كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهَا جَمِيعُ الْمَهْرِ لَكِنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بِضْعَ نَفْسِهَا، وَفَوَّتَتْهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِهَا لِئَلَّا يَصِيرَ النِّكَاحُ خَالِيًا مِنْ الْمَهْرِ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أُمَّ الْكَبِيرَةِ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ تَعْيِينُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا عِنْدَ خَوْفِ تَلَفِ الصَّغِيرَةِ، قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ) هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ شُهُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَا حَقِيقِيَّةٌ بِخِلَافِ تِلْكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِزَعْمِهِمْ وَقَدْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجِ
قَوْلُهُ: (فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ إلَخْ) .
فَرْعٌ: تَحْتَهُ كَبِيرَتَانِ وَصَغِيرَةٌ فَارْتَضَعَتْ مِنْ وَاحِدَةٍ رَضْعَتَيْنِ وَمِنْ أُخْرَى ثَلَاثًا فَهَلْ الْغُرْمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ أَمْ عَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ، فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ نَظِيرِهِ مِنْ الْعِتْقِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، قَوْلُهُ: (أُمَّ زَوْجَتِهِ) أَيْ جَدَّةُ زَوْجَتِهِ قَوْلُهُ: (فَلَا تَحْرُمُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّبِيبَةَ لَا تَحْرُمُ إلَّا