نَوَاهُمَا جَمِيعًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقَانِ إذْ لَا وَجْهَ لِحَمْلِ إحْدَاكُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ أَرَدْت هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ، كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي ثُمَّ وَاعْتَرَضَهُ بِتَضَمُّنِ الْكَلَامِ الِاعْتِرَافَ بِالطَّلَاقِ فِيهِمَا، فَلْيُحْكَمْ بِوُقُوعِهِ فِيهِمَا، كَمَا فِي الْوَاوِ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الْفَاءِ وَهِيَ كَثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَأَلْحَق الِاعْتِرَاضَ لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالتَّعْيِينِ هَذِهِ الْمُطَلَّقَةُ وَهَذِهِ أَوْ بَلْ هَذِهِ أَوْ ثُمَّ هَذِهِ تَعَيَّنَتْ الْأُولَى وَلَغَا ذِكْرُ غَيْرِهَا لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءُ اخْتِيَارٍ لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِهَا غَيْرَهَا، (وَلَوْ مَاتَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ بَيَانٍ وَتَعْيِينٍ بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ) ، أَيْ الْمُطَالَبَةُ فَإِذَا بَيَّنَ أَوْ عَيَّنَ لَمْ يَرِثْ مِنْ الْمُطَلَّقَةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَإِنْ قِيلَ بِوُقُوعِهِ عِنْدَ التَّعْيِينِ لِسَبْقِ الْإِيقَاعِ وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى، (وَلَوْ مَاتَ) قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ، (فَالْأَظْهَرُ قَبُولُ بَيَانِ وَارِثِهِ لَا) قَبُولُ (تَعْيِينِهِ) لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ وُقُوفُ الْوَارِثِ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةٍ وَالتَّعْيِينُ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ، فَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ بَيَانُهُ وَتَعْيِينُهُ كَمَا يَخْلُفُهُ فِي حُقُوقِهِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَالثَّالِثُ لَا يُقْبَلُ بَيَانُهُ، وَلَا تَعْيِينُهُ لِأَنَّ حُقُوقَ النِّكَاحِ لَا تُورَثُ
(وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ) هَذَا الطَّائِرُ، (غُرَابًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِلَّا فَعَبْدِي حُرٌّ وَجَهِلَ مُنِعَ مِنْهُمَا) لِزَوَالِ مُلْكِهِ عَنْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَسْتَمْتِعُ بِالزَّوْجَةِ وَلَا يَسْتَخْدِمُ الْعَبْدَ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ (إلَى الْبَيَانِ) لِتَوَقُّعِهِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا إلَيْهِ (فَإِنْ مَاتَ لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ الْوَارِثِ عَلَى الْمَذْهَبِ) ، لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي بَيَانِ أَنَّ الطَّائِرَ غُرَابٌ بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْإِرْثِ وَإِبْقَاءِ الْعَبْدِ فِي الرِّقِّ وَالطَّرِيقِ، وَالثَّانِي فِيهِ قَوْلَا الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ، (بَلْ يَقْرَعُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَة) فَلَعَلَّ الْقُرْعَةَ تَخْرُجُ عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ (فَإِنْ قُرِعَ) أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِ (عَتَقَ) ، بِأَنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ، وَتَرِثُ الْمَرْأَةُ إلَّا إذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا طَلُقَتْ بِالتَّعْيِينِ، وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا (أَوْ قُرِعَتْ) أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهَا (لَمْ تَطْلُقْ) إذْ لَا أَثَرَ لِلْقُرْعَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالْوَرَعُ أَنْ تَتْرُكَ الْمِيرَاثَ، (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُرَقُّ) أَيْ لَا يَرْجِعُ إلَى تَمَحَّضَ الرِّقِّ بَلْ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ مِنْ تَعْلِيقِ عِتْقِهِ وَيَسْتَمِرُّ الْإِشْكَالُ بِحَالِهِ وَالثَّانِي يُرَقُّ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيَجِبُ فَهْمُهُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَمَا قِيلَ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (حُكِمَ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا سَيَذْكُرُ تَرْجِيحَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ: (بِالتَّرْتِيبِ) وَمِثْلُهُ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةُ فَلَوْ قَالَ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ، أَوْ هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ أَوْ قَبْلَهَا هَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَالتَّعْقِيبِ) مُسْتَدْرَكٌ أَوْ هُوَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَاَلَّذِي تُفِيدُهُ ثُمَّ. قَوْلُهُ: (وَاعْتَرَضَهُ إلَخْ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبَعْدِ قَصْدُ طَلَاقَيْنِ لِامْرَأَتَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ بِلَفْظِ إحْدَاكُمَا فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَوْ ثُمَّ هَذِهِ) أَوْ فَهَذِهِ.
فَرْعٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ لَوْ جَلَسَ زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ صَفًّا، فَقَالَ الْوُسْطَى مِنْكُنَّ طَالِقٌ طَلُقَتْ إحْدَى الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ، وَعَلَيْهِ التَّعْيِينُ وَقِيلَ يُطَلَّقَانِ وَقِيلَ لَا يَقَعُ شَيْءٌ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْمُطَالَبَةُ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمَصْدَرَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ، وَيُعْلَمُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِيهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّهَا تَرِثُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ فَوْرِيَّةٌ.
قَوْلُهُ: (وَيَرِثُ مِنْ الْأُخْرَى) فَإِنْ نَازَعَهُ وَرَثَتُهَا فَلَهُمْ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ حَلَفَ طَالَبُوهُ بِكُلِّ الْمَهْرِ إنْ وَطِئَ، وَإِلَّا فَبِنِصْفِهِ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَلَا يَرِثُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إرْثٌ بِأَنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ، فَلَا بَيَانَ وَيُوقَفُ مِنْ تَرِكَةِ كُلٍّ عِنْدَ الْإِرْثِ حِصَّةُ زَوْجٍ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ إلَخْ) وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِمَا أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَيَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَيْنِ وَهُمَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (وَلَا يُسْتَخْدَمُ الْعَبْدُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ لَوْ كَانَ كَسُوبًا.
قَوْلُهُ: (إلَى الْبَيَانِ) الْمَسْبُوقِ بِالْبَحْثِ فَلَا يَلْزَمُ أَيْضًا عَلَى الْفَوْرِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنْ مَعَ الطَّلَبِ عَلَى نَظِيرِ مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَإِذَا بَيَّنَ فِي الْعَبْدِ عَتَقَ، وَلِلزَّوْجَةِ تَحْلِيفُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتْ وَكَذَا عَكْسُهُ. قَوْلُهُ: (لِتَوَقُّعِهِ) فَلَوْ لَمْ يَتَوَقَّعْ فَلَا بَيَانَ وَلَا يَأْتِي هُنَا التَّعْيِينُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُمَا) وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُكَلَّفَ بِهَا الْعَبْدُ الْكَسُوبُ مِنْ غَيْرِ كَسْبِهِ لِأَنَّهُ إمَّا حُرٌّ، أَوْ هُوَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ كَالْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَاتَ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ فِي صُورَةِ الْعَبْدِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ بَيَانُ وَارِثِهِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَيُقْبَلُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَيْنِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ بَيَّنَ فِي الزَّوْجَةِ قُبِلَ قَطْعًا، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُقْرَعُ لَوْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ نَظَرًا لِحَقِّ الْعَبْدِ فِي الْعِتْقِ وَالْمَيِّتِ فِي الرِّقِّ لِيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (فِيهِ قَوْلَانِ إلَخْ) وَمَرَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا الْقَبُولُ. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ كُلُّهُ فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ عَتَقَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِقَوْلِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِطَلَاقِهِمَا مَعًا كَمَا أَسْلَفْنَاهُ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ قَرِيبًا قَوْلُهُ: (فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا يُطَلَّقَانِ) أَيْ بَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِالتَّرْتِيبِ وَالتَّعْقِيبِ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فَقَدْ أَثْبَتَ فِي الثَّانِيَةِ طَلَاقًا عَلَى مُوجِبِ التَّرْتِيبِ، وَهُوَ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا وَاحِدَةً. قَوْلُهُ: (غَيْرَهَا) سَوَاءٌ قُلْنَا تَطْلُقُ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالتَّعْيِينِ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءٌ مُتَمِّمٌ لِلَّفْظِ السَّابِقِ لَا إخْبَارٌ عَمَّا وَقَعَ.
قَوْلُهُ: (بَقِيَتْ مُطَالَبَتُهُ) هَذَا فِي الرَّجْعِيِّ لَا وَجْهَ لَهُ، لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فِيهِ ثَابِتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (بِمَنْعِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْإِرْثِ) فَلَوْ قَالَ حَنِثْت فِي الْعَبْدِ قُبِلَ قَطْعًا قَوْلُهُ: (قَوْلَا الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ) أَيْ وَالْأَصَحُّ مِنْهُمَا الْقَبُولُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْبَيَانِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ ارْتَبَطَ بِمُعَيَّنٍ وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُهُ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ ذَلِكَ لَوْ كَمَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِنِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ.