الشَّكُّ فِي الْعَدَدِ أَخَذَ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ شَكَّ فِي وُقُوعِ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ
(وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ ذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ آخَرُ إنْ لَمْ يُكْنِهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَجَهِلَ لَمْ يُحْكَمْ بِطَلَاقِ أَحَدٍ) مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِمَا قَالَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ فَتَعْلِيقُ الْآخِرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ (فَإِنْ قَالَهَا رَجُلٌ لِزَوْجَتَيْهِ طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا) لِوُجُودِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ (وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ) عَنْ الطَّائِرِ (وَالْبَيَانُ) لِزَوْجَتَيْهِ إنْ اتَّضَحَ لَهُ لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ غَيْرِهَا، وَعَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُمَا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، (وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا بِعَيْنِهَا) كَأَنْ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ أَوْ نَوَاهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، (ثُمَّ جَهِلَهَا) بِأَنْ نَسِيَهَا (وَقَفَ) الْأَمْرُ مِنْ قُرْبَانٍ وَغَيْرِهِ (حَتَّى يَذْكُرَ) الْمُطَلَّقَةَ أَيْ يَتَذَكَّرَهَا (وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ) لِلْمُطَلَّقَةِ (إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي الْجَهْلِ) بِهَا فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ أَنَا الْمُطَلَّقَةُ لَمْ يَكْفِهِ فِي الْجَوَابِ، لَا أَدْرِي بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا
(وَلَوْ قَالَ لَهَا وَلِلْأَجْنَبِيَّةِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ) قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظَ لِذَلِكَ، وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ وَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّهَا مَحِلُّ الطَّلَاقِ، فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا إلَى الْأَجْنَبِيَّةِ بِالْقَصْدِ
(وَلَوْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ) وَاسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ (وَقَالَ قَصَدْت أَجْنَبِيَّةً) اسْمُهَا زَيْنَبُ يَعْرِفُهَا، (فَلَا) يُقْبَلُ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَيَدِينُ وَالثَّانِي يُقْبَلُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ، (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً) مِنْهُمَا (طَلُقَتْ وَإِلَّا فَإِحْدَاهُمَا وَيَلْزَمُهُ الْبَيَانُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَالتَّعْيِينُ فِي الثَّانِيَةِ) لَتُعْرَفَ الْمُطَلَّقَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (جَدَّدَ) وَيَعْتَدُّ بِهَذَا التَّجْدِيدِ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ أَيْضًا، وَيَلْزَمُهُ مَا عَقَدَ بِهِ مِنْ الصَّدَاقِ.
قَوْلُهُ: (لِتَحِلَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ طَلِّقْهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ثَلَاثًا كَالرَّوْضَةِ وَجُلُّ عِلْمِهِ بِمَا تَعُودُ لَهُ بِهِ لَوْ نَكَحَهَا بَعْدُ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا دُونَ ثَلَاثٍ وَعَادَتْ لَهُ لَمْ يَمْلِكْ عَلَيْهَا غَيْرَ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَجَهِلَ) فَإِنْ عَلِمَ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مَا لَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً وَإِلَّا فَهُوَ حَلِفٌ فَلَا يَقَعُ وَإِنَّ الْحَالَ لِاعْتِبَارِ غَلَبَةِ الظَّنِّ فِيهِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ) أَيْ فَوْرًا فِي الْبَائِنِ وَفِي الرَّجْعِيِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَمَحِلُّهُ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الطَّائِرِ وَطَلَبْنَا مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُحَاوَرَةً كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ أَصْلًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ عَنْهُمَا) وَهَذَا يُفِيدُ امْتِنَاعَ الْقَسَمِ لِزَوْجَةٍ لَهُ غَيْرُهُمَا. قَوْلُهُ: (إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ) يُفِيدُ أَنَّ مَعْنَى الْبَيَانِ إظْهَارُ الزَّوْجَةِ الَّتِي صِفَةُ الْوُقُوعِ لَهَا لِتُعْلَمَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (ثُمَّ) لَيْسَتْ لِلتَّرْتِيبِ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَسِيَهَا) الْأَوْلَى كَأَنْ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ كَانَتْ فِي ظُلْمَةٍ مَثَلًا. قَوْلُهُ: (يَتَذَكَّرُهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنْ يَذَّكَّرَ مُشَدَّدُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ. قَوْلُهُ: (إنْ صَدَّقَتَاهُ) وَلَهُ مُرَاجَعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا لَا بِقَوْلِهِ رَاجَعْت الْمُطَلَّقَةَ مِنْكُمَا أَوْ إحْدَاكُمَا قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَذَّبَتَاهُ) الْأَوْلَى فَإِنْ لَمْ تُصَدِّقَاهُ. قَوْلُهُ: (بَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) وَهَلْ تَتَعَيَّنُ الْأُخْرَى لِلطَّلَاقِ رَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَقَضَى بِطَلَاقِهَا) وَلَيْسَ لَهُ تَمَتُّعٌ بِالْبَاقِيَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُكْمِيٌّ هُنَا فَلَوْ ادَّعَتْ أَيْضًا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا أَيْضًا، وَحَيْثُ حُكِمَ بِطَلَاقِهِمَا بِحَلِفِهِمَا فَهُوَ فِي الظَّاهِرِ فَلَوْ تَبَيَّنَ لَهُ الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَالْأُخْرَى زَوْجَتُهُ فَيُدَيَّنُ فِيهَا، وَلَهَا مُطَاوَعَتُهُ إنْ ظَنَّتْ صِدْقَهُ وَلَهُ إقَامَةُ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ.
