وَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبِنْتِ، كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ (وَالثَّالِثُ الْيَتَامَى وَهُوَ) أَيْ الْيَتِيمُ (صَغِيرٌ لَا أَبَ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فَقْرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ، وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ لِشُمُولِ الِاسْمِ لِلْغَنِيِّ، (وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ الْمَسَاكِينُ وَابْنُ السَّبِيلِ) ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبَيَانُ الْفَقِيرِ فِي الْكِتَابِ التَّالِي لِهَذَا (وَيَعُمُّ الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ) بِالْعَطَاءِ (وَقِيلَ يَخُصُّ بِالْحَاصِلِ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مَنْ فِيهَا مِنْهُمْ) وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْجَمِيعَ لِلْمَشَقَّةِ فِي النَّقْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّقْلَ لِنَاحِيَةٍ لَا شَيْءَ فِيهَا أَوْ لَمْ يَفِ مَا فِيهَا بِمَنْ فِيهَا، بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ

(وَأَمَّا الْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا لِلْمُرْتَزِقَةِ، وَهُمْ الْأَجْنَادُ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ، وَالثَّانِي أَنَّهَا لِلْمَصَالِحِ، كَخُمُسِ الْخُمُسِ، وَأَهَمُّهَا تُعْهَدُ لِلْمُرْتَزِقَةِ، فَيَرْجِعُ إلَى الْأَوَّلِ، وَيُخَالِفُهُ فِي الْفَاضِلُ عَنْهُمْ، وَالثَّالِثُ أَنَّهَا تُقَسَّمُ كَمَا يُقَسَّمُ الْخُمُسُ خُمُسُهَا لِلْمَصَالِحِ، وَالْبَاقِي لِلْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، (فَيَضَعُ الْإِمَامُ دِيوَانًا) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ

ـــــــــــــــــــــــــــــSالِابْنِ، وَيَسْتَوِي ذُو الْجِهَتَيْنِ كَالشَّقِيقِ مَعَ ذِي الْجِهَةِ، كَالْأَخِ لِلْأَبِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُعْطَى الْخُنْثَى نَصِيبَ أُنْثَى بِلَا وَقْفٍ، وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَفِي شَرْحِ شَيْخِنَا يُوقَفُ لَهُ تَمَامُ نَصِيبِ ذَكَرٍ، وَلَعَلَّهُ إنْ رَجَى اتِّضَاحَهُ لِتَعَذُّرِ الصُّلْحِ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ) أَيْ فَهُوَ إجْمَاعٌ مُخَصِّصٌ لِمَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْيَتِيمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُفْرَدُ الْيَتَامَى مَعْنَاهُ لُغَةً صَغِيرٌ، وَلَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، وَلَوْ مُمَيِّزًا لَا أَبَ لَهُ أَيْ مَعْرُوفٌ شَرْعًا فَدَخَلَ وَلَدُ الزِّنَا وَاللَّقِيطُ وَالْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ، وَإِذَا ظَهَرَ الْأَبُ فِيهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا دَفَعَ لَهُمَا، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِيهِمَا وَهَذَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَأُمٌّ، أَمْ لَا، وَفَاقِدُ الْأُمِّ مِنْهُ يُقَالُ لَهُ مُنْقَطِعٌ، وَأَمَّا الْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ فَهُوَ فَاقِدُ الْأُمِّ، وَفِي الطُّيُورِ فَهُوَ فَاقِدُ أَبَوَيْهِ مَعًا.

قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْإِعْطَاءُ لَا مِنْ حَيْثُ الِاسْمُ كَمَا ذَكَرَهُ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ. قَوْلُهُ: (فَقْرُهُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَسْكَنَةِ، وَيُشْتَرَطُ إسْلَامُهُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (الْمَسَاكِينُ) بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْفُقَرَاءِ فَيُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (وَابْنُ السَّبِيلِ) أَيْ الطَّرِيقِ بِشَرْطِ الْفَقْرِ وَالْإِسْلَامِ وَإِبَاحَةِ السَّفَرِ. قَوْلُهُ: (يَعُمُّ) أَيْ وُجُوبًا إنْ وَفَّى الْمَالُ. قَوْلُهُ: (الْأَصْنَافَ) وَكَذَا آحَادُهَا، وَلَهُ التَّفْضِيلُ فِي الْأَصْنَافِ وَالْآحَادِ. قَوْلُهُ: (الْأَرْبَعَةَ الْمُتَأَخِّرَةَ) حَيْثُ ثَبَتَ اتِّصَافُهُمْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ بِالْبَيِّنَةِ فِي ذَوِي الْقُرْبَى أَوْ بِالِاسْتِفَاضَةِ فِيهِمْ، كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَبِالْبَيِّنَةِ فِي الْيَتَامَى وَكَذَا فِي الْمَسَاكِينِ إنْ عُرِفَ لِلْمُدَّعِي مَالٌ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ادَّعَى عِيَالًا وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَابْنِ السَّبِيلِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فِي أَهْلِ الْخُمُسِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ الْإِمَامُ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ الْخُمُسِ نَصِيبَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ، فَيَجْتَمِعُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ، وَمَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ وَصْفَانِ أَخَذَ بِأَحَدِهِمَا بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَزْوًا جَازَ الْأَخْذُ بِهِمَا، وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ اجْتَمَعَ فِي شَخْصٍ يُتْمٌ، وَمَسْكَنَةٌ أَخَذَ بِالْيُتْمِ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ مَرْدُودٌ نَاشِئٌ عَنْ غَفْلَةٍ؛ لِأَنَّ الْفَقْرَ شَرْطٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْيَتِيمِ، فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ فَقَدَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَصْنَافِ صَرْفَ مَا يَخُصُّهُ إلَى الْبَاقِينَ مِنْهُمْ.

