كَالْفُقَرَاءِ وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي الِاسْتِيعَابَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا عُرْفَ يُخَصِّصُهُ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَهُ بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِ بِثَلَاثَةِ الْمُتَضَمِّنِ لِلصِّحَّةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصِّحَّةَ فِيهِ لَمَّا صَارَتْ أَصْلًا جَازَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ فِيهَا مَنْ ذُكِرَ، وَنَحْوُهُمْ كَالْهَاشِمِيَّةِ.
(أَوْ) وَصَّى (لِأَقَارِبِ زَيْدٍ دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ) لَهُ (وَإِنْ بَعُدَ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا فَقِيرًا أَوْ غَنِيًّا وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ. (إلَّا أَصْلًا وَفَرْعًا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إذْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ فِي الْعُرْفِ، وَيَدْخُلُ الْأَجْدَادُ وَالْأَحْفَادُ، وَقِيلَ: لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَيُوَافِقُهُ تَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأُصُولِ، وَالْفُرُوعِ وَقِيلَ: يَدْخُلُ الْجَمِيعُ، (وَلَا تَدْخُلُ قَرَابَةُ أُمٍّ فِي وَصِيَّةِ الْعَرَبِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا، وَالثَّانِي تَدْخُلُ كَمَا فِي وَصِيَّةِ الْعَجَمِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهُوَ الْأَقْوَى وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ بِالْأَصَحِّ (وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً) فَلَا يَدْخُلُ أَوْلَادُ جَدٍّ فَوْقَهُ فَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ حَسَنِيٍّ لَمْ تَدْخُلْ الْحُسَيْنِيُّونَ (وَيَدْخُلُ فِي أَقْرَبِ أَقَارِبِهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ) أَيْ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ كَمَا يَدْخُلُ غَيْرُهُمْ عِنْدَ انْتِفَائِهِمْ (وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ ابْنٍ عَلَى أَبٍ وَأَخٍ عَلَى جَدٍّ) وَالثَّانِي يُسَوَّى بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَاءِ الْأَوَّلَيْنِ فِي الرُّتْبَةِ وَالْأَخِيرَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ وَعُصُوبَتِهِ وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَانِ (وَلَا يَرْجِعُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ) وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ. (وَيُقَدَّمُ ابْنُ الْبِنْتِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ
(وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوصَى لَهُمْ فَيَخْتَصُّ بِالْوَصِيَّةِ الْبَاقُونَ، وَالثَّانِي يَدْخُلُونَ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُمْ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُمْ، وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِ الْوَرَثَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: لَك أَنْ تَقُولَ يَجِبُ اخْتِصَاصُ الْوَجْهَيْنِ بِقَوْلِنَا: الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ، فَإِنْ وَقَفْنَاهَا عَلَى الْإِجَارَةِ فَلْيُقْطَعْ بِالْوَجْهِ الثَّانِي قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَرَيَانِهِمَا، وَلِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا، أَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ: (فِيهِ) أَيْ لَفْظِ الْفُقَرَاءِ
قَوْلُهُ: (الْأَقَارِبُ) هُمْ جَمْعُ أَقْرَبَ وَفِي شُمُولِهِ لِلْأَبْعَدِ نَظَرٌ. قَوْلُهُ: (كُلُّ قَرَابَةٍ) فَلَوْ كَانَ وَاحِدًا أَخَذَ الْجَمِيعَ، وَإِذَا انْحَصَرُوا وَجَبَ اسْتِيعَابُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَهُ) شَمِلَ وَلَدَ الْبِنْتِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَحْفَادِ، فَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ سِبْطٌ وَشَمِلَ الرَّقِيقَ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَدْخُلْ سَيِّدُهُ وَحِصَّتُهُ لِسَيِّدِهِ كَالْكَسْبِ. قَوْلُهُ: (وَيُوَافِقُهُ تَعْبِيرُ الْمُحَرَّرِ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ) وَسَكَتَ عَنْ مُوَافَقَةِ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَهُمَا بِالْإِفْرَادِ كَانَ أَقْرَبَ إلَى إرَادَةِ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ، وَالْفَرْقِ الْأَوَّلِ فَتَأَمَّلْهُ قَوْلُهُ: (قَرَابَةُ أُمٍّ) أَيْ قَرَابَةُ الْمَيِّتِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ كَخَالِهِ. قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي تَدْخُلُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ هُنَا، وَقَوْلُ الْأَوَّلِ لَا يَفْتَخِرُونَ بِهَا مَرْدُودٌ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» . قَوْلُهُ: (جَدٌّ يُنْسَبُ إلَيْهِ) وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ. قَوْلُهُ: (أَيْ الْأَبَوَانِ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ مَا خَرَجَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ. قَوْلُهُ: (ابْنٍ) أَيْ وَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَا وَلَوْ مِنْ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ تَقْدِيمًا لِلْفُرُوعِ عَلَى الْأُصُولِ، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَيُقَدَّمُ ابْنُ بِنْتٍ عَلَى ابْنِ ابْنِ ابْنٍ كَمَا يَأْتِي. قَوْلُهُ: (عَلَى أَبٍ) أَيْ وَأُمٍّ وَإِنْ عَلَوْا وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ تَقْدِيمًا لِلْأُصُولِ عَلَى الْحَوَاشِي، وَيُقَدَّمُ مِنْهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، فَيُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ عَلَى أَبِي أَبِي أَبٍ. قَوْلُهُ: (وَأَخٌ) ، وَلَوْ مِنْ أُمٍّ عَلَى جَدٍّ وَلَوْ مِنْ أَبٍ تَقْدِيمًا لِحَاشِيَةِ الْأَصْلِ الْأَقْرَبِ عَلَى نَفْسِ الْأَصْلِ الْأَبْعَدِ، وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ: يُقَدَّمُ عَمُّ الْمَيِّتِ وَعَمَّتُهُ وَخَالُهُ وَخَالَتُهُ عَلَى جَدِّهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَوَلَدُ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ، وَوَلَدُ الْخَالِ وَالْخَالَةِ، كَذَلِكَ كَمَا فِي الْوَلَاءِ، وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ فَيُقَدَّمُ بَعْدَ الْجُدُودَةِ الْإِخْوَةُ ثُمَّ أَوْلَادُهَا ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ أَوْلَادُهَا، وَالْخُؤُولَةُ وَالْعُمُومَةُ سَوَاءٌ، وَكَذَا أَوْلَادُهُمَا، وَيُقَدَّمُ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ كَالشَّقِيقِ عَلَى مُدْلٍ بِأَحَدِهِمَا وَلَا تَدْخُلُ أَخَوَاتٌ فِي إخْوَةٍ كَعَكْسِهِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ الْجُمُوعِ نَظَرًا إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ وَعُصُوبَتِهِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ ابْنُ الْبِنْتِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ الْعَمُّ
قَوْلُهُ: (لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ) وَمِثْلُهُ لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ نَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (خِلَافُ الْعَادَةِ) فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا يَدْخُلُونَ وَعَلَى الثَّانِي يَدْخُلُونَ لَكِنْ لَا يُعْطَوْنَ نَظَرًا لِلْعَادَةِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْحَدِيثِ «الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ» .
قَوْلُ الْمَتْنِ: (دَخَلَ كُلُّ قَرَابَةٍ) ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يُذْكَرُ عُرْفًا لِإِرَادَةِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ أَخَذَ الْكُلَّ، وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ إدْخَالُ الْبَعِيدِ مَعَ أَنَّ أَقَارِبَ جَمْعُ أَقْرَبَ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّسْوِيَةَ ثَابِتَةٌ بِالْعُرْفِ، كَمَا أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] سَائِرُ قُرَيْشٍ. ثُمَّ مَحَلُّ هَذَا إذَا انْحَصَرُوا وَإِلَّا فَكَالْعَلَوِيَّةِ غَيْرِ الْمَحْصُورِينَ. قَوْلُهُ: (إذْ لَا يُسَمَّوْنَ إلَخْ) . وَقَدْ اسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ أَيْضًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فَإِنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هُوَ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ جَدُّ الْأُمِّ، قَالَ نَعَمْ لَوْ اُشْتُهِرَ بِهِ كَكَثِيرٍ مِنْ الْأَسْبَاطِ فَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى. قَوْلُ الْمَتْنِ: (يُسَوَّى بَيْنَهُمَا) هَذَا الْوَجْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ قَوِيٌّ فَإِنَّ الْمُوصِيَ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْأَقْرَبِيَّةَ، وَهُمَا فِيهَا سَوَاءٌ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْأَوَّلُ نَظَرَ إلَى قُوَّةِ إرْثِ الِابْنِ إلَخْ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ قَضِيَّتَهُ تَقْدِيمُ أَوَّلًا الْبَنِينَ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَالْأَعْمَامِ عَلَى الْأَخْوَالِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ. قَوْلُهُ: (وَإِلَى قُوَّةِ الْبُنُوَّةِ فِي الْأَخِ) أَيْ كَمَا فِي الْوَلَاءِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ هَذَا تَقْدِيمُ الْعَمِّ عَلَى الْجَدِّ، كَمَا فِي الْوَلَاءِ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ
. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْصَى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ نَفْسِهِ.