نِكَاحِهَا صَارَ مُظَاهِرًا (وَقِيلَ: لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا وَإِنْ نَكَحَهَا وَظَاهَرَ) مِنْهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَجْنَبِيَّةٍ حِينَ الظِّهَارِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ ذِكْرَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ (وَلَوْ قَالَ: إنْ ظَاهَرْتُ مِنْهَا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ) فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي فَخَاطَبَهَا بِظِهَارٍ قَبْلَ النِّكَاحِ، أَوْ بَعْدَهُ (فَلَغْوٌ) أَيْ لَا يَكُونُ مُظَاهِرًا مِنْ زَوْجَتِهِ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ مَا عَلَّقَ بِهِ ظِهَارَهَا مِنْ ظِهَارِ فُلَانَةَ، حَالَ كَوْنِهَا أَجْنَبِيَّةً وَقِيلَ يُحْمَلُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِلَفْظِ الظِّهَارِ فَيُجَامِعُ الْأَجْنَبِيَّةَ.
(وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ كَظَهْرِ أُمِّي وَلَمْ يَنْوِ) بِهِ شَيْئًا (أَوْ نَوَى) بِهِ (الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ، أَوْ هُمَا، أَوْ الظِّهَارَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالطَّلَاقَ بِكَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ) أَمَّا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فَلِإِتْيَانِهِ بِصَرِيحِ لَفْظِهِ، وَأَمَّا انْتِفَاءُ الظِّهَارِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ مَعَ عَدَمِ نِيَّتِهِ، وَأَمَّا فِي الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ، وَلَفْظُ الطَّلَاقِ لَا يَنْصَرِفُ إلَى الظِّهَارِ وَعَكْسُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ (أَوْ الطَّلَاقَ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالظِّهَارَ بِالْبَاقِي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ إنْ كَانَ طَلَاقَ رَجْعَةٍ) وَقَامَتْ نِيَّتُهُ بِالْبَاقِي مَقَامَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ: أَنْتِ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا فَلَا ظِهَارَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSمُؤَقَّتٌ، وَإِيلَاءٌ.
قَوْلُهُ (لِلتَّعْرِيفِ لَا لِلِاشْتِرَاطِ) وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ ذَا الصَّبِيَّ فَكَلَّمَهُ شَيْخًا أَيْ بَالِغًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ هُنَا، التَّعْلِيقُ بِالْمُحَالِ وَيَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَغْوٌ) إلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّفْظَ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (لِاسْتِحَالَةِ إلَخْ) وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ لِضَعْفِ الظِّهَارِ. قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ جُمْلَةِ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَضَمِيرُ " بِهِ " الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (الْأُولَيَيْنِ) وَهُمَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ شَيْئًا، أَوْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَيَنْضَمُّ لِلثَّانِيَةِ مَا لَوْ نَوَى مَعَ الطَّلَاقِ غَيْرَهُ نَحْوَ الْعِتْقِ.
قَوْلُهُ: (فَلِعَدَمِ اسْتِقْلَالِ لَفْظِهِ) بِعَدَمِ التَّلَفُّظِ بِالْمُبْتَدَأِ فِيهِ، وَالْمُقَدَّرُ لَيْسَ كَالْمَلْفُوظِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ، وَلَمْ يَنْوِهِ، وَنِيَّةُ الطَّلَاقِ بِهِ لَغْوٌ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَيْسَ كِنَايَةً فِيهِ كَعَكْسِهِ، فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إنَّهُ إذَا خَرَجَ كَظَهْرِ أُمِّي عَنْ الصَّرَاحَةِ، وَنَوَى الطَّلَاقَ بِهِ يَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى مَرْدُودٌ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِهِ يُعْلَمُ أَيْضًا رَدُّ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ إنَّهُ صَحِيحٌ إذَا قَصَدَ بِهِ طَلْقَةً أُخْرَى غَيْرَ الَّتِي أَوْقَعَهَا عَلَى أَنَّهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا عَمِيرَةُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ طَلَاقٍ سَابِقٍ حَتَّى يُقَالَ: إنَّهُ يَقْصِدُ طَلَاقًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي أَوْقَعَهُ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا: إنَّ الْمُرَادَ بِالْقَصْدِ السَّابِقِ اعْتِقَادُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الظِّهَارَ فَلَا يُنَافِي قَصْدَ طَلَاقٍ آخَرَ بِاللَّفْظِ الْآخَرِ تَأْوِيلٌ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ مَعَ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ كِنَايَةً وَقَدْ مَرَّ رَدُّهُ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا فِي الْبَاقِي) وَهُوَ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْأُولَى إذَا نَوَى بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ الظِّهَارَ، وَالثَّانِيَةُ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، وَالظِّهَارَ مَعًا وَيَنْضَمُّ إلَيْهِمَا مَا إذَا انْضَمَّ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا مَرَّ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ مَعَ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فَجُمْلَةُ التَّعْلِيقِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ سَبْعُ صُوَرٍ، وَالثَّالِثَةُ مَا إذَا قَصَدَ بِكُلٍّ مِنْ اللَّفْظَيْنِ مَعْنًى آخَرَ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ لَفْظٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَهِيَ صُورَةٌ مِنْ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ صُورَةً لَا يَقَعُ الظِّهَارُ فِيهَا أَيْضًا، كَمَا سَتَعْرِفُهُ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْوِهِ بِلَفْظِهِ) أَيْ لَمْ يَنْوِ الظِّهَارَ فِي لَفْظِهِ وَحْدَهُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ) أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِأَنْتِ طَالِقٌ وَالظِّهَارَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِالْبَاقِي، وَهُوَ لَفْظٌ كَظَهْرِ أُمِّي طَلُقَتْ وَحَصَلَ الظِّهَارُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مُطْلَقًا، وَأَنَّ الظِّهَارَ لَا يَقَعُ إلَّا إنْ نَوَاهُ مَعَ لَفْظِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ صُورَةٌ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ صُورَةً يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَالظِّهَارُ جَمِيعًا بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ إمَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّلَاقَ وَحْدَهُ، أَوْ الظِّهَارَ وَحْدَهُ، أَوْ هُمَا وَحْدَهُمَا أَوْ غَيْرَهُمَا كَالْعِتْقِ، أَوْ الطَّلَاقَ مَعَ الْغَيْرِ الْمَذْكُورِ، أَوْ الظِّهَارَ مَعَهُ أَوْ هُمَا مَعَهُ، أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ فِي الْأَوَّلِ، وَيَأْتِي مِثْلُهَا فِي الثَّانِي فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ مِنْ ضَرْبِ ثَمَانِيَةٍ فِي ثَمَانِيَةٍ نِصْفُهَا، وَهُوَ مَا فِيهِ نِيَّةُ الظِّهَارِ بِاللَّفْظِ الثَّانِي يَقَعَانِ فِيهَا جَمِيعًا، وَنِصْفُهَا وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ يَقَعُ الْأَوَّلُ فَقَطْ. فَإِذَا ضَمَّ ذَلِكَ إلَى السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظَيْنِ حَصَلَ أَحَدٌ وَسَبْعُونَ صُورَةً، فَهَذِهِ نُبْذَةٌ يُعَضُّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَالْأَنْيَابِ، وَقَلَّ أَنْ يُعْثَرَ عَلَيْهَا فِي كِتَابٍ، وَمَا يَعْقِلُهَا إلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ، وَجَمْعُ أَفْرَادِهَا مِنْ الْعَجَبِ الْعُجَابِ، وَلَوْلَا خَوْفُ التَّطْوِيلِ وَالْإِسْهَابِ، لَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِ إيرَادِهَا النِّقَابَ، وَاَللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ، وَهُوَ يَهْدِي إلَى الصَّوَابِ، وَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْهَجِ مِنْ بَعْضِ أَفْرَادِ هَذَا الْحِسَابِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ اللَّائِقَةِ بِذَلِكَ الْكِتَابِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ عَكَسَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَنْ قَالَ: أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي طَالِقٌ وَقَعَ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا لِصَرَاحَتِهِ، وَكَذَا الثَّانِي إنْ نَوَى مَعْنَاهُ عِنْدَ لَفْظِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنُّحَاةِ إنَّ الصِّفَةَ فِي الْمَعْرِفَةِ لِلتَّوْضِيحِ نَحْوُ زَيْدٌ الْعَالِمُ وَفِي النَّكِرَةِ لِلتَّخْصِيصِ نَحْوُ مَرَرْت بِرَجُلٍ ظَرِيفٍ. اهـ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ فِي جَوَابِهِ الْآتِي.
قَوْلُهُ: (طَلُقَتْ وَلَا ظِهَارَ) وَجْهُ انْتِفَاءِ الظِّهَارِ مِنْ الْأُولَى، مَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَعِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ: لِأَنَّ قَوْلَهُ كَظَهْرِ أُمِّي لَا يُفِيدُ لِانْقِطَاعِهِ عَنْ أَنْتِ بِالْفَاصِلِ. اهـ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَ بِمَجْمُوعِ اللَّفْظِ الطَّلَاقَ بِالْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ كَذَلِكَ بِمَعْنَى أَنَّهَا تُحَرَّمُ بِالطَّلَاقِ كَظَهْرِ أُمِّهِ، فَلَمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَكُونُ " كَظَهْرِ أُمِّي " تَأْكِيدًا لِلطَّلَاقِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَا يَأْثَمُ فَإِنَّهُ إنَّمَا حُرِّمَ مَحْرَمُهُ لِزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ بِخِلَافِ ظِهَارِهِ مِنْ حَاجَّةٍ أَوْ مُعْتَمِرَةٍ، وَصُورَةُ الثَّالِثَةِ أَنْ يَنْوِيَ بِمَجْمُوعِ كَلَامِهِ الظِّهَارَ وَحْدَهُ، وَالرَّابِعَةِ أَنْ يَنْوِيَهُمَا بِمَجْمُوعِهِ. وَأَمَّا الْخَامِسَةُ