فَصْلٌ (الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ) بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ، (فَيُقَدَّمُ مِنْهُ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ) الْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا صَبِيًّا كَانَ أَوْ بَالِغًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَهُوَ ثِيَابُ الْقَتِيلِ وَالْخُفُّ وَالرَّانُ) بِالرَّاءِ وَالنُّونِ، وَهُوَ خُفٌّ بِلَا قَدَمٍ، (وَآلَاتُ الْحَرْبِ كَدِرْعٍ) أَيْ زَرَدِيَّةٌ (وَسِلَاحٌ وَمَرْكُوبٌ وَسَرْجٌ وَلِجَامٌ) وَمِقْوَدٌ (وَكَذَا سِوَارٌ) وَطَوْقٌ (وَمِنْطَقَةٌ وَخَاتَمٌ وَنَفَقَةُ مَعَهُ) بِهِمْيَانِهَا (وَجَنِيبَةٌ تُقَادُ مَعَهُ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ بِيَدِ يَدَيْهِ، (فِي الْأَظْهَرِ لَا حَقِيبَةٌ مَشْدُودَةٌ عَلَى الْفَرَسِ) ، بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالدَّرَاهِمِ، (عَلَى الْمَذْهَبِ) ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَطْرُدُ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا وَجْهُ أَوَّلِهِمَا، أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فِي يَدِهِ يَمْتَدُّ طَمَعُ الْقَاتِلِ بِهَا، وَالثَّانِي قَالَ لَيْسَ مُقَاتِلًا إلَيْهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَنِيبَةِ وَالْحَقِيبَةِ أَنَّ الْجَنِيبَةَ فِي مَعْنَى الْمَرْكُوبِ
(وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ) السَّلَبُ (بِرُكُوبِ غَرَرٍ يُكْفَى بِهِ شَرُّ كَافِرٍ فِي حَالِ الْحَرْبِ، فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ أَوْ مِنْ الصَّفِّ أَوْ قَتَلَ نَائِمًا أَوْ أَسِيرًا أَوْ قَتَلَهُ) . أَيْ الْكَافِرُ، (وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ، فَلَا سَلَبَ لَهُ) لِانْتِفَاءِ رُكُوبِ الْغَرَرِ الْمَذْكُورِ (وَكِفَايَةُ شَرِّهِ أَنْ يُزِيلَ امْتِنَاعَهُ، بِأَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ أَوْ يَقْطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ، أَوْ رِجْلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) ، وَالثَّانِي يَقُولُ فِي الْأَسْرِ لَمْ يَنْدَفِعْ بِهِ شَرُّهُ كُلُّهُ، وَفِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ قَدْ يَهْرُبُ، وَيَجْمَعُ الْقَوْمَ وَفِي قَطْعِ الرِّجْلَيْنِ قَدْ يُقَالُ: يُقَاتِلُ رَاكِبًا بِيَدَيْهِ، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي قَطْعِ يَدٍ وَرِجْلٍ بِخِلَافِ قَطْعِ إحْدَاهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــS [فَصْلٌ الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ مِنْ كُفَّارٍ بِقِتَالٍ وَإِيجَافٍ]
فَصْلٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَمَا مَعَهَا مِنْ تَخْمِيسٍ وَغَيْرِهِ، وَمَرَّ مَعْنَاهَا لُغَةً وَمَا ذُكِرَ هُنَا مَعْنَاهَا شَرْعًا. قَوْلُهُ: (مَالٌ) وَنَحْوُهُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (حُصِّلَ) أَيْ حَصَّلَهُ الْكَامِلُونَ مِنَّا بِبُلُوغٍ وَعَقْلٍ وَحُرِّيَّةٍ وَذُكُورَةٍ، وَإِلَّا فَيُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْخُمُسِ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ الْإِمَامُ، وَأَمَّا مَا حَصَّلَهُ الذِّمِّيُّونَ بِقِتَالِهِمْ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، فَهُوَ لَهُمْ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ فِيهِ، فَلَوْ أَخَذَهُ مُسْلِمٌ وَكَافِرٌ خُمِّسَتْ حِصَّةُ الْمُسْلِمِ وَحْدَهُ. قَوْلُهُ: (مِنْ كُفَّارٍ) أَيْ حَرْبِيِّينَ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (بِخَيْلٍ وَرِكَابٍ) أَيْ إبِلٍ وَكَذَا رَجَّالَةٍ وَسُفُنٍ وَمِنْهُ مَا سُرِقَ أَوْ لُقِطَ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) أَعْجَمِيًّا كَانَ أَوْ مَجْنُونًا لَا ذِمِّيًّا، وَلَا عَبْدًا مُسْلِمًا لِذِمِّيٍّ، وَلَا مُرْجِفًا، وَلَا مُخْذِلًا، بَلْ يَمْنَعَانِ مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا يَأْتِي، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْقَتْلَ بِغَيْرِ الْمَكْرُوهِ، فَلَا سَلَبَ فِي قَتْلِ نَحْوِ أَبٍ، وَبِغَيْرِ الْحَرَامِ فَلَا سَلَبَ فِي قَتْلِ امْرَأَةِ وَصِيٍّ لَمْ يُقَاتِلَا، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ بِحَضْرَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ ثِيَابُ الْقَتِيلِ) أَيْ الْمَلْبُوسَةُ لَهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْحَاجَةِ وَكَذَا مَا بَعْدَهَا. قَوْلُهُ: (وَسِلَاحٍ) أَيْ مَعَهُ، وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا مَعَهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ، وَمَا يَحْتَاجُهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ بِخِلَافِ مَا لَا يَحْتَاجُهُ كَمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا أَيْ وَلَيْسَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (وَمَرْكُوبٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ زِمَامُهُ بِيَدِهِ لَا مَا بِيَدِ غُلَامِهِ، وَلَا وَلَدِ مَرْكُوبِهِ وَلَا عَبْدِهِ وَلَا مَا يَحْمِلُ ثِقَلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةٌ بِهِمْيَانِهَا) أَيْ كِيسِهَا. قَوْلُهُ: (وَجَنِيبَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ، وَالْخِيَرَةُ فِيهَا لِلْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (وَفِي الْمُحَرَّرِ إلَخْ) فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ أَوْلَى؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ خَلْفَهُ أَوْ بِجَانِبِهِ.
