أَيْ عَدْلٌ فِي دَيْنِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ: وَعَدَالَةٌ وَلَمْ يَحْتَجْ فِي الْجَوَازِ إلَى قَوْلِ الْوَجِيزِ فِي أَوْلَادِهِ الْكُفَّارِ لِظُهُورِ أَنَّهُ الْمُرَادُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُوصِي عَلَى أَوْلَادِهِ إلَّا مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ، كَمَا سَيَأْتِي فَخَرَجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ، وَمَنْ فِيهِ رِقٌّ وَالْفَاسِقُ وَمَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفِ لِسَفَهٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ إلَيْهِمْ (وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِنَفْسِهِ، فَلَا يُفَوَّضُ إلَيْهِ أَمْرُ غَيْرِهِ، وَدُفِعَ بِأَنَّهُ يُوَكِّلُ فِيمَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ. (وَلَا تُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْوَصِيُّ امْرَأَةً. (وَأُمُّ الْأَطْفَالِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا) إذَا حَصَلَتْ الشُّرُوطُ فِيهَا، وَهِيَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَقِيلَ: وَعِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا، وَقِيلَ وَمَا بَيْنَهُمَا أَيْضًا
(وَيَنْعَزِلُ الْوَصِيُّ بِالْفِسْقِ) بِتَعَدٍّ فِي الْمَالِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَفِي مَعْنَاهُ قَيَّمَ الْقَاضِي (وَكَذَا الْقَاضِي) أَيْ يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ (فِي الْأَصَحِّ لَا الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ) لِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِوِلَايَتِهِ وَقَاسَ عَلَيْهِ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِالِانْعِزَالِ أَيْضًا
(وَيَصِحُّ الْإِيصَاءُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ وَتَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَتَنْفِيذٍ بِتَحْتَانِيَّةٍ بَيْنَ الْفَاءِ وَالذَّالِ، كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَفِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ تُنَفَّذُ بِلَا تَحْتَانِيَّةٍ مَضْمُومُ الْفَاءِ وَالذَّالِ بِعَدَدِ دَائِرَةٍ، أَيْ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى يَصِحُّ وَيَتَعَلَّقُ بِهِمَا قَوْلُهُ مِنْ إلَى آخِرِهِ. (وَيُشْتَرَطُ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ مَعَ هَذَا) الْمَذْكُورِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَالتَّكْلِيفِ. (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ابْتِدَاءً مِنْ الشَّرْعِ لَا بِتَفْوِيضٍ أَيْ فَيُوصَى الْأَبُ أَوْ الْجَدُّ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَهْلِ.
(وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إيصَاءٌ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSإشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، وَإِنْ تَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ لَكِنْ يُوَافِقُهُمَا مَا ذَكَرُوهُ فِي ضَابِطِ الْأَخْرَسِ مِنْ أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِإِشَارَتِهِ فِي غَيْرِ حِنْثٍ وَصَلَاةٍ وَشَهَادَةٍ فَرَاجِعْهُ. قَوْلُهُ: (وَإِسْلَامٌ) أَيْ فِي الْمُوصَى لَهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ كَافِرًا كَالْوَلَدِ السَّفِيهِ أَوْ كَانَ الْمُوصِي مُسْلِمًا، وَلَوْ عَلَى وَلَدِهِ الْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (وَصِيَّةِ ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ وَلَوْ حَرْبِيًّا. قَوْلُهُ: (إلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ كَافِرٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مُدَّتُهُمَا. قَوْلُهُ: (عَدْلٍ فِي دِينِهِ) حَالَ الْمَوْتِ وَتُعْرَفُ عَدَالَتُهُ بِإِخْبَارِ عَدَدٍ تَوَاتَرَ مِنْهُمْ أَوْ بِإِخْبَارِ عَدْلَيْنِ أَسْلَمَا مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَحْتَجْ إلَخْ) اعْتِذَارٌ عَنْ سُكُوتِ الْمُصَنِّفِ عَنْهُ. قَوْلُهُ: (وَالْفَاسِقِ) وَلَا يُعْتَدُّ بِتَفْرِيقِهِ مَا فُوِّضَ إلَيْهِ إلَّا فِي نَحْوِ رَدِّ وَدِيعَةٍ مِمَّا لِمَالِكِهِ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا لَا يُعْتَدُّ بِهِ مَنْ ضَمِنَهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتَرَدَّهُ الْحَاكِمُ.
تَنْبِيهٌ: لَيْسَ لِلْحَاكِمِ تَفْتِيشٌ عَلَى أَيْتَامٍ كُفَّارٍ فِي أَمْوَالِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ، أَوْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ، وَلَا عَلَى أَطْفَالٍ تَحْتَ وِلَايَةِ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ قَيِّمٍ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَيَجِبُ التَّفْتِيشُ عَلَيْهِ قَالَ ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. قَوْلُهُ: (وَأَمُّ الْأَطْفَالِ) أَيْ غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَلَوْ ذُكُورًا. قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ فِي الْأُمِّ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْمَوْتِ، هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حَيْثُ اعْتِبَارُ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا الْأَوْلَوِيَّةُ فَاعْتَبَرَ فِيهَا شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَيْضًا وَزَادَ اعْتِبَارُ صِفَةِ الرُّجُولِيَّةِ أَيْضًا فِي قُوَّةِ التَّصَرُّفِ ثُمَّ قَالَ: وَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُفَوِّضَ أَمْرَ الطِّفْلِ لِامْرَأَةٍ رَأَى فِيهَا الْكِفَايَةَ فِي التَّصَرُّفِ.
