لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَزِمَهُ عِتْقٌ عَنْ الظِّهَارِ فَعِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ، فَلِلْوَاطِئِ عَلَى مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، أَوْ بَعْدَهَا عِتْقُ الْعَبْدِ عَنْ ظِهَارِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يُعْتِقُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِهِ حَقُّ الْحِنْثِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهَرَ (فَلَا ظِهَارَ وَلَا إيلَاءَ بَاطِنًا وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا) لِإِقْرَارِهِ بِالظِّهَارِ، وَإِذَا وَطِئَ عَتَقَ الْعَبْدُ عَنْ الظِّهَارِ فِي الْأَصَحِّ.

(وَلَوْ قَالَ) إنْ وَطِئْتُكِ فَعَبْدِي حُرٌّ (عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْتُ فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ) لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالظِّهَارِ مَعَ الْوَطْءِ فَإِذَا ظَاهَرَ صَارَ مُولِيًا، وَإِذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا عَتَقَ الْعَبْدُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُفِيدَ لَهُ سَبَقَ الظِّهَارَ، وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ (أَوْ) لَوْ قَالَ (إنْ وَطِئْتُكِ فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ فَمُولٍ) مِنْ الْمُخَاطَبَةِ (فَإِنْ وَطِئَ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، أَوْ بَعْدَهَا (طَلُقَتْ الضَّرَّةُ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (وَزَالَ الْإِيلَاءُ) لِانْحِلَالِهِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ: وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَيْسَ بِمُولٍ فِي الْحَالِ) لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا أَطَأُ جَمِيعَكُنَّ فَلَا يَحْنَثُ بِوَطْءِ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) مِنْهُنَّ (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِوَطْئِهَا (فَلَوْ مَاتَ بَعْضُهُنَّ قَبْلَ وَطْءٍ زَالَ الْإِيلَاءُ) لِانْحِلَالِهِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ بِوَطْءِ مَنْ بَقِيَ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأَرْبَعِ فِي الْحَالِ، لِأَنَّهُ بِوَصْفِ وَاحِدَةٍ يَقْرُبُ مِنْ الْحِنْثِ الْمَحْذُورِ، وَالْقُرْبُ مِنْ الْمَحْذُورِ مَحْذُورٌ فَتُضْرَبُ لَهُنَّ الْمُدَّةُ وَلِكُلٍّ مِنْهُنَّ الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهَا.

(وَلَوْ قَالَ) لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ (لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ)

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَكَانَ ظَاهَرَ) أَيْ وَعَادَ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يُظَاهِرَ) قَبْلَ الْوَطْءِ هَذَا إنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الظِّهَارِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ، فَلِذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ إيلَاءٍ، وَلَا عِتْقٍ إذَا وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُظَاهِرَ لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَإِنْ ظَاهَرَ بَعْدَهُ، وَمُقَارَنَةُ الشَّرْطِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ كَتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي فَعَكْسُ مَا ذُكِرَ، فَإِذَا تَقَدَّمَ الظِّهَارُ فَلَا شَيْءَ يَلْزَمُهُ لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَإِنْ وَطِئَ بَعْدُ فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يُظَاهِرَ صَارَ مُولِيًا؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الظِّهَارِ، حِينَئِذٍ خَوْفَ الْعِتْقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا، أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حَمْلًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، فِيمَا إذَا تَوَسَّطَ الْجَزَاءُ بَيْنَ شَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ شَرْطًا لِجُمْلَةِ الشَّرْطِ الثَّانِي، وَجَوَابُهُ كَمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا} [الجمعة: 6] ، وَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ الْجَزَاءُ عَلَى الشَّرْطَيْنِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمَا، اُعْتُبِرَ تَقَدُّمُ الشَّرْطِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ مُطْلَقًا نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ، إنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَلَا بُدَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ تَقَدُّمِ الدُّخُولِ عَلَى الْكَلَامِ، وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ أَنْتِ طَالِقٌ عَنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) وَهُوَ الظِّهَارُ، وَالْعِتْقُ جَمِيعًا مَعَ التَّرْتِيبِ الَّذِي أَرَادَهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الظِّهَارِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْأَخِيرَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ فِيمَا قَبْلَهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. قَوْلُهُ: (بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ) حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ) بِخِلَافِ فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِكِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَامَعَ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ، أَوْ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ نَعَمْ إنْ وَطِئَ الثَّلَاثَ فِي عِصْمَتِهِ قَبْلَ الْبَائِنِ زَالَ الْإِيلَاءُ، وَكَذَا لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا. قَوْلُهُ: (فَمُولٍ مِنْ الرَّابِعَةِ) وَإِنْ فَارَقَ غَيْرَهَا، أَوْ مَاتَ بَعْدَ وَطْئِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأَرْبَعِ فِي الْحَالِ) وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

قَوْلُهُ: (كُلَّ وَاحِدَةٍ) وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ إلَّا إنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً أَوْ مُبْهَمَةً اخْتَصَّ بِهَا. وَلِلْبَاقِيَاتِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ غَيْرَهَا، بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَالْمُدَّةُ فِيهِمَا مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَيُحْكَمُ بِهِمَا ظَاهِرًا) بَحَثَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ ظِهَارِي مَصْدَرٌ مُضَافٌ، وَهُوَ لَا يَقْتَضِي الْوُقُوعَ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ النُّحَاةُ كَصَاحِبِ الْبَسِيطِ مِنْهُمْ حَيْثُ قَالَ إذَا قُلْت: يُعْجِبُنِي انْطِلَاقُك فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْوُقُوعِ بِخِلَافِ، إنَّك مُنْطَلِقٌ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَيَّانَ فِي بَابِ الْمَوْصُولِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ بَعْدَ الظِّهَارِ أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَهُ، ثُمَّ وُجِدَ فَلَمْ يُصَرِّحْ الشَّارِحُ بِحُكْمِهِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَيَتَبَيَّنُ سُقُوطُ الْإِيلَاءِ، ثُمَّ سَاقَ أَشْكَالًا لِلرَّافِعِيِّ فَلْيُرَاجَعْ.

قَوْلُهُ: (فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ) لَوْ قَالَ فَعَلَيَّ طَلَاقُ ضَرَّتِكِ، أَوْ فَعَلَيَّ طَلَاقُكِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ آخِرَ الْكَلَامِ عَلَى انْعِقَادِ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّيغَةِ شَيْءٌ اهـ.

أَقُولُ: وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ أَنَّهُ صِيغَةُ نَذْرٍ وَالطَّلَاقُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُنَافِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهَا ابْتِدَاءً.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) . قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا وَبَكْرًا، قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَامَعَ ثَلَاثًا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِ الثَّلَاثِ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ) بِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ

قَوْلُهُ: (فَمُولٍ إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً لَا يَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ فِي الْبَاقِيَاتِ وَهُوَ مُرَجَّحُ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَتَضَمَّنُ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِصَوَاحِبَاتِهَا، لَكِنْ قَالَ: إنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ الِانْحِلَالُ وَزَوَالُ الْإِيلَاءِ، لِأَنَّهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً وَقَدْ وُجِدَ، وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَعْنَى الَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ فَالْوَجْهُ بَقَاؤُهُ، وَإِلَّا فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِوَطْءِ الْجَمِيعِ وَفِي كَوْنِهِ مُولِيًا فِي الْحَالِ الْخِلَافُ السَّابِقُ اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً فَحُكْمُهُ مَا سَلَفَ أَوْ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً، فَوَاضِحٌ أَوْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى التَّعْمِيمِ، وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ أَيْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّهُ لَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً انْحَلَّتْ الْيَمِينُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015