(قُلْت الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى، فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنْ بِرْوَعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نُكِحَتْ بِلَا مَهْرٍ، فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا، فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ. .
فَصْلٌ. مَهْرُ الْمِثْلِ مَا يُرَغَّبُ وَبِهِ فِي مِثْلِهَا وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ فَيُرَاعَى أَقْرَبُ مَنْ تُنْسَبُ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ (إلَى مَنْ تُنْسَبُ) هَذِهِ (إلَيْهِ) ، كَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ دُونَ الْجَدَّاتِ وَالْخَالَاتِ (وَأَقْرَبُهُنَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ عَمٌّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ) ، لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ) ، أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ كَذَلِكَ (فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ أَوْ لَمْ يَنْكِحْنَ أَوْ جَهِلَ مَهْرَهُنَّ، فَأَرْحَامٌ كَجَدَّاتٍ وَخَالَاتٍ) ، تُقَدَّمُ الْجِهَةُ الْقُرْبَيْ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا وَتُقَدَّمُ الْقُرْبَى مِنْ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ كَالْجَدَّاتِ عَلَى غَيْرِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِفَقْدِ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ مَوْتَهُنَّ، بَلْ يُعْتَبَرُ بِهِنَّ بَعْدَ مَوْتِهِنَّ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ اُعْتُبِرَتْ بِمِثْلِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَتُعْتَبَرُ الْعَرَبِيَّةُ بِعَرَبِيَّةٍ مِثْلِهَا، وَالْأَمَةُ بِأَمَةٍ مِثْلِهَا، وَيُنْظَرُ إلَى شَرَفِ سَيِّدِهَا وَخِسَّتِهِ وَالْمُعْتَقَةُ بِمُعْتَقَةٍ مِثْلِهَا، وَلَوْ كَانَتْ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ بِبَلَدَيْنِ هِيَ فِي أَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ نِسَاءُ بَلَدِهَا.
(وَيُعْتَبَرُ سِنٌّ وَعَقْلٌ وَيَسَارٌ وَبَكَارَةٌ وَثُيُوبَةٌ، وَمَا اخْتَلَفَ بِهِ غَرَضٌ) كَجَمَالٍ، وَعِفَّةٍ وَعِلْمٍ، وَفَصَاحَةٍ، وَشَرَفِ نَسَبٍ، فَيُعْتَبَرُ مَهْرُ مَنْ شَارَكَتْهُنَّ الْمَطْلُوبُ مَهْرُهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ (فَإِنْ اخْتَصَّتْ) عَنْهُنَّ (بِفَضْلٍ أَوْ نَقْصٍ) مِمَّا ذُكِرَ (زِيدَ) فِي مَهْرِهَا (أَوْ نُقِصَ) مِنْهُ (لَائِقٌ بِالْحَالِ وَلَوْ سَامَحَتْ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ (لَمْ يَجِبْ مُوَافَقَتُهَا) اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ (وَلَوْ خَفَضْنَ الْعَشِيرَةَ فَقَطْ اُعْتُبِرَ) ذَلِكَ فِي الْمَطْلُوبِ مَهْرُهَا فِي حَقِّ الْعَشِيرَةِ دُونَ مَهْرِهِمْ.
(وَفِي وَطْءِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مَهْرُ مِثْلِ يَوْمَ الْوَطْءِ) ، كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ نَظَرًا إلَى يَوْمِ الْإِتْلَافِ لَا يَوْمِ الْعَقْدِ، لِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَوْتَ إلَخْ)
قَدَّمَ الْقِيَاسَ عَلَى النَّصِّ لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِيَّةِ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الْوَطْءِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (بِرْوَعَ) بِوَزْنِ جَعْفَرٍ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ جَوَازِ كَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، أَوَّلَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ قِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ، إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي اللُّغَةِ بِهَذَا الْوَزْنِ إلَّا خِرْوَعٌ اسْمُ نَبَاتٍ وَعِتْوَدٌ اسْمُ مَكَان، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ مَهْرُ الْمِثْلِ]
فَصْلٌ فِي اعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قَوْلُهُ: (مَا يُرْغَبُ) أَيْ مَا وَقَعَتْ الرَّغْبَةُ بِهِ فِيمَنْ تُمَاثِلُهَا فَالْمُرَادُ بِالْمُضَارِعِ الْمَاضِي فَسَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (فِي مِثْلِهَا) أَيْ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ شَذَّتْ وَاحِدَةٌ أَوْ شَذَّ وَاحِدٌ. قَوْلُهُ: (فَيُرَاعَى أَقْرَبُ مِنْ) أَيْ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ أَيْ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَكُنَّ عَصَبَةً لَوْ كُنَّ ذُكُورًا. قَوْلُهُ: (تُنْسَبُ إلَى مَنْ) أَيْ جَدٍّ أَيْ أَقْرَبِ جَدٍّ تُنْسَبُ الزَّوْجَةُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (بَنَاتُ أَخٍ) وَإِنْ سَفَلْنَ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ فُقِدَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ) أَيْ أَصْلًا كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ، لَا مِنْ بَلَدِهَا فَقَطْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. قَوْلُهُ: (فَأَرْحَامٌ) وَهُنَّ قَرَابَاتُ الْأُمِّ هُنَا لَا مَا فِي الْفَرَائِضِ. قَوْلُهُ: (تُقَدَّمُ الْجِهَةُ إلَخْ) فَتُقَدَّمُ أُمُّ الْمَنْكُوحَةِ فَأُخْتُهَا لِأُمِّهَا فَجَدَّتُهَا فَخَالَتُهَا فَبِنْتُ أُخْتِهَا لِأُمِّهَا فَبِنْتُ خَالِهَا، وَبِذَلِكَ عُلِمَ اسْتِوَاءُ أُمِّ الْأَبِ وَأُمِّ الْأُمِّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ. قَوْلُهُ: (كَالْجَدَّاتِ) فَتُقَدَّمُ جَدَّتُهَا عَلَى جَدَّةِ أُمِّهَا. قَوْلُهُ: (اُعْتُبِرَ نِسَاءُ أَرْحَامِهَا) أَوْ غَيْرُهُمْ فِي بَلَدِهَا عَلَى نِسَاءِ أَرْحَامِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ، فِي بَلَدٍ أُخْرَى، نَعَمْ إنْ كَانَ نِسَاءُ الْأُخْرَى أَقْرَبَ قُدِّمْنَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ كَانَ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ بِغَيْرِ بَلَدِهَا قُدِّمْنَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْضًا.
قَوْله: (وَيُعْتَبَرُ) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ، وَكَذَا فِي الزَّوْجِ أَيْضًا لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِهِ الْغَرَضُ فِي زِيَادَةِ الْمَهْرِ، وَنَقْصِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فَقْدُهُ عَارًا وَبِذَلِكَ فَارَقَ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فِي الْكَفَاءَةِ. قَوْلُهُ: (زِيدَ فِي مَهْرِهَا أَوْ نُقِصَ) أَيْ وُجُوبًا فِي تَزْوِيجِ الْقَاضِي فَيُنْقِصُ قَدْرًا يَلِيقُ بِالْأَجَلِ وَلَا يُؤَجِّلُ وَلَا يَجِبُ مَا ذُكِرَ فِي الْوَلِيِّ وَلَا لِمَحْجُورَتِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَامَحَتْ) خَرَجَ بِهِ النَّقْصُ لِمَا يُقَلِّلُ الرَّغْبَةَ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ نَقْصُهُ وَمَثَّلُوهُ بِعَزْلٍ مِنْ مَنْصِبٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ خَفَضْنَ) كُلُّهُنَّ أَوْ بَعْضُهُنَّ وَلَوْ الْأَقَلَّ. قَوْلُهُ: (لِلْعَشِيرَةِ مَثَلًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ:
قَوْلُهُ: (وَرُكْنُهُ الْأَعْظَمُ نَسَبٌ) لِأَنَّ الْمَهْرَ يُفْتَخَرُ بِهِ فَيُنْظَرُ فِيهِ إلَى النَّسَبِ كَالْكَفَاءَةِ فِي النِّكَاحِ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ اسْتِثْنَاءَ الْعَجَمِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُعْتَنَوْنَ بِحِفْظِ الْأَنْسَابِ، وَلَا يُدَوِّنُونَهَا قَوْلُهُ: (مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ) اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي مَهْرِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمَهْرِ نِسَائِهَا» ، قَالُوا لِأَنَّ إطْلَاقَ لَفْظِ نِسَائِهَا يَنْصَرِفُ إلَى نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ وَنَازَعَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ النِّسَاءَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ نِسَاؤُهَا بَلْ هُوَ عَامٌّ، وَيَخُصُّ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ قِيمَةُ الْبُضْعِ وَتُعْرَفُ قِيمَةُ الشَّيْءِ، بِالنَّظَرِ إلَى أَمْثَالِهِ وَأَمْثَالُهَا كَنِسَاءِ عَشِيرَتِهَا الْمُسَاوِيَاتِ لَهَا فِي نَسَبِهَا لِأَنَّ النَّسَبَ مُعْتَبَرٌ فِي النِّكَاحِ وَمَنْ لَا يَنْتَهِي إلَى نَسَبِهَا لَا يُسَاوِيهَا فِيهِ اهـ. أَقُولُ وَأَخْصَرُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ الْمَعْنَى الْمُخَصَّصُ هُوَ أَنَّ الْمَهْرَ يُفْتَخَرُ بِهِ فَيُرَاعَى فِيهِ النَّسَبُ كَالْكَفَاءَةِ وَمُرَاعَاتُهُ تُعُيِّنَ نِسَاءَ الْعَصَبَاتِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَمَّاتٍ) يُوهِمُ تَقَدُّمَهُنَّ عَلَى بَنَاتِ ابْنِ الْأَخِ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ جِهَةُ الْأُخُوَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى جِهَةِ الْعُمُومَةِ فَتُقَدَّمُ بَعْدَ بِنْتِ الْأَخِ بِنْتُ ابْنِ الْأَخِ وَإِنْ نَزَلَ ثُمَّ الْعَمَّاتُ دُونَ بَنَاتِهِنَّ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنَاتُ بَنِيهِمْ ثُمَّ عَمَّاتِ الْأَبِ دُونَ بَنَاتِهِنَّ ثُمَّ بَنَاتِ أَعْمَامِ الْأَبِ ثُمَّ بَنَاتِ بَنِيهِمْ وَهَكَذَا. قَوْلُهُ: (فَأَرْحَامٍ كَجَدَّاتٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَرْحَامِ هُنَا مَا سَلَفَ فِي الْفَرَائِضِ بِدَلِيلِ عَدَمِ الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَنَحْوِهِمَا، فَتُعْتَبَرُ الْأُمُّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ إلَخْ) نَبَّهَ صَاحِبُ الْكَافِي حَالَ الزَّوْجِ أَيْضًا مِنْ