لِأَنَّهَا لَمْ تُقْصَدْ بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ الْوَجْهَانِ فِي الْوُقُوعِ بَاطِنًا وَلَا خِلَافَ فِي الْوُقُوعِ ظَاهِرًا وَاحْتَمَلَ الْإِمَامُ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي الْوُقُوعِ ظَاهِرًا وَثُبُوتَهُ فِي طَلَاقِ الْمُنَادَاةِ، لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ بِالطَّلَاقِ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ جَازِمًا بِهِ
(وَلَوْ عَلَّقَ وَأَكَلَ رُمَّانَةً وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ، فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً (فَطَلْقَتَانِ) لِحُصُولِ الصِّفَتَيْنِ بِأَكْلِهَا، وَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقَانِ بِكُلَّمَا طَلُقَتْ ثَلَاثًا لِأَنَّهَا أَكَلَتْ رُمَّانَةً مَرَّةً وَنِصْفَ رُمَّانَةٍ مَرَّتَيْنِ
(وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ) عَلَى الْفِعْلِ (أَوْ مَنْعٌ) مِنْهُ (أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ) لِيَصْدُقَ فِيهِ، (فَإِذَا قَالَ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقٍ فَأَنْت طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي أَوْ إنْ خَرَجْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت، فَأَنْت طَالِقٌ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) لِأَنَّ مَا قَالَهُ حَلِفٌ بِأَقْسَامِهِ السَّابِقَةِ (وَيَقَعُ الْآخَرُ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ) مِنْ الْخُرُوجِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ عَدَمِ كَوْنِ الْأَمْرِ، كَمَا قَالَهُ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ (وَلَوْ قَالَ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْحَلِفِ (إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ جَاءَ الْحُجَّاجُ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَثٍّ وَلَا مَنْعٍ وَلَا تَحْقِيقِ خَبَرٍ، وَيَقَع الْمُعَلَّق بِالصِّفَةِ إذَا وَجَدَتْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُجِيبَةَ تَطْلُقُ بِلَا خِلَافٍ، فَهُوَ طَرِيقٌ ثَالِثٌ وَيَدُلُّ لِهَذَا إثْبَاتُهُ الْخِلَافَ فِي الْمُنَادَاةِ وَجَزَمَ الْغَزَالِيُّ بِهِ.
قَوْلُهُ: (فَطَلْقَتَانِ) فَإِنْ عَلَّقَ بِرُبُعِ رُمَّانَةٍ، أَيْضًا فَثَلَاثٌ لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الثَّلَاثِ بِأَكْلِهَا فَإِنْ أَكَلَتْ نِصْفَهَا فَطَلْقَتَانِ، كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، وَإِنْ كَلَّمْت رَجُلًا وَإِنْ كَلَّمْت فَقِيهًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ فَقِيهٌ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ وَلَوْ عَلَّقَ بِأَوْ كَأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ كَلَّمْت رَجُلًا أَوْ كَلَّمْت فَقِيهًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ فَقِيهٌ، فَإِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ. قَوْلُهُ: (التَّعْلِيقَانِ) أَوْ لِلتَّعَلُّقِ الثَّانِي فَقَطْ لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ فِي الرُّمَّانَةِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ بِكُلَّمَا وَقَعَ الثَّلَاثُ بِأَكْلِهَا لِتَكَرُّرِهِ فِيهَا ثَلَاثًا، وَخَرَجَ بِرُمَّانَةٍ مَا لَوْ أَكَلَتْ نِصْفَيْ رُمَّانَتَيْنِ أَوْ حَبًّا مِنْ رُمَّانَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ رُمَّانَةٍ فَلَا وُقُوعَ.
تَنْبِيهٌ: الْعِبْرَةُ فِي النِّصْفِ بِالْعَدَدِ فَلَوْ بَقِيَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ بَقِيَ مِنْ الرُّمَّانَةِ شَيْءٌ وَقَعَ مَا عُلِّقَ بِالنِّصْفِ وَحْدَهُ.
تَنْبِيهٌ آخَرُ: هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ فَلَا يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ النَّحْوِيَّةَ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ، فَهِيَ غَيْرُ الْأُولَى عَلَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَغْلَبِيَّةٌ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ} [الزخرف: 84] .
قَوْلُهُ: (وَالْحَلِفُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ أَوْ سُكُونِهَا وَيُقَالُ فِيهِ مَحْلُوفٌ بِوَزْنِ مَفْعُولٍ بِمَعْنَى الْقَسَمِ لَكِنَّ الْحَلِفَ يَكُونُ بِاَللَّهِ وَبِغَيْرِهِ بِخِلَافِ الْقَسَمِ وَالْيَمِينِ. قَوْلُهُ: (بِالطَّلَاقِ) أَوْ بِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (مَا تَعَلَّقَ) أَيْ مَا اقْتَضَتْهُ الصِّيغَةُ وَلَمْ يُقْصَدْ.
قَوْلُهُ: (حَثٌّ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (إنْ حَلَفْت إلَخْ) وَلَوْ كَرَّرَهُ وَقَعَ بِقَدْرِ مَا كَرَّرَ فَلَوْ كَرَّرَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَيَنْحَلُّ بِكُلِّ مَرَّةٍ مَا قَبْلَهَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَصْدُ التَّأْكِيدِ هُنَا، لِأَنَّهَا أَوْصَافٌ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (إنْ خَرَجْت) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ وَإِلَّا رَجَعَ لِمَا قَيَّدَ بِهِ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ هُنَا لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ مَا يُسَمَّى حَلِفًا، فَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت إلَّا بِإِذْنِي ثُمَّ إنَّهَا خَرَجَتْ بَعْدَ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ، أَوْ كَانَتْ نَحْوَ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ لَمْ يَحْنَثْ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَلَوْ عَلَّقَ بِكُلَّمَا فَلْيَأْذَنْ لَهَا أَوْ بِنَحْوِ مَتَى، وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لِغَيْرِ الْحَمَّامِ حَنِثَ إنْ خَرَجَتْ بِقَصْدِ غَيْرِهِ فَقَطْ، عِنْدَ الْخُرُوجِ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ قَالَ إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ حَنِثَ مُطْلَقًا، وَلَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت لَابِسَةَ حَرِيرٍ فَخَرَجَتْ غَيْرَ لَابِسَةٍ لَهُ، ثُمَّ لَابِسَةً حَنِثَ بِالثَّانِيَةِ وَلَا تَتَحَلَّلُ بِالْأُولَى لِأَنَّ لِلْيَمِينِ جِهَةً وَاحِدَةً كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) قَيْدٌ لِلْوُقُوعِ وَلَوْ فِي النَّفْيِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ مُحَاوَرَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ حَلِفٌ فَيَقَعُ بِهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (جَاءَ الْحُجَّاجُ) الْمُرَادُ مُعْظَمُهُمْ وَقَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ كَالْخَطِيبِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ الْمُعَبَّرِ بِهِ فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحَيْهِمَا، وَيُعْتَبَرُ مَجِيئُهُمْ إلَى مَحِلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمُلَاقَاتِهِمْ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ وَلَوْ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ تَكُونُ غَيْرَ الْأُولَى، وَلَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت رُمَّانَةً فَأَكَلَتْ نِصْفَيْنِ مِنْ رُمَّانَتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَوْ قَالَ إنْ أَكَلْت هَذَا الرَّغِيفَ، فَأَنْت طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهُ، فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت رُبُعَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَكَلَتْهُ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَهُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فَكَذَلِكَ، وَلَمْ يُوَجِّهْهُ وَاسْتَشْكَلَ
قَوْلُهُ: (وَالْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ إلَخْ) . وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ فَرْعُ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَثُّ وَالْمَنْعُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوَّلَهُمَا وَالْحَلِفُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ، وَبِسُكُونِهَا وَيُقَالُ فِيهِ وَمَحْلُوفٌ مَصْدَرٌ عَلَى وَزْنِ مَفْعُولٍ، وَهُوَ لُغَةً الْقَسَمُ ثُمَّ الْغَرَضُ مِنْ كَلَامِ الْمَتْنِ، بَيَانُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالتَّعْلِيلِ الْمَحْضِ عَلَى صِفَةٍ. قَوْلُهُ: (أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ) أَيْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ) ظَاهِرُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ وَفِي تَوَقُّفِ الْأَخِيرِ، وَالْأُولَى عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي إذَا حَصَلَ الْيَأْسُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ، ثُمَّ الثَّالِثَةُ مُشْكِلَةٌ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِمْ لَا حِنْثَ فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الصِّفَةَ إذَا تَحَقَّقَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا حِنْثَ بِهَا، وَالْمُتَّجِهُ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ تَوَقُّفُ الْأَمْرِ عَلَى الْيَأْسِ حَتَّى لَوْ فَرَضَ فِي الْأُولَى مَوْتَهُمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ، يَقْضِي بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبِيلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، ثُمَّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَخِيرَةِ مُشْكِلٌ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ. قَوْلُهُ: (إذَا طَلَعْت) عَبَّرَ هُنَا بِإِذَا وَفِيمَا سَلَفَ بِأَنَّ إشَارَةَ إلَّا أَنَّهُ لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ هُوَ بِأَنْ حَلَفَ فِيهِمَا، وَبِإِذَا تَوْقِيتٌ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ تَخَلَّفَ لِعَارِضٍ لَا يُؤَثِّرُ، وَأَنَّهُ لَوْ