قَوْلُهُ: (بِالْفِسْقِ) وَمِنْهُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا بِلَا عُذْرٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ تَصَرُّفِهِ، نَعَمْ إنْ فَسَقَ بِمَا لَوْ عُرِضَ عَلَى مُوَلِّيه رَضِيَ بِهِ لَمْ يَنْعَزِلْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِي مَعْنَاهُ قَيِّمُ الْقَاضِي) وَمِثْلُهُمَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَالْأُمُّ لَوْ كَانَتْ. قَوْلُهُ: (وَكَذَا الْقَاضِي) وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْوُلَاةِ أَخْذًا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ. قَوْلُهُ: (وَفِيهِ وَجْهٌ) فَالْأَصَحُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَلَّطٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ أَيْضًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: لِلْحَاكِمِ نَصَبُ أَمِينٍ عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ فِيهِ الْخِيَانَةَ تَوَهُّمًا قَوِيًّا بِلَا أُجْرَةٍ فَإِنْ ظَنَّهَا جَازَ بِالْأُجْرَةِ، وَمِثْلُهُ نَاظِرُ الْحِسْبَةِ الْمَعْرُوفُ وَلِلْحَاكِمِ عَزْلُ قَيِّمِهِ بِمُجَرَّدِ التَّوَهُّمِ؛ لِأَنَّهُ الْوَصِيُّ.
قَوْلُهُ: (مُكَلَّفٌ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ. قَوْلُهُ: (قَالَ بَعْضُهُمْ) هُوَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهَذَا تَمْهِيدٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ. قَوْلُهُ: (دَائِرَةٍ) هِيَ صُورَةٌ يُشَارُ بِهَا إلَى انْفِصَالِ الْكَلَامِ عَنْ بَعْضِهِ. قَوْلُهُ: (بِهِمَا) أَيْ بِيَصِحُّ وَتَنْفُذُ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ قَضَاءُ الدَّيْنِ مُكَرَّرًا فِي كَلَامِهِ؛ إذْ الْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ الْمُوصِي فَسَاوَى مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الَّذِي هُوَ صَرِيحٌ فِي تَعَلُّقِهِمَا الْمَذْكُورُ. قَوْلُهُ: (الْأَطْفَالِ) بِالْمَعْنَى السَّابِقِ. قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءً) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ بَعْدَهُ فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِدْلَالِهِ عَلَيْهِ، وَلَا لِقَوْلِهِ مِنْ الْأَهْلِ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُوصِي.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لِوَصِيٍّ إيصَاءٌ) خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَطْفَالِ، وَلَهُ أَنْ يُوصِيَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُ الْمَتْنِ: (ذِمِّيٍّ إلَى ذِمِّيٍّ) قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ التَّعَرُّضُ لِأَمْوَالِ أَيْتَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْهِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقُّ مُسْلِمٍ، وَنَازَعَ الزَّرْكَشِيُّ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَكَشَّفُ عَنْهَا، وَيُحِيلُ الْأَمْرَ عَلَى الْعَدَمِ، أَمَّا مَنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ.
قَوْلُهُ (وَفِي مَعْنَاهُ قَيَّمَ الْقَاضِي) مِثْلَهُمَا أَيْضًا الْأَبَ وَالْجَدَّ لَكِنْ لَوْ تَابَ عَادَتْ الْوِلَايَةُ بِخِلَافِ الْأَوَّلَيْنِ. فَائِدَةٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَكَشَّفَ عَنْ حَالِ أَطْفَالِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَكَذَا الْقَيِّمُ بِخِلَافِ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْوَصِيِّ فَفِيهِ وَجْهَانِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَصَحُّهُمَا عِنْدِي أَنَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ مَعْطُوفٌ إلَخْ) هُوَ إشَارَةٌ إلَى رَدِّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ لُزُومِ التَّكْرَارِ عَلَى هَذَا الضَّبْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ تَقَدَّمَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا سُنَّةٌ فَلَا فَائِدَةَ لِلْحُكْمِ ثَانِيًا بِصِحَّتِهَا، وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَدَمُ بَيَانِ مُتَعَلِّقِ النُّفُوذِ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ إلَى آخِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ) مِنْ جُمْلَةِ مَا خَرَجَ بِهَذَا الْأَبُ وَالْجَدُّ فِيمَنْ طَرَأَ سَفِيهُهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ الْحَاكِمُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْأَبُ الْفَاسِقُ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقِيمَ وَصِيًّا خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُوصِ بِتَصَرُّفِ الثَّانِي
قَوْلُ الْمَتْنِ: (جَازَ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَقُولَ: عَنِّي أَوْ يُضِيفَ إلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ بِتَرِكَتِي، فَإِنْ قَالَ: أَوْصِ إلَى مَنْ شِئْت وَلَمْ يَقُلْ