إذْ بِهِ يَتِمُّ انْفِصَالُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ، فَلَا يُقَارِنُهُ طَلَاقٌ، وَالثَّانِي يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ، وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِالْأَقْرَاءِ وَلَا مَحْذُورَ فِي مُقَارَنَةِ الطَّلَاقِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِلرَّجْعِيَّةِ أَنْت طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك يَقَعُ الطَّلَاقُ مَعَهُ، وَالْأَوَّلُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهِ، وَالثَّانِي مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمْلَاءِ وَبَعْضُهُمْ أَثْبَتَهُ وَالْأَكْثَرُونَ نَفَوْهُ وَقَطَعُوا بِالْأَوَّلِ، فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ الصَّحِيحِ بِالْمَذْهَبِ لَوْ فِي بِاصْطِلَاحِهِ فِي ذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ وَلَدَتْ اثْنَيْنِ كَمَا ذَكَرَ وَقَعَ بِالْأَوَّلِ طَلْقَةٌ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي وَهَلْ يَقَعُ بِهِ ثَانِيَةٌ وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ وَلَوْ وَلَدَتْ أَرْبَعَةً، فَيَقَعُ بِالثَّلَاثَةِ ثَلَاثٌ وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالرَّابِعِ

(وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ) حَوَامِلَ (كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْكُنَّ (فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَلَدْنَ مَعًا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ، فَيَقَعُ بِوِلَادَتِهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ طَلْقَةٌ، وَلَا يَقَعُ بِهَا عَلَى نَفْسِهَا شَيْءٌ وَيَعْتَدِدْنَ جَمِيعًا بِالْأَقْرَاءِ وَصَوَاحِبُ جَمْعُ صَاحِبَةٍ كَضَارِبَةٍ وَضَوَارِبَ، وَقَوْلُهُ ثَلَاثًا الثَّانِي دَافِعٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ طَلَاقِ الْمَجْمُوعِ ثَلَاثًا (أَوْ) وَلَدْنَ (مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الرَّابِعَةُ ثَلَاثًا) بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا (وَكَذَا الْأُولَى) طَلُقَتْ ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً (إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا) عِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ (وَ) طَلُقَتْ (الثَّانِيَةُ طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى (وَالثَّانِيَةُ طَلْقَتَيْنِ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا) وَالْأُولَى تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَفِي اسْتِئْنَافهَا الْعِدَّةَ لِلطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّالِثَةِ الْخِلَافُ فِي طَلَاقِ الرَّجْعِيَّةِ وَهُوَ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا تَسْتَأْنِفُ فِي قَوْلٍ وَتَبْنِي فِي قَوْلٍ، وَالثَّانِي الْقَطْعُ بِالْبِنَاءِ وَالرَّاجِحُ الْبِنَاءُ إنْ أَثْبَتْنَا الْخِلَافَ (وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ الْأُولَى) أَصْلًا (وَتَطْلُقُ الْبَاقِيَاتُ طَلْقَةً طَلْقَةً) بِوِلَادَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُنَّ صَوَاحِبُهَا عِنْدَ وِلَادَتِهَا لَاشْتَرَاك الْجَمِيعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ، حِينَئِذٍ وَبِطَلَاقِهِنَّ انْتَفَتْ الصُّحْبَةُ بَيْنَ الْجَمِيعِ، فَلَا تُؤَثِّرُ وِلَادَتُهُنَّ فِي حَقِّ الْأُولَى، وَلَا وِلَادَةُ بَعْضِهِنَّ فِي حَقِّ بَعْضٍ وَدُفِعَ هَذَا بِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَنْفِي الصُّحْبَةَ وَالزَّوْجِيَّةَ، فَإِنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ نِسَائِهِ دَخَلَتْ الرَّجْعِيَّةُ فِيهِ، (وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا طَلُقَتْ الْأُولَيَانِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) . أَيْ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْ صَوَاحِبِهَا الثَّلَاثِ طَلْقَةً (وَقِيلَ طَلْقَةً) فَقَطْ بِوِلَادَةِ رَفِيقَتِهَا وَانْتَفَتْ الصُّحْبَةُ مِنْ حِينَئِذٍ (وَالْأُخْرَيَانِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ) أَيْ طَلُقَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى شَيْءٌ وَتَنْقَضِي عَنْهُمَا بِوِلَادَتِهِمَا، وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ عَنْ الْإِمْلَاءِ يَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ أَيْضًا بِوِلَادَةِ الْأُخْرَى، وَيَعْتَدَّانِ بِالْأَقْرَاءِ (وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا فِي حَيْضِهَا إذَا عَلَّقَهَا) أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا (بِهِ) وَقَالَتْ حِضْت وَأَنْكَرَهُ

ـــــــــــــــــــــــــــــSبِالْأَوَّلِ تَنْقَضِي بِوِلَادَةِ الثَّانِي هُنَا لِفَرَاغٍ مِنْ الْحَمْلِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ الْأَوَّلِ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (حَوَامِلَ) قَالَ الْبُرُلُّسِيُّ لَيْسَ قَيْدًا فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ وَاضِحٌ. قَوْلُهُ: (كُلَّمَا) قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَلَيْسَ غَيْرُ كُلَّمَا مِثْلَهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ هُنَا الْعُمُومُ لَا التَّكْرَارُ، فَمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ كَذَلِكَ نَحْوُ أَيُّ مَنْ وَلَدَتْ مِنْكُنَّ أَوْ أَيُّكُنَّ وَلَدَتْ إلَخْ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (جَمْعُ صَاحِبَةٍ) فَهُوَ عَلَى الْقِيَاسِ وَيُجْمَعُ بِقِلَّةٍ عَلَى صَاحِبَاتٍ. قَوْلُهُ: (دَافِعٌ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّوْزِيعِ وَالضَّابِطُ الْجَامِعُ لِأَفْرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ بِثَلَاثٍ. قَوْلُهُ: (عِنْدَ وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ) قَيْدٌ لِلتَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمُفِيدِ لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ الرَّابِعَةِ وَقَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ مَنْ وَلَدَتْ قَبْلَ انْقِضَائِهَا. قَوْلُهُ: (وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُمَا إلَخْ) نَعَمْ مَنْ تَأَخَّرَ يَوْمُهَا مِنْهُمَا إلَى وِلَادَةِ الرَّابِعَةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا. قَوْلُهُ: (وَالرَّاجِحُ الْبِنَاءُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَثْبَتْنَا الْخِلَافَ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْبِنَاءِ هُنَا، وَإِنْ قُلْنَا بِجَرَيَانِ الطَّرِيقَيْنِ فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْ فَلَا يَجْرِي هُنَا خِلَافٌ أَصْلًا وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْ.

تَنْبِيهٌ: إفْرَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُمْكِنَةِ عَقْلًا ثَمَانِيَةً ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا أَرْبَعَةً، وَبَقِيَ مَا لَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ الرَّابِعَةُ فَيُطَلَّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَفِي عَكْسِهِ تَطْلُقُ الْأُولَى ثَلَاثًا، وَكُلٌّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ طَلْقَةً وَلَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ طَلُقَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَى وَالرَّابِعَةِ ثَلَاثًا وَمِنْ الْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةً وَإِنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا، ثُمَّ ثِنْتَانِ مُرَتَّبًا طَلُقَتْ الثَّلَاثُ طَلْقَتَيْنِ، وَكُلٌّ مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثَلَاثًا وَكُلُّ مَنْ وَلَدَتْ بَعْدَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهَا، وَكُلُّ مَنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا إلَى وِلَادَةِ مَنْ بَعْدَهَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِعَدَدِهِ. قَوْلُهُ: (إذَا عَلَّقَهَا) بِأَنْ قَالَ إنْ حِضْت أَوْ إنْ رَأَيْت الدَّمَ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ، فَإِنْ قَالَ إنْ رَأَيْت دَمًا شَمِلَ دَمَ النِّفَاسِ وَدَمَ الْفَسَادِ، وَلَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ فِي أَثْنَائِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ أُخْرَى، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ دَمِ الْحَيْضِ، فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ اتِّصَالُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُقُوعِ. نَعَمْ إنْ مَاتَتْ حُكِمَ بِالْوُقُوعِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَنُوزِعَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (لِجَوَازِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَعَذِّرَ كَوْنُهُ حَيْضًا لَا كَوْنُهُ دَمًا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا فِي الشَّهَادَاتِ. وَلَوْ قَالَ إنْ حِضْت حَيْضَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِهَا فَإِنْ انْقَطَعَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ شَيْخَنَا، وَكَذَا لَوْ مَاتَتْ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَيْضُ، وَقَدْ وُجِدَ فِي هَذِهِ حَيْضَةٌ، وَلَمْ تُوجَدْ وَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ أَوْ عَادَتُهَا يَظْهَرُ الثَّانِي رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (إذَا عَلَّقَ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ فِي مَحِلِّ الْخِلَافِ فَلَا تُصَدَّقُ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ قَطْعًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ أَوْ شَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ عَدْلَيْنِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (حَوَامِلُ) كَذَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَلَيْسَ بِقَيْدٍ فِيمَا يَظْهَرُ. قَوْلُهُ: (كُلَّمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلُهَا أَنَّ أَيَّتَكُنَّ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِيمَا سَلَفَ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ، وَالثَّانِيَةُ طَلْقَةً وَالثَّالِثَةُ طَلْقَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُنَّ لَا تَطْلُقُ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا. قَوْلُهُ: (يَمِينُهَا) إنَّمَا حَلَفَتْ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّهَا تَتَخَلَّصُ بِهِ مِنْ النِّكَاحِ.

فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَتْ الْحَيْضَ وَلَكِنْ فِي زَمَنِ الْيَأْسِ، فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهَا لِقَوْلِهِمْ إنَّهَا لَوْ حَاضَتْ رَجَعَتْ الْعِدَّةُ مِنْ الْأَشْهُرِ إلَى الْأَقْرَاءِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَعْرَفُ مِنْهُ) اسْتَدَلَّ عَلَى تَصْدِيقِهَا فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] لِأَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015