جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ لِتَعَدِّيهِ بِالتَّسَبُّبِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَهَذَا أَوْفَقُ لَا طَلَاقُ الْأَكْثَرِينَ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ.

(وَلَوْ قَالَ رُبُعُك أَوْ بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ كَبِدُك أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفُرُك) أَوْ سِنُّك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك (طَالِقٌ وَقَعَ) الطَّلَاقُ قَطْعًا بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ وَقِيلَ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الطَّلَاقُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ تَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا، فِيمَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَمِينُك طَالِقٌ، فَقُطِعَتْ يَمِينُهَا ثُمَّ دَخَلَتْ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا، (وَكَذَا دَمُك) طَالِقٌ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِأَنَّ بِهِ قِوَامَ الْبَدَنِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ كَفَضْلَةِ وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِالْأَوَّلِ (لَا فَضْلَةَ كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) كَأَنْ قَالَ رِيقُك أَوْ عَرَقُك طَالِقٌ فَإِنَّهَا لَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ، (وَكَذَا مَنِيٌّ وَلَبَنٌ) كَأَنْ قَالَ مَنِيُّك أَوْ لَبَنُك طَالِقٌ، فَإِنَّهُمَا لَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ (فِي الْأَصَحِّ) ، وَالثَّانِي يَقَعُ بِهِمَا لِأَنَّ أَصْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا الدَّمُ وَدُفِعَ بِأَنَّهُمَا تَهَيَّآ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ فَأَشْبَهَا الْفَضْلَةَ، (وَلَوْ قَالَ لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ يَمِينُك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَالثَّانِي فِي وُقُوعِهِ وَجْهَانِ تَخْرِيجًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّ الْوُقُوعَ عِنْدَ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ، أَوْ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ عَنْ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ إنْ قُلْنَا بِالثَّانِي وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَدُفِعَ التَّخْرِيجُ بِأَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِتَنْتَظِمَ الْإِضَافَةُ

(وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ وَنَوَى تَطْلِيقهَا طَلُقَتْ) لِأَنَّ عَلَيْهِ حَجْرًا مِنْ جِهَتِهَا حَيْثُ لَا يَنْكِحُ مَعَهَا أُخْتَهَا وَلَا أَرْبَعًا وَيَلْزَمُهُ صَوْنُهَا فَصَحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لِحِلِّ السَّبَبِ الْمُقْتَضِي.

ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَهَذَا أَوْفَقُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَبِدُكِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ، كَالظَّاهِرَةِ فَيَقَعُ بِهَا وَمِنْهَا الْخُصْيَةُ. قَوْلُهُ: (شَعْرُك) أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ شَعْرَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ مِنْ نَحْوِ حَاجِبٍ فَيَقَعُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (يَدُكِ إلَخْ) أَيْ الْمُتَّصِلَةَ مِنْهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: (بِطَرِيقِ السِّرَايَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (إلَيْهِ) مُسْتَدْرِكٌ إذْ الْأَصْلُ مِنْ الْمُضَافِ الَّذِي هُوَ الْجُزْءُ الْبَاقِي أَوْ مُؤَوَّلٌ بِأَنْ يُقَالَ مِنْ الْجُزْءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الطَّلَاقُ وَإِلَى جُمْلَةِ الْبَاقِي فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) هَذَا مَنْعٌ لِلْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (دَمُكِ) أَوْ بَعْضُ دَمِك وَكَالدَّمِ الرُّوحُ إنْ أَرَادَ بِهَا الدَّمَ، وَالنَّفْسُ بِسُكُونِ الْفَاءِ كَالرُّوحِ وَكَالدَّمِ السَّمْنُ وَرُطُوبَةُ الْبَدَنِ، وَالشَّحْمُ وَالْبَيْضُ الَّذِي لَهَا وَهُوَ الْخُصْيَةُ كَمَا مَرَّ، وَالْحَيَاةُ إنْ أَرَادَ بِهَا الدَّمَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (كَرِيقٍ وَعَرَقٍ) وَمِثْلُهُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْكَلَامُ وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ وَالْحُسْنُ وَالْقُبْحُ وَالْعَقْلُ وَالذَّكَرُ وَالظِّلُّ وَالصُّحْبَةُ وَالصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ وَالطَّرِيقُ وَالْمَلَّاحَةُ وَالدَّمْعُ وَالنَّفَسُ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَالِاسْمُ إنْ لَمْ يُرَدْ الْمُسَمَّى، وَالرُّوحُ وَالْحَيَاةُ إنْ لَمْ يُرَدْ الدَّمُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ.

وَاللِّحْيَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا شَعْرٌ فَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا مَنِيٌّ) وَمِثْلُهُ الْجَنِينُ وَالْحَمْلُ. قَوْلُهُ: (وَلَبَنٌ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَلْحَقُ بِهِ الْأَخْلَاطُ كَالْبَلْغَمِ وَمَحِلُّهُ إنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَنْفَصِلُ مِنْ الْغِذَاءِ فِي الْمَعِدَةِ قَبْلَ سَرَيَانِهِ فِي الْبَدَنِ وَإِلَّا فَهِيَ أَجْزَاءٌ مِنْ الْبَدَنِ لِتَرَكُّبِهِ مِنْهَا كَالدَّمِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِالدَّمِ الْمُنْفَصِلَ عَنْ الْغِذَاءِ أَيْضًا لَمْ يَقَعْ بِهِ فَرَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لِمَقْطُوعَةِ يَمِينٍ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ وَهِيَ مِنْ الْكَتِفِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ) أَيْ وَإِنْ أَعَادَتْهَا وَالْتَصَقَتْ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ لِأَنَّهَا حَالَةَ الْحَلِفِ مَعْدُومَةٌ فَإِنْ كَانَتْ مُلْتَصِقَةً حَالَةَ الْخِلْفِ فَإِنْ خِيفَ مِنْ إزَالَتِهَا مَحْذُورٌ تَيَمَّمَ وَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ وَقَعَ وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَالْأُذُنُ وَالشَّعْرُ كَالْيَدِ كَمَا شَرَحَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ تَعْلِيلَ شَيْخِنَا م ر فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَا يُعَدُّ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ لَا مَوْقِعَ لَهُ هُنَا رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَحِلُّهُ الصِّيغَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَلَوْ قَدَّمَهَا كَانَ أَنْسَبَ وَذَكَرَهُ هُنَا لِمُنَاسَبَةِ الْإِضَافَةِ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَنَا مِنْك) بِلَفْظِهِ أَوْ نِيَّتِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَى الْبَاقِي) قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ هَذَا غَلَطٌ، وَإِنَّمَا الْبَعْضُ كَالْكُلِّ فِي مَحِلِّ الطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (كَمَا يَسْرِي فِي الْعِتْقِ) بِجَامِعٍ أَنَّ كُلَّ إزَالَةِ مِلْكٍ تَحْصُلُ بِالتَّصْرِيحِ وَالْكِنَايَةِ لَكِنْ نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الْقِيَاسِ بِأَنَّ الْجُزْءَ يَصِحُّ عِتْقُهُ، وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ نَعَمْ احْتَجُّوا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ يُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا اتِّصَالًا أَوَّلِيًّا، وَعَلَّلَ الرَّافِعِيُّ الْوُقُوعَ بِأَنَّ الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ، فَلَا يُمْكِنُ إلْغَاءُ قَوْلِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ. فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَعُمَّ حُكْمُهُ انْتَهَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بِهِ إلَخْ) قِيلَ قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ لِبَعْضِ الدَّمِ لَا تَطْلُقُ وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَوْلُهُ: (لَا فَضْلَةَ) مِثْلُهَا الْأَخْلَاطُ بِلَا عَدَمِ صِدْقِ الْمَعْطُوفِ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (يَمِينٌ) قِيلَ الصَّوَابُ يُمْنَى لِأَنَّ الْيَدَ مُؤَنَّثَةٌ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) كَمَا لَوْ قَالَ لِحْيَتُك طَالِقٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ أَنَا مِنْك طَالِقٌ إلَخْ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْ امْرَأَتِي فَقَالَ لَهُ طَلَّقْتُك وَنَوَى وُقُوعَهُ عَلَيْهَا لَمْ تَطْلُقْ، لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ مَعَ الزَّوْجِ انْتَهَى.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ عَلَيْهِ إلَخْ) وَقِيلَ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ وَضُعِّفَ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا مَنَافِعَهُ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ مُقَيَّدَةٌ وَالزَّوْجُ كَالْقَيْدِ قَالَ الْقَاضِي، وَسَوَاءٌ جُعِلَ مَعْقُودًا عَلَيْهِ أَمْ لَا يَصِحُّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَيْهِ لَفْظًا، وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِلْعَلَاقَةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015