تَنْبِيهٌ: اسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ لَا أَدْرِي مَعَ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا عِنْدَهُ وَإِلْزَامُهُ الْبَيَانُ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقٍ مُمْتَنِعٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ تَدْلِيسِهِ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ تَغْلِيظٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُوَرِّطُ لِنَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلِأَجْنَبِيَّةٍ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَأَمَةُ نَفْسِهِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَخَرَجَ بِهَا الْأَجْنَبِيُّ وَالْبَهِيمَةُ فَلَا يُقْبَلُ وَتَطْلُقُ زَوْجَتُهُ قَطْعًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ مُطَلَّقَةً وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ إلَّا إنْ قَصَدَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ مَعَ صِدْقِ لَفْظِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا وَيَجْرِي مَا ذَكَرَ فِيمَا لَوْ قَالَ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ بِنْتُك طَالِقٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ) أَيْ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا قَالَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (يَعْرِفُهَا) مِثَالُ وَقِيلَ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُقْبَلُ) وَفَارَقَ مَا قَبْلَهُ بِعَدَمِ صِدْقِ اللَّفْظِ هُنَا بَاطِنًا نَعَمْ إنْ كَانَتْ زَيْنَبُ مُطَلَّقَةً وَلَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَعَرَفَهُ وَادَّعَى قَصْدَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا أَوْ قَصَدَهُمَا مَعًا أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا طَلُقَتْ إحْدَاهُمَا وَعَلَى الثَّانِيَةِ يَنْزِلُ كَلَامُ الْإِمَامِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَنْهَجِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا) كَذَا فِي الرَّوْضَةِ. قَوْلُهُ: (لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) مِنْ فَوَائِدِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا إذَا عَادَتْ لَهُ بَعْدَ الزَّوْجِ تَعُودُ بِالثَّلَاثِ.
قَوْلُهُ: (وَلَزِمَهُ الْبَحْثُ) أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَ. قَوْلُهُ: (أَوْ نَوَاهَا عِنْدَ قَوْلِهِ إلَخْ) هَذِهِ بِعَيْنِهَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ الْآتِي وَقَصَدَ مُعَيَّنَةً، وَلَكِنَّ وَجْهَ الْمُخَالَفَةِ دَعْوَى النِّسْيَانِ هُنَا بِخِلَافِ الْآتِي ثُمَّ إنَّ سَائِرَ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ جَارِيَةٌ فِي مِثَالِ الشَّارِحِ هَذَا وَالْمِثَالِ الْمَذْكُورِ قَبِيلَهُ وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ الرَّجُلِ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِمُتَنَاقِضَيْنِ السَّابِقَةِ فِي الْمَتْنِ كَمَا صَرَّحَ بِكُلِّ ذَلِكَ فِي الْإِرْشَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ قَصَدْت الْأَجْنَبِيَّةَ) احْتَرَزَ عَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، بِأَنَّ اللَّفْظَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ) فَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ إحْدَاكُمَا مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ زَيْنَبَ، فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ بِحُكْمِ الْوَضْعِ إلَّا مَحِلًّا وَاحِدًا، فَلِهَذَا قُبِلَتْ الْإِرَادَةُ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَإِحْدَاهُمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ يَشْمَلُ مَا لَوْ نَوَى إحْدَاكُمَا بِعَيْنِهَا أَوْ أَطْلَقَ أَوْ نَوَاهُمَا مَعًا وَبِالثَّالِثَةِ صَرَّحَ الْإِمَامُ كَمَا نَقَلَهُ عِنْدَ