(أَوْ فِي صَلَاةٍ لَا تَسْقُطُ بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ كَصَلَاةِ الْمُقِيمِ (كَمَا سَيَأْتِي) بَطَلَتْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّانِي لَا بَلْ يُتَمِّمُهَا مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا، وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَجْهَانِ وَعَبَّرَ فِي الْمُحَرَّرِ بِالْأَصَحِّ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِالْمَشْهُورِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ الثَّانِي وَجْهًا، فَمَا هُنَا مُوَافِقٌ لَهُ مُخَالِفٌ لِاصْطِلَاحِهِ السَّابِقِ. (وَإِنْ أَسْقَطَهَا) كَصَلَاةِ الْمُسَافِرِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَا) تُبْطِلُ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) لِقُصُورِ حُرْمَتِهِ عَنْ حُرْمَةِ الْفَرْضِ. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَطْعَهَا) أَيْ الْفَرِيضَةِ (لِيَتَوَضَّأَ) وَيُصَلِّي بَدَلَهَا (أَفْضَلُ) مِنْ إتْمَامِهَا حَيْثُ وَسِعَ الْوَقْتُ لِذَلِكَ، وَالثَّانِي إتْمَامُهَا أَفْضَلُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْمُتَنَفِّلَ لَا يُجَاوِزُ رَكْعَتَيْنِ) فِي النَّفْلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا إذَا اقْتَرَنَ) بِأَنْ سَبَقَهُ أَوْ اسْتَمَرَّ أَوْ وُجِدَا مَعًا كَرُؤْيَةِ مَاءٍ، وَسَبْعٍ مَعًا، وَالْمُرَادُ بِالْمَانِعِ وُجُودُ حَالَةٍ يَسْقُطُ مَعَهَا، وُجُوبُ طَلَبِ الْمَاءِ أَوْ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِهِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا مِنْ الْمَانِعِ خَوْفُ خُرُوجِ الْوَقْتِ لِمَنْ عَلِمَ الْمَاءَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَوْ لِمَنْ ازْدَحَمَ عَلَى بِئْرٍ وَعَلِمَ تَأَخُّرَ نَوْبَتِهِ عَنْ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي لِغَائِبِ مَاءٌ وَقَيَّدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، بِمَا إذَا عَلِمَ بِغِيبَتِهِ وَعَدَمِ رِضَاهُ، وَمِنْهُ مَا لَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي مِنْ ثَمَنِ حُمْرِ مَاءٌ، وَخَالَفَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ فِي هَذِهِ لِوُجُوبِ الْبَحْثِ عَنْ صَاحِبِ الْمَاءِ، وَمِنْهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ مَا لَوْ مَرَّ عَلَى بِئْرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهَا، أَوْ عَلَى مَاءٍ نَائِمًا مُمَكَّنَا مَثَلًا وَلَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى بَعُدَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَمِنْهُ حُدُوثُ نَجَاسَةٍ فِي الصَّلَاةِ، كَرُعَافِ ثُمَّ وُجُودُ مَاءٍ بِقَدْرِ مَا يُزِيلُهَا، وَسَتَأْتِي فِي زِيَادَةٍ أُخْرَى.
قَوْلُهُ: (بَطَلَتْ) الْأُولَى بَطَلَ التَّيَمُّمُ، لِأَنَّ التَّيَمُّمَ هُوَ الْمُحْدَثُ عَنْهُ، وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهُ. قَوْلُهُ: (مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا) شَامِلٌ لِلْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ، فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إنَّ النَّفَلَ يَبْطُلُ قَطْعًا مُخَالِفٌ لَهُ أَوْ هُوَ طَرِيقٌ لَمْ يَنْظُرْ إلَيْهَا الشَّارِحُ، وَلَمْ يَعْتَمِدْهَا، وَتَعْلِيلُ بَعْضِهِمْ بِوُجُوبِ الْقَضَاءِ وَعَدَمِهِ فِيهِ قُصُورٌ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ قَضَاءُ النَّفْلِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (فَلَا تَبْطُلُ) نَعَمْ. لَوْ نَوَى الْقَاصِرُ الْإِتْمَامَ أَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَوْ اقْتَدَى بِمُتِمٍّ أَوْ وَصَلَتَ سَفِينَتُهُ دَارَ إقَامَتِهِ، بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ أَوْ مَعَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ نَوَى الْمُتَنَفِّلُ الزِّيَادَةَ، أَوْ خَرَجَ وَقْتَ الْجُمُعَةِ وَبِفَرَاغِ الصَّلَاةِ يَبْطُلُ التَّيَمُّمُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَاءُ قَبْلَهُ وَلَهُ التَّسْلِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهَا لَا سُجُودَ سَهْوٍ لَوْ تَذَكَّرَهُ بَعْدَ السَّلَامِ عَنْ قُرْبٍ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاةُ أَعْمَى قَلَّدَ بَصِيرًا فِي الْقِبْلَةِ، ثُمَّ أَبْصَرَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْبَدَلِ، وَكَذَا صَلَاةُ مَنْ تَخَرَّقَ خُفُّهُ فِيهَا، لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ.
قَوْلُهُ: (إنْ قَطَعَهَا) وَإِنْ عَزَمَ عَلَى إعَادَتِهَا بِالْمَاءِ لِوُجُودِهِ مَعَهُ بِلَا مَانِعٍ، فَلَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ، أَوْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ تَفُوتُ بِالْقَطْعِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا مُخَالِفًا لِمَا فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْفَرِيضَةِ) قَيْدٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ فَقَطْعُ النَّفْلِ، أَفْضَلُ قَطْعًا لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ تُؤَثِّرُ فِيهِ أَقْوَى مِنْ الْفَرْضِ، لِمَا قِيلَ بِبُطْلَانِهِ كَمَا مَرَّ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ قَلْبُ الْفَرِيضَةِ نَفْلًا وَلَكِنَّهُ يَجُوزُ.
وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَهُوَ وَجِيهٌ لِأَنَّهُ كَافْتِتَاحِ صَلَاةٍ أُخْرَى كَمَا مَرَّ. فَيَلْزَمُ مِنْ قَلْبِهِ بُطْلَانُهُ فَتَأَمَّلْهُ. قَوْلُهُ: (لِيَتَوَضَّأَ) . وَلَوْ وُضُوءًا مُكَمَّلًا بِالتَّيَمُّمِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ. قَوْلُهُ: (حَيْثُ وَسِعَ الْوَقْتُ) أَيْ جَمِيعَهَا وَإِلَّا حَرُمَ الْقَطْعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَاكْتَفَى ابْنُ قَاسِمٍ بِرَكْعَةٍ وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) خَرَجَ بِوُجُودِ الْمَاءِ فِيهَا الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ بِهِ، مَا لَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَأَنْ رَأَى رَكْبًا طَلَعَ أَوْ سَحَابَةً فَظَنَّهَا مُمْطِرَةً، أَوْ رَأَى طَيْرًا فَظَنَّهُ يَحُومُ عَلَى الْمَاءِ، أَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ عِنْدِي مَاءٌ، وَأَتَى عَقِبَهُ بِقَوْلِهِ لِغَائِبٍ أَوْ نَجَسٍ أَوْ وَدِيعَةٍ لِفُلَانٍ مَثَلًا، فَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ، وَلَا صَلَاتُهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا فِيهَا مَا قَبْلَهَا فَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ بِجَمِيعِ هَذِهِ التَّوَهُّمَاتِ إنْ كَانَ فِي حَدِّ الْغَوْثِ، وَإِلَّا فَلَا وَخَرَجَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَبْلَ الصَّلَاةِ وَجَعَلَهُ غَيْرَ مُؤَثِّرٍ مُطْلَقًا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، قُلْت: وَرَأَيْت فِي كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ مَا يُخَالِفُهُ بِعُمُومِهِ حَيْثُ قَالَ فِي التَّعْلِيلِ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ، وَإِنْ أَسْقَطَهَا فَلَا لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَبْطُلْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالتَّوَهُّمِ، فَكَذَلِكَ بِالتَّحَقُّقِ لِأَنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَلَا يُؤَثِّرَانِ بَعْدَ الْفَرَاغِ اهـ.
وَهُوَ كَمَا تَرَى دَالٌّ عَلَى أَنَّ الَّتِي لَا يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِالتَّيَمُّمِ يُؤَثِّرُ فِيهَا تَوَهُّمُ الْمَاءِ كَوُجُودِهِ بِخِلَافِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا مِنْ التَّفْرِقَةِ، وَهِيَ الْحَقُّ الْمُوَافِقُ لِمُقْتَضَى الْإِرْشَادِ وَتَصْرِيحِ شَارِحِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالشَّرْحُ فَلَا تَبْطُلُ) اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا لَوْ أَبْصَرَ الْأَعْمَى فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِي الْقِبْلَةِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَقِيلَ يَبْطُلُ النَّفَلُ) .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إدْخَالُهُ لِلنَّافِلَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمُنْقَسِمَةِ إلَى مَا يُسْقِطُهَا وَمَا لَا يُسْقِطُهَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَيَمِّمَ الْمُقِيمَ وَنَحْوَهُ كَمَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْفَرِيضَةِ يُسْتَحَبُّ لَهُ قَضَاءُ النَّافِلَةِ الْمُؤَقَّتَةِ عَلَى خِلَافِ مَا يَقْتَضِيه كَلَامُهُمْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالْأَصَحُّ إنْ قَطَعَهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَلْبُهَا نَفْلًا لِأَنَّهُ إنْشَاءُ نَفْلٍ، وَتَأْثِيرُ الْمَاءِ فِي الْفَرْضِ كَهُوَ فِي النَّفْلِ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (مِنْ إتْمَامِهَا) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مِنْ حَرَّمَ الْإِتْمَامَ.