لِأَنَّ تَحْلِيفَهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَلِيقُ بِحُرْمَتِهِ لَكِنْ لَا يَحِلُّ لَهُ طَلَبُ الْإِعْفَافِ، إلَّا إذَا صَدَقَتْ شَهْوَتُهُ بِحَيْثُ يَخَافُ، الزِّنَى أَوْ يَضُرُّ بِهِ التَّعَزُّبُ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ، وَالْأَبُ الْكَافِرُ يَجِبُ إعْفَافُهُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ.
(وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَتِهِ وَلَا مَمْلُوكَتِهِ (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَهْرٍ لَا حَدٍّ) بِوَطْئِهِ لَهَا لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِ وَلَدِهِ شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ، فَانْتَقَى عَنْهُ بِهَا الْحَدُّ وَوَجَبَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ الْمَهْرُ وَفِي قَوْلٍ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي يَجِبُ الْحَدُّ وَعَلَى هَذَا إنْ طَاوَعَتْهُ فَلَا مَهْرَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ أَكْرَهَهَا وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَذْهَبُ لَا حَدَّ وَيَجِبُ مَهْرٌ كَانَ أَوْضَحَ مِمَّا قَالَهُ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ (فَإِنْ أَحَبْلَ) الْأَبُ بِوَطْئِهِ (فَالْوَلَدُ حُرٌّ نَسِيبٌ) لِلشُّبْهَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ لَمْ تَصِرْ (مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) ، لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَصِيرُ) مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ لِلشُّبْهَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَيَقْدِرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا إلَيْهِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ، وَالثَّانِي لَا تَصِيرُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهَا إلَيْهِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا) لِصَيْرُورَتِهَا مُسْتَوْلَدَةً لَهُ (مَعَ مَهْرٍ) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْوَطْءِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ (لَا قِيمَةَ وَلَدٍ فِي الْأَصَحِّ) ، لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ بَعْدَ الْعُلُوقِ لِتَحَقُّقِ الصَّيْرُورَةِ حِينَئِذٍ.
(وَنِكَاحُهَا) أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أَمَةِ وَلَدِهِ، لِأَنَّهَا لِمَالِهِ فِي مَالِ وَلَدِهِ مِنْ شُبْهَةِ الْإِعْفَافِ وَالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (الْكَافِرُ) أَيْ الْمَعْصُومُ كَمَا تَقَدَّمَ. .
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ رَقِيقًا وَطْءُ أَمَةِ وَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ أَوْ كَانَ أُنْثَى وَكَذَا عَكْسُهُ فَيَحْرُمُ عَلَى الْوَلَدِ، وَإِنْ سَفَلَ وَطْءُ أَمَةِ أَصْلِهِ وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ أُنْثَى، نَعَمْ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَلَدِ إذَا أَحْبَلَهَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَلَا نَسَبٌ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا وَالْحَدُّ إنْ لَمْ يُعْذَرْ وَفَارَقَ عَدَمَ قَطْعِهِ بِسَرِقَةِ مَالٍ أَصْلِهِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ النَّفَقَةِ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ مَهْرٍ) أَيْ عَلَى الْأَبِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ وَمَحِلُّ وُجُوبِهِ إنْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مُطْلَقًا أَوْ صَارَتْ، وَتَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ عَدَمُ تَأَخُّرِهِ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلٍ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ قَاسِمٍ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ فِي الْبِكْرِ مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَقَالَ شَيْخُنَا فِي الْبِكْرِ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْهُ، وَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا لِأَنَّهُ لِشُبْهَةٍ، قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْوَطْءِ لِاتِّحَادِ الشُّبْهَةِ أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ كَمَا سَيَأْتِي. قَوْلُهُ: (لَا حَدٌّ) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ حَدٌّ بِوَطْئِهِ أَمَةَ فَرْعِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلْوَلَدِ لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِحَقِّ اللَّهِ إنْ عَلِمَ التَّحْرِيمَ، وَلَا قِيمَةَ لَهَا عَلَى الْأَبِ لِضَعْفِ مِلْكِ الْوَلَدِ، وَيَحْرُمُ وَطْؤُهَا عَلَى الِابْنِ مُطْلَقًا وَكَذَا عَلَى الْأَبِ إنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لِلِابْنِ قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (بِوَطْئِهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُ إلَخْ) مُفِيدٌ إنَّ الْكَلَامَ فِي وَلَدِ النَّسَبِ. قَوْلُهُ: (شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مُسَلَّطٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ وَالْمُثْبَتِ مَعًا تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى وُجُوبِ الْمَهْرِ، إذَا تَأَخَّرَ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْقَطْعُ بِوُجُوبِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ عَادَةَ الشَّارِحِ صِحَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْمَذْهَبِ فِي خِلَافٍ مَبْنِيٍّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَأَنَّهُ قَدْ يُغَلِّبُ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى فِي جَمْعِهِمَا تَحْتَ خِلَافِ إحْدَاهُمَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَحْبَلَ الْأَبُ أَمَةَ فَرْعِهِ فَالْوَلَدُ حُرٌّ) أَيْ يَنْعَقِدُ الْوَلَدُ كُلُّهُ حُرًّا وَإِنْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا إلَّا فِي أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ فَقَدْرُ حِصَّةِ الِابْنِ مِنْهُ حُرٌّ وَيَسْرِي لِبَاقِيهِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ) إنْ كَانَ حُرًّا وَلَوْ مُكَاتَبَةً أَوْ مُزَوَّجَةً أَوْ مُوصًى بِهَا أَوْ مُسْلِمَةً وَهُوَ كَافِرٌ أَوْ مَرْهُونَةً وَهُوَ مُوسِرٌ.
قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَوْ فِيمَا مَلَكَهُ مِنْهَا وَيَسْرِي. قَوْلُهُ: (وَإِنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا) وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِهَا وَيُعْتَبَرُ آخِرُ وَطْءٍ يُمْكِنُ كَوْنُ الْحَمْلِ مِنْهُ إنْ تَكَرَّرَ وَيُعْلَمُ بِالْوَضْعِ.
قَوْلُهُ: (لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ) فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِلْ لِرِقِّ الْأَبِ مَثَلًا وَجَبَ قِيمَةُ الْوَلَدِ فَقَطْ كَمَا مَرَّ.
قَوْلُهُ: (مَعَ مَهْرٍ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ عَلَى الْأَبِ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَبُ الْحُرُّ أَمَةَ وَلَدِهِ مِنْ النَّسَبِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ فَلِلْوَلَدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَةَ أَصْلِهِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا أَصْلُهُ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ وَلَدٍ، وَلِلْأَبِ الرَّقِيقِ وَلَوْ مُبَعَّضًا وَمُكَاتَبًا تَزْوِيجُ أَمَةِ وَلَدِهِ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ أَيْضًا اسْتِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ وَلَدٍ وَإِنْ ثَبَتَ اسْتِيلَادُ الْمُبَعَّضِ لِأَمَةِ نَفْسِهِ دُونَ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَا لِلْأَبِ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالْقَرَائِنِ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ) ، أَيْ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَمَةُ وَلَدِهِ) أَيْ وَإِنْ نَزَلَ وَكَذَا حُكْمُ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَغَيْرِهِ، كَمَا سَيَأْتِي هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وُجُوبُ مَهْرٍ) يَجِبُ أَيْضًا أَرْشُ الْبَكَارَةِ. قَوْلُهُ: (لِأَحَدٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً لِلِابْنِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيلُ قَاصِرًا عَنْ إفَادَةِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) كَأَنَّهُ عَرَفَهُمَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُمَا الْوَجْهَانِ فِي وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ الْمُطَاوَعَةُ. قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ مَهْرٌ) مَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمَتْنَ لَوْ قَالَ هَذَا كَانَ الْمَذْهَبُ مُعَبَّرًا بِهِ عَنْ الطَّرِيقِ الْقَاطِعَةِ وَوُجُوبُهُ مُفَرَّعًا عَلَيْهَا، وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْمَهْرِ فَمِنْ تَفَارِيعِ طَرِيقَةِ الْخِلَافِ. قَوْلُهُ: (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ رَقِيقًا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ خِلَافًا لِلْقَاضِي. قَوْلُهُ: (مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً وَتَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ قَهْرًا كَالْإِرْثِ قَوْلُهُ: (قُبَيْلَ الْعُلُوقِ) أَوْ مَعَهُ قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْوَطْءِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا تَأَخَّرَ الْإِنْزَالُ عَنْ دُخُولِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَنِكَاحُهَا)