(عِلْمَهَا بِسَبْقِهِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُمَا بِنَاءً عَلَى الْجَدِيدِ، وَهُوَ قَبُولُ إقْرَارِهَا بِالنِّكَاحِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ حَلَفَتْ) قَالَ الْبَغَوِيّ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا أَيْ إنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ، وَعَنْ الْقَفَّالِ إذَا حَضَرَا مَجْلِسَ الْحُكْمِ وَادَّعَيَا أَيْ مَعًا حَلَفَتْ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً، أَيْ إنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ، (وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) بِالسَّبْقِ (ثَبَتَ نِكَاحُهُ) بِإِقْرَارِهَا (وَسَمَاعُ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْلِيفُهَا لَهُ) أَنَّهَا لَا تَعْلَمُ سَبْقَ نِكَاحِهِ، (يُبْنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ قَالَ هَذَا لِزَيْدٍ بَلْ لِعَمْرٍو، وَهَلْ يَغْرَمُ لِعَمْرٍو إنْ قُلْنَا نَعَمْ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (فَنَعَمْ) أَيْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَلَهُ التَّحْلِيفُ رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ فَيُغْرِمَهَا، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو، فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى هُنَا لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ أَوْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ، فَحَلَفَ هُوَ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ عَلَى الْأَظْهَرِ، لَا تَغْرَمُ لَهُ شَيْئًا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي عَلَيْهِ التَّفْرِيعُ، وَحَيْثُ غَرِمَتْ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَ وَطْءٍ
(وَلَوْ تَوَلَّى طَرَفَيْ عَقْدٍ فِي تَزْوِيجِ بِنْتِ ابْنِهِ بِابْنِ ابْنِهِ الْآخَرِ صَحَّ فِي الْأَصَحِّ) لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ، وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الْإِنْسَانِ مَعَ نَفْسِهِ لَا يَنْتَظِمُ، وَإِنَّمَا جُوِّزَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ لِلطِّفْلِ وَمِنْهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ
(وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ نَفْسَهُ بَلْ يُزَوِّجُهُ ابْنُ عَمٍّ فِي دَرَجَتِهِ) ، إنْ كَانَ (فَإِنْ فَقَدَهُ الْقَاضِي) ، وَلَا تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْأَبْعَدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (فَإِنْ ادَّعَى) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَعِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ. قَوْلُهُ: (عَلَيْهَا) وَكَذَا عَلَى وَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالنِّكَاحِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ دَعْوَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَا تَصِحُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ سَوَاءٌ قَبْلَ حَلِفِهَا وَبَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (عِلْمَهَا بِسَبَقِهِ) أَوْ إنَّهَا زَوْجَتُهُ. قَوْلُهُ: (قَالَ الْبَغَوِيّ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَعَنْ الْقَفَّالِ) هُوَ مَرْجُوحٌ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ. قَوْلُهُ: (رَجَاءَ أَنْ تُقِرَّ) أَوْ تُنْكِرَ فَيَحْلِفَ هُوَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (فَيُغْرِمُهَا) أَيْ مَهْرَ مِثْلِهَا وَهُوَ لِلْحَيْلُولَةِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ إذَا مَاتَ الْأَوَّلُ مَثَلًا عَادَتْ زَوْجَةً لِهَذَا بَعْدَ عِدَّتِهَا لِلْأَوَّلِ، وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا.
تَنْبِيهٌ: شَمِلَ مَا ذُكِرَ مَا لَوْ ادَّعَيَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا، وَلَوْ أَقَرَّتْ لَهُمَا مَعًا أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَا لَمْ تَسْقُطْ الْمُطَالَبَةُ عَنْهَا لِإِلْغَاءِ إقْرَارِهَا، وَتَعَارَضَ حَلِفُهَا وَتُؤْمَرُ بِمَا مَرَّ، وَلَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ ثَبَتَتْ لَهُ، وَلَوْ حَلَفَتْ لَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا: بَقِيَ الْإِشْكَالُ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ، وَبَطَلَ النِّكَاحَانِ فِي غَيْرِهَا، وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهَا) أَيْ الدَّعْوَى بِعَدَمِ الْغُرْمِ فَالْمُدَّعَى بِهِ وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ هُوَ النِّكَاحُ بِعَيْنِهِ، وَالْغُرْمُ أَمْرٌ مُرَتَّبٌ عَلَى ذَلِكَ، كَالنَّتِيجَةِ لَهُ فَهُوَ كَدَعْوَى الْمَالِ فِي السَّرِقَةِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا الْقَطْعُ وَبِذَلِكَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الدَّعْوَى أَيْ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَظْهَرِ هُنَا يَقُولُ بِعَدَمِ غُرْمِهَا إذَا أَقَرَّتْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِيَمِينِهِ الْمَرْدُودَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ فَلَا فَائِدَةَ لِلدَّعْوَى لِعَدَمِ حُصُولِ زَوْجِيَّةٍ أَوْ غُرْمٍ فَلَا تُسْمَعُ فَقَوْلُهُ لَا تَغْرَمُ إلَخْ. جَوَابُ لَوْ وَعَلَى الْأَظْهَرِ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ فَيَكُونُ تَفْرِيعًا عَلَى نُكُولِهَا وَحَلِفُهُ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (وَحَيْثُ غَرِمَتْ) وَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ فِي الْإِقْرَارِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو الْمَذْكُورِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَهُ لَكَانَ أَقْرَبَ لِلْمُرَادِ. قَوْلُهُ: (مَهْرُ الْمِثْلِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ تَوَلَّى) أَيْ الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ إذْنَ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الثَّيِّبِ كَذَلِكَ، وَالْمُرَادُ هُنَا الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا وَلَيْسَ دُونَهُ وَلِيٌّ أَقْرَبُ. قَوْلُهُ: (بِابْنِ ابْنِهِ) أَيْ الَّذِي فِي حِجْرِهِ. قَوْلُهُ: (صَحَّ) وَيَكْفِيهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ وَاوٍ وَخَرَجَ بِالْجَدِّ وَكِيلُهُ، وَهُوَ وَكِيلُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ السَّيِّدُ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَالْحَاكِمُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمَجْنُونٍ فَيَنْصِبُ وَاحِدًا فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَيَتَوَلَّى هُوَ الطَّرَفَ الْآخَرَ، وَلِلْعَمِّ تَزْوِيجُ بِنْتِ أَخِيهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ وَلِابْنِ الْعَمِّ تَزْوِيجُ بِنْتِ عَمِّهِ بِابْنِهِ الْبَالِغِ، لِعَدَمِ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ فِيهِمَا فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا قَبِلَ لَهُ مِنْ الْحَاكِمِ فَهُوَ وَلِيُّهَا حِينَئِذٍ وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى الْبُلُوغِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ) أَيْ مَثَلًا فَكُلُّ الْأَوْلِيَاءِ كَذَلِكَ أَيْ لَا يُزَوِّجُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، مُوَلِّيَتَهُ لِنَفْسِهِ بِتَوْلِيَةِ الطَّرَفَيْنِ بَلْ يُزَوِّجُهُ بِهَا نَظِيرَهُ فِي دَرَجَتِهِ، وَيَقْبَلُ هُوَ لِنَفْسِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي دَرَجَتِهِ زَوَّجَهَا لَهُ الْقَاضِي، وَهَذِهِ تَمَامُ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الَّتِي يُزَوِّجُ فِيهَا الْحَاكِمُ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسَمَاعُ دَعْوَى الْآخَرِ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّ الدَّعْوَى عَلَى النِّكَاحِ إنَّمَا هِيَ لَعَيْنِهِ لَا لِمَا يَلْزَمُ عَنْهُ مِنْ الْغُرْمِ، فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَى مَا لَمْ يَدَّعِهِ، وَالْحَلِفُ إنَّمَا يَكُونُ لِنَفْيِ الْمُدَّعَى بِهِ وَنَبَّهَ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا ذَكَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ بِلَا خِلَافٍ. قُلْت وَكَذَا لَوْ لَمْ يَذْكُرْ بَيِّنَةً، وَلَا حَلِفًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ ثُمَّ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ. قَوْلُهُ: (فَيَكُونُ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ تُسْمَعُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَنْكَلَ وَيَحْلِفَ فَتُسَلَّمُ لَهُ، وَتُنْتَزَعَ مِنْ الْأَوَّلِ وَالصَّحِيحُ عَدَمُ السَّمَاعِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّ الْمُتَدَاعِيَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا. وَلَوْ عَلِمْنَا بِهَا لَزِمَ بُطْلَانُ نِكَاحِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي التَّكْمِلَةِ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي تَزْوِيجِ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ بِعَبْدِهِ الصَّغِيرِ إنْ قُلْنَا: لَهُ إجْبَارُهُ، وَفِي الْبَحْرِ: لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي تَزْوِيجَ الْمَجْنُونِ مَجْنُونَةً لَا نَصَّ لَهُ وَلِقِيَاسِ أَنْ لَا يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ وَيُحْتَمَلُ الْمَذْهَبُ وَغَيْرُهُ اهـ. وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا إلَّا الْقَاضِي يَجُوزُ أَنْ يَنْصِبَ شَخْصًا يُزَوِّجُهَا لِلْمَجْنُونِ الْمُحْتَاجِ وَالْقَاضِي يَقْبَلُ وَبِالْعَكْسِ. قَوْلُهُ: (لِقُوَّةِ وِلَايَتِهِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُؤْخَذُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ مُجْبِرًا، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجُوزَ فِي بِنْتِ ابْنِهِ الثَّيِّبِ بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَا يُزَوِّجُ ابْنُ الْعَمِّ نَفْسَهُ) مِثْلُهُ ابْنُهُ الصَّغِيرُ.