قَوْلُهُ: (لَا حَقِيبَةً) وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا عَلَى حَقٍّ وَالْبَعِيرِ. قَوْلُهُ: (بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ وَالدَّرَاهِمِ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا آلَةُ حَرْبٍ، وَإِلَّا فَفِيهِ مَا مَرَّ
. قَوْلُهُ: (بِرُكُوبِ) أَيْ ارْتِكَابِ غَرَرٍ يَكْفِي بِهِ أَيْ الرُّكُوبُ وَمِنْهُ إغْرَاءُ نَحْوِ كَلْبٍ عَقُورٍ عَلَيْهِ لَا نَحْوُ أَعْجَمِيٍّ وَمَجْنُونٍ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَسِيرًا) أَيْ مَمْنُوعًا مِنْ الْهَرَبِ فَلَوْ لَمْ يَمْنَعْهُ مَنْ أَسَرَهُ مِنْ الْهَرَبِ فَإِنْ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ قَتَلَهُ غَيْرَهُ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ أَوْ قَتَلَهُ هُوَ، وَغَيْرُهُ اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ. قَوْلُهُ: (وَقَدْ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ) أَيْ وَكَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ الْمُهْزَمِينَ، وَإِلَّا فَلَهُ السَّلَبُ، وَخَرَجَ مَا لَوْ تَحَرَّفُوا أَوْ تَحَيَّزُوا أَوْ قَصَدُوا الْخَدِيعَةَ، فَالسَّلَبُ فِي ذَلِكَ بَاقٍ لِلْقَاتِلِ. قَوْلُهُ: (يَفْقَأُ عَيْنَيْهِ) الْمُرَادُ زَوَالُ ضَوْئِهِمَا وَمَنْ لَهُ عَيْنٌ وَاحِدَةٌ تَكْفِي إزَالَتُهَا. قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ أَسَرَهُ) أَيْ وَحْدَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ إنْ مَنَعَهُ مِنْ الْهَرَبِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا الْقَاتِلُ سَلَبَهُ، وَكَذَا مَنْ قَتَلَهُ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ أَثْخَنَهُ وَاحِدٌ فَقَتَلَهُ آخَرُ، فَالسَّلَبُ لِلْأَوَّلِ، وَلَوْ قَطَعَ وَاحِدٌ رِجْلَهُ وَآخَرُ رِجْلَهُ الْأُخْرَى، مَثَلًا فَإِنْ وَقَعَا مَعًا اشْتَرَكَا فِي سَلَبِهِ، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لِلثَّانِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا حَقَّ لَهُ كَمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ الْغَنِيمَةُ مَالٌ حُصِّلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَحْسَنُ حَصَّلْنَاهُ لِيَخْرُجَ مَا حُصِّلَ بِقِتَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَهُمْ فَلَيْسَ بِغَنِيمَةٍ لَنَا، وَلَا يَجِبُ تَخْمِيسُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ كُفَّارٍ أَيْ أَهْلِ حَرْبٍ بِقَرِينَةِ الْقِتَالِ، وَقَوْلُهُ: وَإِيجَافٍ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَوْ هُوَ لِمُوَافَقَةِ الْغَالِبِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْقَاتِلِ) يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْقَتْلُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، كَمَا فِي النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ وَأَمَّا مَنْ يُكْرَهُ قَتْلُهُ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْأَبِ فَمَحَلُّ نَظَرٍ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَهُوَ خُفٌّ بِلَا قَدَمٍ) أَيْ فَنَفْعُهُ خَاصٌّ بِالسَّاقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَسِلَاحٍ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْغُلَامُ يَحْمِلُهُ وَيُنَاوِلُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، قَالَ الْإِمَامُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَالْفَرَسِ الْمَجْنُوبِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ.
وَلَوْ جَاوَزَ الْعَادَةَ فِي السِّلَاحِ وَنَحْوِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَالزَّائِدُ مَحْمُولٌ لَا سِلَاحٌ انْتَهَى وَلَوْ كَانَ لِفَرَسِهِ مُهْرٌ لَمْ يَدْخُلْ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَنِيبَةٌ) تَعْبِيرُهُ يُفْهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، نَعَمْ عِنْدَ التَّعَدُّدِ يُخْتَارُ وَاحِدَةٌ كَمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنْ لَمْ تَكُنْ نَافِعَةً فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ضَارَّةً. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَا حَقِيبَةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُجْعَلُ عَلَى حَقْوِ الْبَعِيرِ
قَوْلُ الْمَتْنِ: (بِأَنْ يَفْقَأَ عَيْنَيْهِ) الْمُرَادُ إزَالَةُ الضَّوْءِ بِفَقْءٍ أَوْ غَيْرِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَوْ