مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدَةً، (أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ فَثِنْتَانِ) لِمَا ذَكَرَ (وَقِيلَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْأَوَّلَ مُسْتَغْرِقٌ فَيَلْغُو، وَالثَّانِي مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فَيَلْغُو أَيْضًا (وَقِيلَ طَلْقَةٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الثَّانِيَ صَحِيحٌ فَيَعُودُ إلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ، (أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ وَقِيلَ ثَلَاثٌ) اعْتِبَارًا لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَلْفُوظِ لِأَنَّهُ لَفْظِيٌّ وَقِيلَ مِنْ الْمَمْلُوكِ، (أَوْ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ عَلَى الصَّحِيحِ) ، تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَقِيلَ ثِنْتَانِ تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْمُسْتَثْنَى.
(وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ طَلَاقَك (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ) أَيْ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى مُحَالٌ وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بِالْوُقُوعِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوُقُوعَ بِمَا يُضَادُّهُ مِنْ عَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ، فَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْك وَاحْتَرَزَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ.
(وَكَذَا يُمْنَعُ) التَّعْلِيقُ بِالْمَشِيئَةِ (انْعِقَادُ تَعْلِيقٍ) نَحْوُ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، (وَعِتْقٌ) نَحْوُ أَنْتَ حُرٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالطَّلَاقِ وَقَدْ لَا يَقَعُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ فِي الشَّهْرِ إلَّا مَرَّةً أَوْ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ لَا يَبِيتُ عِنْدَ فُلَانٍ فِي الشَّهْرِ لَيْلَةً، أَوْ اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ أَوْ لَا يَلْبَسُ إلَّا الْحَرِيرَ، فَلَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (لِمَا ذَكَرَ) وَهُوَ الْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَابْنِ حَجَرٍ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ.
قَوْلُهُ: (نِصْفَ طَلْقَةٍ) أَوْ قَالَ إلَّا نِصْفًا وَقَعَ ثِنْتَانِ حَمْلًا عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ إلَّا إنْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ ذَكَرَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ اللَّهُ) وَمِثْلُ إنَّ بَقِيَّةَ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ نَحْوُ مَتَى وَلَوْ وَلَوْلَا وَمِثْلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَضِيَ اللَّهُ أَوْ أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ اخْتَارَ اللَّهُ، أَوْ أَرَادَ اللَّهُ، أَوْ حَكَمَ اللَّهُ أَوْ مَنَّ اللَّهُ بِخِلَافِ، وَعَلِمَ اللَّهُ أَوْ أَمْرُهُ أَوْ قُدْرَتُهُ أَوْ حِكْمَتُهُ فَتُطْلَقُ فِي الْحَال لِأَنَّهُ لَيْسَ تَعْلِيقًا سَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ أَتَى بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، أَوْ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ بِرِضَا اللَّهِ، أَوْ فِي رِضَاهُ فَهِيَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَوْ بِعِلْمِ اللَّهِ أَوْ فِي عِلْمِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَرَاجِعْ ذَلِكَ.
فَرْعٌ: لَوْ تَعَدَّدَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الْجَمِيعِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّصَهُ بِمَا قَبْلَهُ، فَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِعَطْفٍ أَوْ دُونَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا وَمِثْلُ مَشِيئَةِ اللَّهِ الْمِلْكِ وَالْبَهِيمَةِ وَأَمَّا مَشِيئَةُ زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنْ وُجِدَتْ يَقِينًا فِي حَيَاتِهِ وَعُلِمَ بِهَا الْمُعَلَّقُ وَقَعَ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لَوْلَا اللَّهُ أَوْ لَوْلَا أَبُوك لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ أَيْضًا مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ إنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا إلَّا إنْ سَبَقَهُ الْقَضَاءُ وَالْقَدْرُ ثُمَّ فَعَلَهُ، وَقَالَ قَصَدْت إخْرَاجَ مَا قَدَرَ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَحْنَثُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ) وَعَنْ الْإِطْلَاقِ أَيْضًا وَلَوْ شَكَّ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا، أَوْ هَلْ ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ أَوْ لَا فَهُوَ مِثْلُ التَّبَرُّكِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا قَصْدُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَقَعُ) أَيْ حَالًا كَمَا لَوْ فَتَحَ هَمْزَةَ إنَّ أَوْ أَبْدَلَهَا بِإِذَا أَوْ بِمَا سِوَاهُ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَكَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَتَطْلُقُ حَالًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ طَلَّقَ فِيهِ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ، أَوْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَمَضَى الْيَوْمُ.
وَلَمْ تَطْلُقْ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِعَدَمِهَا، وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ هَذَيْنِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ طَلْقَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ فَطَلْقَتَيْنِ فَإِنْ طَلَّقَهَا الْيَوْمَ، وَقَعَ ثِنْتَانِ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقَةُ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فِيهِ وَقَعَ الْمُعَلَّقَتَانِ عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا يُمْنَعُ) مَعَ قَصْدِ التَّعْلِيقِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُمْنَعُ الْإِطْلَاقُ هُنَا، وَفَارَقَ النِّيَّةَ فِي الْعِبَادَاتِ نَحْوُ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ لِمُنَافَاتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَحَلَفَ لَا يَبِيتُ سِوَى اللَّيْلَةِ الْفُلَانِيَّةِ، لَيْلَةٍ مُسْتَقْبِلَةٍ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ مَبِيتِهَا فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ الْحِنْثُ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِيٍّ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ، هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الشَّكْوَى مُطْلَقًا فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ وَيُوَافِقهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ، فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (فَثِنْتَانِ) أَيْ تَصْحِيحًا لِلِاسْتِثْنَاءِ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ تَعْلِيقِهِ، وَبِالثَّانِي لِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا يَتِمُّ بِآخِرِهِ. قَوْلُهُ: (وَقِيلَ مِنْ الْمَمْلُوكِ) قَضِيَّته أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ اثْنَيْنِ مَثَلًا اُعْتُبِرَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ ثَلَاثًا إلَخْ) لَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا نِصْفًا فَيُرَاجَعُ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ مُرَاجَعَتُهُ، أَوْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ طَلُقَتْ وَاحِدَةً قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً وَنِصْفًا إلَّا طَلْقَةً وَنِصْفًا فَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ فُقَهَاءِ عَصْرِهِ أَنَّهُ تُفْتَى بِوُقُوعِ طَلْقَةٍ، قَالَ لِأَنَّا نُكْمِلُ النِّصْفَ فِي جَانِبِ الْإِيقَاعِ ثُمَّ نَسْتَثْنِي طَلْقَةً وَنِصْفًا فَيَبْقَى نِصْفُ طَلْقَةٍ. قَوْلُهُ: (تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ) لِأَنَّهُ أَحْوَطُ.
قَوْلُهُ: (وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْ قَبْلَ فَرَاغِ اللَّفْظِ كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِالْمَشِيئَةِ بَلْ كُلُّ تَعْلِيقٍ كَذَلِكَ اهـ. ثُمَّ هَذَا التَّفْصِيلُ الْمُشَارُ إلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ خَصَّهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ إلَخْ) . أَيْ وَكَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِالصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا، مِنْ الشُّرُوطِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ، وَأَمَّا طَرِيقُ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّعْلِيقَ عَلَى مَشِيئَةٍ جَدِيدَةٍ، وَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمَةٌ، فَلَمَّا تَعَذَّرَ وُقُوعُ الصِّفَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَجَوَابُهُ بَيِّنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ رَبَطَ الْوُقُوعَ بِمَا يُضَادُّهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْمَشِيئَةِ. قَوْلُهُ: (عَنْ قَصْدِ التَّبَرُّكِ إلَخْ) مِثْلُهُ سَبْقُ اللِّسَانِ وَمَا لَوْ قَصَدَ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ إلَخْ) عَلَّلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إذَا مَنَعَ الْمُنْجَزَ فَالْمُعَلَّقُ