قَوْلُهُ: (قِيلَ يَخُصُّ) ظَاهِرُهُ وُجُوبًا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ) قَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُنَاسِبُ وَإِنْ عَمَّ الْجَمِيعَ بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا فَرَاجِعْهُ وَقَدْ يُرَادُ بِالْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الْإِمَامُ بِالْإِعْطَاءِ جَمِيعَ مَنْ فِي تِلْكَ النَّاحِيَةِ وَبِالثَّانِي وَإِنْ عَمَّ الْمَالُ لِكَثْرَتِهِ جَمِيعَ الْأَصْنَافِ، وَاخْتَارَ الشَّارِحُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ التَّعْمِيمِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. قَوْلُهُ: (بِقَدْرِ الْحَاجَةِ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِهَا يَمْتَنِعُ نَقَلَهُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُلِمَ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِعُمُومِ الْآيَةِ الَّذِي جَعَلَهُ عِلَّةً لِلْجَوَابِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْقَيْدَ فَتَأَمَّلْ، وَفَارَقَ مَا هُنَا مِنْ جَوَازِ النَّقْلِ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ مَنْعِهِ بِتَشَوُّفِ أَهْلِهَا إلَيْهَا، وَبِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَالِكَ يُفَرِّقُهَا كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ إنَّمَا يُفِيدُ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا الْمَنْعَ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ فُقَرَاءَ الْمَحَلِّ قَدْ مَلَكُوا الزَّكَاةَ قَبْلَ صَرْفِهَا بِخِلَافِ الْفَيْءِ فَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (لِلْمُرْتَزِقَةِ) وَمِنْهُمْ قُضَاتُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَمُؤَذِّنُوهُمْ وَنَحْوُهُمْ كَمَا مَرَّ. وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِطَلَبِهِمْ مِنْ الْإِمَامِ أَرْزَاقَهُمْ. قَوْلُهُ: (الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ) بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعَةِ فَيُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ كَمَا سَيَأْتِي آنِفًا. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) إنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا فَضَلَتْ لَا يَتَأَتَّى عَلَى غَيْرِهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: (وَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبَنَاتِ) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ عَدُّهُمْ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - انْتِسَابَ أَوْلَادِ بَنَاتِهِ إلَيْهِ، وَالْجَوَابُ قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَقْرُهُ) أَيْ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْمَسْكَنَةِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي لَا يُشْتَرَطُ) اسْتَدَلَّ لَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ اُشْتُرِطَ الْفَقْرُ لَدَخَلَ فِي الْمَسَاكِينِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ النَّصِّ عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ الْحِرْمَانِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لِلْمُرْتَزِقَةِ) لَوْ لَمْ يَفِ الْفَيْءُ بِهِمْ، وَهُمْ فُقَرَاءُ جَازَ إعْطَاؤُهُمْ مِنْ سَهْمِ سَبِيلِ اللَّهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّالِثُ إلَخْ) مَأْخَذُهُ ظَاهِرُ آيَةِ الْحَشْرِ. وَلِأَنَّهَا كَانَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ فَتُصْرَفُ مِنْ بَعْدِهِ لِمَنْ بِهِ النُّصْرَةُ. قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْأَوَّلِ) كَأَنَّ الشَّارِحَ خَصَّ التَّفْرِيعَ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ: فَإِنْ فَضَلَتْ الْأَخْمَاسُ إلَخْ. لَا يَأْتِي عَلَى غَيْرِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015