أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ إلَى يَوْمِ السَّبْتِ (أَوْ عَلَى وَقْتِ الرَّجْعَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَقَالَتْ: انْقَضَتْ الْخَمِيسَ، وَقَالَ: السَّبْتَ؛ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَنَّهَا مَا انْقَضَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا إلَى يَوْمِ السَّبْتِ (وَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ) بِأَنْ اقْتَصَرَ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ، وَالزَّوْجَةُ عَلَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ سَابِقٌ (فَالْأَصْلُ تَرْجِيحُ سَبْقِ الدَّعْوَى فَإِنْ ادَّعَتْ الِانْقِضَاءَ، ثُمَّ ادَّعَى رَجْعَةً قَبْلَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا) أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ قَبْلَ الرَّجْعَةِ وَسَقَطَتْ دَعْوَى الزَّوْجِ.
(أَوْ ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (قَبْلَ انْقِضَاءِ) الْعِدَّةِ (فَقَالَتْ: بَعْدَهُ؛ صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ أَنَّهُ رَاجَعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا (قُلْت: فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ، وَأَسْقَطَ النَّوَوِيُّ الْعَزْوَ مِنْ الرَّوْضَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي تَصْدِيقُهَا مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ تَصْدِيقُهُ.
(وَمَتَى ادَّعَاهَا) أَيْ الرَّجْعَةَ (وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ) وَأَنْكَرَ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا وَقِيلَ: هِيَ الْمُصَدَّقَةُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ، فَإِنْ أَرَادَهَا أَنْشَأَهَا (وَمَتَى أَنْكَرَتْهَا وَصُدِّقَتْ) كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ اعْتَرَفَتْ) بِهَا (قُبِلَ اعْتِرَافُهَا) كَمَنْ أَنْكَرَ حَقًّا وَحَلَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اعْتَرَفَ بِهِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقُّ الزَّوْجِ.
(وَإِذَا طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ، وَقَالَ: وَطِئْت فَلِي رَجْعَةٌ، وَأَنْكَرَتْ) وَطْأَهُ (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ (وَهُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ فَإِنْ قَبَضَتْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ) بِشَيْءٍ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ (وَإِلَّا فَلَا تُطَالِبُهُ إلَّا بِنِصْفٍ) مِنْهُ عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَهُ الْيَمِينَ فِي بَعْضِ صُوَرِ التَّصْدِيقِ لِلْعِلْمِ بِوُجُوبِهِ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُدَّعِي، وَإِلَّا فَالْمُسَمَّى، أَوْ نِصْفُ أَحَدِهِمَا وَلَا تَرْجِعُ زَوْجَةً لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ. مِنْهَا، أَوْ حَلِفِهِ بَعْدَ نُكُولِهَا، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ غَرِمَتْ لَهُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِحَيْلُولَتِهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِإِذْنِهَا فِي نِكَاحِ الْآخَرِ، أَوْ تَمْكِينِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا لَا يَسْرِي عَلَيْهِ.
وَإِذَا مَاتَ أَوْ طَلَّقَ رَجَعَتْ لِلْأَوَّلِ وَيَرُدُّ عَلَيْهَا مَا أَخَذَ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ قَبْلَ الِانْقِضَاءِ نُزِعَتْ مِنْ الثَّانِي، وَسُلِّمَتْ لَهُ وَلَهَا عَلَى الثَّانِي مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى وَقْتِ الِانْقِضَاءِ) أَيْ عَلَى وَقْتٍ يَحْصُلُ بِهِ الِانْقِضَاءُ كَفَرَاغِ الشَّهْرِ مَثَلًا، فَلَا يُنَافِي مَا قِيلَ: إنَّهُ كَيْفَ يَدَّعِي الزَّوْجِيَّةَ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى الِانْقِضَاءِ. قَوْلُهُ: (إنَّهَا مَا انْقَضَتْ) فَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ هُنَا وَمَا بَعْدَهُ وَفَارَقَا مَا قَبْلَهُمَا بِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ. قَوْلُهُ: (سَبْقِ الدَّعْوَى) لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِ السَّابِقِ، وَلِأَنَّهُ إنْ سَبَقَتْ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ، وَإِنْ سَبَقَ فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) سَوَاءٌ تَرَاخَى كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ، أَوْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيُصَدَّقُ هُوَ أَيْضًا فِيمَا لَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ فِي الدَّعْوَى، وَجُهِلَ أَيُّهُمَا السَّابِقُ، أَوْ عُلِمَ ثُمَّ نُسِيَ وَلَمْ يُرْجَ بَيَانُهُ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْوَقْفُ إلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ هُنَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعِدَدِ فِيمَا لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ صُدِّقَ الزَّوْجُ، أَوْ الطَّلَاقِ صُدِّقَتْ الزَّوْجَةُ، أَوْ لَمْ يَتَّفِقَا صُدِّقَ، وَإِنْ سَبَقَتْ فَهُوَ عَلَى الْعَكْسِ مِمَّا هُنَا، وَالْوِلَادَةُ كَالِانْقِضَاءِ، وَالطَّلَاقُ كَالرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا نَظَرًا لِلْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَانَ الْمُصَدَّقُ فِي أَحَدِهِمَا غَيْرَهُ فِي الْآخَرِ، وَبِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا هُنَا عَلَى انْحِلَالِ الْعِصْمَةِ فِي الثَّانِي، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي سَبْقِ الدَّعْوَى بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ مُحَكَّمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَقِيلَ إلَخْ) فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ ذِكْرِ الْخِلَافِ وَعَطْفُ " مَتَى " عَلَى " تَرْجِيحُ " بَعِيدٌ جِدًّا. قَوْلُهُ: (لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا) فَدَعْوَاهُ إقْرَارٌ لَا إنْشَاءٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِهِ إقْرَارًا عَدَمُ الْجَوَازِ لَهُ بَاطِنًا إذَا كَانَ كَاذِبًا، وَعَلَى كَوْنِهِ إنْشَاءً الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، وَادَّعَى سَبْقَ الرَّجْعَةِ عَلَيْهِ صُدِّقَ، وَلَا مَهْرَ وَلَوْ سَأَلَ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجُهَا، أَوْ نَائِبُهُ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَجَبَ عَلَيْهَا إخْبَارُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَوْ سَأَلَهَا وَلَوْ رَاجَعَهَا بَعْدَ إخْبَارِهَا لَهُ بِالِانْقِضَاءِ، وَلَمْ يُصَدِّقْهَا ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِكَذِبِهَا صَحَّتْ الرَّجْعَةُ. قَوْلُهُ: (قَبْلَ اعْتِرَافِهَا) وَإِنْ تَزَوَّجَتْ وَتَغْرَمُ لَهُ الْمَهْرَ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا قَبْلَ اعْتِرَافِهَا؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ نَفْيٍ لَا يُنَاقِضُهُ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْإِقْرَارَ.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ) وَلَهَا التَّزَوُّجُ حَالًا وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُخْتِهَا لِإِقْرَارِهِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) وَفَارَقَ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي نَفْيِ وَطْءِ الْمَوْلَى وَالْعِنِّينِ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِمَا ثَابِتٌ، وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ. قَوْلُهُ: (عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ وَلَا سُكْنَى وَلَا تَوَارُثَ، وَإِذَا أَخَذَتْ النِّصْفَ، ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ لَمْ تَأْخُذْ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ وَفِيهَا لَا حَاجَةَ لِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ فَتَأَمَّلْهُ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَحْكَامُ الْبُعُولِيَّةِ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ كَالْوَطْءِ
قَوْلُهُ: (الِانْقِضَاءَ) الْمُرَادُ وُجُودُ مَا بِهِ الِانْقِضَاءُ عَادَةً لَا حَقِيقَةً، لِأَنَّ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ حَقِيقَةً، قَوْلُهُ: (الْأَصْلُ إلَخْ) عَلَّلَ أَيْضًا بِأَنَّ دَعْوَاهُ الرَّجْعَةَ بَعْدَ فَوَاتِ سُلْطَتِهَا يُشْبِهُ دَعْوَى الْوَكِيلِ بَعْدَ عَزْلِهِ التَّصَرُّفَ قَبْلَهُ، قَوْلُهُ: (إنَّهَا مَا انْقَضَتْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَكْفِيَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ انْقِضَاءَهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَلَفَ فِي الْأُولَى - مِنْ أَنَّهَا تَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالرَّجْعَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ - كَوْنُ الِانْقِضَاءِ لَيْسَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْحَاصِلَةِ بِالِاخْتِيَارِ بَلْ لَيْسَ فِعْلًا، وَإِنَّمَا هُوَ أَثَرُ الْفِعْلِ وَحُكْمُهُ، قَوْلُهُ: (أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى بِحَلِفِهَا عَلَى نَفْيِ عِلْمِهَا بِسَبْقِ الرَّجْعَةِ. قَوْلُهُ: (صُدِّقَ) اقْتَضَى إطْلَاقُهُمْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ وَطْؤُهَا فِي الْعِدَّةِ، ثُمَّ أَسْنَدَ الرَّجْعَةَ لِوَقْتٍ سَابِقٍ عَلَى الْوَطْءِ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تُحَاوِلُ رَفْعَ النِّكَاحِ فِيهَا، وَهُوَ ثَابِتٌ وَهُنَا قَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَهُوَ يَدَّعِي إثْبَاتَ الرَّجْعَةِ بِالْوَطْءِ قَبْلَهُ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ) أَيْ وَإِنْ وَقَعَتْ خَلْوَةٌ.